رم - دعاء الموسى
يوم أمس خرج علينا رئيس هيئة الادارة و الخدمة المدنية بتصريح صادم قال فيه إن المواطن الأردني الذي يُولد اليوم سيحتاج إلى 53 عامًا بعد تخرجه ليحصل على وظيفة في القطاع العام. أي أننا نتحدث عن أكثر من سبعين عامًا من عمر الإنسان حتى يجد فرصة عمل!
تصريح كهذا، صادر عن أحد أبرز المسؤولين في الدولة، ليس مجرد رقمٍ عابر، بل صفعة أمل لكل شاب وشابة يحلمان بمستقبل كريم بعد سنوات من الجدّ والاجتهاد.
في بلد تجاوز عمره المئوية، كنا ننتظر أن يُقال إن الخطط الحكومية تعمل على فتح آفاق جديدة للجيل القادم، لا أن نُبشّر بأن فرصهم معدومة منذ الولادة!
كيف يُقال للجيل القادم “لا تنتظر وظيفة” فيما آلاف الخريجين اليوم ينتظرون أي فرصة، مهما كانت بسيطة؟
هل يُعقل أن يصبح طلب الرزق من الدولة نوعًا من الأحلام المستحيلة، وهل المطلوب من شبابنا أن يكفّوا حتى عن الحلم؟
ما قاله عطوفته يعني ببساطة: “لا داعي لأن تدرس، فشهادتك لن تمنحك وظيفة، ولا تعبك سيُثمر!”
أليس هذا التصريح نقيضًا تمامًا للرؤية الملكية التي تدعو إلى تمكين الشباب، وتحفيزهم، ودعم أفكارهم ومشاريعهم، كيف نزرع فيهم الطموح ونحن نسقيهم اليأس بهذا الشكل العلني؟
فكم من طالب شعر بالإحباط بعد سماع هذا التصريح؟ وكم من خريج تساءل: لماذا درست؟ وكم من أم وأب شعروا بأن مستقبل أولادهم يُدفن بكلمة مسؤول!!
نحن لا نطلب منكم تجميل الواقع، فالناس تعرف الحقيقة، وتدرك أن الطريق ليس مفروشًا بالورود، لكن من واجب المسؤول أن يفتح نافذة أمل لا أن يُغلق الأبواب في وجه أمة بأكملها، الناس تحتاج إلى خطة، لا إلى صدمة، تحتاج إلى رؤية إصلاحية تُترجم بالأفعال، لا إلى أرقام تُقال أمام الكاميرات لتثير الإحباط.
إذا كنا نؤمن أن “الإنسان أغلى ما نملك”، فهل يُعقل أن نقول له: عمرك لن يكفي لتنال حقك في الوظيفة، أليس الأجدر أن نعيد التفكير في طريقة إدارة التوظيف، في تفعيل القطاع الخاص، في دعم ريادة الأعمال، وفي خلق بيئة تُمكّن الشباب من بناء فرصهم بأيديهم؟
نعم، نريد الصراحة، لكننا نريدها مسؤولة، لا مُحبِطة، نريد خطابًا يُلهم الجيل الجديد لا يُطفئ نوره، فالأردن بُني على الأمل، ولن يعيش على الإحباط.