رم - الدكتور هاشم احمد بلص
تُعد القضية الفلسطينية محورًا ثابتًا في السياسة الأردنية، وقد كرّس جلالة الملك عبد الله الثاني جهوده الدبلوماسية والسياسية للدفاع عنها في مختلف المحافل الدولية، ويتمحور الدور الأردني حول حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ودعم الشعب الفلسطيني سياسيًا وإنسانيًا، بما في ذلك تقديم الدعم المستمر لقطاع غزة في وجه الحصار والاعتداءات الإسرائيلية، في هذا السياق، تبرز مكانة الأردن كفاعل إقليمي رئيسي يسعى لتحقيق العدالة والسلام في المنطقة، دون التخلي عن الثوابت الوطنية والقومية.
جلالة الملك عبد الله الثاني يقوم بدور محوري في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية في المحافل الدولية، لا سيما في الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، وقد ركزت خطابات جلالته على أهمية التوصل إلى حل الدولتين كسبيل وحيد لتحقيق السلام، وضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما عمل جلالة الملك على تنبيه العالم إلى خطورة السياسات الإسرائيلية، خاصة المتعلقة بالاستيطان وتهويد القدس، مؤكدًا أن المساس بالقدس يُشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي والعالمي.
كما ويبرز الدور المتنامي لسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، الذي يسير على نهج والده جلالة الملك في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية ودعم صمود الشعب الفلسطيني، فقد أكد سموه في أكثر من مناسبة أن القضية الفلسطينية ستبقى في صميم وجدان الدولة الأردنية، مشددًا على أن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية خط أحمر، كما شارك سموه في محافل دولية شبابية وسياسية ناقش فيها أهمية إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وضرورة تحمّل المجتمع الدولي لمسؤولياته في إنهاء الاحتلال ووقف الانتهاكات الإسرائيلية، ويعكس حضور ولي العهد في هذه الملفات عمق الالتزام الأردني المتجدد، واستمرار رسالة الهاشميين جيلاً بعد جيل في الدفاع عن القدس وفلسطين.
لان من أهم ركائز الدور الأردني الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، إذ يتولى الملك عبد الله الثاني، بصفته صاحب الوصاية، حماية المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وهو ما يُشكّل حاجزًا قانونيًا وسياسيًا أمام محاولات الاحتلال فرض واقع جديد في المدينة المقدسة، وقد وظف الأردن هذه الوصاية للوقوف في وجه الانتهاكات المتكررة التي تطال الحرم القدسي الشريف، بما في ذلك التنسيق مع الجهات الدولية وتحريك المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل.
لم يتوانَ الأردن بقيادة الملك عبد الله الثاني وولي عهده سمو الامير عن تقديم الدعم الإنساني المستمر لأبناء قطاع غزة، رغم الحصار والقيود الأمنية، فقد أقيم مستشفى ميداني أردني دائم في غزة منذ عام 2009، ويواصل تقديم الخدمات الطبية لأهالي القطاع بشكل مجاني، وخلال الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، أرسل الأردن مساعدات طبية وغذائية عاجلة إلى غزة، عبر الهيئة الخيرية الهاشمية، كما استقبل العديد من جرحى العدوان للعلاج في المستشفيات الأردنية، وتؤكد هذه الجهود المستمرة على التزام الأردن بمسؤوليته الإنسانية والقومية تجاه الأشقاء الفلسطينيين، وخاصة في الظروف الصعبة التي يعيشونها.
رغم وضوح الموقف الأردني وثباته، إلا أن المملكة تواجه ضغوطًا سياسية واقتصادية نتيجة تمسكها بموقفها الداعم لفلسطين حتى تبقى حيه، خاصة في ظل محاولات بعض الأطراف الإقليمية والدولية تجاوز الدور الأردني أو فرض حلول أحادية الجانب، ومع ذلك، يصر الملك عبد الله الثاني على أن لا حل نهائي دون ضمان الحقوق الفلسطينية، ورفض أي محاولة لتصفية القضية أو تقويض الوضع التاريخي والقانوني للقدس.
لقد شكّل موقف الملك عبد الله الثاني والأردن عمادًا أساسيًا في الدفاع عن القضية الفلسطينية وحماية القدس، وتقديم الدعم الإنساني لغزة، في ظل واقع إقليمي معقد وتحولات دولية متسارعة، ويؤكد هذا الدور على التزام الأردن التاريخي والشرعي والوطني تجاه فلسطين، وهو ما يجعل المملكة حائط صدّ في وجه محاولات تصفية القضية الفلسطينية، إن استمرار هذا الدور يعتمد على تماسك الجبهة الداخلية الأردنية، ودعم المجتمع الدولي لجهود تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة.