رم - دعاء الموسى
ها هو الحلم أصبح حقيقة، وها هو العلم الأردني يُرفرف بين الكبار في نهائيات كأس العالم، إنجاز تاريخي لا يُختزل في صافرة نهاية مباراة، بل هو خلاصة مسيرة وطنية شاقة، قادها سمو الأمير علي بن الحسين بحكمة واقتدار، وإرادة من لا يقبل بغير الإنجاز طريقًا.
وإن كان لهذا الإنجاز من أعمدة ترتكز عليها، فإن الدعم الهاشمي الموصول كان الأساس المتين، الذي لم ينقطع يومًا، بل كان حاسمًا في كل مراحل الطريق.
جلالة الملك عبدالله الثاني جسّد هذا الدعم بتواجده الشخصي إلى جانب النشامى في أبرز المحطات، وعلى رأسها حضوره المباراة يوم أمس أمام المنتخب العراقي، حيث كان لوجوده الأثر العميق في نفوس اللاعبين والجماهير، فبثّ فيهم روح العزيمة والثقة.
ولا ننسى أيضًا دعم سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الذي لم يكن مجرد متابع، بل كان حاضرًا في التدريبات، ومشاركًا في التفاصيل اليومية، داعمًا رئيسيًا في الخفاء والعلن. علاقته الوطيدة مع نجوم النشامى، وقربه منهم، شكّل حافزًا نفسيًا ومعنويًا لا يمكن قياسه، وكان له الأثر الأكبر في استكمال المسيرة والوصول بها إلى العالمية.
إن هذا الإنجاز العالمي جاء ليضع وسام الفخر على صدر كل من آمن بالحلم وسعى إليه، وفي مقدمة هؤلاء سمو الأمير علي بن الحسين، رئيس الاتحاد الأردني لكرة القدم، الذي قاد المنظومة بعقلية القائد الملهم، وبعزمٍ لا يلين، ظلّ ثابتًا في دعمه لكرة القدم الأردنية على مدى سنوات، أثبت أن الإيمان بالرؤية، مقرونًا بالعمل الجاد، قادر على صنع المستحيل.
إلى جانبه برزت الأمين العام لاتحاد كرة القدم سمر نصار، التي شكلت مع كوادر الاتحاد خلية عمل لا تعرف التوقف، إدارةً وتنظيمًا وتخطيطًا. فهذا التأهل العالمي هو شهادة حيّة على كفاءة القيادة الرياضية الأردنية، التي لم تترك مجالًا للظروف ولا للمعوقات، والتي أظهرت مستوى رفيعًا من الإدارة الاحترافية، عبر التخطيط المحكم، والمتابعة الدقيقة، وتوفير كل الأدوات الممكنة لإنجاح المسيرة.
كوادر الاتحاد الأردني لكرة القدم، بلا استثناء، قدموا درسًا وطنيًا في الإخلاص والتفاني. أبدعوا في استثمار الطاقات، وصقل المواهب، وتعزيز دور المدربين الوطنيين، مع تركيز خاص على القواعد والناشئين، ليكون البناء من الجذور، ويأتي الثمر اليوم يانعًا في أبهى صور العطاء الوطني.
ومع كل خطوة، كان الإيمان بالوطن هو الوقود، وكانت العقول الأردنية هي من رسمت الطريق وأضاءته، حتى وصلت بالمنتخب إلى مشهد الانتصار الذي لم يأتِ إلا نتيجة تخطيط مدروس وتنفيذ محكم.
إن ما تحقق اليوم ليس مجرد تأهل؛ بل هو ثمرة رؤية قيادية أرادها الأمير علي أن تكون شاملة، عادلة، قائمة على الكفاءة والفرص المتساوية، مؤمنة بقدرة الأردني على مقارعة الكبار متى ما أُتيحت له الأدوات.
التأهل إلى المونديال ليس نهاية الرحلة، بل بداية فصل جديد من الطموح الأردني، فاليوم نقف في قلب الحلم، وعلى أعتاب المستقبل… وكل ذلك بفضل قيادة آمنت، وعقول خططت، وسواعد نفذت، فكان الإنجاز بمستوى الأردن… عظيمًا، نقيًا، وطنيًا حتى النخاع.