رؤية لمواجهة التحديات الأمنية الإسرائيلية للمنطقة العربية


رم -


صدرت ورقة سياسات جديدة عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات بعنوان "الخيارات العربية في مواجهة تحدّيات التغيّر في السلوك الأمني الإسرائيلي تجاه المنطقة"، أعدّها الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية الأستاذ عاطف الجولاني، وتقدّم رؤية لمواجهة التحديات الناتجة عن التحوّلات الأخيرة في العقيدة الأمنية الإسرائيلية تجاه المنطقة العربية.
ونبّهت الورقة إلى أنّ السياسات الأمنية الإسرائيلية تستهدف بشكل مباشر الأمن القومي للبلاد العربية خصوصاً المجاورة أو القريبة من الاحتلال الإسرائيلي، وتشكّل خطراً على مصالحها العليا، بما يستدعي إجراءات حقيقية فعالة في مواجهتها.
وركّزت الرؤية على تبنّي عدد من الدول العربية والإسلامية (وليس بالضرورة كلها، إن لم يكن الإجماع متاحاً) هدف ردع الكيان الصهيوني واحتواء سياساته التوسعية والتصدّي لاعتداءاته وانتهاكاته المتواصلة لسيادة الدول العربية والإسلامية، كهدف رئيسي لها. كما دعت إلى تنويع الخيارات العربية والإسلامية وعدم حصر الرهانات الدفاعية على الاتفاقيات مع الولايات المتحدة التي أثبتت التجربة العملية محدودية جدواها، وربط استمرار المعاهدات والاتفاقيات المبرمة بتخلّي الكيان الصهيوني عن سياساته العدوانية وإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية. وشدّدت على ترسيخ التعامل مع الكيان الإسرائيلي كخطر مشترك يهدّد مصالح واستقرار الدول العربية والإسلامية، وعلى بلورة اتفاقية دفاع استراتيجي بين الدول العربية والإسلامية المنضوية تحت مظلة حالة التوافق المشترك. كما أكدت على تعزيز آليات التحرّك الجماعي لحشد التأييد على المستوى الدولي لقيام الدولة الفلسطينية، والسعي لتوفير مظلة وحاضنة عربية وإسلامية للمقاومة الفلسطينية، وحشد دعم وإسناد دولي واسع للتوجهات العربية والإسلامية المشتركة، وتوفير أرضية صلبة للتنسيق والتعاون، مع التأكيد على تبنّي القدس والقضية الفلسطينية كقضية عربية وإسلامية مركزية، والتحذير من خطورة مشاريع الضمّ والتهجير.
وقد ناقشت هذه الورقة أبرز ملامح الرؤية الأمنية والسياسية الإسرائيلية الجديدة التي أثّرت في سلوك الكيان الصهيوني خلال السنتين الأخيرتين، وقد تؤثر في توجهاته للمرحلة القادمة، ومن أبرزها الانتقال من الردع التقليدي إلى الردع الهجومي الاستباقي بصورة دائمة، وتحقيق الهيمنة السياسية والعسكرية والأمنية على المنطقة، وتعزيز الضربات الاستباقية، وتوسيع دائرة الاستهدافات والاغتيالات، وتعزيز استراتيجية الإنذار المبكر، وتعزيز قدرة الجيش الإسرائيلي على خوض المعارك على جبهات متعددة، وتعبئة المجتمع وزيادة قدرته على تحمّل تبعات الحروب، والمواءمة بين الاعتماد على الذات والاعتماد على الدعم الخارجي في المجال الأمني وفي مجال الصناعات العسكرية، والسعي لنزع سلاح حركات المقاومة في المنطقة، واختراق الدول العربية والعبث بنسيج مجتمعاتها، وحسم الصراع جغرافياً وديموجرافياً في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحقيق الهيمنة السياسية والعسكرية والأمنية وتأسيس نظام إذعان إقليمي.
كما ناقشت الورقة الخيارات العربية في مواجهة متغيّرات الرؤية الأمنية الإسرائيلية ولجم السلوك الإسرائيلي العدواني التوسّعي الذي يهدّد دول المنطقة واستقرارها؛ وعرضت ثلاثة خيارات أولها الرهان على وعود ترامب وتطميناته وعلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لاحتواء التهديدات الإسرائيلية، وهو خيار رأت الورقة أنّه لا يحمل أي ضمانات جدّية لوقف تلك التهديدات، ورجّحت أن يكون رهاناً خاسراً ينطوي على خطورة مُحقّقة على مصالح الدول العربية والإسلامية وعلى استقرار المنطقة، ويلحق أفدح الضرر بالقضية الفلسطينية.
أما الخيار الثاني، فهو التوافق العربي والإسلامي على رؤية جماعية لمواجهة التهديدات الإسرائيلية عبر مؤسسات العمل المشترك. ورأت الورقة أنّ هذا الخيار هو الأفضل نظرياً (بوجود حالة إجماع وعمل مؤسسي جماعي) من حيث السقف السياسي والنتائج والفاعلية والتأثير في حال توفّرت الظروف المناسبة والشروط الموضوعية لنجاحه، وهو ما لا يتحقق ضمن المعطيات الحالية نتيجة المعوقات الكثيرة التي تعترض طريقه ويصعب تذليلها في مدى قصير. الأمر الذي يجعل من هذا الخيار طموحاً مشروعاً ينبغي السعي لتحقيقه في مراحل لاحقة، ويستدعي تطوير آليات انتقالية فاعلة لتعزيز التعاون والتنسيق المشترك بما يتيح الوصول إليه في المستقبل، مع إدراك عدم واقعيته وصعوبة الرهان عليه في الوقت الراهن.
في حين رأت الورقة أنّ الخيار الثالث، القائم على توافق عدد من الدول العربية والإسلامية على رؤية مشتركة لمواجهة التهديدات الإسرائيلية، وهو الذي حدّد الرؤية المشار إليها، هو الأكثر واقعية ضمن المعطيات الحالية، كونه يحقّق نقلة نوعية في تطوير مستوى التنسيق والتعاون، كما أنّه خيار مرن يسهم حال نجاحه في بناء حالة إقليمية قابلة لأن تتطوّر إلى تحالف إقليمي مستدام، وقد يمهّد الطريق لاحقاً لتوفير متطلبات النهوض بدور مؤسسات العمل المشترك باتجاه التوافق على رؤية عربية وإسلامية جماعية لمواجهة التهديدات التي تستهدف المنطقة ودولها.


رابط المادة النصيّة للورقة للاستفادة منها في إعداد خبر حولها؛ أو لإعادة نشر الورقة بصيغة PDF:

https://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/Media/PP_AtefalJoulani-61125.docx



عدد المشاهدات : (4180)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :