رم - د.نضال المجالي
خلال مراجعتي لصفحات جريدة الرأي الأردنية في عددها المنشور بتاريخ ٢٨ تشرين اول ٢٠٢٥، لفت نظري مقال للكاتب الصحفي الاقتصادي علاء القرالة بعنوان هام يقول فيه "المديونية .. فاهمينها غلط" وهو مقال يستحق القراءة لمن هم متابعون للأرقام والحالة الاقتصادية العامة واقول للأستاذ علاء سأتفق واختلف بالرغم اني لست اقتصاديا ولكن مهتم بالإدارة وخصوصا التنموية منها المرتبطة بالاقتصاد وعليه؛ فكل ما قيل في مقال الكاتب عن نجاح الإدارة المالية الأردنية في احتواء الدين العام، وتخفيض كلف خدمته، وإعادة هيكلة السندات بشروط أفضل، هو في جوهره إنجاز فني يُحسب للحكومة ولوزارة المالية والبنك المركزي. فالأرقام والوقائع تؤكد أن الأردن يدير دينه بكفاءة وحذر، وأن سياساته تحظى بإشادة صندوق النقد الدولي وثقة الأسواق الدولية. لكن السؤال الجوهري: هل انعكس هذا النجاح الإداري على حياة الناس؟ وهل تحول الدين إلى طاقة نمو حقيقية؟
الحقيقة أن الأردن اليوم يحقق استقرارا ماليا لا جدال فيه؛ العجز تحت السيطرة، والاحتياطات الأجنبية بلغت مستويات قياسية، والاقتراض يتم بشروط ميسرة وبخطط مدروسة. غير أن هذا النجاح، رغم أهميته، ما يزال نجاحاً في الإدارة لا في الأثر الاقتصادي. فالنمو البالغ 2.8% لا يكفي لتقليص البطالة أو زيادة الدخول، ولا يمكن أن يغير بنية الاقتصاد ما لم يتحول الاقتراض إلى استثمار إنتاجي في الصناعة، والزراعة، والسياحة، والطاقة المتجددة.
الإدارة المالية نجحت في الحفاظ على التوازن، لكن الاقتصاد الحقيقي لم يلمس بعد نتائج هذا التوازن. فالمشروعات الكبرى لم تنعكس على التشغيل، والإنفاق التنموي ما يزال محكوماً بقيود البيروقراطية، والاستثمار المحلي يعاني من بطء الإجراءات أكثر مما يعاني من نقص التمويل.
ولذلك، فإن التحدي القادم ليس في كيف ندير الدين؟ بل في كيف نستثمره؟
فإعادة التمويل خطوة صحيحة، لكن إعادة التوظيف هي مفتاح النجاح الحقيقي. الأردن بحاجة إلى أن يحول ديونه من عبءٍ محاسبي إلى محرّكٍ تنموي، ومن التزامات مالية إلى مشاريع تولد فرص عمل وتخلق قيمة مضافة.
باختصار، نحن ننجح في فن الإدارة المالية، لكن الاقتصاد ينتظر أن يشعر بنجاح مواز في فن التنمية. وعندما يصبح الاقتراض وسيلة للإنتاج لا لتسكين العجز، عندها فقط يمكن القول إن الأردن حقق النجاح الكامل: نجاح في الإدارة، ونجاح في الأثر الاقتصادي وأننا "فاهمين المديونية غلط"!.