مؤتمر مسيحي. لماذا؟


رم -


بقلم: د. ذوقان عبيدات

تعقد المؤتمرات السياسية عادة لمناقشة قضية مهمة، لها مترتبات وأبعاد قد تكون وجودية!
فهل لدى مسيحيي الأردن ما يسوّغ ذلك؟ هل يواجه المسيحيون في الأردن وحول الأردن ما يسوّغ ذلك؟
ما ينفي ذلك أن المؤتمر لم يكن كنسيّا بل مدني خالص، وربما علماني!

(١)
الصحوة الإسلامية
تعيش المنطقة صحوة إسلامية قد تكون لها أبعاد غير منضبطة!
تبدت في العراق، وسورية، ولبنان.
تعرض المسيحي العربي لأشكال من الاضطهاد وصلت حد القتل على الهُوية، والتهجير القسري، ثم الهجرة تحت ضغط الخوف!
لم يحصل المسيحي على أي ضمان بتوفير الأمن، والأمان في الدول التي يعيشون فيها.
لم تعرف الصحوة الإسلامية أن المسيحي مواطن أصيل، وأصلي.
وأن المسيحيين هم الأصل، وليسوا حمولة إضافية! وليسوا أقلية! وإلّا نعدّ أن كل قبيلة، أو عشيرة أردنية هي أقلية بحكم العدد! ولذلك نقول: لا يقيم أي جزء من المجتمع بعدده، بل بإسهامه في بناء المجتمع.
فالمسيحيون بهذا المعنى هم
بناة تربويون، وثقافيون، وسياسيون ! فالمسيحيون كانوا أساتذة، وسياسيين، وفنيين، وفنانين ورجال أعمال، ونقابيات، ونقابيون! بل كانوا في قيادات الأحزاب القومية واليسارية، وفي المنظمات الفدائية.

(٢)
المؤتمر عروبي بامتياز
كان المؤتمر عربيّا حداثيّا في الشكل والمضمون؛ فالراعي كان المفكر الحداثي همّام غصيب. وعنوان المؤتمر: العرب المسيحيون ، وهذا يعني الكثير، فهم عرب قبل أن يكونوا مسيحيين ! وكان مسار المؤتمر نهضويّا. ولم يلحظ أي نفوذ كنسي! أما من حيث المضمون، فقد كانت أوراق المؤتمر، وحتى أصحاب الأوراق في معظمهم ممن لا يعرفون بأي ضيق أفق، أو تطرف ديني! كما لم يميز المشارك بين صاحب ورقة مسلم، أو مسيحي!
فالمؤتمر إذن! ليس دينيّا بل إنسانيّ وطنيّ، عربيً.

(٣)
نماذج من عناوين
كانت أوراق العمل في معظمها:
-الوعي المبكر بالنهضة العربية.
-الأقباط في ثورة عرابي.
-إعادة اكتشاف الهوية العربية.
-العرب المسيحيون في النهضة العربية.
-السلطان والفيلسوف.
العروبة في فكر المطران جورج خضر.
-المسيحية في القرآن.
صورة العربي المسيحي في الإعلام.
-الكتابة للأطفال عن الشخصيات العربية المسيحية.
-مسيحيو فلسطين: تحديات الهوية والمواطنة والهجرة.
المساواة بين الجنسين.
-العرب المسيحيون والتحدي الصهيوني.
-العرب المسيحيون والفكر الإقصائي.
وهكذا كانت الموضوعات وطنية، عربية علمانية، لم أسمع في المؤتمر أي ترويج للفكر المسيحي! بل هناك نقد عميق للفكر الديني!

(٤)
لقطات أفكار مهمة
ليس من السهل تلخيص الأفكار
خاصة إذا كانت كثيفة، ولكنني سأحاول عرض أبرز ما حضرت.
-زيدان كفافي، رسّخ لدي فكرة
دقيقة، مفادها في كل بقعة أردنية أثر مسيحي مهم.
مهند مبيضين، أبدع في تعريفنا بشخصيتين مسيحيتين، لهما تأثير حاسم في النهضة العربية الحديثة في حكم العثمانيين.
رفض أحدهما تمثيل دولة بائسة
وأخْذَ راتب ٍ من دولة تسرق شعبها. ما أروعك يا مهند!!
-د جرجس من مصر العروبة، أوضح كيف تحمس الأقباط؛ ليكونوا جزءًا من ثورة ١٩١٩.
-هند أبو الشعر،قدمت تحليلًا دقيقًا لدور المسيحيين في الأردن
خلال القرن التاسع عشر، مؤكدة على أن دور المسحيين في الأردن هو جزء من أدوار المسيحيين في بلاد الشام.
-أسعد قطان، حلل العلاقة بين السلطان والفيلسوف، والعلاقة بين الجماعتية، والفردية.
-عامر الحافي، وما أدراك ما عامر الحافي!! أتحدث عنه بحذر-خوفًا عليه والله-قدّم تأويلات مفيدة جدّا لقضايا تقرب، أو توحد بينّ الروايتين الإسلامية، والمسيحية؛
شكرًا لك!
-الباحثة رانيا الجعبري، فاجأتني بنقشها على صخور قلوبنا، وحجارتها معًا، عارضة التحديات التي تواجه باحثًا في مجالات الأديان!!
-الرائعة ربا زيدان ، قدمت تحليلًا عن صورة العربي المسيحي في الإعلام العربي.

هذه بعض مقتطفات مما سمعت ممن ساعدت ظروفي على حضور أوراقهم.

(٥)
المؤتمر المسيحي غير المسيحي
كان مؤتمرًا عابرًا للمسيحية، شارك فيه مقدمون، وحاضرون من المسلمين ما يجعل المؤتمر وطنيّا! وشارك فيه غير الأردنيين ما يجعل المؤتمر قوميّا عربيّا. ومن هنا قلت مؤتمرًا مسيحيًا غير منحاز للمسيحيين! وهذا نادر
في أيام الصحوات الدينية السائدة.
شكرًا لمن فكّر وخطّط ونفّذ
وساهم!
كغيري، أنتظر توصيات ونتائج!!




عدد المشاهدات : (4841)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :