رم - كتب – خالد الحميد الزبون / رجل اعمال
عدت قبل يومين من زيارة غير رسمية الى دولة الامارات العربية المتحدة برفقة عدد من الزملاء، وهناك التقينا بعدد من رجال الاعمال الاردنيين الذين اثبتوا حضورهم القوي في السوق الاماراتية وحققوا نجاحات كبيرة في مجالات العقار والتكنولوجيا والتجارة والخدمات، حتى باتت بصمتهم الاقتصادية واضحة وفاعلة في واحدة من اقوى بيئات الاستثمار في المنطقة.
لكن ما رأيناه وسمعناه كان صادما ومفاجئا بكل المقاييس. الارقام التي كشف عنها بعض المصادر والمستثمرين تشير الى ان حجم الاستثمارات الاردنية في الامارات تجاوز حاجز المليارين دولار، وان الاردنيين يشكلون نسبة تقدر بحوالي 16 بالمئة من مجموع الاستثمارات الاجنبية هناك، وهو رقم ضخم يعكس حجم الامكانيات والطموحات والنجاحات التي حققها ابناء الوطن في الخارج.
ورغم هذا النجاح الا ان الوجع كان حاضرا في حديث الجميع. كل من التقينا بهم تحدثوا بمرارة عن انعدام البيئة المحفزة في وطنهم وعن غياب التسهيلات والاجراءات البيروقراطية المعقدة وعن الوعود الكثيرة التي لم تجد طريقها للتنفيذ. أحد المستثمرين الذين التقينا بهم كان يخطط لإنشاء مشروع استثماري يوفر 1200 فرصة عمل، الا انه تعرض لطرد فعلي من الاجراءات البيروقراطية المعقدة ففضل الهروب من بيئة الاستثمار في وطنه والبحث عن فرص في الخارج.
والأخطر من ذلك هو ما سمعناه مرارا ان توجيهات جلالة الملك ورؤية ولي العهد لم تجد طريقها الى التطبيق الحقيقي بل بقيت محاصرة داخل ملفات الادراج واجتماعات لا تنتج سوى التصريحات.
المستثمرون الاردنيون في الخارج لا يطلبون المستحيل بل قالوها بصراحة ووضوح نحن جاهزون للعودة نريد ان نستثمر في بلدنا وان نقف معه في المحن لكننا نريد دولة تعاملنا باحترام ونظاما اداريا لا يطردنا ونوافذ استثمارية حقيقية لا نواجه فيها تعقيدات كلما قررنا المضي في مشروع.
اليوم لا ينقصنا المال بل ينقصنا العقل الاداري الذي يستوعب هذه الفرص ويمتلك الارادة لتنفيذ رؤى القيادة ما نواجهه ليس مؤامرة خارجية بل فوضى داخلية ونقصا مزمنا في التنفيذ وترددا في اتخاذ القرار.
الاردنيون في الخارج لا يريدون معجزات بل يريدون فرصة ومناخا قانونيا مستقرا ومؤسسات تؤمن ان الاستثمار ليس ملفا بل هو شراكة وطنية. الشرط الوحيد للعودة هو ضمانة واضحة من جلالة الملك او ولي العهد تزيل كل العراقيل وتضمن بيئة مستقرة وشفافة.
بشكل شخصي بادرت باتصالات متكررة مع هؤلاء المستثمرين لحثهم على العودة واستثمار اموالهم في وطنهم، لكن الواقع انهم لا يثقون الا بالضمانة الواضحة والامر التنفيذي المباشر من جلالة الملك او سمو ولي العهد. هؤلاء المستثمرون يريدون رؤية واضحة وقاطعة بأن بلدهم سيعمل كيد واحدة لاستقبالهم ودعم مشاريعهم لا مجرد وعود لا تتحقق.
هل يسمع المعنيون هذا الصوت؟ وهل يتحرك احد قبل فوات الاوان؟