رم - د. لؤي بواعنة
في غمرة الجهود العظيمة التي تقوم بها المملكة الأردنية الهاشمية قيادة وحكومة وشعبا في الدفاع عن القضية الفلسطينية ودرتها القدس الشريف، تأتي مساهمة الجامعات الأردنية في التركيز على مثل هكذا قضايا في هذا الوقت العصيب تحديدا، بهدف تقديم إضافة نوعية وقيمة خاصة، ولتحقيق أهدافا أخرى، تربوية وثقافة وسياسة وطنية للموضوع، وذلك من منطلقات عدة، ياتي في مقدمتها إيمانها بأهمية المرحلة وبأهمية النشاطات اللامنهجية في صقل شخصية الطلبة و تعميق قيم العروبة والاسلام واهمية التراث الاسلامي وداعميه والحريصين عليه في نفوس الطلبة وفكرهم وتطلعاتهم . بحيث تعود تلك الندوات بمخرجات هامة في مقدمتها ببيان العلاقة الحميمية بين المقدسات الإسلامية والهاشميين.
كما وتأتي مساهمة الجامعات في إقامة هكذا ندوات ومحاضرات عن القدس انطلاقا من مكانتها ودورها،، اذ تعد الجامعات شريكا ورديفا هاما في عملية التوعيةالسياسية والتنمية من خلال تأكيدها على تلك الجهود الحثيثة التي تقوم بها القيادة السياسية ممثلة بجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في مسألة الدفاع عن القدس، وبهدف تعريف الطلبة بطبيعة هذا الدور وهذه الجهود الحثيثة والتي ما انقطعت يوما لتبقى القدس قبلة المسلمين الأولى حاضرة في قلوب النشئ الحديث حيث سيحملون الرسالة لمن بعدهم ويعتزون بالدور التي تلعبه قيادتهم السياسية انطلاقا من ثوابت الدولة ومنطلقاتها السياسية والايدلوجية منذ التاسيس حتى الأن. حيث لم تنفك الأردن قيادة وشعبا عن تقديم التضحيات واحدة تلو الاخرى. بكل إمكانياتها وسبلها منذ الأعمار الهاشمي الأول مرورا بتضحيات الجيش الأردني في معركة القدس والبرج والنوتردام وباب الواد واللطرون والشيخ جراح وتطهير الحي اليهودي لتبقى القدس معراجا لنبينا الهاشمي العربي الأمين وتبقى عربية إسلامية...حتى عهد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه.
حملت ندوة جامعة اليرموك في الأسبوع الماضي والتي خصصت للحديث عن القدس و الوصاية الهاشمية، والتي كانت تحت رعاية رئيسها الاستاذ الدكتور إسلام المساد، عنوانا هاما ، جمعت فيه بين العروبة والإسلام.. فكانت تحت شعار " دور الوصاية الهاشمية في حفظ الهوية العربية الاسلامية للمقدسات الاسلامية في القدس".. ركز فيها الحضور على جهود الملك عبدالله الثاني بن الحسين في ألحفاط على المقدسات وكيفية وآليات الحفاظ على المدينة المقدسة في العهد الهاشمي من خلال الإهتمام بها على جميع الصعد، السياسي والديني والحضاري ، والذي تمثل بالدفاع عنها في كل المحافل الدولية وجعلها على رأس أولويات الدولة الاردنية، وجعلها حاضرة في اروقة المحافل الدولية. والأمر الثاني من خلال الأعمار الهاشمي المستمر منذ عهد الشريف حسين بن علي حتى عهدنا الحالي.
عطوفة الدكتور المساد رئيس الجامعة بدوره أكد عند افتتاحه الندوة على الدور الكبير الذي يبذله جلالة الملك عبدالله الثاني في الحفاط على القدس من خلال دوره الدبلوماسي، حيث مكانة الأردن وجلالة الملك عبدالله الثاني على الخارطة العالمية.. والذي بدوره جعل القدس ، حاضرة في كل دوائر صنع القرار، مدافعا عنها وعن ومقدساتها الإسلامية والمسيحية. مبرزا الدور الاردني في الحفاظ على المقدسات في القدس وتاريخ الوصاية الهاشمية عبر مائة عام، منذ بيعة اهل القدس للشريف الحسين بن علي رحمه الله حتى الوصاية الهاشمية عام ٢٠١٣م . مستعرضا جوانب الإهتمام الهاشمي السياسي والديني والعسكري والحضاري عبر تاريخ الأجداد والاباء ليوكد على تاريخية العلاقة بين الهاشميين والقدس وأن الحفاظ عليها خط أحمر تعادل الروح بالنسبة لهم. فهي وديعة عندهم. لا يعدل الدفاع عنها أي شرف في الدنيا.
هذا وقد أكد الأستاذ الدكتور زيدان كفافي- استاذ الآثار في جامعة اليرموك من خلال بحوثه المتخصصة عن القدس، - على عروبة القدس اعتمادا على المخلفات الأثرية والكتابات التاريخية. فهي مدينة كنعانية بامتياز، لكنها حظيت بخصوصية دينية . واستعرض كفافي أهمية القدس من ناحية دينية وخصوصيتها لدى اتباع الديانات السماوية. . مستعرضا أبرز الحوادث الدينية التي مرت على المدينة ومنها، صلب المسيح، وحادثة المعراج وبناء كنيسة القيامة وبناء المسجد الاقصى . عارضا أمثلة متوازية لساكنيها من مسلمين ومسيحيين .
عبدالله العبادي/الأمين العام السابق لوزارة الاوقاف، شدد على أهمية دور وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الأردنية في مدينة القدس الشريف من خلال مديرية أوقاف القدس، مبرزا دورها المتمثل بالحفاظ على هوية المدينة وعروبتها. من خلال الرعاية المستمرة للمدينة بتوجيهات ملكية سامية رغم قساوة الاحتلال وتضييقه. مستعرضا دور لجنة اعمار المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة بالعناية والصيانة والترميم والمحافظة على المسجد الاقصى وقبة الصخرة ومرافقه. وعرج على قانون الصندوق الهاشمي لاعمار المسجد الاقصى وقبة الصخرة لعام ٢٠٠٧ من خلال دورها في التمويل بهدف صيانة المقدسات وترميها والمحافظة عليها بغرض استمراريتها.
ومن جهة أخرى قدم الباحث والمؤرخ المتخصص بتاريخ القدس عبر العصور ،الدكتور رياض ياسين مؤلف كتاب "التكوين السياسي والتاريخي لمدينة القدس،" والذي صدر له مؤخرا عام ٢٠٢٢م، إضاءة وإضافة نوعية للندوة بتسليطه الضوء على وضعية المدينة سابقا ولاحقا، قبل الاحتلال الإسرائيلي وبعده. من حيث الوضع القانوني والديني والسياسي لمدينة القدس وأهلها بتميزه بين الاوضاع المختلفة للمدينة حيث فكرة "الوضع الراهن" "والوضع القائم " "الوضع التاريخي والقانوني" . منبها من محاذير بعض التسميات، مشيرا لالغاء اسرائيل لفكرة الوضع الراهن بعد احتلالها باقرار جملة قوانين تمس بالمسجد الاقصى والمقدسات . مؤكدا أن الأردن تفضل استخدام مصطلح الوضع التاريخي والقانوني للقدس. ومرجع ذلك خصوصية الدور الاردني في القدس وتفهم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لهذا المصطلح انطلاقا من تقديرهم للأردن وخصوصيتها في القدس. حيث لا تفضل الأردن استخدام مصطلح الوضع الراهن لانه متغير وتقوم اسرائيل بالتلاعب به واستخدامه بطريقه سيئة. في حين يفهم من مصطح الوضع القائم الدور التاريخي للأردن ضمن الوصاية الهاشمية على المسجد الاقصى والمقدسات الإسلامية في القدس، بحيث يضمن السماح المصلين المسلمين بالصلاة ولغير المسلمين بالزيارة .
وتبقى جامعة اليرموك كما هي دوما حاضنة لمثل هذه الندوات والمحاضرات القيمة التي تمثل الشراكة الحقيقية بين الجامعة والمجتمع المحلي والشكر للجامعة ممثلة برئيسها والقائمين عليها ممثلة بكرسي المرحوم سمير الرفاعي للدراسات الأردنية وشاغله الدكتور محمد العناقرة ومنتدى اربد الثقافي.
*جامعة البلقاء التطبيقية