رم - استشاري الأمراض الصدرية يدعو لتمكين الخبراء: الاستثمار في الوقاية يوفر 10 دنانير لكل دينار يُنفق
شدد الدكتور محمد حسن الطراونة، استشاري الأمراض الصدرية وعضو لجنة الدراسات والبحث العلمي في المركز الوطني لمكافحة الأوبئة، على أن الأمن الصحي الحقيقي يتجاوز كونه مجرد خطط واستراتيجيات مكتوبة، مؤكداً أنه "علم وممارسة يقودها المتخصصون في الميدان".
جاء ذلك في تصريحات صحفية أبرز فيها الركائز الأساسية لبناء منظومة صحية قادرة على الصمود أمام التهديدات والأوبئة العالمية:
1. الأمن الصحي: ضرورة وجودية تتطلب التخصص
* مفهوم متكامل: الأمن الصحي ليس مجرد "الاستجابة للطوارئ"، بل هو قدرة الدولة والمجتمع على الوقاية، الاكتشاف المبكر، والاستجابة الفعالة، والتعافي دون انهيار للنظام الصحي.
* ليس على الورق: "الحقيقة التي تتجاهلها كثير من الخطط أن الأمن الصحي لا يُبنى على الورق فقط، ولا يتحقق بالشعارات أو بتقارير تُرفع للمؤتمرات".
* منظومة حية: إنه منظومة تحتاج إلى أطباء متمرسين، وخبرات ميدانية، وقرارات علمية تتخذها فرق متخصصة تعرف تفاصيل المرض والمريض.
2. تمكين الطبيب: من الشعارات إلى التنفيذ
أكد الدكتور الطراونة أن بناء منظومة أمن صحي حقيقية يتطلب إشراك الأطباء المتخصصين في صلب عملية التخطيط والتنفيذ، لافتاً إلى أن الوثيقة الجيدة "لا تعني شيئاً" إن لم يترجمها الممارس الذي يفهم ديناميكية العدوى في الميدان.
ودعا إلى إشراك فاعلين من التخصصات التالية في مواقع القرار:
* أطباء الأمراض المعدية والوبائيات: لرصد المخاطر وتحليل الأنماط.
* أطباء ضبط العدوى: لضمان بيئة طبية آمنة.
* أطباء الطب الوقائي والصحة العامة: لوضع التدخلات المجتمعية.
* خبراء المختبرات الطبية: لتحديد المسببات بدقة وسرعة.
: "الأمن الصحي ليس إدارة مكتبية، بل ممارسة علمية يقودها الميدان وتُترجمها خبرة الأطباء المتخصصين."
3. الأمن الصحي كـ "استثمار وطني"
شدد الطراونة على أن الأمن الصحي هو الاستثمار الأكثر جدوى اقتصاديًا، موضحاً:
* العائد الاقتصادي: "تُظهر الدراسات أن كل دينار يُنفق على الوقاية والتأهب يوفر ما بين خمسة إلى عشرة دنانير عند مواجهة الأزمات".
* جوهر الاستثمار: "هذا الاستثمار لا يُقاس فقط بالمباني أو المعدات، بل بقدرة الأطباء والعاملين الصحيين على اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب".
4. الأمن الصحي والسياحة العلاجية
وفي سياق تعزيز مكانة الدول كوجهات طبية عالمية، بيّن الدكتور الطراونة أن الأمن الصحي هو أساس الثقة والسمعة:
* رسالة طمأنينة: "المريض القادم للعلاج لا يختار الدولة الأرخص أو الأجمل، بل الأكثر أمانًا من العدوى والأخطار الصحية."
* علامة ثقة: المستشفيات التي تلتزم بإجراءات مكافحة العدوى لا تحمي مرضاها فقط، بل "تبني علامة ثقة عالمية" تعزز مكانتها في السياحة العلاجية.
5. خلاصة وتوصيات للمرحلة القادمة
للانتقال من مرحلة "الخطط على الورق" إلى "الجاهزية الحقيقية"، دعا الدكتور الطراونة إلى:
* تمكين الأطباء المتخصصين في مجالات الوقاية والعدوى والوبائيات من مواقع القرار.
* التنسيق الوطني بين جميع القطاعات ضمن إطار الصحة الواحدة (One Health).
* تمويل صحي مرن ومستدام يضمن عدم تعطيل الخدمات الأساسية أثناء الأزمات.
واختتم الطراونة بالقول: "الأمن الصحي ليس شعاراً يُرفع في المؤتمرات... إنه مسؤولية وقرار، يقوده الطبيب المتخصص الذي يفهم الميدان كما يفهم النصوص. الأمن الصحي يبدأ من الطبيب الذي يراقب العدوى ويمنع انتشارها، لا من الوثيقة التي تشرحها بعد وقوعها".