رم - عقدت لجنة العمل والتنمية الاجتماعية والسكان النيابية برئاسة النائب معتز أبو رمان اجتماعا موسعا اليوم الثلاثاء بحضور مساعد رئيس مجلس النواب النائب محمد المراعية ووزير الإدارة المحلية المهندس وليد المصري، ووزير البيئة الدكتور أيمن سليمان، ونائب أمين عمان ومدير المدينة المهندس أحمد الملكاوي، وممثل وزارة الداخلية المحافظ زياد القطارنة، وممثلين عن وزارة الزراعة، إلى جانب مؤسسة الأميرة عالية بنت الحسين وعدد من مؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال الرفق بالحيوان، وذلك لبحث ظاهرة انتشار الكلاب الضالة في مختلف مناطق المملكة، وأثرها على السلامة العامة، والحلول المقترحة للحد من مخاطرها.
وأكد النائب معتز أبو رمان خلال الاجتماع أن انتشار الكلاب الضالة بات يشكل ظاهرة مقلقة تهدد أمن وسلامة المواطنين في العديد من المناطق السكنية، مشيراً إلى ارتفاع عدد حالات العقر التي بلغت نحو 5600 حالة مسجلة، ما يتطلب تدخلاً عاجلاً لمعالجة المشكلة بشكل حضاري وإنساني يحمي المواطن ويحافظ على التوازن البيئي. وشدد على أن سلامة الإنسان يجب أن تبقى أولوية مطلقة، داعياً إلى وضع خطة وطنية شاملة تتكامل فيها جهود الجهات الحكومية والبلديات ومؤسسات المجتمع المدني ضمن إطار منظم ومستدام.
وأشار أبو رمان إلى أن الحلول يجب أن تراعي البعد الإنساني في التعامل مع الحيوانات، وتعكس صورة مؤسسات الدولة في إدارة القضايا العامة بمسؤولية، مبيناً أن اللجنة ستقدم مجموعة من المقترحات للحكومة، من أبرزها استحداث نص قانوني يمنح تعويضاً مالياً مقداره خمسة آلاف دينار لكل شخص يتعرض لإصابة خطيرة تعرضه لتشوه دائم او إعاقة جراء عضة كلب ضال، باعتبار هذا التعويض وسيلة لضمان العدالة وتشجيع الجهات المعنية على أداء واجبها في الحد من الظاهرة.
وأكد أبو رمان ضرورة إيجاد مراكز إيواء في جميع البلديات ضمن مناطق بعيدة عن التجمعات السكانية، تتولى جمع الكلاب وتعقيمها وتطعيمها وترميزها، ثم إعادتها إلى مناطق غير مأهولة ، إضافة إلى تنظيم عمليات الجمع ضمن كوادر مؤهلة واليات مناسبة إلى جانب تنفيذ برامج توعية صحية وبيئية تساهم في رفع مستوى الوعي المجتمعي حول سبل الوقاية والتعامل الآمن مع الحيوانات الضالة.
من جهتهم، أكد النواب المشاركون في الاجتماع: خميس عطية ، بكر الحيصة ، فراس القبلان ، محمد سلامة الغويري ،احمد شديفات ، سامر الازايدة ،جميل الدهيسات ،طلال النسور ،عبد الرؤوف الربيحات ، بيان المحسيري ، عيسى نصار، عبد الرحمن العوايشة ، وخضر بني خالد أن الظاهرة أصبحت تشكل تهديداً للسلامة العامة وللأمن المجتمعي، وهاجساً يومياً للأسر الأردنية، خصوصاً للأطفال وكبار السن، داعين إلى إيجاد حلول واقعية وجذرية بعيداً عن الأساليب التقليدية، وبما يضمن معالجة المشكلة بشكل مستدام.
وعرض وزير الإدارة المحلية المهندس وليد المصري خطة العمل الحكومية لمعالجة الظاهرة، مبيناً أن الحكومة شكلت لجنة من مختلف الجهات ذات العلاقة ووضعت خطة منهجية تمتد لثلاث سنوات تشمل إنشاء مراكز إيواء في مختلف المدن، وجمع الكلاب الضالة وإخضاعها للإجراءات البيطرية اللازمة، مشيراً إلى أن المرحلة الأولى تتضمن تحديد 20 موقعاً كمراكز أولية، فيما تتطلب الخطة مخصصات مالية كبيرة في ظل الأعداد المتزايدة للكلاب الضالة. ودعا المصري مؤسسات المجتمع المدني إلى تعزيز الشراكة مع البلديات لتوحيد الجهود، مبيناً أن كلفة التعامل مع كل حالة تقدر بنحو 70 ديناراً وفقاً لنقابة الأطباء البيطريين.
وأكد وزير البيئة الدكتور أيمن سليمان أن استمرار الظاهرة يهدد التوازن البيئي في المملكة، ويستدعي معالجة مسؤولة تراعي سلامة المواطن وتحافظ على البيئة، فيما أشار المحافظ زياد القطارنة إلى أن وزارة الداخلية تعمل بالتعاون مع الجهات المعنية لتنفيذ الخطة الوطنية، مستشهداً بنجاح تجربتي العقبة ومأدبا في الحد من الظاهرة. كما استعرض نائب أمين عمان المهندس أحمد الملكاوي جهود الأمانة التي تعاملت مع أكثر من ثمانية آلاف حالة ضمن نطاقها من خلال إنشاء مراكز إيواء وتنفيذ برامج التعقيم والتطعيم والمتابعة الطبية.
وفي مداخلاتهم، أكد ممثلو مؤسسات الرفق بالحيوان أهمية التعاون المشترك بين جميع الأطراف ووضع خطة وطنية تراعي البعدين الإنساني والصحي في التعامل مع الحيوانات، مشيرين إلى تجارب دولية ناجحة يمكن الاستفادة منها حيث اكدت لانا الدباس، ممثلة مؤسسة الأميرة عالية بنت الحسين وعضو اللجنة الاستشارية في وزارة الزراعة، إن البلديات كانت على مر السنين تلجأ إلى أساليب القنص والتسميم للقضاء على الكلاب الضالة، قبل أن يتم منع هذه الممارسات والاتجاه نحو الطرق العلمية الحديثة التي أثبتت فعاليتها في عدد من الدول الكبرى مثل الهند، من خلال برامج التعقيم والسيطرة البيطرية. وأوضحت أن الكلاب العقورة أو التي تشكل خطراً مباشراً على حياة الإنسان يُسمح شرعاً بقتلها بطرق رحيمة، أما الكلاب التي لا تُشكّل تهديداً للصحة العامة فيتم التعامل معها عبر برامج التعقيم والعلاج للحد من تكاثرها وتحقيق توازن بيئي وإنساني في التعامل مع هذه الظاهرة.
وفي ختام الاجتماع، دعا النائب معتز أبو رمان إلى تشكيل لجنة وطنية تضم ممثلين عن الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بالرفق بالحيوان، برقابة لجنة العمل والتنمية الاجتماعية والسكان النيابية التي ستتولى متابعة تنفيذ التوصيات ورفع المقترحات اللازمة للحكومة، مؤكداً أن حماية الإنسان وصون البيئة مسؤولية وطنية مشتركة لا تقبل المساومة وتتطلب إرادة جادة وتعاوناً مؤسسياً شاملاً.