رم - بقلم: د. حسين سالم الجبور
امين عام وزارة الشباب سابقا
سؤال يتردد في أذهان الكثيرين، يختصر قلق الحاضر وخوف المستقبل، ويعكس حالة من البحث عن الاتجاه الصحيح لأجيال تمثل الأمل والطاقة والحياة.
في زمن الانفتاح الواسع والتطور التكنولوجي المتسارع، يجد الشباب أنفسهم وسط عالم مزدحم بالتحديات والفرص في آن واحد، عالم يغريهم ببريقه ويخيفهم بتعقيداته، فشبابنا اليوم يملكون من الطاقات ما يمكن أن يغير وجه المستقبل، لكن أين تُوجه هذه الطاقات؟ وكيف تستثمر في بناء الذات والوطن؟
للأسف كثير من هذه الطاقات تهدر في الفراغ، أو تتبدد في مجالات لا تنفع، لأننا لم نحسن الإصغاء إلى الشباب، ولم نمنحهم المساحة الكافية ليعبروا عن أفكارهم ويشاركوا في صنع مستقبلهم.
الحوار مع الشباب لم يعد ترفا بل ضرورة وطنية واجتماعية، فالأمة التي لا تفتح أبوابها لشبابها محكوم عليها بالجمود، من هنا علينا أن نقترب منهم، أن نفهم لغتهم ونستمع لنبضهم، فبينهم من يملك مواهب مدهشة وأفكارا خلاقة، تحتاج فقط إلى من يؤمن بها ويمد لها اليد.
الأسرة هي الحاضنة الأولى للشباب، وعليها يقع عبء التوجيه والرعاية والدعم، أما المجتمع فدوره لا يقل أهمية، إذ يجب أن يخلق بيئة داعمة تتيح لهم فرص التعليم والتدريب والعمل، وتمنحهم الإحساس بقيمتهم في بناء الوطن، فالشاب الذي يجد مكانه في مجتمعه، لن يبحث عن ذاته في أماكن أخرى.
توجيه الشباب نحو الطريق الصحيح لا يتحقق بالشعارات، بل بالفعل والإيمان بقدراتهم، والمطلوب أن نؤمن بأن الشباب ليسوا عبئا ينتظر الحلول، بل قوة قادرة على صناعة الحلول نفسها، وأن نزرع فيهم الثقة بأن دورهم لا يقتصر على تقليد المجتمع، بل في المساهمة في تغييره نحو الأفضل.
إن الاهتمام بالشباب ليس خيارا، بل هو الضمان الحقيقي لمستقبل الأمة واستمرار نهضتها، فالشباب هم القلب النابض والدم المتدفق في شرايين الوطن، وهم الركيزة التي تُبنى عليها الأمم، ومن هنا فإن سؤال "شبابنا إلى أين؟" يجب ألا يبقى مجرد تساؤل، بل بداية لتفكير جاد وعمل حقيقي من الجميع، لنعيد توجيه البوصلة نحو الغد، غد يقوده شباب واثق بنفسه، مؤمن بقدراته، ومخلص لوطنه.