أرام المصري
قال المحلل السياسي الدكتور فواز أبو تايه إنه وبعد ثلاث سنوات من حرب إستنزفت البشر والأرض يواجه الشرق الأوسط اليوم لحظة إختبار جديدة عنوانها " خطة ترامب"، مُشيرًا إلى أن وعود التهدئة المرتقبة تحمل مزيجًا من الحوافز والضغوط الدولية تشمل تبادل أسرى وإعادة إعمار تحت رقابة دولية إلا أنها مشروطة بتنفيذ بنود أمنية صارمة لإسرائيل ونزع جزئي للسلاح من الفصائل الفلسطينية.
وأضاف أبو تايه في تصريح لـرم أن هذه المعادلة تجعل التهدئة إختبارًا مزدوجًا لإرادة حماس في إدارة تنازلات استراتيجية وقدرة إسرائيل على الإلتزام بما تعهدت به على الأرض دون الانزلاق إلى تحركات عسكرية جديدة .
ولفت إلى أن رد حماس يعكس مزيجًا من القوة الكامنة في قدرتها على المناورة الدبلوماسية وإستثمار الضغط الدولي، والهشاشة المقترنة في محدودية الموارد والخسائر الميدانية الكبيرة.
وأشار أبو تايه أن حماس لا تزال فاعلًا سياسيًا وعسكريًا قادرًا على فرض شروط تفاوضية جزئية لكنها تواجه معضلة الحفاظ على توازنها الداخلي بين جناح المقاومة المسلحة والمطلب الشعبي للحد من الخسائر.
وتابع أن إسرائيل تبدو مستعدة لتنفيذ مراحل أولية من الخطة مثل تبادل الأسرى والتراجع المؤقت عن بعض العمليات العسكرية لكنها تشدد على شروط أمنية تجعل أي التزام طويل الأمد معلقاً بآليات نزع السلاح ومراقبة دولية دقيقة، مؤكدًا أن التاريخ يعلمنا أن الإلتزام الكامل على الأرض يحتاج إلى ضمانات قوية وإلا فإن أي تهدئة مؤقتة ستتعرض للانهيار سريعًا .
وبيّن أبو تايه أن التحليل الإقليمي يضيف طبقة إضافية من التعقيد فالدول الوسيطة مثل مصر وقطر وتركيا تحاول إستثمار نفوذها لضمان إستمرار الهدنة بينما التوترات الإقليمية الأخرى من لبنان إلى إيران قد تؤثر على مسار الصراع أو تعيد تفجيره في أي لحظة، وعليه فإن الشرق الأوسط اليوم ليس فقط ساحة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بل ملعبًا دوليًا تتقاطع فيه مصالح القوى الإقليمية والدولية.
وأوضح أنه اليوم وبعد ثلاث سنوات من الحرب لا يوجد منتصر واضح، حيث إن إسرائيل حققت مكاسب ميدانية وأمنية إلا أنها دفعت ثمنًا سياسيًا وإنسانيًا كبير، وكذلك حماسس تضررت لكنها بقيت لاعبًا فاعلًا سياسيًا وعسكريًا، مشددًا أن التهدئة الحالية مهما كانت مرحلة أولية تشكل فرصة لإعادة ترتيب أوراق تبادل الأسرى وفتح ممرات لإعادة الإعمار إلا أنها ستبقى هشّة ما لم ترفق بضمانات دولية واضحة وآليات تنفيذية صارمة .
وأشار إلى أن التطلعات المستقبلية والسيناريوهات المحتملة للفترة القادمة تشكل ثلاثة سيناريوهات محتملة لمسار الصراع والتهدئة :--
السيناريو الأول ----التهدئة المنضبطة .
تقوم على إستمرار إلتزام إسرائيل بمراحل الخطة الأولية تشمل تبادل أسرى تدريجي وإعادة إعمار تحت رقابة دولية صارمة بينما تبدي حماس مرونة تكتيكية مع الحفاظ على جناحها العسكري يمكن أن نشهد استقرارا نسبيا في غزة والضفة مع فرصة لتخفيف الضغط الإنساني وفتح نافذة سياسية لتقليص الاحتقان الإقليمي.
السيناريو الثاني --التهدئة الهشة والآنفجار الجزئي .
يحدث عندما تتعثر آليات المراقبة الدولية أو تفشل التفاهمات حول نزع السلاح فيلجأ كل طرف إلى إختبارات عسكرية محدودة لإعادة فرض شروطه يزيد هذا السيناريو إحتمالات التصعيد المحلي ويهدد بتمدد النزاع إلى لبنان أو الضفة أو مناطق أخرى مع آثار اقتصادية وإنسانية جديدة .
السيناريو الثالث ---فشل التهدئة والتصعيد الكامل
في حال رفضت إسرائيل أو حماس التنازل عن شروط جوهرية أو حدثت خروقات أمنية جسيمة يتحول الصراع من هدنة مرحلية إلى دورة تصعيد جديدة هذا السيناريو سيعيد رسم موازين القوة على الأرض ويجعل الضغط الدولي مركزًا على فرض وقف نار مؤقت أكثر منه سلام مستدام، مع تداعيات عميقة على استقرار الشرق الأوسط واستمرارية جهود إعادة الإعمار.
وأوضح أنه في كل السيناريوهات يبقى العامل الحاسم هو قدرة الأطراف على إدارة التوازن بين القوة السياسية والضغط العسكري والمصالح الإقليمية والدولية، مؤكدًا أن نجاح التهدئة لن يقاس فقط بوقف إطلاق النار بل بمدى إلتزام إسرائيل وحماس بالتفاهمات وفاعلية الوسطاء الدوليين في تحويل التهديدات إلى توافق عملي يضمن الحد الأدنى من الإستقرار
وختم أبو تايه حديثه مؤكدًا أن السلام بين حماس وإسرائيل على المحك، وأن التهدئة قد تكون فرصة لتخفيف المعاناة وإعادة ترتيب الأوراق لكنها إختبار لإرادة الطرفين نجاحها أو فشلها سيحدد ما إذا كان الشرق الأوسط يشهد بداية إستقرار حقيقي أم دورة جديدة من الصراع .
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |