رم - بقلم: د. ذوقان عبيدات
مذكّرات أمين عام سابق،
وظيفة الأمين العام مهمة جدّا. وكنت أقول: لو حصلت عليها لغيرت، وطورت، وأبدعت، وأنجزت،.
وللأسف، واجهت مباشرة، ومن اليوم الأول تنمّرًا من الوزير، والإعلام ، والوسط الرياضي الذي كان يعتقد أن وزارة الشباب هي وزارة الرياضة، ولذلك كانوا يعدّون"غير الرياضيين " غزاة لا علاقة لهم بالعمل.
أعترف مجدّدًا أنني لم أشهد تعيين أمين عام بسبب كفاءته المِهنية. هذا لا يعني أنهم ليسوا أكفياء، لكنهم لم يعينوا لهذا السبب.
(١)
الوزير والأمين
في الوزارات ثقافة مؤداها، أن الوزير هو صاحب الحل والعقد،
وأن الأمين العام يقبع تحت"رحمة" أي وزير. وأن أي وزير ضعيف يستطيع التخلص من أي أمين ، وأنه لا يحب، ولا يقبل بأمين قوي!، ولذلك يناضل الأمين العام من أجل البقاء، وليس من أجل تطوير العمل!
وهذه أدلتي:
(٢)
المنافقون والعملاء
في اجتماعي الأول كوني أمينا عامّا للشباب مع مديري الوزارة، شرحت لهم سياسات الأمين العام الجديد، وطريقته في الاتصال الأفقي، والعمودي داخل الوزارة، ومع مؤسساتها الخارجية: مراكز الشباب، المدن الرياضية، الاتحادات…إلخ.
انتهى الاجتماع قبل نهاية الدوام بعشر دقائق.
وفي وقت نهاية الدوام، غادرت الوزارة، وفي طريقي تلقيت اتصالًا من الوزير يقول: أنت تحرّض المديرين ضدي!! أنت تمنعهم من الاتصال معي!! …إلخ.
وهكذا، كان الدرس الأول عن الوزير، وعملائه، ومنافقيه.
(٢)
تنازع السلطة
الوزير في الثقافة المجتمعية هو "الكل بالكل ". وأنه يمتلك خلافًا للقانون كل السلطة. وأنه الذي يتواصل مع رئيس الوزراء. وأن رئيس الوزراء لا يمتلك الوقت النفسي والمادي لبحث خلافات بين أمين، ووزير. وأن مجلس الوزراء يوافق تلقائيًا على رغبة أي وزير في التخلص من أمينه العام.
سبق أن تدخل وزير لحماية أمين عام، فقال له الوزير المعني: "هو بشتغل عندك والّا عندي؟"
وهكذا لا يعترض وزير في مجلس الوزراء على رغبات زميله.
استدعاني وزير مخضرم"ابن ناس" يعني ليس "غشيم سلطة"
وقال لي حرفيًا:
تعال عمي! الناس بسألوني مين الوزير؟ أنت والا ذوقان عبيدات؟
قلت له: أنت من حلف اليمين!
فلماذا هذه الأسئلة؟
قال: حضرتك بِ"تقيم وبتحط"
وتتصرف كوزير!!
وهكذا حصلت على الدرس الثاني
(٣)
ا*لوزير الرائع مامسر*
في أول يوم من استلامه وزيرًا للشباب، وفي الساعة الثامنة تماما، استدعاني لمكتبه، وقال بجدية بالغة:
دكتور! كل من زارني مهنئًا أمس في منزلي، قال لي: تخلّص من الأمين العام! اسمع: أنا لا أخاف منك! أنت دكتور تربية، وأنا كذلك!
أنا خبير رياضة، وأنت لست كذلك!
لن أتخذ إجراءً بحقك! إذا أردت العمل، فأهلًا وسهلًا وإلّا…..
كان هذا درسًا آخر من وزير لأمين!
طبعًا كان مامسر وزيرًا واثقًا بنفسه، ولذلك عملنا معًا دون أي
مشاكل. كان مامسر الوزير الحقيقي الوحيد الذي تعاملت معه في وزارة الشباب.
(٤)
عن أي تطوير نتحدث؟
قمت مع فريق بإعداد مشروع تنظيم الشباب في هيئة شبابية!
نشرت المشروع ، أُعجبت به جهات عليا جدًا. كُلفت بتشكيل إدارة الهيئة، أبلغت الوزير، قال:
وأنا"وين بصفّي؟"
تغيرت الوزارة، بقي الوزير، فغيًّر قفل باب مكتبي!!
كان هذا هو التغير الوحيد في عهد ذلك الوزير الأشم!
(٥)
تقاعدات بالجملة
ما أسهل ان يتقاعد أمين عام!
يكفي أن تقول لا لمخالفات قانونية أو تجاوزات يقوم بها وزير
ضعيف-قلت سابقًا معظمهم كذلك-. قام وزير بإعداد تشكيلات شاملة لتضبيط احدهم، ثم اكتشف أنه يحتاج لتنسيب الأمين العام؛ قلت له: هذا غير قانوني!! قال : لا أحتاج إلى قوانين! وكتب ذلك ووقّع!
غضب الوزير وكتب بإحالة الأمين العام إلى التقاعد. وافق مجلس الوزراء دون أن يكلف نغسه عناء فهم السبب.
ذهبت إلى المحكمة، صدر الحكم بإلغاء قرار مجلس الوزراء.
سبّب ذلك: تمت إحالة الأمين العام إلى التقاعد بسبب التزامه بالقوانين والأنظمة!
نعم! التزام الأمين العام بالقوانين سبب كاف لإحالته على التقاعد!
من مجلس وزراء يضم صاحب دولة، وأربعة وعشرين وزيرًا أقسموا على العمل بنزاهة وإخلاص !!
(٦)
ليست فضائح
ما كتبته ليس مجاراة لحملة انتقاد الإدارة الحكومية، فهو مسجّل في مذكراتي التي صدرت قبل عامين!
استفزني اجتماع الرئيس حسان مع الأمناء العامين، وتمنيت أن يفتح الرئيس حوارّا مستمرًا مع الأمناء العامين، لعلنا نشهد تعيين أول أمين عام في الأردن وفق معيار الكفاءة!
فهمت عليّ؟!!