بين الإنكار والواقع .. هل أصبح نزع سلاح "حزب الله" مسألة وقت؟


رم - جدد نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، رفضه تسليم سلاح الحزب، مشيرًا إلى أن هذا الملف شأن لبناني داخلي.

وأتت تصريحات قاسم في كلمة له ألقاها عبر شاشة في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر بضربة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية، الأربعاء.


وقال قاسم إن كل من يطالب حزبه في الوقت الراهن بتسليم سلاحه إنما "يخدم المشروع الإسرائيلي"، متهمًا الموفد الأمريكي توم براك بـ "التهويل" على لبنان.

وفي الأيام الأخيرة تصاعدت الضغوط التي تمارسها واشنطن على الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام من أجل نزع سلاح حزب الله، وسط تلويح إسرائيل -بضوء أخضر من واشنطن- باللجوء للخيار العسكري من أجل تنفيذ المهمة.

وقالت مصادر لبنانية مطلعة لـ"إرم نيوز"، إن المؤشرات ترجح عملية عسكرية إسرائيلية وشيكة مع انتهاء المهلة التي منحتها واشنطن للحكومة اللبنانية لحل الملف الشائك.

وقال قاسم في كلمته إن اتفاق وقف النار هو "حصر في جنوب نهر الليطاني، أما إذا ربط بعضهم بين السلاح والاتفاق، أقول له: السلاح شأن لبناني داخلي لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بذلك".

وكشفت وسائل إعلام في وقت سابق أن حزب الله بدأ مناقشة تقليص دوره كحزب مسلح من دون تسليم سلاحه بالكامل.

ورأى مراقبون في الخطوة، محاولة من الحزب للتوصل لحل وسط يرضي حاضنته وكذلك الأطراف التي تطالب بنزع سلاحه.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني أمين بشير أن تصريحات نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، الأخيرة لا تخرج عن السياق المعتاد لخطابات الحزب، مشيرًا إلى أن "الموقف ليس مستغربًا، بل يعكس استمرار حالة الإنكار التي يعيشها قادة الحزب، لا سيما أن نعيم قاسم يبدو كأنه خارج الجغرافيا والزمن، ومنفصل تمامًا عما يجري في لبنان، بل وحتى داخل حزبه".

وقال بشير في حديث لـ"إرم نيوز" إن رئيس مجلس النواب نبيه بري يتواصل بشكل مباشر مع المبعوث الأمريكي توم براك، وقد قام بالتوقيع على الورقة التي أُرسلت من الجانب اللبناني إلى براك والمتعلقة بـ"حصر السلاح بيد الدولة".

وأضاف أن هذه الخطوة تمثّل تحوّلًا جوهريًا في مواقف بري، الذي كان يرفض سابقًا طرح مسألة سلاح حزب الله على طاولة مجلس النواب، لكنه اليوم أدخله رسميًا إلى النقاش المؤسساتي، بل ويساهم في وضع إطار زمني لجدولة تسليمه للدولة اللبنانية.

وتحدث بشير عن الجلسة الحكومية المقبلة المقررة يوم الثلاثاء، والتي ستشهد طرحًا رسميًا لموضوع "جدولة زمنية لتسليم سلاح حزب الله إلى الدولة"، في سابقة تحدث لأول مرة.

وأشار إلى أن "الحكومة الحالية تضم ممثلًا عن حزب الله، ما يضع الحزب في موقف حرج بين التمسك بسلاحه والمشاركة في حكومة تناقش مسألة نزعه".

وحول العلاقة بين نبيه بري وحزب الله، أوضح بشير أن "ما يراه بعضهم تمايزًا بين بري والحزب ليس في حقيقته سوى توزيع أدوار، إذ إن نبيه بري هو حليف أساسي لحزب الله، وبينهما شراكة عميقة في المصالح والاستراتيجيات"، مضيفًا: "رغم ذلك، فإن ما نشهده اليوم هو بداية انزلاق حتمي نحو واقع جديد؛ لأن ملف السلاح بات على الطاولة رسميًا ولا مفر منه".

أما عن مواقف نعيم قاسم، فرأى بشير أنه "يحاول لعب دور الحنين للأمين العام للحزب حسن نصر الله، مستنهضًا جمهوره في محاولة للحفاظ على ماء الوجه أمام بيئته، رغم علمه التام أن لا قدرة للحزب على المواجهة الجدية بهذا الملف"، مشيرًا إلى أن "الجميع يعلم أن سردية المقاومة التي تبناها حزب الله قد سقطت، وأن فكرة وجود الحزب أصلًا قائمة على السلاح؛ لأن حزب الله هو تنظيم سياسي ارتدى الزي العسكري، ومن دون هذا السلاح لا يبقى للحزب أي حضور أو نفوذ يُذكر".

واعتبر بشير أن المسار الذي يسير فيه نبيه بري قد يصل إلى نقطة يتعين فيها على حزب الله اتخاذ قرار مصيري، متسائلًا: "هل سنشهد انسحاب وزراء الحزب من الحكومة؟ وهل يغير حزب الله موقفه فعلًا؟ وهل هناك تباين حقيقي مع بري أم أن الأمر لا يتعدى توزيع أدوار؟".

ولفت بشير إلى أن المرحلة المقبلة ستكشف مدى استعداد حزب الله للتعامل مع الواقع الجديد الذي يفرضه الداخل اللبناني والدفع الدولي المتزايد باتجاه استعادة الدولة لسيادتها وسلاحها، مضيفًا أن "الحزب يقف اليوم أمام أحد أصعب اختباراته الوجودية منذ تأسيسه".

من جهته، يتفق المحلل السياسي عامر ملحم أن لبنان دخل فعليًا مرحلة جديدة في التعامل مع ملف سلاح حزب الله، مشيرًا إلى أن تصريحات قادة الحزب، وعلى رأسهم نعيم قاسم، تعكس انفصالًا واضحًا عن الواقع السياسي القائم، ولم يعد يتماشى مع التوازنات اللبنانية الراهنة.

وقال ملحم لـ"إرم نيوز" إن المواقف التي يكررها مسؤولو الحزب لم تعد تلقى الصدى نفسه، حتى داخل البيئة المؤيدة لهم، موضحًا أن "اللبنانيين اليوم يعلمون أن بلادهم أمام خيارين، إما تسليم السلاح، وإما الدخول في حرب جديدة".

وأكد ملحم أن "حزب الله اليوم أمام منعطف دقيق، إما أن يواجه الموجة المتصاعدة من الضغوط بعناد قد يعزله أكثر عن مؤسسات الدولة، وإما أن ينخرط في مسار تدريجي لتسليم السلاح، وهو مسار يبدو أن بعض حلفائه بدؤوا بالسير فيه فعلًا، ما يثير تساؤلات عن حجم التماسك داخل محور الحزب ومستقبل تحالفاته السياسية".



عدد المشاهدات : (5880)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :