رم - حذّرت أكثر من مئة منظمة غير حكومية الأربعاء من خطر تفشّي "مجاعة جماعية" في قطاع غزة المدمّر من جراء الحرب المتواصلة فيه منذ أكثر من 21 شهرا، فيما أعلنت الولايات المتحدة أن المبعوث ستيف ويتكوف سيتوجّه إلى أوروبا لعقد محادثات تهدف لوضع اللمسات الأخيرة على "ممر" للمساعدات الإنسانية الى القطاع.
وتواجه إسرائيل ضغوطا دولية متزايدة بسبب الوضع الإنساني المروّع في القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمّر جراء الحرب المتواصلة من الاحتلال الإسرائيلي.
وفي نهاية أيار، خفّفت إسرائيل جزئيا الحصار الشامل الذي فرضته على القطاع مطلع آذار وأدّى إلى نقص حادّ في الغذاء والدواء وغيرها من السلع الأساسية.
والثلاثاء، أعلن مجمّع الشفاء الطبّي أنّ 21 طفلا توفّوا في غزة خلال الساعات الـ72 الماضية "بسبب سوء التغذية والمجاعة"، مع بلوغ الكارثة الإنسانية التي يعانيها سكان القطاع مستويات غير مسبوقة وتحذير الأمم المتحدة من أن "المجاعة تقرع كل الأبواب".
والأربعاء، قالت المنظمات غير الحكومية ومن بينها "أطباء بلا حدود"، و"منظمة العفو الدولية"، و"أوكسفام إنترناشونال" وفروع عديدة من منظمتي "أطباء العالم" و"كاريتاس" إنّه "مع انتشار مجاعة جماعية في قطاع غزة، يعاني زملاؤنا والأشخاص الذين نساعدهم من الهزال".
ودعت المنظمات في بيانها المشترك إلى وقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وفتح كلّ المعابر البرية للقطاع، وضمان التدفق الحرّ للمساعدات الإنسانية إليه.
ويأتي هذا البيان غداة اتّهام المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان جيش الاحتلال الإسرائيلي بقتل أكثر من ألف شخص عند نقاط توزيع المساعدات في غزة منذ نهاية أيار، غالبيتهم كانوا قرب مواقع تابعة لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي منظمة تدعمها الولايات المتحدة وإسرائيل وتمويلها غامض.
بدورها، تُحمّل "مؤسسة غزة الإنسانية" التي تديرها الولايات المتحدة بدعم إسرائيلي، حماس المسؤولية عن الوضع الإنساني في القطاع.
وتزعم سلطات الاحتلال الإسرائيلية أنها تسمح بشكل منتظم بمرور كميات كبيرة من المساعدات، لكن المنظمات غير الحكومية تندد بوجود العديد من القيود.
وقالت المنظمات الإنسانية في بيانها إنّه "خارج قطاع غزة مباشرة، في المستودعات - وحتى داخله - لا تزال أطنان من الغذاء ومياه الشرب والإمدادات الطبية ومواد الإيواء والوقود غير مستخدمة، في ظلّ عدم السماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إليها أو تسليمها".
- "سوء التغذية يتفاقم" -
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء أن الأهوال التي يشهدها قطاع غزة بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس، خصوصا على صعيد أعداد القتلى والدمار الواسع النطاق، "لا مثيل لها في التاريخ الحديث".
وقال غوتيريتش خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي "تكفي مشاهدة الرعب الذي يدور في غزة، مع مستوى من الموت والدمار لا مثيل له في التاريخ الحديث. سوء التغذية يتفاقم، والمجاعة تقرع كل الأبواب".
وفي مدينة غزة، أعلن مدير المجمع الطبيب محمد أبو سلمية، الثلاثاء، أن "21 طفلا توفوا خلال الساعات الـ72 الماضية بسبب سوء التغذية والمجاعة".
وفي مستشفى ناصر (جنوب)، أظهرت صور لوكالة فرانس برس والدين يبكيان فوق جثة ابنهما عبد الجواد الغلبان البالغ 14 عاما والذي توفي جوعا.
وفي هذا الإطار، أعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء أن المبعوث ستيف ويتكوف سيتوجّه إلى أوروبا لعقد محادثات تهدف لوضع اللمسات الأخيرة على "ممر" للمساعدات الإنسانية الى قطاع غزة.
وقال مسؤول أميركي مشترطا عدم كشف هويته إن ويتكوف سيسافر هذا الأسبوع إلى وجهة أوروبية لإجراء محادثات حول غزة.
وقالت الناطقة باسم الخارجية تامي بروس للصحافيين إن ويتكوف سيتوجّه إلى المنطقة "وأمله كبير بأن نطرح وقفا جديدا لإطلاق النار وممرا إنسانيا لدخول المساعدات، وهو أمر، في الواقع، وافق عليه الطرفان".
- لا تقدم في المفاوضات -
وبعد أكثر من 21 شهرا من الحرب، يواصل الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عمليات قصف يومية على القطاع الذي تسيطر عليه حماس منذ العام 2007.
وقالت أم رامي أبو كرش وهي نازحة في مخيم الشاطئ (شمال) الذي يؤوي آلاف النازحين "لقد فقدت زوجي، وابني مصاب وأنا جائعة وبيتي دمر".
ولم تحقق المفاوضات غير المباشرة الأخيرة بين إسرائيل وحماس بشأن التوصل إلى هدنة أي تقدم.
وتقول إسرائيل إنها تريد إطلاق سراح المحتجزين في غزة وطرد حماس من القطاع والسيطرة عليه في حين تطالب الحركة بالانسحاب الاسرائيلي من غزة وإدخال كميات كبيرة من المساعدات كبيرة وإنهاء الحرب.
وتشن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، منذ السابع من تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، أكثر من 201 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.
أ ف ب