رم - كتب الدكتور ذوقان عبيدات
لجأ عدد من الأساتذة الجامعيين إلى إعداد عريضة، تطالب بالإصلاح التعليمي في جامعاتهم، وعقد مؤتمر وطني لإنقاذ التعليم، وذلك بعد أن أعلن معالي الوزير المختص عن عدم رضاه عن اللهاث وراء التصنيفات الدولية، وقضايا البحث العلمي. وقد تزامنت العريضة مع كلام مهم جدّا عن الترقية العلمية، ومستوى أداء الباحثين، وتحكّم الإدارة الجامعية في ترقيات الأساتذة: تمنع من تشاء، وتهب لمن تشاء ألقابًا علمية رفيعة.
انتقد بعض "العرائضيين" ما قلته في أنهم يجاملون الوزير. حتى لو كان ذلك، ما الذي يمنع من مجاملة وزير إذا كان محِقّا في عريضة بل وعَراضة؟
كل التقدير للعريضة وفاعليها، وتحفظي على المبدأ فقط!
(١)
الترقية والبحث العلمي
لا يوجد أحد من ذوي الصلة بالموضوع لا يدرك ما يعانيه البحث العلمي في الجامعات، سواء أكانت أردنية، أم عربية، وربما دولية! فمن الحقائق أولًا أن بحوث الأساتذة تركز على الوصول إلى درجة الأستاذية، وهذا حق لهم بالتأكيد! أما أن يتوقف البحث بعد هذا النضج فهو أمر، أو"حدثٌ علمي صعب". أدرك المسؤولون ذلك، وفرضوا إجراء بحوث مستمرة، وإلّا فقد المدرس فرصته في الاستمرار في عمله! لم تقيَّم التجربة بعد، لكن يمكن لأي أحد الاستنتاج بأنها بحوث الضرورة غير العلمية، على طريقة: بحوث والسلام، أو بحوث دفع البلاء.! ومن الطبيعي أن نشهد خللًا نتيجة تزاحم الباحثين على البقاء!!
هناك عشرات البحوث، والتقارير في الجامعات السعودية وغيرها، تشير إلى أنهم يعانون ما نعاني فيه أردنيّا في جامعاتنا. إن مستوى البحوث، وطريقة تحكيمها، وآليات نشرها صارت من "بزنس" التعليم الجامعي: بالله "حُط اسمي معك عالبحث"! هكذا يقول عمداء لعاملين معهم!
وأذكر كتابًا في الثمانينات بعنوان: لكي لا يتحول البحث إلى مهزلة للباحث وهبة نخلة. وها نحن نشهد المهزلة بعينها.
ولذلك، فإن الشكوى من المهزلة ليست في مكانها؛ لأنها واضحة المعالم، ومكتملة الأركان منذ الثمانينات في القرن الماضي.
(٣)
لماذا الاعتراض على العرائض؟
ربما ارتبط الاعتراض بحديث معالي الوزير، الذي رأى فيه الناس شكوى يحق للمواطن أن يرفع صوته بها، ولا يحق للمسؤول. ولذلك بدت العريضة وكأنها عراضة دعم لمعالي الوزير! وهناك من يقول: ما قيمة عريضة يوقعها مائة ولا يوقعها عشرات الآلاف؟. فأسلوب العرائض يستخدمه مظلومون لا مصلحون! المصلحون لا يشكوْن، بل يقدمون برامج، وفلسفات إصلاحية.
وصلتني بعض انتقادات لما قلته في أن العريضة مجاملة لمعالي الوزير، يمكنني الاعتذار عن كلمة مجاملة، مع أن العريضة تكون أقوى لو جاءت قبل كلام الوزير لا بعده مباشرة!
(4)
مؤتمر إنقاذ التعليم!
تطالب العريضة بمؤتمر إنقاذ التعليم، تذكرت حين طالبنا بمركز وطني للمناهج بعيدًا عن وزارة التربية، وإذ بنا بعد خمس سنوات نرى مركزًا كل ما فيه، وكل من فيه هو من وزارة التربية والتعليم، وبهيمنة تامة من الوزارة، وثقافتها. ولذلك أقول ما نحتاج إليه هو قرار رسمي بالقضاء على فساد الإدارة بكل مستوياتها، بدءًا من التوريث، والتدوير، والمحاصصة، والعشائرية، والمناطقية، وغيرها.
التعليم جزء من الإدارة، لا يمكن إصلاحه من دون إصلاح الإدارة، والأخلاق المهنية الأردنية! لذلك نحتاج ألف عريضة وألف عراضة لإنقاذ ما يجدر إنقاذه، وليس مجرد التعليم.
(5)
أين نحن؟
هناك من يقول: ربما كانت كل الأصوات لأغراض غير إصلاحية، وهذا معروف في نوايا أي قرار أردني على طريقة: "بوَرْجيهم"، وربما كان تصريح معاليه بنوايا طيبة، لا أدري، لكن التصريح الجيد للمسؤول لا يكون بشكوى!!
لم أسمع حتى الآن أي كلمة عن إصلاح البحث العلمي، وترقيات الأساتذة. وأتفهّم جيدًا ما يقوله "بني سلامة" من أن مجالس التعليم تهب لمن تشاء ألقابًا، وتهب لمن تشاء أتعابا!
طالما شكوت أنا من مجالس "الكمش" ألسنا نحن من عيّن المجالس، بل ومن انتخب بعضها؟
فهمت عليّ؟!!