رم - فداء الحمزاوي - المسرح الحر
على خشبة عارية إلا من شجرة وحيدة خالية من الأوراق، يفتح المخرج حسام حازم نافذته على العبث الإنساني في عرضه “محاولة إخراج ممثلين حمقى” عرض يشتبك مع فكرة الضياع الوجودي والبحث المحموم عن الخلاص.
شابان يبدوان كظلّيْن تائهين، بقمصان بيضاء وبناطيل داكنة وشيّالات بسيطة، أحدهما يسير بلا وجهة والآخر يقتلع حذاءه الموجع بلا جدوى، يتحاوران، يبدلان الأدوار، لكن الألم لا يزول، كل شيء يبدو وكأنه يعيد نفسه في دائرة مغلقة من السؤال واللاجواب.
الشجرة الرمز الوحيد في المكان يظنانها إشارة اللقاء، ليفاجئهما صديقهما الثالث، ظلٌ أم سراب؟ أم وهم وجودي آخر؟ يطاردانه بالسؤال: هل رأيناه فعلاً، أم أن الأموات يرون الأموات؟
الأسئلة لا تنتهي، لا تلد إلا الشك، ولا تقود إلا إلى مزيد من الحيرة، الأشجار تتكاثر فجأة كما تتكاثر الأوهام، والشاب الغريب يمر، يراقب، ويختفي، وكأن المكان يتنفس عبثه الخاص. الأحذية تتكدس، في محاولة عبثية للتخلص من الألم، ولكن لا مخرج، لا حل.
يتحول المكان إلى ساحة عبثية تُعاد فيها المشاهد وتُستهلك الحوارات، الشجار يتفاقم، ويظهر الصديق الثالث ليكون ضحية أخرى كان ربما خلاصهم، لكنهم يقتلونه بأيديهم، كما يقتل الإنسان خلاصه حين يقيده بالخوف والشك والأسئلة العقيمة.
وفي لحظة شبه ميتافيزيقية، يدرك أحدهما أنهما مجرد شخصيتين عالقتين في نص لا يملك لحظة النهاية، يدخلان، ينتظران، يتشاجران ولكن، متى يخرجان؟ لا أحد كتب ذلك.
المخرج حسام حازم، عبر رؤية بصرية مقتصدة ولكن محملة بالرموز، وبتكثيف مشهدي يذكرنا بمسرح العبث الوجودي، وضع أبطاله بل الإنسان نفسه أمام محكمة أسئلته العقيمة، حيث يدور في دائرة مفرغة من التكرار والانتظار، ويُعاقب ذاته بالخوف واللايقين، في مسرحية كتب فيها كل شيء إلا المخرج.
العرض قُدم ضمن المسار الشبابي في مهرجان ليالي المسرح الحر الـ20، من تأليف أحمد إسماعيل، وسينوغرافيا معتز كرامة، وتمثيل معتصم سميرات، عبدالله خليل، يوسف الشوابكة، وبمشاركة الأخير كمساعد مخرج، مع إدارة خشبة لـ منى الرفوع و أحمد القيسي، وإدارة إنتاج أحمد عياش.