رم - في الوقت الذي يُقتطع فيه من رواتب الموظفين والعاملين مبالغ شهرية للتأمين الصحي، نجد أن عددًا كبيرًا من الأطباء "وبالأخص المعروفين وذوي السمعة المهنية الرفيعة" يرفضون التعامل مع التأمين، ويطالبون المرضى بالدفع النقدي المباشر، دون اعتبار لوضعهم المعيشي أو حقهم في الاستفادة من تغطيتهم التأمينية.
هذا الواقع القاسي يطرح تساؤلات مشروعة:
ما فائدة التأمين إن كان الأطباء يرفضونه؟
لماذا يُجبر المواطن على الدفع لشركة تأمين، ثم يُجبر مرة أخرى على الدفع للطبيب؟
من المسؤول عن هذا الخلل؟ الأطباء؟ أم شركات التأمين؟ أم الجهات الرقابية الغائبة عن المشهد؟
إن كان بعض الأطباء يرفضون التأمين بسبب تأخر شركات التأمين بالدفع، فعلى الجهات الرسمية، ممثلة بـوزارة الصحة، ووزارة الصناعة والتجارة، والبنك المركزي الأردني/إدارة التأمين، التدخل لضبط هذا القطاع، وإجبار شركات التأمين على دفع مستحقاتها في نهاية كل شهر دون مماطلة.
وإن كانت الحجة لدى بعض الأطباء هي ضريبة الدخل، فذلك لا يبرر التهرب، ولا يجوز تحميل المواطن ثمن خلل في علاقة الطبيب مع الدولة. فالتهرب الضريبي لا يُعالج بإلغاء حقوق المريض المؤمن عليه.
نطالب بوضع ضوابط واضحة وعادلة:
إلزام الأطباء المرخصين بقبول التأمين المعتمد، أسوة بما هو معمول به في أنظمة دولية محترمة.
وضع سقف زمني للدفعات المستحقة من شركات التأمين للأطباء والمستشفيات.
نشر قوائم شفافة بالأطباء الذين يلتزمون بنظام التأمين، وتوعية المواطنين بحقوقهم.
نحن لا نتحدث عن رفاهية، بل عن حاجة أساسية، وكرامة مريض، وعدالة غائبة في منظومة صحية يجب أن تكون متوازنة ومسؤولة.
المواطن الأردني المؤمن عليه يستحق خدمة محترمة.
وما يجري اليوم هو استهتار مزدوج من بعض الأطباء وشركات التأمين، على حساب من يدفع الثمن مرتين… صحياً ومالياً.
مع خالص الاحترام
د. طـارق سـامي خـوري