رم - خاص
صباح الخير دولة الرئيس، ما أجمل الفنجان حين يُشرب في لحظة صدق… وما أصعبه حين تكتشف أن طاقم الحكومة صار مثل جلسة عائلية مكررة، نفس الوجوه، نفس القصص، ونفس النهاية.
خليني أكون معك على المكشوف… البلد مش ناقصة والناس؟ صار عندهم فوبيا من كلمة “تعديل"، لأنهم عارفين إنه في أحسن الأحوال بنغيّر القالب… بس بنخبز نفس العجين.
يعني خذ عندك مثلاً:
وزارة العمل
الوزارة اللي اسمها “العمل”… بس شغلها بيعتمد على “اللا عمل” آلاف الخريجين قاعدين، والقطاع الخاص بيدور على عمال، والوزارة واقفة بالنص، تتفرّج على الاثنين وكأنها وسيط أدبي، مش جهة تنفيذ.
بدنا وزير جرب البطالة، أو على الأقل سمع عنها من غير ورق رسمي.
وزارة التعليم العالي:
صار بدها وزير يدافع عن سمعة الجامعات والتعليم الأردني مش يجلده، يشرحلنا ليش الخريج الأردني حافظ نظريات بس ناسي الحياة.
مش غلط نجيب أكاديمي فاهم الحياة، مش فاهم بس المعدل التراكمي.
وزارة التربية والتعليم
التوجيهي تحوّل لحقل تجارب، الطالب مش عارف يدرس ولا يتأمّل، والمعلم عالق بين منهج وقرار مفاجئ، ويا ريت المشكلة بس بالتوجيهي، الصفوف الأولى كلها مؤنّثة، والمدارس البعيدة لا فيها ذكر ولا أنثى، فيها طاولات فاضية، ونوافذ مفتوحة على فراغ الوزارة.
بدنا وزير سامع صوت الميدان، مش صوت ملف البعثات.
وزارة الاقتصاد الرقمي
شكلها رقمي، بس شغلها ورقي...
كل ما نحكي ذكاء اصطناعي، بطلع الوزير يحكي عن تطبيق دفع إلكتروني من أيام نوكيا.
بدنا واحد فاهم Tech مش Tech Vocabulary.
وزارة الإعلام
سؤال بسيط: من هو وزير الإعلام؟
لا إحنا عرفناه، ولا هو عرفنا.
الوزارة بتحكي لغة “صكوك البراءة”،
وكل تصريح بيبلش بـ “نؤكد أننا…” وبيخلص بـ “ولا صحة لما يُشاع".
بدنا إعلام يُشبه الشارع… مش نشرة أخبار الساعة 9 من عام 1998.
وزارة الثقافة
كأنها موجودة فقط لنشر بوسترات وافتتاح فعاليات، ما بنحكي نجيب نزار قباني وزيراً، بس على الأقل بدنا مثقف يشعر إن الثقافة مسؤولية مش ديكور.
بدنا وزير يقرأ… مش يقرأ علينا.
وزارة التنمية الاجتماعية
الفقير بعيش، لكن تحت خط الملاحظة، الوزارة مشكورة، بس بتتعامل مع الفقر كحالة “إغاثية” مش قضية هيكلية.
بدنا مسؤول ينزل على قرى الطفيلة، على سحاب، على غور المزرعة، مش يزور "أُسراً محتاجة" مصنفة سابقًا ومجهزة بالكراسي والكاميرات.
بدنا وزارة تعيد بناء المجتمع من تحت، مش تعلّق عليه لافتة تضامن.
وزارة النقل
الناس صارت تتنقل بتطبيقات أكثر من تنقل الوزارة، الباص السريع أسرع شيء اسمه… وأبطأ شيء حركته، والتكسي بينافس على جائزة أفضل مسلسل درامي في العداد.
بدنا وزارة تفكر بالمواطن الماشي… مش بس سيارات الوزراء.
وزارة البيئة
الوزارة الوحيدة اللي بتحب "الهواء الطلق"،
لدرجة إنها مش موجودة بأي نقاش جدي عن مصانع أو نفايات أو دخان، عنا بيئة بتستنجد… ووزارة بتتأنق.
بدنا وزير مش بس يحضر يوم الشجرة… بدنا وزير يزرع سياسة خضرا.
وزارة الزراعة
يا دولة الرئيس… عنا أرض، وعنا مزارعين، وعنا شمس 300 يوم بالسنة، بس الوزارة شغالة كأنها دائرة ترخيص مبيدات.
مزارع بيبيع تحت الكلفة، وتاجر بيصدر رماننا على أنه “منتج دولي".
بدنا وزارة تزرع الثقة بين المزارع والدولة… مش تزرع توقيع على ورقة دعم.
وزارة المياه والري
هاي الوزارة زي المي… مش مبينة، بس وجودها أساسي، الفرق إن المي بتنقط، والوزارة ساكتة.
كل صيف بنسمع "خطة طوارئ للمياه"… وكأن الصيف مفاجأة موسمية، والمزارع صار يسقي أرضه من دمعه.
والمصادر البديلة رايحة بالفاقد.
وزارة الطاقة والثروة المعدنية
دولة الرئيس،
كل ما يسأل مواطن عن الفاتورة… بيحكوله: "فيه بند فرق أسعار الوقود"، يعني إحنا بندفع فرق… بس ما بنعرف الفرق!
المواطن بيقطع… والمسؤول؟ موصول بـ UPS على أعلى مستوى.
بدنا وزير فاهم إن الطاقة مش بس أرقام… الطاقة هي إحساس الناس بالعدالة.
بدنا وزير حافظ خريطة الأردن المائية، مش حافظ رد جاهز عن الهدر.
وزارات مقترحة… من وحي الحاجة
وزير دولة لشؤون الكاريزما
يدرب الوزراء كيف يحكوا… من دون ما يزعجونا.
وكيف يبتسموا… من غير ما يحسسونا إنهم جايين من فيلم وثائقي.
وزارة قبل النشرة
تراجع كل تصريح رح يطلع للرأي العام،
وتتأكد إنه ما رح يجلط حدا أو يفتح النار على الحكومة.
يعني تصريح زي: "ما في رفع أسعار"... يروح على الطاولة الحمراء مباشرة.
وزارة شؤون المواطن غير المحسوب
للي مش نسيب حدا، ولا صهر سفير، ولا تابع لحزب ظل،
بس ببساطة: مواطن… عم يحاول يكمّل حياته من دون إذن دخول.
خلاصة الفنجان:
دولة الرئيس، التعديل مش مهمة تجميلية
التعديل مش "وجوه جديدة" بملفات قديمة.
والتعديل مش مجرد “ترتيب سياسي”… هو امتحان لثقة الناس.
الشارع ما عاد يستحمل يفتح الخبر… ويشوف أسماء تكررّت، ومشاريع تآكلت، ووزراء محسوبين على جهات أكثر من ما هم محسوبين على الأردن.
نحكيها بكل هدوء:
بدنا تعديل ما نخجل نقول لأولادنا: هذا الفريق يمثلنا.
وإذا كان الفنجان اليوم مرّ… فمشان ما يكون الغد أمرّ.
وقفة عند "الدوار الرابع"
دولة الرئيس،
الرابع بطل دوّار… صار حلقة مفرغة، الوجوه بتلف، والمناصب بتدور، والناس واقفة بتتفرّج من الرصيف، كل تعديل جديد بيفتح الباب…
بس على نفس الصالون، بنفس الأرائك، بنفس القهوة الباردة، والشعب؟ صار حافظ الطريق… بس ناسي ليش بيمرّ من هناك.