لمصلحة من الاستقواء على الدولة ونكرانِ مواقفها؟


رم - تواصلُ المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، مسيرة البناء والعمل والإنتاج والتقدم، وبكل ما أوتيت من قوة وعزم ومعرفة لتحقيق الأهداف والطموحات النبيلة في اطار من التشاور والمشاركة في تحمل المسؤولية ووضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح والاعتبارات، وبالارتكاز على الثوابت الوطنية القائمة على الإيمان بالله والإخلاص للوطن واحترام الدستور وحماية المسيرة الديمقراطية وتعميق جذورها واستكمال بناء دولة المؤسسات والقانون والعمل على تحقيق النهضة والوفاء لرسالة الثورة العربية الكبرى في الحرية?والوحدة والعدالة الاجتماعية.

ونحنُ نؤمن أننا في الأردن أسرة واحدة يتساوى أفرادها في جميع الحقوق والواجبات بغض النظر عن الأصول والمنابت، ونؤمن أيضًا أن الانتماء الحقيقي الصادق للأردن وترجمة هذا الانتماء إلى عمل وأداء للواجبات، هو مقياس المواطنة الصالحة، وإن كل من يحاول إثارة النعرات أو العبث بالنسيج الوطني إنما يسعى –بكل أسف- إلى زعزعة الأمن أو الإضرار بسمعة الوطن وصورته، ومن هنا فإن الواجب يدعونا إلى توحيد جميع الجهود في صفٍّ واحدٍ متراصٍ للحفاظ لحماية أمن الوطن وصيانة استقراره وصياغة مستقبله المشرق بعون الله، فالجبهة الداخلية المتماس?ة التي تسود بين أفرادها روح المحبة والفريق الواحد، هي وحدها التي تصون الأردن وتعزز تطوره وازدهاره لكي يبقى كما كان على الدوام، يجتاز كل الشدائد والمحن، ويحقق الإنجازات العظيمة بأقل الموارد والإمكانيات.

لقد كانت الديمقراطية نهجَ حياة ارتضته الدولة لنفسها ولم تحدْ عنه أبدًا، مهما كانت الصعوبات والتحديات، إذ أنها تمثل الركيزة والأرضية الراسخة لبناء أردن عزيز قويّ بمجموع طاقات شعبه وقدراته، وحتى نتمكن من الحفاظ على مسيرتنا الديمقراطية وفتح الآفاق أمامها حتى تنمو وتزدهر، وعليه فإنه لا بد لنا من ممارسة هذا النهج الديمقراطي بروح عالية من الشعور بالمسؤولية، وبفهم عميق لمعنى الحرية، فالحرية لا تعني أبداً الاعتداء على حريات الآخرين، أفراداً أو جماعات أو مؤسسات أو دولة، وليس هناك حرية دون ضوابط قانونية وأخلاقية وسل?كية، تنبع من قيم المجتمع ومن تراثه وثقافته، وأما الاختلاف في الرأي والاجتهاد في الفهم فتلك أمور مشروعة ومطلوبة ما دامت لا تتعارض مع الدستور، وما دامت لا تفضي إلى فتنة أو إلى تمزيق نسيج الوحدة الوطنية، ولا تؤدي إلى زعزعة الأمن أو الإضرار بسمعة الوطن وصورته، ولا تؤثر على أوضاعه الاقتصادية من خلال خلق أجواء البلبلة والتشويش.

نسوق ذلك في جُملة ما يتعرض له الوطن وعلى يدي بعض الجهات الداخلية من الفئات القليلة والحمد لله، من محاولات اعتدنا عليها حين يظهر علينا أصحابها كلما استحكمت الأزمات وزادت التحديات، فيبدأون بتوجيه سهام نقدهم وإساءاتهم الممنهجة لتجريح الدولة والنيل والتشكيك في مواقفها الرسمية والشعبية والظاهرة لكل من هو جاد ينظرُ إلى الأمور بمقياس المنطق والواقع، ولعلّ ذلك بات يظهرُ جليًّا ويتأهب له كل من له أجندات خاصة ليتصور أنه بإمكانه الاستقواء على الدولة أو التأثير على وحدة أبنائها وتماسكهم، كما هو الحال في هذه الآونة الت? يقف فيها الجميع خلف قيادة جلالة الملك ويباركون ويؤيدون مواقفه الجريئة والشجاعة وصوته المسموع والمُقدّر وسعيه الحثيث في سبيل إيقاف الحرب الأسوأ في التاريخ الحديث التي تتعرض لها غزة منذ أكثر من أربعة شهور وزيادة.

إنّ أحدًا أيّا كان، لا يمكنه التقليل من مكانة الأردن الذي كان على الدوام وسيبقى جزءًا فاعلًا من أمته العربية، ورافدًا أساسيًا من روافد العمل العربي، ويسعى باستمرار لتحقيق الوفاق والاتفاق، وقيام علاقات من التعاون البناء بين جميع الدول الشقيقة، وتجاوز جميع أسباب الخلاف والاختلاف، انطلاقاً من وحدة الهدف والمصير المشترك، وعندما يكون الحديث عن فلسطين وقضيتها المركزية بالنسبة للأردن، فإن الشواهد وتطورات الأحداث تثبتُ وتؤكد أن المملكة الأردنية الهاشمية قدمت على الدوام للأشقاء الفلسطينيين الدعم السياسي والإنساني ا?كبير وعلى قاعدة وقناعة من الأخوّة والمصير الواحد وكان للأردن الدور البارز في القضية الفلسطينية منذ نشأتها وحتى اليوم بكل طاقاته وإمكاناته، وأنه اليوم وبقيادة الملك عبدالله الثاني مستمر في دعم الأشقاء بمختلف الوسائل والسبل بهدف وصول الشعب الفلسطيني إلى حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني على حدود الرابع من حزيران (1967) وعاصمتها القدس الشرقية.

إن المتتبع للتحركات السياسية والدبلوماسية والإنسانية المكثفة التي قام بها جلالة الملك منذ بدأت الحرب على غزة في السابع من تشرين الأول من العام الماضي، يدرك بما لا مجال للريبة فيه، أن الأردن قد بذل جهودًا مضنية لدى المحافل العربية والإقليمية والدولية، وطاف جلالة الملك أرجاء المعمورة والتقى واستقبل قادة دول وقيادات فكرية وسياسية ودينية وإعلامية، ولم يتوقف للحظة عن مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الإنسانية والأخلاقية واتخاذ مواقف حاسمة وحازمة لوقف الحرب التي حصدت أكثر من مائة ألف فلسطيني ما بين شهيد ومص?ب ومعظمهم من النساء والشيوخ والأطفال، وفي مجمل تحركات جلالته كان جهده ينصب على التأكيدُ على حماية المدنيين من كافة أشكال وخطوات التهجيرِ القسري للفلسطينيين من أراضيهم أو القيام بإجراءات تجبرهم على النزوح، وكذلك عدم استهداف البُنى التحتية للمدنيين في غزة، والحرمان المتعمّد للسكّان من الغذاء، والمياه، والكهرباء، والوقود، ووسائل الاتصال، كما أن جلالة الملك هو القائد العربي الوحيد الذي ذكّر المجتمع الدولي والعالم بقواعد الاشتباك في الإسلام التي تُحرم قتل النساء والأطفال والشيوخ، وترفض الاعتداء على المساجد والك?ائس والمستشفيات ومراكز الإيواء، وأن النبي الهاشمي محمد هو من أوصى جُنده بألا يقطع أي منهم جذع شجرةٍ على قارعة الطريقِ.

نتحدث بلسان الواثق وننظر بعين الفخر والكبرياء إلى مواقف الأردن من الحرب على غزة، ولا يمكن في هذا الصدد القفز عن الجهود الإنسانية التي أكدت أننا في هذا الحمى العربي الأصيل كنا وما زلنا الأقرب إلى الشعب الفلسطيني الشقيق، وإن الدم الأردني قد اختلط بالدم الفلسطيني، ومن منا ينكر حجم المساعدات التي قدمتها – على سبيل الذكر- المستشفيات الميدانية العاملة في قطاع غزة رغم ما تعرضت له طواقمها من محاولات الاعتداء عليها، إلا أن رغبة جلالة الملك كانت بالإبقاء عليها فضلًا عن توجيهاته السامية بتجهيز مستشفى ثانٍ تولى سمو ول? العهد الإشراف عليه بنفسه، ثم شاهد العالم أجمع جلالته وهو يشارك بزيٍّ عسكريٍ على متنِ طائرة عسكرية في أحد الإنزالات الجوية لتقديم المساعدات والإمداداتِ الطبيةِ العاجلة إلى تلك المستشفيات، ثم وبعد ذلك يخرج علينا من ينعق بفتنة وظلالة ليقول ماذا قدم الأردن؟ وفريق آخر من يتقول افتراءً وكذبا ويدعي من وحي خياله ويتحدث عن جسر بري تارة وبحري أو جوي تارة أخرى.

إن مسيرة الوطن تحتاج إلى جهد مخلص، وعمل دؤوب، وعزيمة ماضية، وتعاون مثمر، بين أبناء أسرتنا الأردنية الواحدة، لنبني جميعًا مستقبل الأجيال، في وطن آمن مستقر ومزدهر بإذن الله، وكل ذلك يتطلب التوقف عما يسعى البعض إلى إثارته بين الحين والآخر، فالأردن كان وما زال وسيبقى مع فلسطين الأرض والقضية، وكل من يقول غير ذلك فهو واهمٌ وحاقدٌ وجاحدٌ. الراي



عدد المشاهدات : (6802)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :