إضراب فرنسا


رم -

فارس الحباشنة

إضراب فرنسا، المحتجون عمال ومنتمون للطبقة الوسطى، وأكثر ما يتكرر من أسئلة على هامش إضراب « السترات الصفر» الذي دخل أسبوعه الثالث عن العنف المتولد عن احتجاجات اجتماعية ومعيشية مطلبية.


العنف لربما ليس بمعنى الاعتداء وحده، بل تعطيل حركة المواطنين، وقطع الطرقات واقامة حواجز والخروج عن القانون والدولة، ويقابلها مفهوم الاحتجاج السلمي وحق التعبير عن الرأي وحق التظاهر والالتزام بالقانون وغيرها.


ثوار « السترات الصفر» شكلوا مشهدا جديدا ولافتا في السياسة الفرنسية، وبلا شك أنهم نجحوا باختطاف قاعدة جماهيرية عامة من مؤيدي ومناصري الاضراب، حالة من التسامح مع عنف المحتجين كما ذكرت استطلاعات رأي عام نشرتها صحف فرنسية.


عنف احتجاجي جماهيري غير مسبوق باوروبا، وحتى في ثورة الطلاب في 68 بفرنسا التي وصلت أصداؤها الى ارجاء العالم، وتزامنت مع ولادة تيار الوعي بالفكر والثقافة غير من نظرته الى الدولة والسلطة والمجتمع والدين والهوية والأخر واسئلة متعلقة بالاخلاق والحب وغيرهما.


ثورة طلابية اندلعت وسط تفاؤل بان العلم والمعرفة ستقود الانسانية الى الرفاهية والتقدم والسعادة، عقلية الستينيات، وكان المجال العام أنذاك مشبعا برغبة البحث عن المتع والتغيير من خارج الأطر التقليدية، وتحرير أفق التفكير من سلطان التقاليد القديمة، هكذا كان حب الحياة والإيمان بأنه لا حرية سياسية دون حرية شخصية تحرك الجيل المتمرد إلى تكسير كل التابوهات وخلق عالم جديد.


محتجو» السترات الصفر» لربما من المبكر تقييم المعني الثوري والسياسي لحركتهم الاحتجاجية الجماهيرية.والسؤال عن الاحتجاج والعنف والعنف المضاعف ينسحب على حراكات شعبية عابرة للعالم، وتحديدا في البلدان التي ما زالت تموج تحت الاحتجاج الشعبي والجماهيري المنظور والمتقطع.


الرابط بين الاحتجاج والعنف أوروبيا ليس اعتباطيا، فالعمال في اروبا الصناعية الغربية حققوا مكاسب كبرى، وقدموا نماذج نقابية واتحادات وروابط استوحي العالم منها فكرة الاحتجاج والتنظيم وقيم التظاهر والاحتجاج المطلبي، وعمال المناجم والسكك الحديدية والطاقة والموانىء ضربوا في التاريخ الاوروبي المعاصر نماذج للاحتجاج لا نظير لها،وحققوا مكاسب اجتماعية واقتصادية وسياسية، وما زال مفعولها تنعم به الطبقة العاملة.


الاحتجاج الفرنسي ليس يساريا من قريب أو بعيد، وأكثر ما يسيطر على الحركات الاحتجاجية في اوروبا» اليمين الشعبوي « والذي خطابه السياسي يشابه خطاب اليسار الاوروبي بعد الحرب العالمية الثانية في نقد الدولة والديمقراطية والمؤسسة والسلطة.


من زوايا متناظرة فان ما يطرح في الغرب من نقاشات سياسية، يوسع السؤال عن مكان الجنوب والعالم العربي من التغيرات السياسية الكبرى التي تصيب العالم، ومع ترامب وغيره وما يجري من حروب اقتصادية وتجارية واستراتيجيات وتحالفات جديدة.


اليمين الشعبوي في أوروبا يطرح حلولا لأزمته الاقتصادية والمعيشية، ولربما أنهم استشعروا مبكرا مخاطر الازمة الاقتصادية المتفاقمة وما تواجهه طبقات اجتماعية من إفقار أكثر قسوة والحاجة الى التغيير حتى الالحاح الشعبي؛ وهذا ما هو متعطل وغائب في تفكير السياسة العربية في مقاربة الاشكاليات ذاتها والبحث عن حلول ناجعة.




عدد المشاهدات : (3355)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :