سلام عليك يا ابا هاجم وبدون القاب
ليس سهلا ان تكتب عن انسان قريب وله في القلب مكانة , ليس سهلا ان تكتب عن اب واخ وقائد ومناضل ولكن الوفاء اقوى من دمع العين وتدفق الدموع الحارة واقوى من صمت لا يفيد ولا يعطي الرجل حقه , سلام عليك حين كنت تحاور بهدوء وسلام عليك حين كنت تغضب وتثور , من الصعب ان نتأقلم عقود وعقود مرت ونحن ننظر اليك كقدوة ورمز للعطاء والمحبة , كنت كالبحر لا ينضب ماءه مهما اخذ منه ومهما اعطى , نعم لقد كان فقدك وغيابك بعيدا عن البرمجة رحلت فجأة من حياة كل من احبك حتى باسم الصغير ابن حفيدك دريد سيجد صعوبة في فهم غيابك فحضورك كان حضورا لا يغطيه ولا يعوضه اي حضور .
سلام عليك حين كنت في المدرسة من المبدعين وحين كنت في الكلية العسكرية من هؤلاء الذين لا يمكن ان ينسوا لسمو اخلاقهم وذكاء خارق وعلم لا يجاريه احد , سلام عليك وانت ضابط في الجيش العربي احبك كل من عرفك , نعم كنت صارما حين كانت الصرامة واجبة ولينا حين كان اللين اصلاحا , سلام عليك وانت تتنقل في ربوع الاردن بين وحدة عسكرية واخرى , نعم كان الجميع متفق انك للنزاهة عنوان وللعطاء مثال , وقد عشقت الجيش العربي ولكن حين نادى المنادي حي على الجهاد من اجل فلسطين بطريقة الثوار الاحرار , قررت ان تسلك الطريق ووجدت في حركة فتح وقوات العاصفة الامل للوصول الى فلسطين الحبيبة , نعم عرفتك قوات اليرموك فردا فردا حين كنت قائدا للامن العسكري ولما دعا الواجب والفداء ونادت القيادة من يتقن الاداء حملت هم قوات الكرامة كطليعة من طلائع قوات العاصفة واصبحت لقوات الكرامة قائدا ولواء , نعم لقد كانت كتيبة نسور العرقوب كتيبة من كتائبك المقاتلة , كنت تقود المعارك من الامام وشهدنا ذلك واستذكر ما قاله لي الاخ ابو موسى رحمه الله في تونس بعد خروجنا من بيروت قبل ان يحدث الشرخ ابو هاجم قائد عسكري لا يعرف الخوف فالموت والحياة عنده سيان خلال المعركة واضاف كان يقف في مقدمة الصفوف موجها وقائدا , سيذكرك العرقوب وتستذكرك بحيرة القرعون حين انزلت اول دبابة برمائية للخدمة في قوات العاصفة وعندها قال ابو عمار رحمه الله , يجب ان نسجد لله شاكرين فالعاصفة اصبحت بفضل الله قوة فيها دبابات برمائية وكنا في البداية مجموعات قتالية تتنقل من هنا الى هناك , نعم كنت رفيق درب لهؤلاء الكبار ابو عمار وابو جهاد وابو الوليد سعد صايل , كان الخال ابو الزعيم ليس شقيقا واخا بل كان خبزا يوميا لا بد ان تراه او تذكره , نعم كان ابو الزعيم هو الاقرب الى وجدانك دوما حتى في عمرتك الاخيرة كنت تذكره وتحدثني وتستذكر الاحداث .
اما طرابلس فكنت لواءا في الحق دفاعا عن القرار الفلسطيني المستقل حتى لا يكون اسيرا لاحد وبعدها كنت لقوات الاقصى قائدا في بغداد , وكنت تنظر دوما الى القيادة العراقية بنظرة احترام ومحبة وكانوا يبادلونك نفس المودة والاحترام , وكنت عضوا في المجلس الثوري لفتح والمجلس العسكري الاعلى الفلسطيني والمجلس الوطني الفلسطيني وصاحب وجهة نظر , لم تكن تساوم على موقف ابدا , كانت فتح في قلبك تعيش وكانت العاصفة الامل في التحرير .
ايها القائد الراحل للقاء ربه , ساشعر بفراغ كبير لا يغطيه غيرك كنت اتحدث معك لساعات عما يجري , كنت تنصحني وتنير لي الطريق , نعم كنت اجد فيك الاخ والقائد والرفيق , كنت الجأ اليك كلما ادلهم الخطب وضاقت الدنيا امام ناظري وكنت تهون الصعب وتذلل كل ما يمكن تذليله , سافتقد كلماتك حين كنت تقول لي لا تجهد نفسك كثيرا ولا تتعبها فالتغير قادم ولكنه بطيء .
الخال العزيز نعم اجد صعوبة في الكتابة عن انسان عاش معنا وعشنا معه عقود وعقود سيفتقدك دريد حين كان لك اول حفيد وسيفتقدك كل احفادك فقد كنت معهم جميعا ولهم ولكل واحد منهم قصة ومسمى , ستذكرك د كوكب وهي ابنتك الكبرى والتي احبتك حبا ليس قبله ولا بعده كنت بالنسبة اليها ألاب والاخ والقدوة والمثال وكانت لا تطمح لاكثر من ان تكون عنها راض , سيذكرك هاجم وهو الاخ الذي عشنا واياه اخوة بل اقسمنا عن الاخوة ان لا نحيد , وستذكرك اريج وسوسن وكوثر ورضا وهدى وامل وغادة وسيذكرك دريد ولانا ومحمد وكل احفادك ولن اذكر الاسماء حتى لا اغفل اسما فاعاتب ونفسي لا أسامح , نعم نم قرير العين سنبقى جميعا كما كنت تحب ان نكون , لن انسى حديثك لي حين كنت تقول لي اتصل مع والدتك واخواتك , رحم الله امي حين كانت تزورك وتقول ان في لقاءك راحة للنفس وكانت مع ام هاجم تتحدثان عن كل شيء وتذكر الواحدة الاخرى بما نسيت , نعم الوفاء ليس كلمة تقال على قارعة الطريق , الوفاء رسالة وممارسة يومية وذكريات لا تنسى .
ايها الغائب الحاضر نم قرير العين لقد قرأت الصبايا كتاب الله على روحك بل لقد ختمن المصحف اكثر من عشر مرات اهداءا لروحك الطاهرة , هناك اناس يجيدون فن الرثاء ولكني طبيب لا اجيد فن الرثاء ولكني اكتب كلمات من القلب نابعة لانسان وقائد احببناه جميعا وبعد اليوم عز اللقاء سنزور قبرك ونقرأ عليه فاتحة الكتاب , وسنترحم عليك حين نترحم على الاباء والامهات فقد كنت ابا للجميع , ولا أدري هل اعزي نفسي ام اعزي البنات ام أعزي اخي هاجم ام اعزي الخال ابو الزعيم والذي قال ما اعتبرت بوفاة احد كما اعتبرت بوفاة اخي ابوهاجم , نعم هل اعزي اخي حازم وماجد وناصر نعم من اعزي ومن يعزيني , فكلنا بفقدناك نعزى , ام نعزي فلسطين التي احببت ومن اجلها قاتلت , نعم لقد أحببت فلسطين وقدسها واقصاها و وختمت حياتك بزيارة بيت الله الحرام لنكون شهودا عند الرحمن انك ابليت احسن البلاء في طاعة الله , واجد صعوبة في انهاء الحديث عنك فانت الميت الحي بذكراك العطرة , نعم لن ننساك ولكن ليس لنا ان نقول الا ما قاله نبينا العظيم عليه واله افضل الصلاة واعم التسليم انا على فراقك لمحزونون وانك في القلوب والنفوس ستبقى حيا وسنعلم الاجيال ان تذكرك حين يحين وقت التحرير ليذكروا انك كنت واثقا ان راية النصر سترفع فوق القدس وبيت سوريك وبيت اكسا وبيت شنا ويافا وحيفا وعكا والجليل وكل فلسطين وان المحتل سيرحل مدحورا وكما قلت هذه الارض لا تقبل القسمة على اثنين , رحمك الله ايها العزيز الحبيب ونحسبك عند الله في مرتبة الشهداء والصديقين والصالحين وحسن اولئك رفيقا , سلام عليك في قبرك وندعوا ان يكون قبرك روضة من رياض الجنة , اعرف اني أطلت ولكن ان لم اكتب لمثلك فلمن اكتب يا صاحب الخلق الرفيع والهمة العالية , سلام عليك والف سلام والى روحك سنهدي فاتحة الكتاب لتكون رحمة ولتدخل الجنة باذن الله من اي باب تشاء .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د.باسم الكسواني
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |