إذا لـم يخــذل الحــوار الإنجــازات الفلسطينيــة


يحيط بالفلسطينيين مناخ دولي يدعو إلى التفاؤل، لكن الحوار الفلسطيني يحيط به التشاؤم، هذا على الأقل ما عكسته التعليقات والتقارير الصحافية بمناسبة افتتاح جلسات الحوار أمس.

التفاؤل لا يتعلق طبعا بالحلّ، فنتنياهو يتجه الى تشكيل حكومة يمينية ضيقة ربما تكون الأكثر تطرفا في تاريخ اسرائيل، فالرجل الذي يتسلم وزارة الدفاع هو من صقور الليكود، ورئيس أركان سابق ويداه ملوثتان مباشرة بدم القائد الشهيد خليل الوزير، اذ يقال أنه هو الذي اطلق عليه النار شخصيا في غارة الكوماندوس الإسرائيلي على بيته في تونس. أمّا وزير الخارجية فسيكون أفيغدور ليبرمان اياه أكثر الزعماء تطرفا وزعيم « اسرائيل بيتنا ».

ليس مهما وجود حكومة كهذه، فالحكومة السابقة ايضا لم تعمل بجدّية من أجل السلام فهي قد خاضت اكثر الحروب وحشية ضد الفلسطينيين، بل لعلّ هناك ايجابية بوجود هذه الحكومة ما دام السلام ليس في المتناول، وهو أن تكون اسرائيل مكشوفة أمام العالم بوصفها الطرف المعيق للسلام وليس الفلسطينيين.

فقد تمكنت الحكومات الأخيرة في اسرائيل من امتلاك تغطية دولية في سياساتها الإجرامية تجاه الشعب الفلسطيني وفقد الفلسطينيون بصورة خطيرة التعاطف الدولي، وغالبا ما كان الموقف الدولي يتوجه اساسا الى الفلسطينيين بالمطالبات المرهقة وفي أوقات معينة، كان مطلوبا من السلطة أن تظهر جهدا بنسبة 100% في مقاومة الإرهاب، وهو تقريبا ما كان يعني الدخول في حرب أهلية لتصفية حماس.

فليتأخر السلام. المهم أن يصبح الفلسطينيون في موقف أقوى وأفضل يحظون بدعم واعتراف وتعاطف من العالم يعزز وجودهم على ارضهم وحقوقهم اليومية، ومقاومتهم المشروعة لاحتلال يرفض على رؤوس الأشهاد الإجماع الدولي على حق الفلسطينيين في دولة مستقلّة.

إدارة أوباما تنحاز بقوّة ووضوح إلى حلّ الدولتين، وتريد أن تتعاون مع القوى الدولية من دون تفرد في جهودها في المنطقة، وكلفت شخصيّة مميزة ذات وزن بالتواجد في القدس مع مساعدين للإشراف على تفاصيل مهمّة يمكن ان يستفيد منها الفلسطينيون في النهوض بحياتهم اليومية واقتصادهم ومؤسساتهم ، واستثمار الدعم المالي الواسع من أجل دحر المشروع الإسرائيلي للترانسفير الزاحف بجعل حياة الفلسطينيين قاتمة ومستحيلة على أرض فلسطين.

يمكن للفلسطينيين ان يضعوا انفسهم في موقف سياسي وعملي أقوى وأفضل كثيرا مستفيدين من الدعم العربي والدولي الواسع، فيما تجد الحكومة الإسرائلية نفسها معزولة ومدانه. لكن الخطوة المهمّة لمواجهة المرحلة المقبلة هي انهاء الانقسام والنزاع الداخلي الذي يسيء لصورة الفلسطينيين ويخرب على التضامن الدولي.

نأمل أن لا تعكس بعض التصريحات من قادة حماس المتسمة بالسلبية نوايا تعنت في الحوار، وفي اللجان الخمس يمكن تعقيد الحوار حول كل تفصيل صغير، وإذا كان المشروع تقاسم السلطة والنفوذ فلن ينجح، الأساس انهاء الإنقسام فحسب، ويمكن ترك الحوار يطول في بعض اللجان مثل منظمة التحرير ، لكن خطوتين عمليتين يجب بالمطلق انجازهما خلال الأيام العشرة المخصصة للحوار، وهما حكومة وفاق « من الأفضل أن تكون تكنوقراطية مستقلّة » والاتفاق على اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.

وفي الأثناء فإن قضايا معقدة مثل توحيد الاجهزة الأمنية أو إعادة تنظيم منظمة التحرير يمكن أن تستمر بعد ذلك وإلى أي وقت تحتاجه.

[email protected]




عدد المشاهدات : (1283)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :