أسباب اختفاء أكلة "الرشوف" في الأردن


رم - افتقد الأردنيون تقاليد رمضانية، جرفتها متطلبات الحياة الاقتصادية الصعبة التي يعانونها هذه الأيام، من جهة، أو لأسباب اجتماعية من جهة أخرى.

ومع نهاية الشهر الفضيل، تلاشت أو تكاد أعراف وتقاليد اجتماعية اتسمت بها معيشة الأردنيين في الشهر الفضيل تاريخياً، مع تغيّر اهتمامات الناس وأنماط معيشتهم التي انسحبت على كل تفاصيل حياتهم تقريباً بما في ذلك شهر رمضان، وكادت تقضي على أدق التفاصيل التي كانت تميّز تلك الأيام المباركة.

ويتفق الخبير الاقتصادي حسام عايش على أن التقاليد التاريخية لرمضان تغيرت بدءاً من تغير نوعية وشكل مأكولات رمضان نفسها.

ويدلل عايش بشبه تلاشي طبق "الرشوف" الذي هو عبارة عن لبنية مضاف لها الجريشة والعدس، وكيفية تحضيرها واستعداد الأسر والجيران للتشارك في إعدادها.

كما يشير إلى عادة وتقليد "الصحن الفرّار" أو "الطعمة" التي تكاد تختفي أو في طريقها للاندثار، حيث كانت أطباق الطعام تنتقل من منزل إلى آخر قبل الإفطار بثلاثين إلى عشر دقائق، وربما خمس دقائق، لتبقى ساخنة ما أمكن قبل تناولها.

هذه العادة كانت تجعل من موائد الطعام في البيوت الأردنية شيئاً مختلفاً تماماً عنها في بقية الشهور، إذ تجد أربعة أو خمسة أصناف من الطعام على الأقل مفرودة على المائدة، التي غالباً ما تكون على الأرض وليس الطاولات، لأن الأسر تتجمع في بيت كبيرها يومياً أو في منزل أحد أفرادها بالتناوب طلبا لتوثيق صلة الرحم.
ويربط عايش تلاشي هذه العادات بتغيّر التركيبة السكانية في المملكة وتوسع المدن والارياف وحتى ضعف الاهتمام بإعداد الطعام نفسه مع لجوء البعض للوجبات المعدة في المطاعم "تواصي"، أو الاطعمة الجاهزة المعدة سلفاً أو المرتبطة بخدمة "التوصيل" إلى المنزل.

إذ باتت الاطعمة تشترى جاهزة في الدقائق الأخيرة قبل موعد الافطار، بعد أن كانت ربّات البيوت ينهمكْنَ بالتموّن لها قبل أشهر ويجتهدْن في تحضيرها طيلة أيام الصوم لنيل رضا أفراد العائلة ومكافأتهم على صومهم بأشهى المأكولات البيتية، وخصوصا الصغار.

وينبّه أستاذ علم الاجتماع الدكتور محمود الخوالدة إلى غياب عادات رمضانية أخرى، فـ، وفقا له "لم يعد التحلق حول مائدة الإفطار له جماليات وبهجة وحلاوة أيام زمان، حيث كان يجتمع رجال كل فخذ عشيرة بعد صلاة المغرب لتناول الإفطار بشكل جماعي في بيت الضيافة عند شيخ العشيرة أو المختار أو أحد الوجهاء.. فيضع كل واحد منهم طعامه ويأكل الجميع من هذا الطعام ويمتد لقاء الرجال بعد صلاتي العشاء والتراويح، ليتحدثوا في شؤون حياتهم ودينهم حتى موعد السحور.

أكثر من ذلك، يقول عايش، فإن نكهة انتظار لحظة الإفطار كان لها طقوسها الجميلة، ولعل "مدفع رمضان" وهو يعلن عن بدء فترة الإفطار أو بدء فترة الامساك قد طبع ذكريات كثيرين عن الشهر الفضيل في الماضي وأبقى الطقوس المرافقة له محفورة في ذاكرة كبار السن وهم يقارنون "رمضان زمان" بالحالي.

ويتفق عايش والخوالدة، بأن تسارع إيقاع العصر وتغير أحوال الناس الاقتصادية والاجتماعية وانهماكهم في متابعة شؤونهم الحياتية المباشرة كلها عوامل ساهمت بتغير تقاليد التعامل مع الشهر الفضيل لتنعكس على سلوكيات الأردنيين طوال العام وحتى في رمضان..

فالتوجه نحو التركيز على الأسرة النووية (الصغيرة) على حساب الأسرة الممتدة (الحمولة أو حتى أبناء الجد الواحد) أوجد آثاره على حياة الناس في رمضان.

كما ان ارتفاع تكاليف إقامة الموائد الرمضانية للأهل والأنسباء والأصدقاء او الجيران، باتت ترهق كاهل الناس وتجعلهم يتجهون إلى اختصار هذه المآدب ما أمكن.

فإعداد طبق "المنسف" الواحد باللحم الوطني (البلدي)، وهو الطبق الأكثر شعبية في الأردن، أو التوصية عليه من المطاعم المتخصصة، الذي يتحلق حوله 8 أشخاص في أفضل الأحوال، يكلف بين 70 إلى 80 دينارا (100 إلى 115 دولارا).

وبذا، فإن دعوة شخص لإخوته وعائلاتهم يستدعي بين منسفين إلى أربعة مناسف (200 إلى 400 دولار)، ويتضاعف الرقم إذا دُعي أبناء العمومة.

كما أن نمط السكن (الشقق الصغيرة الضيقة عوضا عن البيوت الواسعة) جعل من الصعوبة بمكان دعوة أفراد الأسرة كاملة لعدم وجود متسع.

فلكل مواطن همومه ولكل اسرة خصوصيتها مما غير الكثير من تقاليد رمضان بعد ان اصبح التطور وتغير العادات او تغييرها واحلال او استيراد ثقافات جديدة من سمات العصر الذي نعيش والذي لم يعد هناك ارث او تقليد او عادة بعيدة عن التأثر او التغير نتيجة لذلك.



عدد المشاهدات : (6517)

تعليقات القراء

العبادي
مكونات الرشوف هي مريس الجميد الأصلي الروزالحمص رقم 10 العدس البلدي والبصل اللوف البري والرقيطا تجمع هذا النوعان في فصل الربيع بعض الناس يعملة فتيتة ويضع عليها القليل من السمن البلدي صحه وعافيه
03-08-2014 08:56 AM
انداري
رشوف وعرفناها بس شو يعني (أكلة)؟
31-07-2014 02:43 PM
مخضرم
اول يوم بتطبخ مجدره وثاني يوم على باقيه بتدير مريسة جميد وبترشوف رشوف
30-07-2014 04:01 AM
طارق
الرشوف يحتاج الى جميد بلدي أصلي وليس تقليد --ونحن في بيتنا كل شهر نعمل رشوف -ولكن الاكله التي اندثرت هي -المجدره-
29-07-2014 08:35 PM

أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :