ليس أخطر على الحياة السياسية من الصمت، ولا أكثر إرباكًا من الغياب في اللحظات التي يُفترض فيها الحضور. ما نشهده اليوم في الأردن يطرح سؤالًا جوهريًا لا يمكن القفز عنه: هل نحن أمام حالة ترف سياسي، أم أننا دخلنا فعليًا في مرحلة سُبات حزبي مقلق؟ .
مرت الموازنة العامة للدولة، نوقشت تحت القبة، وصوّت عليها نواب محسوبون على أحزاب سياسية، ومع ذلك غاب الصوت الحزبي العلني. لا بيانات، لا مؤتمرات صحفية، لا تنديد، ولا حتى بيانات تأييد واضحة. وكأن الموازنة شأن تقني محض لا يستحق موقفًا سياسيًا، أو كأن الأحزاب اختارت أن تراقب بصمت، في لحظة كان الشارع ينتظر فيها تفسيرًا، أو اعتراضًا، أو دفاعًا مقنعًا.
السؤال الأخطر: هل يُعتبر تصويت النائب الحزبي داخل البرلمان تعبيرًا تلقائيًا عن رأي الهيئة العامة لحزبه؟ وهل ناقشت الأحزاب الموازنة داخليًا؟ وهل خرجت بقرار سياسي جماعي؟ أم أن الأمر تُرك لاجتهادات فردية لا تمثل إلا أصحابها؟
الحياة الحزبية الحقيقية لا تُقاس بعدد المقاعد، بل بوضوح المواقف، وجرأة الخطاب، والقدرة على الاشتباك السياسي المسؤول مع الحكومة. الحزب ليس يافطة انتخابية، ولا مظلة شكلية للترشح، بل كيان حيّ يفترض أن يعبّر، ويعترض، ويقترح، ويُقنع. الصمت هنا لا يُحسب حكمة، بل يُقرأ فراغًا.
الشباب الأردني، الذي يُطلب منه اليوم الانخراط في العمل الحزبي، لا يرى حراكًا سياسيًا حيًا يُغريه بالمشاركة. لا يسمع أصواتًا حزبية عالية تنتقد السياسات الاقتصادية، ولا يرى قيادات تخرج لتطالب رئيس الوزراء أو الوزراء بمراجعة قراراتهم، ولا حتى خطابات دفاع صريحة تشرح لماذا تؤيد هذه الحكومة أو تلك السياسة. السياسة بلا صوت تفقد معناها، والحزب بلا موقف يفقد مبرر وجوده.
ليس المطلوب معارضة دائمة، ولا صدامًا مجانيًا، بل موقفًا. من كان مع الحكومة فليكن معها بصوت عالٍ، وبحجج اقتصادية واجتماعية مقنعة، ومن كان ضدها فليُسمِع صوته بوضوح، دون مواربة أو خوف. أما هذه المنطقة الرمادية، فلا تُنتج ثقة، ولا تبني وعيًا، ولا تحفّز مشاركة.
إن استمرار هذا السبات الحزبي لا يعكس حالة سياسية صحية، بل يهدد مشروع التحديث السياسي من داخله. فالمشكلة ليست في القوانين، بل في الإرادة والممارسة. وإذا بقيت الأحزاب غائبة عن القضايا الكبرى، فسيبقى الشارع يسأل: ما الفرق؟ ولماذا ننخرط؟ ولمن نمثّل؟ .
باختصار، ما نحتاجه اليوم ليس ترفًا سياسيًا، بل يقظة حزبية. يقظة تعيد للسياسة صوتها، وللأحزاب دورها، وللشباب ثقتهم بأن المشاركة ليست عبئًا، بل طريقًا للتأثير الحقيقي .
بقلم: المهندس مازن خريسات
ليس أخطر على الحياة السياسية من الصمت، ولا أكثر إرباكًا من الغياب في اللحظات التي يُفترض فيها الحضور. ما نشهده اليوم في الأردن يطرح سؤالًا جوهريًا لا يمكن القفز عنه: هل نحن أمام حالة ترف سياسي، أم أننا دخلنا فعليًا في مرحلة سُبات حزبي مقلق؟ .
مرت الموازنة العامة للدولة، نوقشت تحت القبة، وصوّت عليها نواب محسوبون على أحزاب سياسية، ومع ذلك غاب الصوت الحزبي العلني. لا بيانات، لا مؤتمرات صحفية، لا تنديد، ولا حتى بيانات تأييد واضحة. وكأن الموازنة شأن تقني محض لا يستحق موقفًا سياسيًا، أو كأن الأحزاب اختارت أن تراقب بصمت، في لحظة كان الشارع ينتظر فيها تفسيرًا، أو اعتراضًا، أو دفاعًا مقنعًا.
السؤال الأخطر: هل يُعتبر تصويت النائب الحزبي داخل البرلمان تعبيرًا تلقائيًا عن رأي الهيئة العامة لحزبه؟ وهل ناقشت الأحزاب الموازنة داخليًا؟ وهل خرجت بقرار سياسي جماعي؟ أم أن الأمر تُرك لاجتهادات فردية لا تمثل إلا أصحابها؟
الحياة الحزبية الحقيقية لا تُقاس بعدد المقاعد، بل بوضوح المواقف، وجرأة الخطاب، والقدرة على الاشتباك السياسي المسؤول مع الحكومة. الحزب ليس يافطة انتخابية، ولا مظلة شكلية للترشح، بل كيان حيّ يفترض أن يعبّر، ويعترض، ويقترح، ويُقنع. الصمت هنا لا يُحسب حكمة، بل يُقرأ فراغًا.
الشباب الأردني، الذي يُطلب منه اليوم الانخراط في العمل الحزبي، لا يرى حراكًا سياسيًا حيًا يُغريه بالمشاركة. لا يسمع أصواتًا حزبية عالية تنتقد السياسات الاقتصادية، ولا يرى قيادات تخرج لتطالب رئيس الوزراء أو الوزراء بمراجعة قراراتهم، ولا حتى خطابات دفاع صريحة تشرح لماذا تؤيد هذه الحكومة أو تلك السياسة. السياسة بلا صوت تفقد معناها، والحزب بلا موقف يفقد مبرر وجوده.
ليس المطلوب معارضة دائمة، ولا صدامًا مجانيًا، بل موقفًا. من كان مع الحكومة فليكن معها بصوت عالٍ، وبحجج اقتصادية واجتماعية مقنعة، ومن كان ضدها فليُسمِع صوته بوضوح، دون مواربة أو خوف. أما هذه المنطقة الرمادية، فلا تُنتج ثقة، ولا تبني وعيًا، ولا تحفّز مشاركة.
إن استمرار هذا السبات الحزبي لا يعكس حالة سياسية صحية، بل يهدد مشروع التحديث السياسي من داخله. فالمشكلة ليست في القوانين، بل في الإرادة والممارسة. وإذا بقيت الأحزاب غائبة عن القضايا الكبرى، فسيبقى الشارع يسأل: ما الفرق؟ ولماذا ننخرط؟ ولمن نمثّل؟ .
باختصار، ما نحتاجه اليوم ليس ترفًا سياسيًا، بل يقظة حزبية. يقظة تعيد للسياسة صوتها، وللأحزاب دورها، وللشباب ثقتهم بأن المشاركة ليست عبئًا، بل طريقًا للتأثير الحقيقي .
بقلم: المهندس مازن خريسات
ليس أخطر على الحياة السياسية من الصمت، ولا أكثر إرباكًا من الغياب في اللحظات التي يُفترض فيها الحضور. ما نشهده اليوم في الأردن يطرح سؤالًا جوهريًا لا يمكن القفز عنه: هل نحن أمام حالة ترف سياسي، أم أننا دخلنا فعليًا في مرحلة سُبات حزبي مقلق؟ .
مرت الموازنة العامة للدولة، نوقشت تحت القبة، وصوّت عليها نواب محسوبون على أحزاب سياسية، ومع ذلك غاب الصوت الحزبي العلني. لا بيانات، لا مؤتمرات صحفية، لا تنديد، ولا حتى بيانات تأييد واضحة. وكأن الموازنة شأن تقني محض لا يستحق موقفًا سياسيًا، أو كأن الأحزاب اختارت أن تراقب بصمت، في لحظة كان الشارع ينتظر فيها تفسيرًا، أو اعتراضًا، أو دفاعًا مقنعًا.
السؤال الأخطر: هل يُعتبر تصويت النائب الحزبي داخل البرلمان تعبيرًا تلقائيًا عن رأي الهيئة العامة لحزبه؟ وهل ناقشت الأحزاب الموازنة داخليًا؟ وهل خرجت بقرار سياسي جماعي؟ أم أن الأمر تُرك لاجتهادات فردية لا تمثل إلا أصحابها؟
الحياة الحزبية الحقيقية لا تُقاس بعدد المقاعد، بل بوضوح المواقف، وجرأة الخطاب، والقدرة على الاشتباك السياسي المسؤول مع الحكومة. الحزب ليس يافطة انتخابية، ولا مظلة شكلية للترشح، بل كيان حيّ يفترض أن يعبّر، ويعترض، ويقترح، ويُقنع. الصمت هنا لا يُحسب حكمة، بل يُقرأ فراغًا.
الشباب الأردني، الذي يُطلب منه اليوم الانخراط في العمل الحزبي، لا يرى حراكًا سياسيًا حيًا يُغريه بالمشاركة. لا يسمع أصواتًا حزبية عالية تنتقد السياسات الاقتصادية، ولا يرى قيادات تخرج لتطالب رئيس الوزراء أو الوزراء بمراجعة قراراتهم، ولا حتى خطابات دفاع صريحة تشرح لماذا تؤيد هذه الحكومة أو تلك السياسة. السياسة بلا صوت تفقد معناها، والحزب بلا موقف يفقد مبرر وجوده.
ليس المطلوب معارضة دائمة، ولا صدامًا مجانيًا، بل موقفًا. من كان مع الحكومة فليكن معها بصوت عالٍ، وبحجج اقتصادية واجتماعية مقنعة، ومن كان ضدها فليُسمِع صوته بوضوح، دون مواربة أو خوف. أما هذه المنطقة الرمادية، فلا تُنتج ثقة، ولا تبني وعيًا، ولا تحفّز مشاركة.
إن استمرار هذا السبات الحزبي لا يعكس حالة سياسية صحية، بل يهدد مشروع التحديث السياسي من داخله. فالمشكلة ليست في القوانين، بل في الإرادة والممارسة. وإذا بقيت الأحزاب غائبة عن القضايا الكبرى، فسيبقى الشارع يسأل: ما الفرق؟ ولماذا ننخرط؟ ولمن نمثّل؟ .
باختصار، ما نحتاجه اليوم ليس ترفًا سياسيًا، بل يقظة حزبية. يقظة تعيد للسياسة صوتها، وللأحزاب دورها، وللشباب ثقتهم بأن المشاركة ليست عبئًا، بل طريقًا للتأثير الحقيقي .
التعليقات
هل نعيش ترفًا سياسيًا أم سُباتًا حزبيًا في الأردن؟
التعليقات