د. مهدي مبارك عبد الله
في سابقة غير مألوفة تكشف الوجه الحقيقي لواقع السلطة في اسرائيل يسير بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة بخطى ثابتة على نهج بعض الحكام العرب الذين حوّلوا الدولة إلى إقطاعية عائلية يتوارث فيها الأبناء المناصب والمراتب والمكاسب قبل النفوذ والكراسي ذاتها وبعد عقود من إحكام قبضته على الحكم ومحاولاته المتكررة لتأمين إرث سياسي لزوجته وأبنائه يسعى اليوم لتمكين نجله يائير من تسلم موقع قيادي في المنظمة الصهيونية العالمية في مشهد لا يختلف كثيرًا عن أنماط التوريث السياسي التي اعتادتها كثير من الأنظمة السلطوية في المنطقة وهو ما يكشف بوضوح أن نتنياهو لم يعد يرى إسرائيل كدولة مؤسسات بل كملكية عائلية يوزع فيها المناصب على المقربين كجوائز شخصية لا كاستحقاقات عامة تقوم على اسس الكفاء والتأهيل
لم يكن ترشيح يائير نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا لتولي منصب رئاسة قسم الشتات والإعلام في المنظمة الصهيونية العالمية سوى حلقة جديدة في مسلسل الفساد العائلي الذي يلتهم مؤسسات الدولة العبرية تحت غطاء السياسة والولاء الحزبي فالعائلة التي تحولت إلى ما يشبه المافيا السياسية المنظمة لم تكتفِ بالهيمنة على مفاصل الحكم بل باتت تسعى إلى توريث المناصب العليا في المؤسسات الصهيونية العالمية لأبنائها وأصهارها وكأنها ملك خاص لا مؤسسات عامة تمثل يهود العالم اجمع ( المنصب يمنحه راتب ومخصصات تعادل ما يتقاضاه وزير في الحكومة الإسرائيلية ) رغم انه لا يملك اي خبرة في العملين العام والدبلوماسي
هذه الخطوة التي أثارت ضجة كبرى في الأوساط السياسية الإسرائيلية كشفت عن حجم التدهور الأخلاقي المتجذر في منظومة الحكم وعمق الرفض الشعبي للسياسات الفاسدة التي تمارسها عائلة نتنياهو حيث رفضت المعارضة الإسرائيلية على اختلاف توجهاتها هذا التعيين واعتبرت أنه يمثل فضيحة سياسية وأخلاقية كبيرة وأنه استمرار لنهج نتنياهو في تحويل الدولة إلى مزرعة عائلية تدار بالمحاباة والصفقات السرية والمصالح الشخصية والمنافع المتبادلة
يائير نتنياهو شاب غير ملتزم و متهور بنى مستقبله ومجده على مكانة والده يعيش في ميامي بامريكا منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية في غزة وهو شخصية مثيرة للجدل ومعروف بخطابه العدواني والعنصري وبتصريحاته المستفزة وعباراته النابية التي تستهدف خصوم والده من سياسيين وصحفيين ورؤساء مؤسسات أمنية وقضائية مما اعتبره البعض نموذج فج وصورة سيئة للانحطاط القيمي والسياسي الذي وصل إليه اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يحكم تل أبيب اليوم فيما اكد كثير من الإسرائيليين أن مجرد طرح اسمه لهذا المنصب الدولي يمثل إهانة لسمعة الدولة واساءة لمؤسساتها
ترشيح يائير لهذا الموقع جاء في إطار صفقة سياسية نسجها مقربو والده بوساطة وزير الثقافة ميكي زوهر من حزب الليكود لتأمين منصب مريح براتب وزاري ومخصصات ضخمة لنجل رئيس الحكومة في وقت يخضع فيه الأب لمحاكمة جنائية بتهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة ولا يزال القضاء الإسرائيلي يلاحقه بملفات فساد تتعلق بالهدايا الثمينة والفنادق الفاخرة ورحلات الاستجمام التي انتفع بها على نفقة رجال أعمال محليين وأجانب وهو ما جعل الرأي العام يرى في محاولة التعيين استكمالا لمنظومة الفساد المالي والاداري والسياسي التي غرقت بها عائلة نتنياهو
في المقابل لم يكن رفض المعارضة الإسرائيلية لهذا التعيين مجرد خطوة سياسية بل تعبيرا عن حالة الغليان والسخط المتصاعدة في الشارع الإسرائيلي تجاه سلوكيات نتنياهو وعائلته التي باتت رمزا للابتزاز والترف واستغلال السلطة لأغراض شخصية فزوجته سارة المعروفة بعلاقاتها المشبوهة مع رجال الأعمال وبتدخلاتها في شؤون الدولة كانت ولا تزال أحد أسباب تشويه صورة الحكم في إسرائيل وقد كشفت التحقيقات السابقة عن حجم الإسراف والتبذير في نفقات إقامتها وسفرها واستقبالها للضيوف على حساب المال العام
يائير نتنياهو في الواقع يمثل اقذر صورة وتصور عن الجيل الجديد من الوقاحة السياسية في إسرائيل وهو لا يملك أي مؤهل إداري أو دبلوماسي سوى أنه ابن رئيس الوزراء حيث يتنقل بين حفلات الأثرياء ومطاعم الخمس نجوم ويتباهى بحراسته الشخصية الممولة من خزينة الدولة بمئات آلاف الدولارات سنويا ويستخدم منصاته الإلكترونية المسمومة لنشر خطاب الكراهية والتحريض ضد الفلسطينيين والمسلمين وحتى ضد النخب الإسرائيلية الليبرالية التي تنتقد والده وهو بذلك يجسد تمامًا ما يمكن وصفه بالوقاحة الموروثة التي تنتقل في عائلة نتنياهو من الأب إلى الابن بلا انقطاع كفيروس معدي في الدم
لقد فشلت محاولة نتنياهو في تمرير الصفقة سراً بعد أن كشفت المعارضة الأمر وأجهضت التعيين لكن الحادثة كشفت مرة أخرى مدى تفشي الفساد والمحسوبية داخل النظام السياسي العام الإسرائيلي ومدى تغلغل نفوذ نتنياهو في المؤسسات الصهيونية العالمية التي يفترض أنها مستقلة وغير حكومية غير أن الواقع اثبت أنها مجرد أذرع تابعة للسلطة الحاكمة في تل أبيب تُستخدم لشراء الانتماءات والولاءات وتوزيع المكافآت والحصص على الاتباع والمقربين
ما جرى يؤكد أن إسرائيل اليوم لم تعد دولة مؤسسات وطنية كما تدعي بل تحولت إلى شركة عائلية يسيطر عليها رئيس فاسد يسعى لتأمين مستقبل أبنائه ومصالحه حتى لو أدى ذلك إلى تدمير صورة الكيان أمام العالم وأن المعارضة التي تصدت لهذه الفضيحة إنما فعلت ذلك دفاعاً عن ما تبقى من هيبة الدولة بعد أن شوهتها سياسات بنيامين نتنياهو وعائلته التي غرقت في وحل الفساد والوقاحة والأنانية حتى القعر
قد يكون من المهم في هذا السياق ان نذكر بتبعات وتداعيات ما عرف بفضيحة ( قطر غيت ) التي القت بظلالها على الأجندة السياسية والأمنية والإعلامية في الكيان والتي فجرها كقنبلةً مدوّيّةً الدكتور أودي ليفي الرئيس السابق لوحدة تسلتسل في الموساد في برنامجٍ على القناة الثانية في الإذاعة الإسرائيلية الرسمية ( كان ريشيت بيت ) بان نتنياهو أقام وعائلته إمبراطوريّةً اقتصاديّةً بأنحاء مختلفة من العالم بأموال قطر وان هنالك معلومات عديدةٍ حول شهود عيانٍ تحدثوا عن تحويلاتٍ ماليّةٍ وصلت إلى عائلة نتنياهو داخل إسرائيل وخارجها واستخدمت تلك الأموال عبر حسابات في بنوكٍ أجنبيةٍ ومحافظ رقمية لشراء عقارات حول العالم وهنالك شخصيات رفيعة المستوى متورطة في قضية الرشوة القطرية
بموازاة كل ذلك لا زالت الشبهات والتهم تلاحق نتنياهو بتهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة وحول تمويل حملاته الانتخابية في عامي 2012 و2018 وبخصوص كشوفات حسابات مصرفية له ولأفراد عائلته بالإضافة إلى سجلات المحافظ الرقمية وأوراق ملكية العقارات داخل إسرائيل وخارجها واستخدامه الممنهج لدعاوى التشهير الممولة من حزب الليكود الذي يقوده كوسيلةٍ لردع وترهيب منتقديه
كما يواجه نتنياهو اتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة في 3 ملفات تستلزم سجنه بحال إدانته بينما يرفض الاعتراف في أي منها ويتعلق الملف 1000 في الاتهامات الموجهة إليه بحصوله وأفراد من عائلته على هدايا ثمينة من رجال أعمال، مقابل تقديم تسهيلات ومساعدات لهم في مجالات مختلفة فيما يُتهم ايضا في الملف 2000 المتعلق بالتفاوض مع ناشر صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية الخاصة أرنون موزيس للحصول على تغطية إعلامية إيجابية أما الملف 4000 فيخص تقديم تسهيلات للمالك السابق لموقع واللا الإخباري شاؤول إلوفيتش الذي كان أيضا مسؤولا بشركة بيزك للاتصالات مقابل تغطية إعلامية إيجابية وفضلا عن محاكمته محليا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 مذكرة اعتقال لنتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت إثر ارتكابهما جرائم حرب وضد الإنسانية في حق الفلسطينيين بقطاع غزة
المنظمة الصهيونية العالمية تأسست باسم الوكالة الصهيونية بالعام 1897 بمبادرة من ثيودور هرتزل في المؤتمر الصهيوني الأول بمدينة بازل السويسرية في أغسطس / آب من العام ذاته وتعرف المنظمة نفسها بأنها غير حكومية وتعمل على تعزيز الحركة الصهيونية وتعمل تحت مظلتها منظمات أخرى مثل هداسا وبني بريث ومكابي والاتحاد الدولي للسفارديم والاتحاد العالمي للطلاب اليهود
ختاما : وكما قال المطرب المصري حماده هلال نؤكد ان ( دي عيلة واطية ونصابة آه ياما آه وآه يابا )
كاتب وباحث مختص في الشؤون السياسية
[email protected]
د. مهدي مبارك عبد الله
في سابقة غير مألوفة تكشف الوجه الحقيقي لواقع السلطة في اسرائيل يسير بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة بخطى ثابتة على نهج بعض الحكام العرب الذين حوّلوا الدولة إلى إقطاعية عائلية يتوارث فيها الأبناء المناصب والمراتب والمكاسب قبل النفوذ والكراسي ذاتها وبعد عقود من إحكام قبضته على الحكم ومحاولاته المتكررة لتأمين إرث سياسي لزوجته وأبنائه يسعى اليوم لتمكين نجله يائير من تسلم موقع قيادي في المنظمة الصهيونية العالمية في مشهد لا يختلف كثيرًا عن أنماط التوريث السياسي التي اعتادتها كثير من الأنظمة السلطوية في المنطقة وهو ما يكشف بوضوح أن نتنياهو لم يعد يرى إسرائيل كدولة مؤسسات بل كملكية عائلية يوزع فيها المناصب على المقربين كجوائز شخصية لا كاستحقاقات عامة تقوم على اسس الكفاء والتأهيل
لم يكن ترشيح يائير نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا لتولي منصب رئاسة قسم الشتات والإعلام في المنظمة الصهيونية العالمية سوى حلقة جديدة في مسلسل الفساد العائلي الذي يلتهم مؤسسات الدولة العبرية تحت غطاء السياسة والولاء الحزبي فالعائلة التي تحولت إلى ما يشبه المافيا السياسية المنظمة لم تكتفِ بالهيمنة على مفاصل الحكم بل باتت تسعى إلى توريث المناصب العليا في المؤسسات الصهيونية العالمية لأبنائها وأصهارها وكأنها ملك خاص لا مؤسسات عامة تمثل يهود العالم اجمع ( المنصب يمنحه راتب ومخصصات تعادل ما يتقاضاه وزير في الحكومة الإسرائيلية ) رغم انه لا يملك اي خبرة في العملين العام والدبلوماسي
هذه الخطوة التي أثارت ضجة كبرى في الأوساط السياسية الإسرائيلية كشفت عن حجم التدهور الأخلاقي المتجذر في منظومة الحكم وعمق الرفض الشعبي للسياسات الفاسدة التي تمارسها عائلة نتنياهو حيث رفضت المعارضة الإسرائيلية على اختلاف توجهاتها هذا التعيين واعتبرت أنه يمثل فضيحة سياسية وأخلاقية كبيرة وأنه استمرار لنهج نتنياهو في تحويل الدولة إلى مزرعة عائلية تدار بالمحاباة والصفقات السرية والمصالح الشخصية والمنافع المتبادلة
يائير نتنياهو شاب غير ملتزم و متهور بنى مستقبله ومجده على مكانة والده يعيش في ميامي بامريكا منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية في غزة وهو شخصية مثيرة للجدل ومعروف بخطابه العدواني والعنصري وبتصريحاته المستفزة وعباراته النابية التي تستهدف خصوم والده من سياسيين وصحفيين ورؤساء مؤسسات أمنية وقضائية مما اعتبره البعض نموذج فج وصورة سيئة للانحطاط القيمي والسياسي الذي وصل إليه اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يحكم تل أبيب اليوم فيما اكد كثير من الإسرائيليين أن مجرد طرح اسمه لهذا المنصب الدولي يمثل إهانة لسمعة الدولة واساءة لمؤسساتها
ترشيح يائير لهذا الموقع جاء في إطار صفقة سياسية نسجها مقربو والده بوساطة وزير الثقافة ميكي زوهر من حزب الليكود لتأمين منصب مريح براتب وزاري ومخصصات ضخمة لنجل رئيس الحكومة في وقت يخضع فيه الأب لمحاكمة جنائية بتهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة ولا يزال القضاء الإسرائيلي يلاحقه بملفات فساد تتعلق بالهدايا الثمينة والفنادق الفاخرة ورحلات الاستجمام التي انتفع بها على نفقة رجال أعمال محليين وأجانب وهو ما جعل الرأي العام يرى في محاولة التعيين استكمالا لمنظومة الفساد المالي والاداري والسياسي التي غرقت بها عائلة نتنياهو
في المقابل لم يكن رفض المعارضة الإسرائيلية لهذا التعيين مجرد خطوة سياسية بل تعبيرا عن حالة الغليان والسخط المتصاعدة في الشارع الإسرائيلي تجاه سلوكيات نتنياهو وعائلته التي باتت رمزا للابتزاز والترف واستغلال السلطة لأغراض شخصية فزوجته سارة المعروفة بعلاقاتها المشبوهة مع رجال الأعمال وبتدخلاتها في شؤون الدولة كانت ولا تزال أحد أسباب تشويه صورة الحكم في إسرائيل وقد كشفت التحقيقات السابقة عن حجم الإسراف والتبذير في نفقات إقامتها وسفرها واستقبالها للضيوف على حساب المال العام
يائير نتنياهو في الواقع يمثل اقذر صورة وتصور عن الجيل الجديد من الوقاحة السياسية في إسرائيل وهو لا يملك أي مؤهل إداري أو دبلوماسي سوى أنه ابن رئيس الوزراء حيث يتنقل بين حفلات الأثرياء ومطاعم الخمس نجوم ويتباهى بحراسته الشخصية الممولة من خزينة الدولة بمئات آلاف الدولارات سنويا ويستخدم منصاته الإلكترونية المسمومة لنشر خطاب الكراهية والتحريض ضد الفلسطينيين والمسلمين وحتى ضد النخب الإسرائيلية الليبرالية التي تنتقد والده وهو بذلك يجسد تمامًا ما يمكن وصفه بالوقاحة الموروثة التي تنتقل في عائلة نتنياهو من الأب إلى الابن بلا انقطاع كفيروس معدي في الدم
لقد فشلت محاولة نتنياهو في تمرير الصفقة سراً بعد أن كشفت المعارضة الأمر وأجهضت التعيين لكن الحادثة كشفت مرة أخرى مدى تفشي الفساد والمحسوبية داخل النظام السياسي العام الإسرائيلي ومدى تغلغل نفوذ نتنياهو في المؤسسات الصهيونية العالمية التي يفترض أنها مستقلة وغير حكومية غير أن الواقع اثبت أنها مجرد أذرع تابعة للسلطة الحاكمة في تل أبيب تُستخدم لشراء الانتماءات والولاءات وتوزيع المكافآت والحصص على الاتباع والمقربين
ما جرى يؤكد أن إسرائيل اليوم لم تعد دولة مؤسسات وطنية كما تدعي بل تحولت إلى شركة عائلية يسيطر عليها رئيس فاسد يسعى لتأمين مستقبل أبنائه ومصالحه حتى لو أدى ذلك إلى تدمير صورة الكيان أمام العالم وأن المعارضة التي تصدت لهذه الفضيحة إنما فعلت ذلك دفاعاً عن ما تبقى من هيبة الدولة بعد أن شوهتها سياسات بنيامين نتنياهو وعائلته التي غرقت في وحل الفساد والوقاحة والأنانية حتى القعر
قد يكون من المهم في هذا السياق ان نذكر بتبعات وتداعيات ما عرف بفضيحة ( قطر غيت ) التي القت بظلالها على الأجندة السياسية والأمنية والإعلامية في الكيان والتي فجرها كقنبلةً مدوّيّةً الدكتور أودي ليفي الرئيس السابق لوحدة تسلتسل في الموساد في برنامجٍ على القناة الثانية في الإذاعة الإسرائيلية الرسمية ( كان ريشيت بيت ) بان نتنياهو أقام وعائلته إمبراطوريّةً اقتصاديّةً بأنحاء مختلفة من العالم بأموال قطر وان هنالك معلومات عديدةٍ حول شهود عيانٍ تحدثوا عن تحويلاتٍ ماليّةٍ وصلت إلى عائلة نتنياهو داخل إسرائيل وخارجها واستخدمت تلك الأموال عبر حسابات في بنوكٍ أجنبيةٍ ومحافظ رقمية لشراء عقارات حول العالم وهنالك شخصيات رفيعة المستوى متورطة في قضية الرشوة القطرية
بموازاة كل ذلك لا زالت الشبهات والتهم تلاحق نتنياهو بتهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة وحول تمويل حملاته الانتخابية في عامي 2012 و2018 وبخصوص كشوفات حسابات مصرفية له ولأفراد عائلته بالإضافة إلى سجلات المحافظ الرقمية وأوراق ملكية العقارات داخل إسرائيل وخارجها واستخدامه الممنهج لدعاوى التشهير الممولة من حزب الليكود الذي يقوده كوسيلةٍ لردع وترهيب منتقديه
كما يواجه نتنياهو اتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة في 3 ملفات تستلزم سجنه بحال إدانته بينما يرفض الاعتراف في أي منها ويتعلق الملف 1000 في الاتهامات الموجهة إليه بحصوله وأفراد من عائلته على هدايا ثمينة من رجال أعمال، مقابل تقديم تسهيلات ومساعدات لهم في مجالات مختلفة فيما يُتهم ايضا في الملف 2000 المتعلق بالتفاوض مع ناشر صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية الخاصة أرنون موزيس للحصول على تغطية إعلامية إيجابية أما الملف 4000 فيخص تقديم تسهيلات للمالك السابق لموقع واللا الإخباري شاؤول إلوفيتش الذي كان أيضا مسؤولا بشركة بيزك للاتصالات مقابل تغطية إعلامية إيجابية وفضلا عن محاكمته محليا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 مذكرة اعتقال لنتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت إثر ارتكابهما جرائم حرب وضد الإنسانية في حق الفلسطينيين بقطاع غزة
المنظمة الصهيونية العالمية تأسست باسم الوكالة الصهيونية بالعام 1897 بمبادرة من ثيودور هرتزل في المؤتمر الصهيوني الأول بمدينة بازل السويسرية في أغسطس / آب من العام ذاته وتعرف المنظمة نفسها بأنها غير حكومية وتعمل على تعزيز الحركة الصهيونية وتعمل تحت مظلتها منظمات أخرى مثل هداسا وبني بريث ومكابي والاتحاد الدولي للسفارديم والاتحاد العالمي للطلاب اليهود
ختاما : وكما قال المطرب المصري حماده هلال نؤكد ان ( دي عيلة واطية ونصابة آه ياما آه وآه يابا )
كاتب وباحث مختص في الشؤون السياسية
[email protected]
د. مهدي مبارك عبد الله
في سابقة غير مألوفة تكشف الوجه الحقيقي لواقع السلطة في اسرائيل يسير بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة بخطى ثابتة على نهج بعض الحكام العرب الذين حوّلوا الدولة إلى إقطاعية عائلية يتوارث فيها الأبناء المناصب والمراتب والمكاسب قبل النفوذ والكراسي ذاتها وبعد عقود من إحكام قبضته على الحكم ومحاولاته المتكررة لتأمين إرث سياسي لزوجته وأبنائه يسعى اليوم لتمكين نجله يائير من تسلم موقع قيادي في المنظمة الصهيونية العالمية في مشهد لا يختلف كثيرًا عن أنماط التوريث السياسي التي اعتادتها كثير من الأنظمة السلطوية في المنطقة وهو ما يكشف بوضوح أن نتنياهو لم يعد يرى إسرائيل كدولة مؤسسات بل كملكية عائلية يوزع فيها المناصب على المقربين كجوائز شخصية لا كاستحقاقات عامة تقوم على اسس الكفاء والتأهيل
لم يكن ترشيح يائير نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا لتولي منصب رئاسة قسم الشتات والإعلام في المنظمة الصهيونية العالمية سوى حلقة جديدة في مسلسل الفساد العائلي الذي يلتهم مؤسسات الدولة العبرية تحت غطاء السياسة والولاء الحزبي فالعائلة التي تحولت إلى ما يشبه المافيا السياسية المنظمة لم تكتفِ بالهيمنة على مفاصل الحكم بل باتت تسعى إلى توريث المناصب العليا في المؤسسات الصهيونية العالمية لأبنائها وأصهارها وكأنها ملك خاص لا مؤسسات عامة تمثل يهود العالم اجمع ( المنصب يمنحه راتب ومخصصات تعادل ما يتقاضاه وزير في الحكومة الإسرائيلية ) رغم انه لا يملك اي خبرة في العملين العام والدبلوماسي
هذه الخطوة التي أثارت ضجة كبرى في الأوساط السياسية الإسرائيلية كشفت عن حجم التدهور الأخلاقي المتجذر في منظومة الحكم وعمق الرفض الشعبي للسياسات الفاسدة التي تمارسها عائلة نتنياهو حيث رفضت المعارضة الإسرائيلية على اختلاف توجهاتها هذا التعيين واعتبرت أنه يمثل فضيحة سياسية وأخلاقية كبيرة وأنه استمرار لنهج نتنياهو في تحويل الدولة إلى مزرعة عائلية تدار بالمحاباة والصفقات السرية والمصالح الشخصية والمنافع المتبادلة
يائير نتنياهو شاب غير ملتزم و متهور بنى مستقبله ومجده على مكانة والده يعيش في ميامي بامريكا منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية في غزة وهو شخصية مثيرة للجدل ومعروف بخطابه العدواني والعنصري وبتصريحاته المستفزة وعباراته النابية التي تستهدف خصوم والده من سياسيين وصحفيين ورؤساء مؤسسات أمنية وقضائية مما اعتبره البعض نموذج فج وصورة سيئة للانحطاط القيمي والسياسي الذي وصل إليه اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يحكم تل أبيب اليوم فيما اكد كثير من الإسرائيليين أن مجرد طرح اسمه لهذا المنصب الدولي يمثل إهانة لسمعة الدولة واساءة لمؤسساتها
ترشيح يائير لهذا الموقع جاء في إطار صفقة سياسية نسجها مقربو والده بوساطة وزير الثقافة ميكي زوهر من حزب الليكود لتأمين منصب مريح براتب وزاري ومخصصات ضخمة لنجل رئيس الحكومة في وقت يخضع فيه الأب لمحاكمة جنائية بتهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة ولا يزال القضاء الإسرائيلي يلاحقه بملفات فساد تتعلق بالهدايا الثمينة والفنادق الفاخرة ورحلات الاستجمام التي انتفع بها على نفقة رجال أعمال محليين وأجانب وهو ما جعل الرأي العام يرى في محاولة التعيين استكمالا لمنظومة الفساد المالي والاداري والسياسي التي غرقت بها عائلة نتنياهو
في المقابل لم يكن رفض المعارضة الإسرائيلية لهذا التعيين مجرد خطوة سياسية بل تعبيرا عن حالة الغليان والسخط المتصاعدة في الشارع الإسرائيلي تجاه سلوكيات نتنياهو وعائلته التي باتت رمزا للابتزاز والترف واستغلال السلطة لأغراض شخصية فزوجته سارة المعروفة بعلاقاتها المشبوهة مع رجال الأعمال وبتدخلاتها في شؤون الدولة كانت ولا تزال أحد أسباب تشويه صورة الحكم في إسرائيل وقد كشفت التحقيقات السابقة عن حجم الإسراف والتبذير في نفقات إقامتها وسفرها واستقبالها للضيوف على حساب المال العام
يائير نتنياهو في الواقع يمثل اقذر صورة وتصور عن الجيل الجديد من الوقاحة السياسية في إسرائيل وهو لا يملك أي مؤهل إداري أو دبلوماسي سوى أنه ابن رئيس الوزراء حيث يتنقل بين حفلات الأثرياء ومطاعم الخمس نجوم ويتباهى بحراسته الشخصية الممولة من خزينة الدولة بمئات آلاف الدولارات سنويا ويستخدم منصاته الإلكترونية المسمومة لنشر خطاب الكراهية والتحريض ضد الفلسطينيين والمسلمين وحتى ضد النخب الإسرائيلية الليبرالية التي تنتقد والده وهو بذلك يجسد تمامًا ما يمكن وصفه بالوقاحة الموروثة التي تنتقل في عائلة نتنياهو من الأب إلى الابن بلا انقطاع كفيروس معدي في الدم
لقد فشلت محاولة نتنياهو في تمرير الصفقة سراً بعد أن كشفت المعارضة الأمر وأجهضت التعيين لكن الحادثة كشفت مرة أخرى مدى تفشي الفساد والمحسوبية داخل النظام السياسي العام الإسرائيلي ومدى تغلغل نفوذ نتنياهو في المؤسسات الصهيونية العالمية التي يفترض أنها مستقلة وغير حكومية غير أن الواقع اثبت أنها مجرد أذرع تابعة للسلطة الحاكمة في تل أبيب تُستخدم لشراء الانتماءات والولاءات وتوزيع المكافآت والحصص على الاتباع والمقربين
ما جرى يؤكد أن إسرائيل اليوم لم تعد دولة مؤسسات وطنية كما تدعي بل تحولت إلى شركة عائلية يسيطر عليها رئيس فاسد يسعى لتأمين مستقبل أبنائه ومصالحه حتى لو أدى ذلك إلى تدمير صورة الكيان أمام العالم وأن المعارضة التي تصدت لهذه الفضيحة إنما فعلت ذلك دفاعاً عن ما تبقى من هيبة الدولة بعد أن شوهتها سياسات بنيامين نتنياهو وعائلته التي غرقت في وحل الفساد والوقاحة والأنانية حتى القعر
قد يكون من المهم في هذا السياق ان نذكر بتبعات وتداعيات ما عرف بفضيحة ( قطر غيت ) التي القت بظلالها على الأجندة السياسية والأمنية والإعلامية في الكيان والتي فجرها كقنبلةً مدوّيّةً الدكتور أودي ليفي الرئيس السابق لوحدة تسلتسل في الموساد في برنامجٍ على القناة الثانية في الإذاعة الإسرائيلية الرسمية ( كان ريشيت بيت ) بان نتنياهو أقام وعائلته إمبراطوريّةً اقتصاديّةً بأنحاء مختلفة من العالم بأموال قطر وان هنالك معلومات عديدةٍ حول شهود عيانٍ تحدثوا عن تحويلاتٍ ماليّةٍ وصلت إلى عائلة نتنياهو داخل إسرائيل وخارجها واستخدمت تلك الأموال عبر حسابات في بنوكٍ أجنبيةٍ ومحافظ رقمية لشراء عقارات حول العالم وهنالك شخصيات رفيعة المستوى متورطة في قضية الرشوة القطرية
بموازاة كل ذلك لا زالت الشبهات والتهم تلاحق نتنياهو بتهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة وحول تمويل حملاته الانتخابية في عامي 2012 و2018 وبخصوص كشوفات حسابات مصرفية له ولأفراد عائلته بالإضافة إلى سجلات المحافظ الرقمية وأوراق ملكية العقارات داخل إسرائيل وخارجها واستخدامه الممنهج لدعاوى التشهير الممولة من حزب الليكود الذي يقوده كوسيلةٍ لردع وترهيب منتقديه
كما يواجه نتنياهو اتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة في 3 ملفات تستلزم سجنه بحال إدانته بينما يرفض الاعتراف في أي منها ويتعلق الملف 1000 في الاتهامات الموجهة إليه بحصوله وأفراد من عائلته على هدايا ثمينة من رجال أعمال، مقابل تقديم تسهيلات ومساعدات لهم في مجالات مختلفة فيما يُتهم ايضا في الملف 2000 المتعلق بالتفاوض مع ناشر صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية الخاصة أرنون موزيس للحصول على تغطية إعلامية إيجابية أما الملف 4000 فيخص تقديم تسهيلات للمالك السابق لموقع واللا الإخباري شاؤول إلوفيتش الذي كان أيضا مسؤولا بشركة بيزك للاتصالات مقابل تغطية إعلامية إيجابية وفضلا عن محاكمته محليا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 مذكرة اعتقال لنتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت إثر ارتكابهما جرائم حرب وضد الإنسانية في حق الفلسطينيين بقطاع غزة
المنظمة الصهيونية العالمية تأسست باسم الوكالة الصهيونية بالعام 1897 بمبادرة من ثيودور هرتزل في المؤتمر الصهيوني الأول بمدينة بازل السويسرية في أغسطس / آب من العام ذاته وتعرف المنظمة نفسها بأنها غير حكومية وتعمل على تعزيز الحركة الصهيونية وتعمل تحت مظلتها منظمات أخرى مثل هداسا وبني بريث ومكابي والاتحاد الدولي للسفارديم والاتحاد العالمي للطلاب اليهود
ختاما : وكما قال المطرب المصري حماده هلال نؤكد ان ( دي عيلة واطية ونصابة آه ياما آه وآه يابا )
كاتب وباحث مختص في الشؤون السياسية
[email protected]
التعليقات