ح269 المملكة الاردنية الأدومية (2) (12000ق. م. –450 ق.م أول امبراطورية أردنية في التاريخ وعاصمتها بصيرا / الطفيلة الأدومية تأليف المؤرخ المفكر المعارض السياسي الأردني د احمد عويدي العبادي (أبو د. البشر والطبيب د نمي) بلدانية المملكة الأردنية الأدوميةْ ه. (ح269) المراة الادومية الاردنية في القران الكريم (3300) سنة وما بعدها // حين نقرأ قصص النساء الاردنيات في القرآن الكريم من منظور علم النبوة القرآني ومن خلال مركزية الأردن في تاريخ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، نكتشف أن المرأة الأردنية الأصيلة تظهر في النص القرآني الكريم في أبهى صورها: حياءً، واحتشامًا، وعفّة، واخلاقا وسلوكا وذكاء وفطنة وفراسة ورجاحة عقل، سواء كانت مؤمنة كاملة الإيمان كابنة شعيب الحفيد عليه السلام (يثرون/جيثرو) رضي الله عنها، أو كانت في مرحلة ما قبل الإيمان الكامل كما في حالة الملكة بلقيس (رضي الله عنها) التي أسلمت لاحقًا. ويقف في الجهة الأخرى نموذج امرأة العزيز المصرية التي تمثّل بيئة مغايرة في الأخلاق والحياء وطريقة التعامل مع الرجل والمجتمع. نقدم هنا أول صورة: لابنة شعيب الحفيد في بلاد مدين الأدومية الأردنية. حيث يصف القرآن الكريم مشهدها بدقة نفسية وجسدية واخلاقيا وسلوكيا في آن واحد، عندما أرسلها ابوها الى موسى يستدعيه ليكافئه على ما قدم لبنات شعيب الحفيد، فيقول سبحانه: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ۖ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ (القصص: 25). في هذه الآية الكريمة وصف واحد حاسم يكشف عن عمق تكوينها الأخلاقي: ﴿تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾. لم يقل النص: تمشي بخيلاء أو تبرّج أو جرأة، او سفور او فوقية او استعلاء او احتقار للأطراف الأخرى، بل جعل الحياء هو «الطريق» الذي تمشي عليه. وكأن الحياء ليس مجرد شعور داخلي، بل طريقة حركة، ونوعية مشية، ومنهج حياة، وصياغة السلوك في وكيفية اقتراب المراة الصالحة من الرجل الغريب. هي تمشي لتؤدي رسالة واضحة ومحددة، تنقل دعوة أبيها المؤمن شعيب الحفيد رضي الله عنه، دون زيادة في الكلام، ودون تكسّر في الخطاب، ودون استغلال لغربة موسى وضعفه وبلغة عربية فصيحة غير خاضعة لمضغ الكلام والرطانة الممجوجة. تقول جملة واحدة مركّزة: ﴿إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾؛ لا تتوسّع في الحديث، ولا تُظهر إعجابًا، ولا تفتح بابًا للريبة. هذا النموذج من الحياء الأردني الايماني العفيف المتوازن نراه امتدادًا لطبيعة المرأة الأردنية الاصيلة في بيئتها الجبلية والبدوية عبر تاريخ الأردن: مزيج من القوة والاحترام والوقار، مع احتشام واضح في اللباس والجسد واللفظ ونمط الحركة. ثم ننتقل إلى صورة أخرى لامرأة أردنية في قراءتنا التاريخية، هي الملكة بلقيس، ملكة سبأ الشمال، التي يذكرها القرآن الكريم في سورة النمل. هي في البداية ليست مؤمنة، لكنها صاحبة عقل راجح، وحياء فطري، واحترام لهيبة المجلس واحتشام في ملابسها وزينتها. يقول تعالى: ﴿قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (النمل: 44). اللافت في هذا المشهد أن القرآن الكريم لم يذكر كشف الساقين إلا لحظة الاضطرار الى ذلك، حين ظنّت الماء لُجّة حقيقية فرفعت ثوبها لتتجنب البلل. هذا يعني ضمنًا أن لباسها كان طويلًا محتشمًا يغطي الساقين والقدمين؛ ولو لم يكن كذلك لما احتاجت إلى الكشف عنهما. إنها تدخل مجلس نبيّ وملك، في قصر مهيب، بلباس ملكي اردني اصيل ومحتشم، لا تبرّج فيه ولا تعرٍّ، ولا صبغ للحواجب وانما كانت اردنية وصارت ملكة بالانتخاب، وهي تعرف قيمة الوقار في الملبس والحضور، حتى وهي على عقيدة غير صحيحة في بداية الأمر. وينطبق عليها وعلى بنت شعيب الحفيد (رضي الله عنهما وعنه ) قول الشاعر المتنبي قبل الف سنة حُسنُ الحَضارَةِ مَجلوبٌ بِتَطرِيَةٍ = وَفي البَداوَةِ حُسنٌ غَيرُ مَجلوبِ أَينَ المَعيزُ مِنَ الآرامِ ناظِرَةً = وَغَيرَ ناظِرَةٍ في الحُسنِ وَالطيبِ أَفدي ظِباءَ فَلاةٍ ما عرفن بِها =مَضغَ الكَلامِ وَلا صَبغَ الحَواجيبِ وَلا بَرَزنَ مِنَ الحَمّامِ ماثِلَةً = أَوراكُهُنَّ صَقيلاتِ العَراقيبِ فالحياء هنا ليس مجرد حكم شرعي؛ بل هو «طبيعة» موروثة في التكوين الثقافي للمرأة الأردنية الحقيقية في هذه الجغرافيا، حيث تُحتَرم المرأة بقدر ما تحتشم وتُصان وتظهر بهيبة ووقار. بهذا تصبح ابنة شعيب الحفيد عليه السلام والملكة بلقيس صورتين متكاملتين للمرأة الأردنية في الماضي وعبر التاريخ وكلاهما ملكة في الاخلاق والعفة والحياء والاحتشام : الأولى فتاة مؤمنة عفيفة من بيت نبوة، تمشي على استحياء، وتُعرف بالعفة والعمل ومساعدة أبيها الشيخ الكبير في الرعي، والثانية ملكة صاحبة قرار، لكنها في الوقت نفسه محتشمة اللباس، محترِمة لمقام النبي سليمان عليه السلام، ذات عقل يستجيب للحق حين يتبيّن لها، فتقول في نهاية الأمر: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (النمل: 44). فالحياء هنا لا يناقض العقل، بل يصاحبه؛ والاحتشام لا يلغي قوة الشخصية، بل يجمّلها ويمنحها شرعية أخلاقية أمام الناس. وفي الجهة الأخرى، تأتي صورة امرأة العزيز المصرية في سورة يوسف، لتقدّم نموذجًا مختلفًا من البيئة والأخلاق عما كان سائدا في الأردن. يقول تعالى: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ (يوسف: 23). ثم يقول سبحانه: ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ﴾ (يوسف: 25)، وتقول لاحقًا أمام نسوة المدينة: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ (يوسف: 32). هنا نحن أمام نموذج امرأة تستخدم سلطتها ومكانتها الاجتماعية وجمالها لإغواء فتاها/ الخادم في بيتها الذي اشتراه عزيز مصر لامراته، تغلِّق الأبواب، وتبدأ المبادرة بالكلام المثير للأحاسيس والحركة البعيدة عن الحشمة والتخطيط للمعصية. لا حياء، ولا استحياء، ولا احتشام حقيقي، بل حركة هجومية في اتجاه تحقيق الشهوة، وتوظيف للمكان والنفوذ لخدمة الهوى. هذا النموذج يمثل بيئة مترفة، بلا ضوابط، انفصل فيها الجسد عن الرسالة، والرغبة عن الحياء، والسلطة عن الأخلاق. في منهجنا في علم النبوة القرآني نستطيع أن نرى مقارنة ثلاثية واضحة: ابنة شعيب الحفيد، والملكة بلقيس، وامرأة العزيز. ففي حالة ابنة شعيب الحفيد عليه السلام، الحياء هو الأصل؛ فان الكلام عندها بقدر الحاجة، والمشية محسوبة، واللباس احتشام، والتعامل مع الرجل الغريب قائم على الاحترام وإبقاء المسافة المناسبة، مع أن موسى عليه السلام في ذلك الموقف شاب أعزب، قوي، غريب، وفي موضع يمكن أن يُستغل عاطفيًا. لكنها تتصرّف بما يليق ببنت بيت نبيّ؛ فتكون صورة للمرأة الأردنية المؤمنة في أعلى درجاتها. وفي حالة بلقيس ملكة سبأ الشمال الأدومي الأردني، فان الحياء محتشد في اللباس والحضور، حتى وهي ملكة قد تعوّدت سرير الملك وهيبة العرش. تدخل الصرح بلباس يغطي جسدها حتى اخمص قدميها، فلا تكشف عن ساقيها إلا حين ظنّت أنها أمام ماء يغمر الأرض، فرفعت ثوبها لتتجنب البلل. وهذا يكشف لنا أن الأصل عندها لباس طويل، فضفاض، ساتر، وأنها لا تقصد إظهار شيء من جسدها إلا لضرورة. ثم إن عقلها الراجح جعلها لا تركب موجة العناد والتكبر، بل تعترف بالحق عندما يتبيّن لها، فتتحول من ملكة كافرة إلى امرأة مؤمنة خاشعة. أما امرأة العزيز المصرية، فهي عكس ذلك تمامًا: تستغل سلطانها، وتتنكّر للحياء، وتحوّل القصر إلى مسرح إغواء محاولة اشباع الشهوات. هي نموذج لبيئة حضرية مترفة انقطع فيها الحياء عن الدين، وتحولت فيها المرأة من شريك في العفة والعمران إلى أداة لإشباع الشهوة وكسر القيم. ومن هنا نستطيع أن نقرأ في هاتين المرأتين الأردنيتين — ابنة شعيب الحفيد عليه السلام وبلقيس — ملامح المرأة الأردنية الأصيلة عبر التاريخ: امرأة لا تلغي أنوثتها، لكنها تجعلها في إطار العفة والوقار. امرأة قادرة على العمل والرعي وخدمة أبيها الشيخ الكبير، لكنها تحفظ حدود التعامل مع الرجال. امرأة قادرة على الحكم والمُلك وإدارة الدولة، كما في حالة الملكة بلقيس، لكنها لا ترى في الاحتشام عائقًا أمام القيادة، بل ترى في الحياء تاجًا فوق الرأس يفوق تاجها الملكي، وحرزًا للكرامة يفوق عساكرها. امرأة إذا وقفت أمام نبيّ، احترمت مجلسه، وأحسّت بهيبة الوحي، وتجاوبت مع الحق عندما يتبيّن لها، دون عناد أو مكابرة. ليس غريبًا، في ضوء هذا، أن نربط بين هذه الصور القرآنية الكريمة وبين بيئة الأردن الجبلية والبدوية؛ فالمرأة التي تعيش بين الجبال والوديان والبوادي تتعلّم أن الاحتشام ليس ترفًا، بل ضرورة لحفظ المكانة في مجتمع قبلي يحترم المرأة المحصنة المستورة، ويرى في حيائها جزءًا من شرف وعقيدة العائلة والعشيرة. ولذا جاء الحديث الشريف يؤكّد: «الحياء شعبة من الإيمان»، وكأن الإيمان لا يكتمل في قلب رجل أو امرأة إلا إذا كان الحياء جزءًا من تكوينه النفسي والسلوكي. بهذه القراءة، تصبح المرأة الأردنية في النص القرآني الكريم ليست تفصيلًا عابرًا، بل شريكًا أصيلًا في صناعة التاريخ النبوي: ابنة شعيب الحفيد تسهم في إعادة بناء حياة موسى عليه السلام من خلال حيائها وعفتها وأمانة أبيها، والملكة بلقيس تسهم في إظهار حكمة سليمان عليه السلام وعدل دعوته من خلال عقلها واحتشامها واستجابتها للحق، والفرق بينهما وبين امرأة العزيز المصرية يوضح الفارق الهائل بين بيئة تُربّي المرأة على العفة والحياء والسيطرة على الشهوة، وبيئة أخرى تفتح باب القصور للفتنة، وتجعل الجسد أداة ضغط وسلاحًا للإغواء الرخيص المبتذل مهما كان غطاؤه ولقبه وتسويقه واما السيدة العبقرية نجود احدى وزيرات الملك الأدومي العظيم اعظم ملك في تاريخ الأردن فقد كانت وزيرة من وزراء الملك حدد واخترعت الهيطلية كما بينا في موقع اخر من الكتاب، واما اجمل فتاة أدومية وهي ماهيتاب فقد تزوجها الإمبراطور الاشوري واعطاءها لقب الملكة والامبراطورة أيضا وسبق ان كتبنا تفاصيل ذلك في كتابنا (اردنيات صنعن التاريخ من 12000 ق.م.-1921 م) إن تقديرنا (كمؤرخ ومفكر) للمرأة الأردنية الأصيلة في التاريخ والواقع، يستند إلى هذه الجذور القرآنية العميقة؛ فهي في مشروعنا ليست مجرد «تابعًا» للرجل، بل «حارسًا للأخلاق»، و«شريكًا في النبوة والعمران»، تحمل حياء ابنة شعيب الحفيد ، وذكاء بلقيس العظيمة، وثبات المؤمنات اللواتي يصنعن خلف الكواليس ما لا تصنعه جيوش كاملة في ساحة التاريخ. انتهت (ح269) وتليها (ح270) بعون الله تعالى وهي عن عصيون جابر الأدومية الأردنية المدينة والميناء والحاضرة البحرية:
ح269 المملكة الاردنية الأدومية (2) (12000ق. م. –450 ق.م أول امبراطورية أردنية في التاريخ وعاصمتها بصيرا / الطفيلة الأدومية تأليف المؤرخ المفكر المعارض السياسي الأردني د احمد عويدي العبادي (أبو د. البشر والطبيب د نمي) بلدانية المملكة الأردنية الأدوميةْ ه. (ح269) المراة الادومية الاردنية في القران الكريم (3300) سنة وما بعدها // حين نقرأ قصص النساء الاردنيات في القرآن الكريم من منظور علم النبوة القرآني ومن خلال مركزية الأردن في تاريخ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، نكتشف أن المرأة الأردنية الأصيلة تظهر في النص القرآني الكريم في أبهى صورها: حياءً، واحتشامًا، وعفّة، واخلاقا وسلوكا وذكاء وفطنة وفراسة ورجاحة عقل، سواء كانت مؤمنة كاملة الإيمان كابنة شعيب الحفيد عليه السلام (يثرون/جيثرو) رضي الله عنها، أو كانت في مرحلة ما قبل الإيمان الكامل كما في حالة الملكة بلقيس (رضي الله عنها) التي أسلمت لاحقًا. ويقف في الجهة الأخرى نموذج امرأة العزيز المصرية التي تمثّل بيئة مغايرة في الأخلاق والحياء وطريقة التعامل مع الرجل والمجتمع. نقدم هنا أول صورة: لابنة شعيب الحفيد في بلاد مدين الأدومية الأردنية. حيث يصف القرآن الكريم مشهدها بدقة نفسية وجسدية واخلاقيا وسلوكيا في آن واحد، عندما أرسلها ابوها الى موسى يستدعيه ليكافئه على ما قدم لبنات شعيب الحفيد، فيقول سبحانه: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ۖ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ (القصص: 25). في هذه الآية الكريمة وصف واحد حاسم يكشف عن عمق تكوينها الأخلاقي: ﴿تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾. لم يقل النص: تمشي بخيلاء أو تبرّج أو جرأة، او سفور او فوقية او استعلاء او احتقار للأطراف الأخرى، بل جعل الحياء هو «الطريق» الذي تمشي عليه. وكأن الحياء ليس مجرد شعور داخلي، بل طريقة حركة، ونوعية مشية، ومنهج حياة، وصياغة السلوك في وكيفية اقتراب المراة الصالحة من الرجل الغريب. هي تمشي لتؤدي رسالة واضحة ومحددة، تنقل دعوة أبيها المؤمن شعيب الحفيد رضي الله عنه، دون زيادة في الكلام، ودون تكسّر في الخطاب، ودون استغلال لغربة موسى وضعفه وبلغة عربية فصيحة غير خاضعة لمضغ الكلام والرطانة الممجوجة. تقول جملة واحدة مركّزة: ﴿إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾؛ لا تتوسّع في الحديث، ولا تُظهر إعجابًا، ولا تفتح بابًا للريبة. هذا النموذج من الحياء الأردني الايماني العفيف المتوازن نراه امتدادًا لطبيعة المرأة الأردنية الاصيلة في بيئتها الجبلية والبدوية عبر تاريخ الأردن: مزيج من القوة والاحترام والوقار، مع احتشام واضح في اللباس والجسد واللفظ ونمط الحركة. ثم ننتقل إلى صورة أخرى لامرأة أردنية في قراءتنا التاريخية، هي الملكة بلقيس، ملكة سبأ الشمال، التي يذكرها القرآن الكريم في سورة النمل. هي في البداية ليست مؤمنة، لكنها صاحبة عقل راجح، وحياء فطري، واحترام لهيبة المجلس واحتشام في ملابسها وزينتها. يقول تعالى: ﴿قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (النمل: 44). اللافت في هذا المشهد أن القرآن الكريم لم يذكر كشف الساقين إلا لحظة الاضطرار الى ذلك، حين ظنّت الماء لُجّة حقيقية فرفعت ثوبها لتتجنب البلل. هذا يعني ضمنًا أن لباسها كان طويلًا محتشمًا يغطي الساقين والقدمين؛ ولو لم يكن كذلك لما احتاجت إلى الكشف عنهما. إنها تدخل مجلس نبيّ وملك، في قصر مهيب، بلباس ملكي اردني اصيل ومحتشم، لا تبرّج فيه ولا تعرٍّ، ولا صبغ للحواجب وانما كانت اردنية وصارت ملكة بالانتخاب، وهي تعرف قيمة الوقار في الملبس والحضور، حتى وهي على عقيدة غير صحيحة في بداية الأمر. وينطبق عليها وعلى بنت شعيب الحفيد (رضي الله عنهما وعنه ) قول الشاعر المتنبي قبل الف سنة حُسنُ الحَضارَةِ مَجلوبٌ بِتَطرِيَةٍ = وَفي البَداوَةِ حُسنٌ غَيرُ مَجلوبِ أَينَ المَعيزُ مِنَ الآرامِ ناظِرَةً = وَغَيرَ ناظِرَةٍ في الحُسنِ وَالطيبِ أَفدي ظِباءَ فَلاةٍ ما عرفن بِها =مَضغَ الكَلامِ وَلا صَبغَ الحَواجيبِ وَلا بَرَزنَ مِنَ الحَمّامِ ماثِلَةً = أَوراكُهُنَّ صَقيلاتِ العَراقيبِ فالحياء هنا ليس مجرد حكم شرعي؛ بل هو «طبيعة» موروثة في التكوين الثقافي للمرأة الأردنية الحقيقية في هذه الجغرافيا، حيث تُحتَرم المرأة بقدر ما تحتشم وتُصان وتظهر بهيبة ووقار. بهذا تصبح ابنة شعيب الحفيد عليه السلام والملكة بلقيس صورتين متكاملتين للمرأة الأردنية في الماضي وعبر التاريخ وكلاهما ملكة في الاخلاق والعفة والحياء والاحتشام : الأولى فتاة مؤمنة عفيفة من بيت نبوة، تمشي على استحياء، وتُعرف بالعفة والعمل ومساعدة أبيها الشيخ الكبير في الرعي، والثانية ملكة صاحبة قرار، لكنها في الوقت نفسه محتشمة اللباس، محترِمة لمقام النبي سليمان عليه السلام، ذات عقل يستجيب للحق حين يتبيّن لها، فتقول في نهاية الأمر: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (النمل: 44). فالحياء هنا لا يناقض العقل، بل يصاحبه؛ والاحتشام لا يلغي قوة الشخصية، بل يجمّلها ويمنحها شرعية أخلاقية أمام الناس. وفي الجهة الأخرى، تأتي صورة امرأة العزيز المصرية في سورة يوسف، لتقدّم نموذجًا مختلفًا من البيئة والأخلاق عما كان سائدا في الأردن. يقول تعالى: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ (يوسف: 23). ثم يقول سبحانه: ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ﴾ (يوسف: 25)، وتقول لاحقًا أمام نسوة المدينة: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ (يوسف: 32). هنا نحن أمام نموذج امرأة تستخدم سلطتها ومكانتها الاجتماعية وجمالها لإغواء فتاها/ الخادم في بيتها الذي اشتراه عزيز مصر لامراته، تغلِّق الأبواب، وتبدأ المبادرة بالكلام المثير للأحاسيس والحركة البعيدة عن الحشمة والتخطيط للمعصية. لا حياء، ولا استحياء، ولا احتشام حقيقي، بل حركة هجومية في اتجاه تحقيق الشهوة، وتوظيف للمكان والنفوذ لخدمة الهوى. هذا النموذج يمثل بيئة مترفة، بلا ضوابط، انفصل فيها الجسد عن الرسالة، والرغبة عن الحياء، والسلطة عن الأخلاق. في منهجنا في علم النبوة القرآني نستطيع أن نرى مقارنة ثلاثية واضحة: ابنة شعيب الحفيد، والملكة بلقيس، وامرأة العزيز. ففي حالة ابنة شعيب الحفيد عليه السلام، الحياء هو الأصل؛ فان الكلام عندها بقدر الحاجة، والمشية محسوبة، واللباس احتشام، والتعامل مع الرجل الغريب قائم على الاحترام وإبقاء المسافة المناسبة، مع أن موسى عليه السلام في ذلك الموقف شاب أعزب، قوي، غريب، وفي موضع يمكن أن يُستغل عاطفيًا. لكنها تتصرّف بما يليق ببنت بيت نبيّ؛ فتكون صورة للمرأة الأردنية المؤمنة في أعلى درجاتها. وفي حالة بلقيس ملكة سبأ الشمال الأدومي الأردني، فان الحياء محتشد في اللباس والحضور، حتى وهي ملكة قد تعوّدت سرير الملك وهيبة العرش. تدخل الصرح بلباس يغطي جسدها حتى اخمص قدميها، فلا تكشف عن ساقيها إلا حين ظنّت أنها أمام ماء يغمر الأرض، فرفعت ثوبها لتتجنب البلل. وهذا يكشف لنا أن الأصل عندها لباس طويل، فضفاض، ساتر، وأنها لا تقصد إظهار شيء من جسدها إلا لضرورة. ثم إن عقلها الراجح جعلها لا تركب موجة العناد والتكبر، بل تعترف بالحق عندما يتبيّن لها، فتتحول من ملكة كافرة إلى امرأة مؤمنة خاشعة. أما امرأة العزيز المصرية، فهي عكس ذلك تمامًا: تستغل سلطانها، وتتنكّر للحياء، وتحوّل القصر إلى مسرح إغواء محاولة اشباع الشهوات. هي نموذج لبيئة حضرية مترفة انقطع فيها الحياء عن الدين، وتحولت فيها المرأة من شريك في العفة والعمران إلى أداة لإشباع الشهوة وكسر القيم. ومن هنا نستطيع أن نقرأ في هاتين المرأتين الأردنيتين — ابنة شعيب الحفيد عليه السلام وبلقيس — ملامح المرأة الأردنية الأصيلة عبر التاريخ: امرأة لا تلغي أنوثتها، لكنها تجعلها في إطار العفة والوقار. امرأة قادرة على العمل والرعي وخدمة أبيها الشيخ الكبير، لكنها تحفظ حدود التعامل مع الرجال. امرأة قادرة على الحكم والمُلك وإدارة الدولة، كما في حالة الملكة بلقيس، لكنها لا ترى في الاحتشام عائقًا أمام القيادة، بل ترى في الحياء تاجًا فوق الرأس يفوق تاجها الملكي، وحرزًا للكرامة يفوق عساكرها. امرأة إذا وقفت أمام نبيّ، احترمت مجلسه، وأحسّت بهيبة الوحي، وتجاوبت مع الحق عندما يتبيّن لها، دون عناد أو مكابرة. ليس غريبًا، في ضوء هذا، أن نربط بين هذه الصور القرآنية الكريمة وبين بيئة الأردن الجبلية والبدوية؛ فالمرأة التي تعيش بين الجبال والوديان والبوادي تتعلّم أن الاحتشام ليس ترفًا، بل ضرورة لحفظ المكانة في مجتمع قبلي يحترم المرأة المحصنة المستورة، ويرى في حيائها جزءًا من شرف وعقيدة العائلة والعشيرة. ولذا جاء الحديث الشريف يؤكّد: «الحياء شعبة من الإيمان»، وكأن الإيمان لا يكتمل في قلب رجل أو امرأة إلا إذا كان الحياء جزءًا من تكوينه النفسي والسلوكي. بهذه القراءة، تصبح المرأة الأردنية في النص القرآني الكريم ليست تفصيلًا عابرًا، بل شريكًا أصيلًا في صناعة التاريخ النبوي: ابنة شعيب الحفيد تسهم في إعادة بناء حياة موسى عليه السلام من خلال حيائها وعفتها وأمانة أبيها، والملكة بلقيس تسهم في إظهار حكمة سليمان عليه السلام وعدل دعوته من خلال عقلها واحتشامها واستجابتها للحق، والفرق بينهما وبين امرأة العزيز المصرية يوضح الفارق الهائل بين بيئة تُربّي المرأة على العفة والحياء والسيطرة على الشهوة، وبيئة أخرى تفتح باب القصور للفتنة، وتجعل الجسد أداة ضغط وسلاحًا للإغواء الرخيص المبتذل مهما كان غطاؤه ولقبه وتسويقه واما السيدة العبقرية نجود احدى وزيرات الملك الأدومي العظيم اعظم ملك في تاريخ الأردن فقد كانت وزيرة من وزراء الملك حدد واخترعت الهيطلية كما بينا في موقع اخر من الكتاب، واما اجمل فتاة أدومية وهي ماهيتاب فقد تزوجها الإمبراطور الاشوري واعطاءها لقب الملكة والامبراطورة أيضا وسبق ان كتبنا تفاصيل ذلك في كتابنا (اردنيات صنعن التاريخ من 12000 ق.م.-1921 م) إن تقديرنا (كمؤرخ ومفكر) للمرأة الأردنية الأصيلة في التاريخ والواقع، يستند إلى هذه الجذور القرآنية العميقة؛ فهي في مشروعنا ليست مجرد «تابعًا» للرجل، بل «حارسًا للأخلاق»، و«شريكًا في النبوة والعمران»، تحمل حياء ابنة شعيب الحفيد ، وذكاء بلقيس العظيمة، وثبات المؤمنات اللواتي يصنعن خلف الكواليس ما لا تصنعه جيوش كاملة في ساحة التاريخ. انتهت (ح269) وتليها (ح270) بعون الله تعالى وهي عن عصيون جابر الأدومية الأردنية المدينة والميناء والحاضرة البحرية:
ح269 المملكة الاردنية الأدومية (2) (12000ق. م. –450 ق.م أول امبراطورية أردنية في التاريخ وعاصمتها بصيرا / الطفيلة الأدومية تأليف المؤرخ المفكر المعارض السياسي الأردني د احمد عويدي العبادي (أبو د. البشر والطبيب د نمي) بلدانية المملكة الأردنية الأدوميةْ ه. (ح269) المراة الادومية الاردنية في القران الكريم (3300) سنة وما بعدها // حين نقرأ قصص النساء الاردنيات في القرآن الكريم من منظور علم النبوة القرآني ومن خلال مركزية الأردن في تاريخ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، نكتشف أن المرأة الأردنية الأصيلة تظهر في النص القرآني الكريم في أبهى صورها: حياءً، واحتشامًا، وعفّة، واخلاقا وسلوكا وذكاء وفطنة وفراسة ورجاحة عقل، سواء كانت مؤمنة كاملة الإيمان كابنة شعيب الحفيد عليه السلام (يثرون/جيثرو) رضي الله عنها، أو كانت في مرحلة ما قبل الإيمان الكامل كما في حالة الملكة بلقيس (رضي الله عنها) التي أسلمت لاحقًا. ويقف في الجهة الأخرى نموذج امرأة العزيز المصرية التي تمثّل بيئة مغايرة في الأخلاق والحياء وطريقة التعامل مع الرجل والمجتمع. نقدم هنا أول صورة: لابنة شعيب الحفيد في بلاد مدين الأدومية الأردنية. حيث يصف القرآن الكريم مشهدها بدقة نفسية وجسدية واخلاقيا وسلوكيا في آن واحد، عندما أرسلها ابوها الى موسى يستدعيه ليكافئه على ما قدم لبنات شعيب الحفيد، فيقول سبحانه: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ۖ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ (القصص: 25). في هذه الآية الكريمة وصف واحد حاسم يكشف عن عمق تكوينها الأخلاقي: ﴿تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾. لم يقل النص: تمشي بخيلاء أو تبرّج أو جرأة، او سفور او فوقية او استعلاء او احتقار للأطراف الأخرى، بل جعل الحياء هو «الطريق» الذي تمشي عليه. وكأن الحياء ليس مجرد شعور داخلي، بل طريقة حركة، ونوعية مشية، ومنهج حياة، وصياغة السلوك في وكيفية اقتراب المراة الصالحة من الرجل الغريب. هي تمشي لتؤدي رسالة واضحة ومحددة، تنقل دعوة أبيها المؤمن شعيب الحفيد رضي الله عنه، دون زيادة في الكلام، ودون تكسّر في الخطاب، ودون استغلال لغربة موسى وضعفه وبلغة عربية فصيحة غير خاضعة لمضغ الكلام والرطانة الممجوجة. تقول جملة واحدة مركّزة: ﴿إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾؛ لا تتوسّع في الحديث، ولا تُظهر إعجابًا، ولا تفتح بابًا للريبة. هذا النموذج من الحياء الأردني الايماني العفيف المتوازن نراه امتدادًا لطبيعة المرأة الأردنية الاصيلة في بيئتها الجبلية والبدوية عبر تاريخ الأردن: مزيج من القوة والاحترام والوقار، مع احتشام واضح في اللباس والجسد واللفظ ونمط الحركة. ثم ننتقل إلى صورة أخرى لامرأة أردنية في قراءتنا التاريخية، هي الملكة بلقيس، ملكة سبأ الشمال، التي يذكرها القرآن الكريم في سورة النمل. هي في البداية ليست مؤمنة، لكنها صاحبة عقل راجح، وحياء فطري، واحترام لهيبة المجلس واحتشام في ملابسها وزينتها. يقول تعالى: ﴿قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (النمل: 44). اللافت في هذا المشهد أن القرآن الكريم لم يذكر كشف الساقين إلا لحظة الاضطرار الى ذلك، حين ظنّت الماء لُجّة حقيقية فرفعت ثوبها لتتجنب البلل. هذا يعني ضمنًا أن لباسها كان طويلًا محتشمًا يغطي الساقين والقدمين؛ ولو لم يكن كذلك لما احتاجت إلى الكشف عنهما. إنها تدخل مجلس نبيّ وملك، في قصر مهيب، بلباس ملكي اردني اصيل ومحتشم، لا تبرّج فيه ولا تعرٍّ، ولا صبغ للحواجب وانما كانت اردنية وصارت ملكة بالانتخاب، وهي تعرف قيمة الوقار في الملبس والحضور، حتى وهي على عقيدة غير صحيحة في بداية الأمر. وينطبق عليها وعلى بنت شعيب الحفيد (رضي الله عنهما وعنه ) قول الشاعر المتنبي قبل الف سنة حُسنُ الحَضارَةِ مَجلوبٌ بِتَطرِيَةٍ = وَفي البَداوَةِ حُسنٌ غَيرُ مَجلوبِ أَينَ المَعيزُ مِنَ الآرامِ ناظِرَةً = وَغَيرَ ناظِرَةٍ في الحُسنِ وَالطيبِ أَفدي ظِباءَ فَلاةٍ ما عرفن بِها =مَضغَ الكَلامِ وَلا صَبغَ الحَواجيبِ وَلا بَرَزنَ مِنَ الحَمّامِ ماثِلَةً = أَوراكُهُنَّ صَقيلاتِ العَراقيبِ فالحياء هنا ليس مجرد حكم شرعي؛ بل هو «طبيعة» موروثة في التكوين الثقافي للمرأة الأردنية الحقيقية في هذه الجغرافيا، حيث تُحتَرم المرأة بقدر ما تحتشم وتُصان وتظهر بهيبة ووقار. بهذا تصبح ابنة شعيب الحفيد عليه السلام والملكة بلقيس صورتين متكاملتين للمرأة الأردنية في الماضي وعبر التاريخ وكلاهما ملكة في الاخلاق والعفة والحياء والاحتشام : الأولى فتاة مؤمنة عفيفة من بيت نبوة، تمشي على استحياء، وتُعرف بالعفة والعمل ومساعدة أبيها الشيخ الكبير في الرعي، والثانية ملكة صاحبة قرار، لكنها في الوقت نفسه محتشمة اللباس، محترِمة لمقام النبي سليمان عليه السلام، ذات عقل يستجيب للحق حين يتبيّن لها، فتقول في نهاية الأمر: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (النمل: 44). فالحياء هنا لا يناقض العقل، بل يصاحبه؛ والاحتشام لا يلغي قوة الشخصية، بل يجمّلها ويمنحها شرعية أخلاقية أمام الناس. وفي الجهة الأخرى، تأتي صورة امرأة العزيز المصرية في سورة يوسف، لتقدّم نموذجًا مختلفًا من البيئة والأخلاق عما كان سائدا في الأردن. يقول تعالى: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ (يوسف: 23). ثم يقول سبحانه: ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ﴾ (يوسف: 25)، وتقول لاحقًا أمام نسوة المدينة: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ (يوسف: 32). هنا نحن أمام نموذج امرأة تستخدم سلطتها ومكانتها الاجتماعية وجمالها لإغواء فتاها/ الخادم في بيتها الذي اشتراه عزيز مصر لامراته، تغلِّق الأبواب، وتبدأ المبادرة بالكلام المثير للأحاسيس والحركة البعيدة عن الحشمة والتخطيط للمعصية. لا حياء، ولا استحياء، ولا احتشام حقيقي، بل حركة هجومية في اتجاه تحقيق الشهوة، وتوظيف للمكان والنفوذ لخدمة الهوى. هذا النموذج يمثل بيئة مترفة، بلا ضوابط، انفصل فيها الجسد عن الرسالة، والرغبة عن الحياء، والسلطة عن الأخلاق. في منهجنا في علم النبوة القرآني نستطيع أن نرى مقارنة ثلاثية واضحة: ابنة شعيب الحفيد، والملكة بلقيس، وامرأة العزيز. ففي حالة ابنة شعيب الحفيد عليه السلام، الحياء هو الأصل؛ فان الكلام عندها بقدر الحاجة، والمشية محسوبة، واللباس احتشام، والتعامل مع الرجل الغريب قائم على الاحترام وإبقاء المسافة المناسبة، مع أن موسى عليه السلام في ذلك الموقف شاب أعزب، قوي، غريب، وفي موضع يمكن أن يُستغل عاطفيًا. لكنها تتصرّف بما يليق ببنت بيت نبيّ؛ فتكون صورة للمرأة الأردنية المؤمنة في أعلى درجاتها. وفي حالة بلقيس ملكة سبأ الشمال الأدومي الأردني، فان الحياء محتشد في اللباس والحضور، حتى وهي ملكة قد تعوّدت سرير الملك وهيبة العرش. تدخل الصرح بلباس يغطي جسدها حتى اخمص قدميها، فلا تكشف عن ساقيها إلا حين ظنّت أنها أمام ماء يغمر الأرض، فرفعت ثوبها لتتجنب البلل. وهذا يكشف لنا أن الأصل عندها لباس طويل، فضفاض، ساتر، وأنها لا تقصد إظهار شيء من جسدها إلا لضرورة. ثم إن عقلها الراجح جعلها لا تركب موجة العناد والتكبر، بل تعترف بالحق عندما يتبيّن لها، فتتحول من ملكة كافرة إلى امرأة مؤمنة خاشعة. أما امرأة العزيز المصرية، فهي عكس ذلك تمامًا: تستغل سلطانها، وتتنكّر للحياء، وتحوّل القصر إلى مسرح إغواء محاولة اشباع الشهوات. هي نموذج لبيئة حضرية مترفة انقطع فيها الحياء عن الدين، وتحولت فيها المرأة من شريك في العفة والعمران إلى أداة لإشباع الشهوة وكسر القيم. ومن هنا نستطيع أن نقرأ في هاتين المرأتين الأردنيتين — ابنة شعيب الحفيد عليه السلام وبلقيس — ملامح المرأة الأردنية الأصيلة عبر التاريخ: امرأة لا تلغي أنوثتها، لكنها تجعلها في إطار العفة والوقار. امرأة قادرة على العمل والرعي وخدمة أبيها الشيخ الكبير، لكنها تحفظ حدود التعامل مع الرجال. امرأة قادرة على الحكم والمُلك وإدارة الدولة، كما في حالة الملكة بلقيس، لكنها لا ترى في الاحتشام عائقًا أمام القيادة، بل ترى في الحياء تاجًا فوق الرأس يفوق تاجها الملكي، وحرزًا للكرامة يفوق عساكرها. امرأة إذا وقفت أمام نبيّ، احترمت مجلسه، وأحسّت بهيبة الوحي، وتجاوبت مع الحق عندما يتبيّن لها، دون عناد أو مكابرة. ليس غريبًا، في ضوء هذا، أن نربط بين هذه الصور القرآنية الكريمة وبين بيئة الأردن الجبلية والبدوية؛ فالمرأة التي تعيش بين الجبال والوديان والبوادي تتعلّم أن الاحتشام ليس ترفًا، بل ضرورة لحفظ المكانة في مجتمع قبلي يحترم المرأة المحصنة المستورة، ويرى في حيائها جزءًا من شرف وعقيدة العائلة والعشيرة. ولذا جاء الحديث الشريف يؤكّد: «الحياء شعبة من الإيمان»، وكأن الإيمان لا يكتمل في قلب رجل أو امرأة إلا إذا كان الحياء جزءًا من تكوينه النفسي والسلوكي. بهذه القراءة، تصبح المرأة الأردنية في النص القرآني الكريم ليست تفصيلًا عابرًا، بل شريكًا أصيلًا في صناعة التاريخ النبوي: ابنة شعيب الحفيد تسهم في إعادة بناء حياة موسى عليه السلام من خلال حيائها وعفتها وأمانة أبيها، والملكة بلقيس تسهم في إظهار حكمة سليمان عليه السلام وعدل دعوته من خلال عقلها واحتشامها واستجابتها للحق، والفرق بينهما وبين امرأة العزيز المصرية يوضح الفارق الهائل بين بيئة تُربّي المرأة على العفة والحياء والسيطرة على الشهوة، وبيئة أخرى تفتح باب القصور للفتنة، وتجعل الجسد أداة ضغط وسلاحًا للإغواء الرخيص المبتذل مهما كان غطاؤه ولقبه وتسويقه واما السيدة العبقرية نجود احدى وزيرات الملك الأدومي العظيم اعظم ملك في تاريخ الأردن فقد كانت وزيرة من وزراء الملك حدد واخترعت الهيطلية كما بينا في موقع اخر من الكتاب، واما اجمل فتاة أدومية وهي ماهيتاب فقد تزوجها الإمبراطور الاشوري واعطاءها لقب الملكة والامبراطورة أيضا وسبق ان كتبنا تفاصيل ذلك في كتابنا (اردنيات صنعن التاريخ من 12000 ق.م.-1921 م) إن تقديرنا (كمؤرخ ومفكر) للمرأة الأردنية الأصيلة في التاريخ والواقع، يستند إلى هذه الجذور القرآنية العميقة؛ فهي في مشروعنا ليست مجرد «تابعًا» للرجل، بل «حارسًا للأخلاق»، و«شريكًا في النبوة والعمران»، تحمل حياء ابنة شعيب الحفيد ، وذكاء بلقيس العظيمة، وثبات المؤمنات اللواتي يصنعن خلف الكواليس ما لا تصنعه جيوش كاملة في ساحة التاريخ. انتهت (ح269) وتليها (ح270) بعون الله تعالى وهي عن عصيون جابر الأدومية الأردنية المدينة والميناء والحاضرة البحرية:
التعليقات