منذ ما بعد الغزو الأمريكي عام 2003 ظل العراق إحدى اهم ساحات النفوذ الإقليمي لصراع القوى الكبرى في الشرق الأوسط وعلى رأسها الولايات المتحدة وإيران وهذه الدينامية المعقدة لم تختفِ مع مرور الزمن بل تحولت وتطورت لتبرز بوضوح اكبر في الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة التي جرت في نوفمبر 2025 حيث لم تكن المنافسة محلية فقط بل حملت في طياتها صراعًا استراتيجيًا إقليميًا وإن فوز ائتلاف الإعمار والتنمية بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لا يمكن فهمه بمعزل عن هذا الصراع فالقوى التي راهنت عليها واشنطن من جهة وتلك المتحالفة مع طهران من جهة أخرى كلتاهما سعت إلى استثمار الانتخابات لتعزيز حضورها في بغداد أو على الأقل لحماية مصالحها الممتدة
في هذا الاطار شهدت الانتخابات العراقية الأخيرة ايضا انعكاسات عميقة على المشهد السياسي الداخلي حيث اجتمعت مختلف العوامل الوطنية مع التأثيرات الخارجية لتشكيل معادلة معقدة للحكم في البلاد فبينما يسعى العراقيون إلى تعزيز الديمقراطية والمشاركة السياسية يظل النفوذ الأمريكي والإيراني عاملاً حاسماً في رسم ملامح السلطة القادمة وتحديد مسارات التحالفات البرلمانية بين الشخصيات والكتل
لقد اعطى واقع هذه الانتخابات صورة مكبرة عن مدى تعقيد المشهد السياسي بين القوى الوطنية والولاءات الخارجية حيث شهدت المنافسة بين ائتلاف الإعمار والتنمية والتحالفات الموالية لإيران والولايات المتحدة الامريكية معضلة حقيقية في رسم ملامح السلطة القادمة وفي الوقت الذي برز فيه نجاح بعض الشخصيات الإصلاحية كدلالة اولية على تفويض شعبي جديد للسعي نحو الاستقرار والتنمية والاعمار
في المقابل ظهر أن النفوذ الخارجي يظل عاملاً حاسماً في تحديد التحالفات البرلمانية وتشكيل الحكومة المقبلة إذ أن الولايات المتحدة تحاول تعزيز حضور قواها السياسية في بغداد دون اللجوء للعنف بينما تسعى إيران بدقة ومثابرة للحفاظ على نفوذها التقليدي عبر القوى الشيعية والمليشيات المرتبطة بها ما سيجعل من البرلمان القادم مكان لصراع المشاريع المحلية والتأثيرات الدولية ومع ذلك فقد اظهر العراقيين قدرة كبيرة على المشاركة النشطة في الانتخابات على الرغم من مقاطعة التيار الصدري في بعض المحافظات وهو ما عكس لدى العراقيين مستوى وعي سياسي متنامٍ وإرادة واضحة في مقاومة الهيمنة الخارجية مما يجعل من هذه التجربة الانتخابية خطوة واعدة نحو امكانية بناء مؤسسات قوية أكثر شفافية وفاعلية رغم التحديات المعقدة التي تواجهها البلاد بشكل مستمر
عمليا لا يمكن النظر إلى النتائج الانتخابية بمعزل عن السياق الإقليمي والدولي خاصة وان العراق يقع في قلب صراع النفوذ بين واشنطن وطهران ويواجه تحدياً مزدوجاً من جهة الحفاظ على استقلالية القرار السياسي داخلياً ومن جهة أخرى في إدارة العلاقة مع القوى الخارجية النافذة والتي تمتلك أدوات ضغط مؤثرة على الأرض وهذا الصراع سيظهر جلياً في كيفية توزيع المقاعد البرلمانية وتشكيل الحكومة المقبلة حيث ينظر إلى كل كتلة سياسية ليس فقط من منظور شعبي بل من زاوية تأثيرها على التوازن الإقليمي والدولي
النُخب السياسية العراقية تمر اليوم بمنعطف حساس وهناك توجه واضح للحديث عن 'السيادة العراقية' والابتعاد عن الوقوع في منطق التبعية لأي طرف خارجي وقد ظهرت هذه الرسالة بوضوح في خطاب السوداني وتحالفه الذي ركّز على إعادة الإعمار والتنمية بعيدًا عن المحاور التقليدية حيث وجد بعض المحللين إن هذه الانتخابات تمثل فترة ومرحلة مفصلية لإعادة رسم خريطة النفوذ والصراع الإقليمي حيث لم يعد القول الفصل حول السلاح والميليشيات بل تحول إلى معادلات سياسية تركز على بناء تحالفات برلمانية والحصول على اكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية
كما أن الانتخابات من حيث الاقبال على صناديق الاقتراع كشفت عن اتجاه متصاعد لدى المواطنين العراقيين للتركيز على القضايا الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب الأمن والاستقرار وفي ظل الانقسامات السياسية والتدخلات الخارجية المتراكمة بقى المواطن مهتماً بالفرص الحقيقية للتنمية ومكافحة الفساد مما يعطي دلالة على أن الوعي الشعبي يمكن أن يكون عامل توازن مهم وفاعل في مواجهة قوة النفوذ الخارجي ويضع العراق على طريق تعزيز مؤسساته السياسية المستقلة
من زاوية أخرى تشير العديد من التحليلات إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى تحويل طبيعة تواجدها العسكري في العراق عبر سياسة الانسحاب التدريجي من بعض القواعد وتحويل التواصل مع بغداد إلى علاقة أمنية ثنائية ترسيخًا لدور الدولة العراقية في ضبط المشهد الأمني الداخلي وتقليص التركيز على النزاع المسلح وهذا التغيير الأمريكي قد يقرأ أيضًا في سياق المخاوف من تأثير الحشد الشعبي الذي يضم بعض الفصائل الموالية لإيران على السيادة العراقية وهو ما تثيره واشنطن دائما كخطر محتمل رغم ما تبطنه من اهداف مغايرة لما تعلنه
امام هذه الخريطة السياسية والتشريعية المتشابكة والمتناقضة لا يمكن إنكار أن النفوذ الإيراني الذي لا يزال حاضرًا بقوة فالميليشيات الموالية لطهران والتي تعتبر جزءًا من ما يسمى محور المقاومة أو المحور الإيراني في العراق لم تختفِ بل دخلت المعترك الانتخابي بطريقة فاعلة من خلال جناحها السياسي او عبر الضغط بقدراتها المسلحة على الأرض في الوقت ذاته تحاول أن الولايات المتحدة من خلال تحركاتها السياسية دعم تحالفات معينة لتكون قادرة على الحد من نفوذ هذه التنظيمات أو إعادة توزيع النفوذ وفق مقتضيات كصالحها في اماكن محددة
بالإضافة إلى ذلك يرى بعض المراقبين أن إيران في الانة الاخيرة واجهت ضغوطً استراتيجية أدت إلى تراجع قدرتها على التدخل المباشر كما كان في الماضي لكنها لا تزال تلعب بقوة في تشكيل ورقة التحالفات السياسية عبر الأحزاب الشيعية التي ترتبط بها لضمان استمرار تأثيرها في النظام العراقي الجديد على مستوى الحكومة والبرلمان معا
التوتر بين واشنطن وطهران ظهر أيضًا في الديناميكية الشعبية وبعض قوى المعارضة وبعض المواطنين الذين ينظرون إلى الانتخابات بوصفها مسرحًا لصراع نفوذ خارجي أكثر من كونها منافسة ديمقراطية بيروقراطية بحتة, هذه النظرة لا تقلل من أهمية المؤسسات العراقية لكنها تسلط الضوء على مدى تعقيد المشهد وان القوى السياسية العراقية ليست مجرد أدوات محلية بل ميدان مفتوح لاستمرار الصراع الاستراتيجي القديم والمتجدد
مع كل ذلك ما يجعل الانتخابات العراقية الاخيرة جديرة بالاهتمام هو ما وصفه عدد من المراقبين بأنها شكلت تحول منضبط نحو القضايا الوطنية وادت الى وجود تحالفات جديدة وبروز خطاب واعٍ أكثر في مسالة إعادة الإعمار وجعل من الحاجات الداخلية أولوية مثل التنمية والخدمات وليس فقط الانخراط في محاور إقليمية وهذه النقطة قد تكون مفتاح لفهم كيف يمكن للعراق مستقبلا أن يتحرك بقوة أكبر نحو الاستقلال السياسي دون أن يكون رهينة لصراعات خارجية متضاربة
لكن المخاطر تبقى حتى لو نجحت بعض التيارات الوطنية في الفوز يبقى التحدي الاكبر في كيفية إقامة حكومة فعالة وقادرة على مواجهة الفصائل المسلحة وترسيخ دولة المؤسسات والقانون وإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة فالميليشيات التي لديها جذور إيديولوجية وارتباطات إقليمية لن تختفي بين ليلة وضحاها بمجرد نتائج انتخابية كما أن القوى الإقليمية التي عملت في العراق خصوصًا إيران والولايات المتحدة لن تبتعد بسهولة عن ميدان النفوذ الاستراتيجي الذي تطمح الى زيادته وتجذيره
لهذا وغيره تعتبر الانتخابات الأخيرة محطة مهمة لفهم ديناميكيات السلطة في العراق وكيف يمكن للداخل والخارج أن يشكلا معاً ملامح المستقبل السياسي للبلاد وبينما يبقى النفوذ الأمريكي والإيراني عامل ضغط مؤثر تبقى إرادة العراقيين في المشاركة الفعالة في الانتخابات مؤشراً على إمكانية بناء عراق أكثر استقراراً وشفافية وقادر على مقاومة الهيمنة الخارجية وتطوير مؤسساته الديمقراطية
في نهاية المطاف قد تعطينا هذه الانتخابات صورة معقدة لكنها مفعمة بالأمل بأن العراق يمكن أن يكون أكثر من مجرد ساحة لصراع خارجي وأن هناك عملية تدريجية وإن كانت هشة نحو تعزيز سيادته وبناء توافقات وطنية جديدة تقوم على اسس التنمية ومنطلقات الإصلاح إذا ما توفّرت النية الحقيقية عند النخب السياسية والمجتمع المدني فهناك فرص حقيقية أن تكون هذه الانتخابات نقطة انطلاق نحو مشروع عراقي أكثر استقرارًا واستقلالية
منذ ما بعد الغزو الأمريكي عام 2003 ظل العراق إحدى اهم ساحات النفوذ الإقليمي لصراع القوى الكبرى في الشرق الأوسط وعلى رأسها الولايات المتحدة وإيران وهذه الدينامية المعقدة لم تختفِ مع مرور الزمن بل تحولت وتطورت لتبرز بوضوح اكبر في الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة التي جرت في نوفمبر 2025 حيث لم تكن المنافسة محلية فقط بل حملت في طياتها صراعًا استراتيجيًا إقليميًا وإن فوز ائتلاف الإعمار والتنمية بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لا يمكن فهمه بمعزل عن هذا الصراع فالقوى التي راهنت عليها واشنطن من جهة وتلك المتحالفة مع طهران من جهة أخرى كلتاهما سعت إلى استثمار الانتخابات لتعزيز حضورها في بغداد أو على الأقل لحماية مصالحها الممتدة
في هذا الاطار شهدت الانتخابات العراقية الأخيرة ايضا انعكاسات عميقة على المشهد السياسي الداخلي حيث اجتمعت مختلف العوامل الوطنية مع التأثيرات الخارجية لتشكيل معادلة معقدة للحكم في البلاد فبينما يسعى العراقيون إلى تعزيز الديمقراطية والمشاركة السياسية يظل النفوذ الأمريكي والإيراني عاملاً حاسماً في رسم ملامح السلطة القادمة وتحديد مسارات التحالفات البرلمانية بين الشخصيات والكتل
لقد اعطى واقع هذه الانتخابات صورة مكبرة عن مدى تعقيد المشهد السياسي بين القوى الوطنية والولاءات الخارجية حيث شهدت المنافسة بين ائتلاف الإعمار والتنمية والتحالفات الموالية لإيران والولايات المتحدة الامريكية معضلة حقيقية في رسم ملامح السلطة القادمة وفي الوقت الذي برز فيه نجاح بعض الشخصيات الإصلاحية كدلالة اولية على تفويض شعبي جديد للسعي نحو الاستقرار والتنمية والاعمار
في المقابل ظهر أن النفوذ الخارجي يظل عاملاً حاسماً في تحديد التحالفات البرلمانية وتشكيل الحكومة المقبلة إذ أن الولايات المتحدة تحاول تعزيز حضور قواها السياسية في بغداد دون اللجوء للعنف بينما تسعى إيران بدقة ومثابرة للحفاظ على نفوذها التقليدي عبر القوى الشيعية والمليشيات المرتبطة بها ما سيجعل من البرلمان القادم مكان لصراع المشاريع المحلية والتأثيرات الدولية ومع ذلك فقد اظهر العراقيين قدرة كبيرة على المشاركة النشطة في الانتخابات على الرغم من مقاطعة التيار الصدري في بعض المحافظات وهو ما عكس لدى العراقيين مستوى وعي سياسي متنامٍ وإرادة واضحة في مقاومة الهيمنة الخارجية مما يجعل من هذه التجربة الانتخابية خطوة واعدة نحو امكانية بناء مؤسسات قوية أكثر شفافية وفاعلية رغم التحديات المعقدة التي تواجهها البلاد بشكل مستمر
عمليا لا يمكن النظر إلى النتائج الانتخابية بمعزل عن السياق الإقليمي والدولي خاصة وان العراق يقع في قلب صراع النفوذ بين واشنطن وطهران ويواجه تحدياً مزدوجاً من جهة الحفاظ على استقلالية القرار السياسي داخلياً ومن جهة أخرى في إدارة العلاقة مع القوى الخارجية النافذة والتي تمتلك أدوات ضغط مؤثرة على الأرض وهذا الصراع سيظهر جلياً في كيفية توزيع المقاعد البرلمانية وتشكيل الحكومة المقبلة حيث ينظر إلى كل كتلة سياسية ليس فقط من منظور شعبي بل من زاوية تأثيرها على التوازن الإقليمي والدولي
النُخب السياسية العراقية تمر اليوم بمنعطف حساس وهناك توجه واضح للحديث عن 'السيادة العراقية' والابتعاد عن الوقوع في منطق التبعية لأي طرف خارجي وقد ظهرت هذه الرسالة بوضوح في خطاب السوداني وتحالفه الذي ركّز على إعادة الإعمار والتنمية بعيدًا عن المحاور التقليدية حيث وجد بعض المحللين إن هذه الانتخابات تمثل فترة ومرحلة مفصلية لإعادة رسم خريطة النفوذ والصراع الإقليمي حيث لم يعد القول الفصل حول السلاح والميليشيات بل تحول إلى معادلات سياسية تركز على بناء تحالفات برلمانية والحصول على اكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية
كما أن الانتخابات من حيث الاقبال على صناديق الاقتراع كشفت عن اتجاه متصاعد لدى المواطنين العراقيين للتركيز على القضايا الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب الأمن والاستقرار وفي ظل الانقسامات السياسية والتدخلات الخارجية المتراكمة بقى المواطن مهتماً بالفرص الحقيقية للتنمية ومكافحة الفساد مما يعطي دلالة على أن الوعي الشعبي يمكن أن يكون عامل توازن مهم وفاعل في مواجهة قوة النفوذ الخارجي ويضع العراق على طريق تعزيز مؤسساته السياسية المستقلة
من زاوية أخرى تشير العديد من التحليلات إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى تحويل طبيعة تواجدها العسكري في العراق عبر سياسة الانسحاب التدريجي من بعض القواعد وتحويل التواصل مع بغداد إلى علاقة أمنية ثنائية ترسيخًا لدور الدولة العراقية في ضبط المشهد الأمني الداخلي وتقليص التركيز على النزاع المسلح وهذا التغيير الأمريكي قد يقرأ أيضًا في سياق المخاوف من تأثير الحشد الشعبي الذي يضم بعض الفصائل الموالية لإيران على السيادة العراقية وهو ما تثيره واشنطن دائما كخطر محتمل رغم ما تبطنه من اهداف مغايرة لما تعلنه
امام هذه الخريطة السياسية والتشريعية المتشابكة والمتناقضة لا يمكن إنكار أن النفوذ الإيراني الذي لا يزال حاضرًا بقوة فالميليشيات الموالية لطهران والتي تعتبر جزءًا من ما يسمى محور المقاومة أو المحور الإيراني في العراق لم تختفِ بل دخلت المعترك الانتخابي بطريقة فاعلة من خلال جناحها السياسي او عبر الضغط بقدراتها المسلحة على الأرض في الوقت ذاته تحاول أن الولايات المتحدة من خلال تحركاتها السياسية دعم تحالفات معينة لتكون قادرة على الحد من نفوذ هذه التنظيمات أو إعادة توزيع النفوذ وفق مقتضيات كصالحها في اماكن محددة
بالإضافة إلى ذلك يرى بعض المراقبين أن إيران في الانة الاخيرة واجهت ضغوطً استراتيجية أدت إلى تراجع قدرتها على التدخل المباشر كما كان في الماضي لكنها لا تزال تلعب بقوة في تشكيل ورقة التحالفات السياسية عبر الأحزاب الشيعية التي ترتبط بها لضمان استمرار تأثيرها في النظام العراقي الجديد على مستوى الحكومة والبرلمان معا
التوتر بين واشنطن وطهران ظهر أيضًا في الديناميكية الشعبية وبعض قوى المعارضة وبعض المواطنين الذين ينظرون إلى الانتخابات بوصفها مسرحًا لصراع نفوذ خارجي أكثر من كونها منافسة ديمقراطية بيروقراطية بحتة, هذه النظرة لا تقلل من أهمية المؤسسات العراقية لكنها تسلط الضوء على مدى تعقيد المشهد وان القوى السياسية العراقية ليست مجرد أدوات محلية بل ميدان مفتوح لاستمرار الصراع الاستراتيجي القديم والمتجدد
مع كل ذلك ما يجعل الانتخابات العراقية الاخيرة جديرة بالاهتمام هو ما وصفه عدد من المراقبين بأنها شكلت تحول منضبط نحو القضايا الوطنية وادت الى وجود تحالفات جديدة وبروز خطاب واعٍ أكثر في مسالة إعادة الإعمار وجعل من الحاجات الداخلية أولوية مثل التنمية والخدمات وليس فقط الانخراط في محاور إقليمية وهذه النقطة قد تكون مفتاح لفهم كيف يمكن للعراق مستقبلا أن يتحرك بقوة أكبر نحو الاستقلال السياسي دون أن يكون رهينة لصراعات خارجية متضاربة
لكن المخاطر تبقى حتى لو نجحت بعض التيارات الوطنية في الفوز يبقى التحدي الاكبر في كيفية إقامة حكومة فعالة وقادرة على مواجهة الفصائل المسلحة وترسيخ دولة المؤسسات والقانون وإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة فالميليشيات التي لديها جذور إيديولوجية وارتباطات إقليمية لن تختفي بين ليلة وضحاها بمجرد نتائج انتخابية كما أن القوى الإقليمية التي عملت في العراق خصوصًا إيران والولايات المتحدة لن تبتعد بسهولة عن ميدان النفوذ الاستراتيجي الذي تطمح الى زيادته وتجذيره
لهذا وغيره تعتبر الانتخابات الأخيرة محطة مهمة لفهم ديناميكيات السلطة في العراق وكيف يمكن للداخل والخارج أن يشكلا معاً ملامح المستقبل السياسي للبلاد وبينما يبقى النفوذ الأمريكي والإيراني عامل ضغط مؤثر تبقى إرادة العراقيين في المشاركة الفعالة في الانتخابات مؤشراً على إمكانية بناء عراق أكثر استقراراً وشفافية وقادر على مقاومة الهيمنة الخارجية وتطوير مؤسساته الديمقراطية
في نهاية المطاف قد تعطينا هذه الانتخابات صورة معقدة لكنها مفعمة بالأمل بأن العراق يمكن أن يكون أكثر من مجرد ساحة لصراع خارجي وأن هناك عملية تدريجية وإن كانت هشة نحو تعزيز سيادته وبناء توافقات وطنية جديدة تقوم على اسس التنمية ومنطلقات الإصلاح إذا ما توفّرت النية الحقيقية عند النخب السياسية والمجتمع المدني فهناك فرص حقيقية أن تكون هذه الانتخابات نقطة انطلاق نحو مشروع عراقي أكثر استقرارًا واستقلالية
منذ ما بعد الغزو الأمريكي عام 2003 ظل العراق إحدى اهم ساحات النفوذ الإقليمي لصراع القوى الكبرى في الشرق الأوسط وعلى رأسها الولايات المتحدة وإيران وهذه الدينامية المعقدة لم تختفِ مع مرور الزمن بل تحولت وتطورت لتبرز بوضوح اكبر في الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة التي جرت في نوفمبر 2025 حيث لم تكن المنافسة محلية فقط بل حملت في طياتها صراعًا استراتيجيًا إقليميًا وإن فوز ائتلاف الإعمار والتنمية بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لا يمكن فهمه بمعزل عن هذا الصراع فالقوى التي راهنت عليها واشنطن من جهة وتلك المتحالفة مع طهران من جهة أخرى كلتاهما سعت إلى استثمار الانتخابات لتعزيز حضورها في بغداد أو على الأقل لحماية مصالحها الممتدة
في هذا الاطار شهدت الانتخابات العراقية الأخيرة ايضا انعكاسات عميقة على المشهد السياسي الداخلي حيث اجتمعت مختلف العوامل الوطنية مع التأثيرات الخارجية لتشكيل معادلة معقدة للحكم في البلاد فبينما يسعى العراقيون إلى تعزيز الديمقراطية والمشاركة السياسية يظل النفوذ الأمريكي والإيراني عاملاً حاسماً في رسم ملامح السلطة القادمة وتحديد مسارات التحالفات البرلمانية بين الشخصيات والكتل
لقد اعطى واقع هذه الانتخابات صورة مكبرة عن مدى تعقيد المشهد السياسي بين القوى الوطنية والولاءات الخارجية حيث شهدت المنافسة بين ائتلاف الإعمار والتنمية والتحالفات الموالية لإيران والولايات المتحدة الامريكية معضلة حقيقية في رسم ملامح السلطة القادمة وفي الوقت الذي برز فيه نجاح بعض الشخصيات الإصلاحية كدلالة اولية على تفويض شعبي جديد للسعي نحو الاستقرار والتنمية والاعمار
في المقابل ظهر أن النفوذ الخارجي يظل عاملاً حاسماً في تحديد التحالفات البرلمانية وتشكيل الحكومة المقبلة إذ أن الولايات المتحدة تحاول تعزيز حضور قواها السياسية في بغداد دون اللجوء للعنف بينما تسعى إيران بدقة ومثابرة للحفاظ على نفوذها التقليدي عبر القوى الشيعية والمليشيات المرتبطة بها ما سيجعل من البرلمان القادم مكان لصراع المشاريع المحلية والتأثيرات الدولية ومع ذلك فقد اظهر العراقيين قدرة كبيرة على المشاركة النشطة في الانتخابات على الرغم من مقاطعة التيار الصدري في بعض المحافظات وهو ما عكس لدى العراقيين مستوى وعي سياسي متنامٍ وإرادة واضحة في مقاومة الهيمنة الخارجية مما يجعل من هذه التجربة الانتخابية خطوة واعدة نحو امكانية بناء مؤسسات قوية أكثر شفافية وفاعلية رغم التحديات المعقدة التي تواجهها البلاد بشكل مستمر
عمليا لا يمكن النظر إلى النتائج الانتخابية بمعزل عن السياق الإقليمي والدولي خاصة وان العراق يقع في قلب صراع النفوذ بين واشنطن وطهران ويواجه تحدياً مزدوجاً من جهة الحفاظ على استقلالية القرار السياسي داخلياً ومن جهة أخرى في إدارة العلاقة مع القوى الخارجية النافذة والتي تمتلك أدوات ضغط مؤثرة على الأرض وهذا الصراع سيظهر جلياً في كيفية توزيع المقاعد البرلمانية وتشكيل الحكومة المقبلة حيث ينظر إلى كل كتلة سياسية ليس فقط من منظور شعبي بل من زاوية تأثيرها على التوازن الإقليمي والدولي
النُخب السياسية العراقية تمر اليوم بمنعطف حساس وهناك توجه واضح للحديث عن 'السيادة العراقية' والابتعاد عن الوقوع في منطق التبعية لأي طرف خارجي وقد ظهرت هذه الرسالة بوضوح في خطاب السوداني وتحالفه الذي ركّز على إعادة الإعمار والتنمية بعيدًا عن المحاور التقليدية حيث وجد بعض المحللين إن هذه الانتخابات تمثل فترة ومرحلة مفصلية لإعادة رسم خريطة النفوذ والصراع الإقليمي حيث لم يعد القول الفصل حول السلاح والميليشيات بل تحول إلى معادلات سياسية تركز على بناء تحالفات برلمانية والحصول على اكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية
كما أن الانتخابات من حيث الاقبال على صناديق الاقتراع كشفت عن اتجاه متصاعد لدى المواطنين العراقيين للتركيز على القضايا الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب الأمن والاستقرار وفي ظل الانقسامات السياسية والتدخلات الخارجية المتراكمة بقى المواطن مهتماً بالفرص الحقيقية للتنمية ومكافحة الفساد مما يعطي دلالة على أن الوعي الشعبي يمكن أن يكون عامل توازن مهم وفاعل في مواجهة قوة النفوذ الخارجي ويضع العراق على طريق تعزيز مؤسساته السياسية المستقلة
من زاوية أخرى تشير العديد من التحليلات إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى تحويل طبيعة تواجدها العسكري في العراق عبر سياسة الانسحاب التدريجي من بعض القواعد وتحويل التواصل مع بغداد إلى علاقة أمنية ثنائية ترسيخًا لدور الدولة العراقية في ضبط المشهد الأمني الداخلي وتقليص التركيز على النزاع المسلح وهذا التغيير الأمريكي قد يقرأ أيضًا في سياق المخاوف من تأثير الحشد الشعبي الذي يضم بعض الفصائل الموالية لإيران على السيادة العراقية وهو ما تثيره واشنطن دائما كخطر محتمل رغم ما تبطنه من اهداف مغايرة لما تعلنه
امام هذه الخريطة السياسية والتشريعية المتشابكة والمتناقضة لا يمكن إنكار أن النفوذ الإيراني الذي لا يزال حاضرًا بقوة فالميليشيات الموالية لطهران والتي تعتبر جزءًا من ما يسمى محور المقاومة أو المحور الإيراني في العراق لم تختفِ بل دخلت المعترك الانتخابي بطريقة فاعلة من خلال جناحها السياسي او عبر الضغط بقدراتها المسلحة على الأرض في الوقت ذاته تحاول أن الولايات المتحدة من خلال تحركاتها السياسية دعم تحالفات معينة لتكون قادرة على الحد من نفوذ هذه التنظيمات أو إعادة توزيع النفوذ وفق مقتضيات كصالحها في اماكن محددة
بالإضافة إلى ذلك يرى بعض المراقبين أن إيران في الانة الاخيرة واجهت ضغوطً استراتيجية أدت إلى تراجع قدرتها على التدخل المباشر كما كان في الماضي لكنها لا تزال تلعب بقوة في تشكيل ورقة التحالفات السياسية عبر الأحزاب الشيعية التي ترتبط بها لضمان استمرار تأثيرها في النظام العراقي الجديد على مستوى الحكومة والبرلمان معا
التوتر بين واشنطن وطهران ظهر أيضًا في الديناميكية الشعبية وبعض قوى المعارضة وبعض المواطنين الذين ينظرون إلى الانتخابات بوصفها مسرحًا لصراع نفوذ خارجي أكثر من كونها منافسة ديمقراطية بيروقراطية بحتة, هذه النظرة لا تقلل من أهمية المؤسسات العراقية لكنها تسلط الضوء على مدى تعقيد المشهد وان القوى السياسية العراقية ليست مجرد أدوات محلية بل ميدان مفتوح لاستمرار الصراع الاستراتيجي القديم والمتجدد
مع كل ذلك ما يجعل الانتخابات العراقية الاخيرة جديرة بالاهتمام هو ما وصفه عدد من المراقبين بأنها شكلت تحول منضبط نحو القضايا الوطنية وادت الى وجود تحالفات جديدة وبروز خطاب واعٍ أكثر في مسالة إعادة الإعمار وجعل من الحاجات الداخلية أولوية مثل التنمية والخدمات وليس فقط الانخراط في محاور إقليمية وهذه النقطة قد تكون مفتاح لفهم كيف يمكن للعراق مستقبلا أن يتحرك بقوة أكبر نحو الاستقلال السياسي دون أن يكون رهينة لصراعات خارجية متضاربة
لكن المخاطر تبقى حتى لو نجحت بعض التيارات الوطنية في الفوز يبقى التحدي الاكبر في كيفية إقامة حكومة فعالة وقادرة على مواجهة الفصائل المسلحة وترسيخ دولة المؤسسات والقانون وإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة فالميليشيات التي لديها جذور إيديولوجية وارتباطات إقليمية لن تختفي بين ليلة وضحاها بمجرد نتائج انتخابية كما أن القوى الإقليمية التي عملت في العراق خصوصًا إيران والولايات المتحدة لن تبتعد بسهولة عن ميدان النفوذ الاستراتيجي الذي تطمح الى زيادته وتجذيره
لهذا وغيره تعتبر الانتخابات الأخيرة محطة مهمة لفهم ديناميكيات السلطة في العراق وكيف يمكن للداخل والخارج أن يشكلا معاً ملامح المستقبل السياسي للبلاد وبينما يبقى النفوذ الأمريكي والإيراني عامل ضغط مؤثر تبقى إرادة العراقيين في المشاركة الفعالة في الانتخابات مؤشراً على إمكانية بناء عراق أكثر استقراراً وشفافية وقادر على مقاومة الهيمنة الخارجية وتطوير مؤسساته الديمقراطية
في نهاية المطاف قد تعطينا هذه الانتخابات صورة معقدة لكنها مفعمة بالأمل بأن العراق يمكن أن يكون أكثر من مجرد ساحة لصراع خارجي وأن هناك عملية تدريجية وإن كانت هشة نحو تعزيز سيادته وبناء توافقات وطنية جديدة تقوم على اسس التنمية ومنطلقات الإصلاح إذا ما توفّرت النية الحقيقية عند النخب السياسية والمجتمع المدني فهناك فرص حقيقية أن تكون هذه الانتخابات نقطة انطلاق نحو مشروع عراقي أكثر استقرارًا واستقلالية
التعليقات