منذ أن أعلن الرئيس دونالد ترامب في لحظة من الغرور السياسي المفرط قوله المثير للجدل ' أنا الملك الآن ' بدا وكأنه يعيش حالة من الهذيان السياسي أشبه بمن تلقى ضربة شمس قوية أو أصيب بحمى متأخرة أفقدته الوعي لفهم التوازن بين الواقع والوهم خصوصا وانه لطالما قدّم نفسه بوصفه المنقذ والمخلّص الا انه تحول في ولايته الثانية من رئيس خرج من رحم صناديق الاقتراع إلى ملك يتربع على عرش القوة والاستبداد في صورة متضخمة من ذاته تسعى لفرض الهيمنة المطلقة على كل مفاصل الدولة الأميركية الحديثة
على وقع هذا التصريح الاستفزازي خرج ملايين الأميركيين إلى الشوارع في مشهد لم تعرفه البلاد منذ عقود طويلة مرددين بصوت واحد ' لا للملوك ' لا أحد فوق القانون وهذه الجماهير الغاضبة التي احتلت نحو ألفي مدينة وبلدة من نيويورك إلى لوس أنجلوس ومن واشنطن إلى شيكاغو لم تعد تحتمل نزعة ترامب المتسلطة ولا محاولاته المستمرة لتطويع المؤسسات الدستورية والقانونية وكأنها أدوات خاصة تعمل في خدمته الشخصية كما الغضب الشعبي لم يكن مجرد انفجار لحظة مستجدة بل تعبير عميق عن خوف متأصل ومتزايد من انهيار الديمقراطية في مهدها الأول
ترامب بدوره حاول لاحقاً إنكار نزعاته الملكية قائلاً لست' ملكاً ' بل رئيساً منتخباً من الشعب ولم يقنع أحداً بمسرحيته هذه فكل قراراته وممارساته وتصريحاته منذ بداية ولايته الثانية تشير إلى نزوع واضح نحو ' الحكم الفردي ' حيث من قلّص صلاحيات الكونغرس وتحدى القضاء وهاجم الإعلام الحر واعتبر كل معارضة له خيانة وطنية والنتيجة أن أميركا التي كانت تفاخر العالم بأنها قلعة الديمقراطية الاقوى تحولت في عهده إلى ساحة صراع متجدد بين سلطة مهووسة بالتسلط وشعب يرفض أن يكون رعية لملك متوهم ومريض نفسي وطاغية وعدو للديمقراطية والحرية وكأن الله بعثه ليفرق الشعب ويدمر امريكا من الداخل
الثورة الشعبية العارمة لم تتوقف عند الشأن الداخلي بل امتدت لتكشف الوجه القبيح للسياسة الخارجية الأميركية حين ربط المتظاهرون بين استبداد ترامب في الداخل ودعمه الأعمى للاحتلال الإسرائيلي في الخارج حيث رفعوا لافتات تقول لا للملوك ولا للمحتلين ولا للديمقراطية التي تقتل الأطفال في غزة مؤكدين أن من يدعم القمع في الخارج لا يمكن أن يحمي الحرية في الداخل وقد أدرك الأميركيون أن ثمن الانحياز الأعمى لتل أبيب لم يعد يُدفع فقط من اموالهم وضرائبهم بل ايضا من صورتهم وهويتهم السياسية التي اصبحت تتهاوى أمام العالم بشكل مخزي
الأزمة القائمة في المجتمع الأميركي باتت تتجاوز شخصية ترامب لتكشف عمق التآكل والتردي في منظومة القيم التي تأسست عليها الجمهورية والعديد من استطلاعات الراي اظهرت أن أغلبية المواطنين باتوا يرون أن بلادهم تسير في الاتجاه الخاطئ وأن النظام السياسي مع ترامب لم يعد يمثلهم فيما يستمر التضخم وتنهار القدرة الشرائية وتضخ المليارات في تمويل الحروب الخارجية بدلاً من معالجة هموم وقضايا المواطن العادي وقد جاءت معظم شعارات المحتجين معبّرة عن هذا الوعي الجديد ' الخبز ' أولاً وليس ' للقنابل' ودعم الغزاة والمحتلين
ما يحدث في الشوارع الأميركية اليوم يشبه لحظة صحوة من غيبوبة طويلة وكأن الشعب الأميركي قد استيقظ فجأة ليجد نفسه في قبضة زعيم متهور يتصرف كإقطاعي يحكم مملكة لا جمهورية كما اصبحوا يدركون الآن أن الخطر الحقيقي ليس في السياسات بل في الفكرة ذاتها التي تفترض أن الرئيس يمكن أن يكون فوق المساءلة وأن الحرس الوطني بتشكيلاته الضاربة يمكن أن يُستخدم لقمع الصوت الوطني الحر وهو ما جعل المشهد الأميركي أشبه بمرآة تعكس أزمة حضارية تتجاوز السياسة إلى الهوية والضمير والمستقبل
في الواقع لقد تجاوز ترامب حدود المألوف في كل ما يقوله ويفعله حتى بات العالم يتساءل أهو رئيس دولة عظمى أم ممثل في مسرح عبثي لا نهاية له بتصرفاته المهووسة وتصريحاته المتشنجة التي تكشف عن عقل مأزوم يرى في نفسه ' معجزة التاريخ ' ويظن أن الكواكب تدور بإرادته وأن الأقدار تطيع أوامره والغريب انه كلما خسر معركة أو واجه انتقاداً هاجم الجميع واتهم القضاء والإعلام والشعب ذاته بالخيانة وكأن الحقيقة الوحيدة في هذا الكون هي ' ترامب نفسه ' أما ما عداه فمجرد أصوات ضالة لا تستحق إلا التهميش والصمت والعقاب
الأخطر من كل ذلك أن نوبات جنون ترامب السياسية تتفاقم حتى يات يخشى العقلاء أن يستيقظ العالم ذات صباح ليجد هذا الرجل يطل عليهم من شرفة البيت الأبيض معلناً أنه أصبح ' إلهاً ورباً يعبد ' وأن معارضته لا زالت كفر بالديمقراطية وعصيان للوطن وأن طاعته فرض لا يجوز نقضه لا شرعاً ولا قانوناً عندها فقط سيدرك الأميركيون أن المرض لم يكن في شخصينه فحسب بل ايضا في كامل النظام الرسمي الذي سمح لغروره أن يتغوّل ولجنونه أن يتحكم بمصير شعوب وأمم بأكملها
لقد بلغ جنون العظمة في ترامب حد الهوس الكامل والذي كلما ضاق عليه الخناق ازداد صراخاً بأنه المخلّص الوحيد وكلمته وحي سماوي وأن من يعارضه خائن وفاسد وعدو للأمة وكأنه خرج من كتب الأساطير القديمة ويعيش حالة انفصال تام عن الواقع يقف اليوم أمام اختبار مصيري فإما أن يختار طريق المواجهة بالقوة ويكرر اخطاء الطغاة الذين ظنوا أن بإمكانهم إسكات الغضب الشعبي أو أن يدرك متأخراً أن شرعية أي حاكم لا تُبنى على الخوف بل على احترام الشعب والدستور
الملك المختار ' دونالد جون ترامب ' بعقليته المتخلفة لم يعد يمثل حزباً بعينه ولا فكراً بمضمونه بل اصبح يعبر عن حالة انهيار الكيان السياسي الأميركي برمته أمام سطوة الإعلام والمال والشهرة على يد ( زعيم خرج من رحم الفوضى ليحكمها ثم يغرق فيها ) فإذا لم تُكبح اندفاعاته المتهورة قريباً فقد نسمع منه ما هو أدهى من قوله ' أنا الملك الآن ' خاصة وانه لا يؤمن إلا بذاته ولا يسمع إلا صوته وحين يصل جنون القوة إلى هذه الدرجة فهو لا يهدد الديمقراطية الأميركية فحسب بل يتحول إلى خطر وجودي على البشرية كلها وهل يبقى الأميركيون غارقون في سباتهم العميق ينتظرون بشرى معجزته القادمة ليجدوا أنفسهم في دولة يحكمها ' ملك مزيف مستبد ' لا يعرف حدوداً ولا يعترف بعقل أو قانون أو إنسانية
منذ أن أعلن الرئيس دونالد ترامب في لحظة من الغرور السياسي المفرط قوله المثير للجدل ' أنا الملك الآن ' بدا وكأنه يعيش حالة من الهذيان السياسي أشبه بمن تلقى ضربة شمس قوية أو أصيب بحمى متأخرة أفقدته الوعي لفهم التوازن بين الواقع والوهم خصوصا وانه لطالما قدّم نفسه بوصفه المنقذ والمخلّص الا انه تحول في ولايته الثانية من رئيس خرج من رحم صناديق الاقتراع إلى ملك يتربع على عرش القوة والاستبداد في صورة متضخمة من ذاته تسعى لفرض الهيمنة المطلقة على كل مفاصل الدولة الأميركية الحديثة
على وقع هذا التصريح الاستفزازي خرج ملايين الأميركيين إلى الشوارع في مشهد لم تعرفه البلاد منذ عقود طويلة مرددين بصوت واحد ' لا للملوك ' لا أحد فوق القانون وهذه الجماهير الغاضبة التي احتلت نحو ألفي مدينة وبلدة من نيويورك إلى لوس أنجلوس ومن واشنطن إلى شيكاغو لم تعد تحتمل نزعة ترامب المتسلطة ولا محاولاته المستمرة لتطويع المؤسسات الدستورية والقانونية وكأنها أدوات خاصة تعمل في خدمته الشخصية كما الغضب الشعبي لم يكن مجرد انفجار لحظة مستجدة بل تعبير عميق عن خوف متأصل ومتزايد من انهيار الديمقراطية في مهدها الأول
ترامب بدوره حاول لاحقاً إنكار نزعاته الملكية قائلاً لست' ملكاً ' بل رئيساً منتخباً من الشعب ولم يقنع أحداً بمسرحيته هذه فكل قراراته وممارساته وتصريحاته منذ بداية ولايته الثانية تشير إلى نزوع واضح نحو ' الحكم الفردي ' حيث من قلّص صلاحيات الكونغرس وتحدى القضاء وهاجم الإعلام الحر واعتبر كل معارضة له خيانة وطنية والنتيجة أن أميركا التي كانت تفاخر العالم بأنها قلعة الديمقراطية الاقوى تحولت في عهده إلى ساحة صراع متجدد بين سلطة مهووسة بالتسلط وشعب يرفض أن يكون رعية لملك متوهم ومريض نفسي وطاغية وعدو للديمقراطية والحرية وكأن الله بعثه ليفرق الشعب ويدمر امريكا من الداخل
الثورة الشعبية العارمة لم تتوقف عند الشأن الداخلي بل امتدت لتكشف الوجه القبيح للسياسة الخارجية الأميركية حين ربط المتظاهرون بين استبداد ترامب في الداخل ودعمه الأعمى للاحتلال الإسرائيلي في الخارج حيث رفعوا لافتات تقول لا للملوك ولا للمحتلين ولا للديمقراطية التي تقتل الأطفال في غزة مؤكدين أن من يدعم القمع في الخارج لا يمكن أن يحمي الحرية في الداخل وقد أدرك الأميركيون أن ثمن الانحياز الأعمى لتل أبيب لم يعد يُدفع فقط من اموالهم وضرائبهم بل ايضا من صورتهم وهويتهم السياسية التي اصبحت تتهاوى أمام العالم بشكل مخزي
الأزمة القائمة في المجتمع الأميركي باتت تتجاوز شخصية ترامب لتكشف عمق التآكل والتردي في منظومة القيم التي تأسست عليها الجمهورية والعديد من استطلاعات الراي اظهرت أن أغلبية المواطنين باتوا يرون أن بلادهم تسير في الاتجاه الخاطئ وأن النظام السياسي مع ترامب لم يعد يمثلهم فيما يستمر التضخم وتنهار القدرة الشرائية وتضخ المليارات في تمويل الحروب الخارجية بدلاً من معالجة هموم وقضايا المواطن العادي وقد جاءت معظم شعارات المحتجين معبّرة عن هذا الوعي الجديد ' الخبز ' أولاً وليس ' للقنابل' ودعم الغزاة والمحتلين
ما يحدث في الشوارع الأميركية اليوم يشبه لحظة صحوة من غيبوبة طويلة وكأن الشعب الأميركي قد استيقظ فجأة ليجد نفسه في قبضة زعيم متهور يتصرف كإقطاعي يحكم مملكة لا جمهورية كما اصبحوا يدركون الآن أن الخطر الحقيقي ليس في السياسات بل في الفكرة ذاتها التي تفترض أن الرئيس يمكن أن يكون فوق المساءلة وأن الحرس الوطني بتشكيلاته الضاربة يمكن أن يُستخدم لقمع الصوت الوطني الحر وهو ما جعل المشهد الأميركي أشبه بمرآة تعكس أزمة حضارية تتجاوز السياسة إلى الهوية والضمير والمستقبل
في الواقع لقد تجاوز ترامب حدود المألوف في كل ما يقوله ويفعله حتى بات العالم يتساءل أهو رئيس دولة عظمى أم ممثل في مسرح عبثي لا نهاية له بتصرفاته المهووسة وتصريحاته المتشنجة التي تكشف عن عقل مأزوم يرى في نفسه ' معجزة التاريخ ' ويظن أن الكواكب تدور بإرادته وأن الأقدار تطيع أوامره والغريب انه كلما خسر معركة أو واجه انتقاداً هاجم الجميع واتهم القضاء والإعلام والشعب ذاته بالخيانة وكأن الحقيقة الوحيدة في هذا الكون هي ' ترامب نفسه ' أما ما عداه فمجرد أصوات ضالة لا تستحق إلا التهميش والصمت والعقاب
الأخطر من كل ذلك أن نوبات جنون ترامب السياسية تتفاقم حتى يات يخشى العقلاء أن يستيقظ العالم ذات صباح ليجد هذا الرجل يطل عليهم من شرفة البيت الأبيض معلناً أنه أصبح ' إلهاً ورباً يعبد ' وأن معارضته لا زالت كفر بالديمقراطية وعصيان للوطن وأن طاعته فرض لا يجوز نقضه لا شرعاً ولا قانوناً عندها فقط سيدرك الأميركيون أن المرض لم يكن في شخصينه فحسب بل ايضا في كامل النظام الرسمي الذي سمح لغروره أن يتغوّل ولجنونه أن يتحكم بمصير شعوب وأمم بأكملها
لقد بلغ جنون العظمة في ترامب حد الهوس الكامل والذي كلما ضاق عليه الخناق ازداد صراخاً بأنه المخلّص الوحيد وكلمته وحي سماوي وأن من يعارضه خائن وفاسد وعدو للأمة وكأنه خرج من كتب الأساطير القديمة ويعيش حالة انفصال تام عن الواقع يقف اليوم أمام اختبار مصيري فإما أن يختار طريق المواجهة بالقوة ويكرر اخطاء الطغاة الذين ظنوا أن بإمكانهم إسكات الغضب الشعبي أو أن يدرك متأخراً أن شرعية أي حاكم لا تُبنى على الخوف بل على احترام الشعب والدستور
الملك المختار ' دونالد جون ترامب ' بعقليته المتخلفة لم يعد يمثل حزباً بعينه ولا فكراً بمضمونه بل اصبح يعبر عن حالة انهيار الكيان السياسي الأميركي برمته أمام سطوة الإعلام والمال والشهرة على يد ( زعيم خرج من رحم الفوضى ليحكمها ثم يغرق فيها ) فإذا لم تُكبح اندفاعاته المتهورة قريباً فقد نسمع منه ما هو أدهى من قوله ' أنا الملك الآن ' خاصة وانه لا يؤمن إلا بذاته ولا يسمع إلا صوته وحين يصل جنون القوة إلى هذه الدرجة فهو لا يهدد الديمقراطية الأميركية فحسب بل يتحول إلى خطر وجودي على البشرية كلها وهل يبقى الأميركيون غارقون في سباتهم العميق ينتظرون بشرى معجزته القادمة ليجدوا أنفسهم في دولة يحكمها ' ملك مزيف مستبد ' لا يعرف حدوداً ولا يعترف بعقل أو قانون أو إنسانية
منذ أن أعلن الرئيس دونالد ترامب في لحظة من الغرور السياسي المفرط قوله المثير للجدل ' أنا الملك الآن ' بدا وكأنه يعيش حالة من الهذيان السياسي أشبه بمن تلقى ضربة شمس قوية أو أصيب بحمى متأخرة أفقدته الوعي لفهم التوازن بين الواقع والوهم خصوصا وانه لطالما قدّم نفسه بوصفه المنقذ والمخلّص الا انه تحول في ولايته الثانية من رئيس خرج من رحم صناديق الاقتراع إلى ملك يتربع على عرش القوة والاستبداد في صورة متضخمة من ذاته تسعى لفرض الهيمنة المطلقة على كل مفاصل الدولة الأميركية الحديثة
على وقع هذا التصريح الاستفزازي خرج ملايين الأميركيين إلى الشوارع في مشهد لم تعرفه البلاد منذ عقود طويلة مرددين بصوت واحد ' لا للملوك ' لا أحد فوق القانون وهذه الجماهير الغاضبة التي احتلت نحو ألفي مدينة وبلدة من نيويورك إلى لوس أنجلوس ومن واشنطن إلى شيكاغو لم تعد تحتمل نزعة ترامب المتسلطة ولا محاولاته المستمرة لتطويع المؤسسات الدستورية والقانونية وكأنها أدوات خاصة تعمل في خدمته الشخصية كما الغضب الشعبي لم يكن مجرد انفجار لحظة مستجدة بل تعبير عميق عن خوف متأصل ومتزايد من انهيار الديمقراطية في مهدها الأول
ترامب بدوره حاول لاحقاً إنكار نزعاته الملكية قائلاً لست' ملكاً ' بل رئيساً منتخباً من الشعب ولم يقنع أحداً بمسرحيته هذه فكل قراراته وممارساته وتصريحاته منذ بداية ولايته الثانية تشير إلى نزوع واضح نحو ' الحكم الفردي ' حيث من قلّص صلاحيات الكونغرس وتحدى القضاء وهاجم الإعلام الحر واعتبر كل معارضة له خيانة وطنية والنتيجة أن أميركا التي كانت تفاخر العالم بأنها قلعة الديمقراطية الاقوى تحولت في عهده إلى ساحة صراع متجدد بين سلطة مهووسة بالتسلط وشعب يرفض أن يكون رعية لملك متوهم ومريض نفسي وطاغية وعدو للديمقراطية والحرية وكأن الله بعثه ليفرق الشعب ويدمر امريكا من الداخل
الثورة الشعبية العارمة لم تتوقف عند الشأن الداخلي بل امتدت لتكشف الوجه القبيح للسياسة الخارجية الأميركية حين ربط المتظاهرون بين استبداد ترامب في الداخل ودعمه الأعمى للاحتلال الإسرائيلي في الخارج حيث رفعوا لافتات تقول لا للملوك ولا للمحتلين ولا للديمقراطية التي تقتل الأطفال في غزة مؤكدين أن من يدعم القمع في الخارج لا يمكن أن يحمي الحرية في الداخل وقد أدرك الأميركيون أن ثمن الانحياز الأعمى لتل أبيب لم يعد يُدفع فقط من اموالهم وضرائبهم بل ايضا من صورتهم وهويتهم السياسية التي اصبحت تتهاوى أمام العالم بشكل مخزي
الأزمة القائمة في المجتمع الأميركي باتت تتجاوز شخصية ترامب لتكشف عمق التآكل والتردي في منظومة القيم التي تأسست عليها الجمهورية والعديد من استطلاعات الراي اظهرت أن أغلبية المواطنين باتوا يرون أن بلادهم تسير في الاتجاه الخاطئ وأن النظام السياسي مع ترامب لم يعد يمثلهم فيما يستمر التضخم وتنهار القدرة الشرائية وتضخ المليارات في تمويل الحروب الخارجية بدلاً من معالجة هموم وقضايا المواطن العادي وقد جاءت معظم شعارات المحتجين معبّرة عن هذا الوعي الجديد ' الخبز ' أولاً وليس ' للقنابل' ودعم الغزاة والمحتلين
ما يحدث في الشوارع الأميركية اليوم يشبه لحظة صحوة من غيبوبة طويلة وكأن الشعب الأميركي قد استيقظ فجأة ليجد نفسه في قبضة زعيم متهور يتصرف كإقطاعي يحكم مملكة لا جمهورية كما اصبحوا يدركون الآن أن الخطر الحقيقي ليس في السياسات بل في الفكرة ذاتها التي تفترض أن الرئيس يمكن أن يكون فوق المساءلة وأن الحرس الوطني بتشكيلاته الضاربة يمكن أن يُستخدم لقمع الصوت الوطني الحر وهو ما جعل المشهد الأميركي أشبه بمرآة تعكس أزمة حضارية تتجاوز السياسة إلى الهوية والضمير والمستقبل
في الواقع لقد تجاوز ترامب حدود المألوف في كل ما يقوله ويفعله حتى بات العالم يتساءل أهو رئيس دولة عظمى أم ممثل في مسرح عبثي لا نهاية له بتصرفاته المهووسة وتصريحاته المتشنجة التي تكشف عن عقل مأزوم يرى في نفسه ' معجزة التاريخ ' ويظن أن الكواكب تدور بإرادته وأن الأقدار تطيع أوامره والغريب انه كلما خسر معركة أو واجه انتقاداً هاجم الجميع واتهم القضاء والإعلام والشعب ذاته بالخيانة وكأن الحقيقة الوحيدة في هذا الكون هي ' ترامب نفسه ' أما ما عداه فمجرد أصوات ضالة لا تستحق إلا التهميش والصمت والعقاب
الأخطر من كل ذلك أن نوبات جنون ترامب السياسية تتفاقم حتى يات يخشى العقلاء أن يستيقظ العالم ذات صباح ليجد هذا الرجل يطل عليهم من شرفة البيت الأبيض معلناً أنه أصبح ' إلهاً ورباً يعبد ' وأن معارضته لا زالت كفر بالديمقراطية وعصيان للوطن وأن طاعته فرض لا يجوز نقضه لا شرعاً ولا قانوناً عندها فقط سيدرك الأميركيون أن المرض لم يكن في شخصينه فحسب بل ايضا في كامل النظام الرسمي الذي سمح لغروره أن يتغوّل ولجنونه أن يتحكم بمصير شعوب وأمم بأكملها
لقد بلغ جنون العظمة في ترامب حد الهوس الكامل والذي كلما ضاق عليه الخناق ازداد صراخاً بأنه المخلّص الوحيد وكلمته وحي سماوي وأن من يعارضه خائن وفاسد وعدو للأمة وكأنه خرج من كتب الأساطير القديمة ويعيش حالة انفصال تام عن الواقع يقف اليوم أمام اختبار مصيري فإما أن يختار طريق المواجهة بالقوة ويكرر اخطاء الطغاة الذين ظنوا أن بإمكانهم إسكات الغضب الشعبي أو أن يدرك متأخراً أن شرعية أي حاكم لا تُبنى على الخوف بل على احترام الشعب والدستور
الملك المختار ' دونالد جون ترامب ' بعقليته المتخلفة لم يعد يمثل حزباً بعينه ولا فكراً بمضمونه بل اصبح يعبر عن حالة انهيار الكيان السياسي الأميركي برمته أمام سطوة الإعلام والمال والشهرة على يد ( زعيم خرج من رحم الفوضى ليحكمها ثم يغرق فيها ) فإذا لم تُكبح اندفاعاته المتهورة قريباً فقد نسمع منه ما هو أدهى من قوله ' أنا الملك الآن ' خاصة وانه لا يؤمن إلا بذاته ولا يسمع إلا صوته وحين يصل جنون القوة إلى هذه الدرجة فهو لا يهدد الديمقراطية الأميركية فحسب بل يتحول إلى خطر وجودي على البشرية كلها وهل يبقى الأميركيون غارقون في سباتهم العميق ينتظرون بشرى معجزته القادمة ليجدوا أنفسهم في دولة يحكمها ' ملك مزيف مستبد ' لا يعرف حدوداً ولا يعترف بعقل أو قانون أو إنسانية
التعليقات