عن أي سعادة يتحدثون يا سادة هذا السؤال كان الشرارة التي دفعتني لكتابة هذا المقال بعدما اطلعت على تقرير مؤسسة جالوب العالمية الذي أظهر تراجع ترتيب الأردنيين في مؤشر السعادة لعام 2024 ليحتل الأردن المرتبة الخامسة عشرة من أصل ثماني عشرة دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مسجلاً درجة لا تتجاوز 4.31 من عشر درجات والأدهى أن الأردن سجل تراجعاً هو الأكبر بعد لبنان بمقدار 1.104 درجة منذ عام 2012
بينما تتصدر دول مثل كيان الاحتلال والإمارات والكويت والسعودية وعُمان المؤشر بدرجات مرتفعة يقف الأردن في ذيل القائمة يجر أذيال الخيبة وكأن مواطنيه يعيشون في وطن آخر غير ذلك الذي يتحدث عنه المسؤولون في خطاباتهم المنمقة والحقيقة ان هذا التقرير ليس مجرد أرقام بل هو مرآة تعكس واقع مؤلم يكشف حجم الفجوة بين وعود الحكومات وحقيقة حياة الناس بين مؤشرات اقتصادية متعثرة وأوضاع اجتماعية خانقة وسياسات تُثقِل كاهل المواطن حتى باتت السعادة ترفاً بعيد المنال بل حلماً لا يتحقق إلا في الشعارات الرسمية فقط
مرة اخرى عن أي سعادة يتحدثون يا سادة وأي مؤشر يرفعونه في وجه هذا الشعب الذي أُنهك حتى العظم ولم يعد يجد في الحياة ما يبعث على الفرح أو الأمل وعن أي سعادة يتحدثون والمواطن الأردني يبيت على الهم ويصبح على الغم بين فواتير متراكمة وأسعار متصاعدة وبطون خاوية وقلوب مثقلة بالديون والخذلان كيف يمكن أن يُقاس الفرح في وطنٍ باتت فيه الحياة معركة بقاءٍ يومية ضد الفقر والجوع والبرد وكيف نصدق لغة الأرقام في بلدٍ لا يجد فيه المواطن ثمن شريط دواء أو وجبة طعام كريمة لأطفاله
أي سعادة تلك التي يتحدثون عنها ونحن مقبلون على شتاء قاسٍ لا يملك فيه المواطن ثمن لتر كاز واحد يدفئ به بيته وأي سعادة في وطنٍ أصبحت فيه المائدة الخالية عادة والراتب المتهالك أسطورة لا تصمد لأيام والكرامة ترفًا لا يجرؤ أحد على المطالبة بها وكيف يمكن أن يشعر الناس بالسعادة وعدادات الكهرباء والمياه الالكترونية الجديدة تحصي عليهم أنفاسهم قبل الهواء والرسوم والغرامات تقضم ما تبقى من قوتهم عنوة والدولة تحسدهم على صبرهم المهدور وذاكرنهم السمكية
إن الحديث عن السعادة في الأردن ليس إلا مجرد سخرية ثقيلة الظل من واقعٍ موجع ومحاولة لتزيين القهر بشريط ملون فلو حاولوا قياس مؤشر التعاسة بدلاً من السعادة لوجدوه الأعلى عربياً لأن كل مقوّمات الألم حاضرة فقر متفشٍ بطالة خانقة فساد متجذّر غلاء يطحن سياسات تربك وتتناقض ومسؤولون يتحدثون عن الأمل وهم يعيشون في أبراجٍ عاجية لا ترون من نوافذها الملونة معاناة الناس
أما ما يسمونه صناعة السعادة فهو فنّ التضليل الذي يُتقنه من يملكون الكلمة ولا يعيشون معنا في الواقع وهم يصنعون وهماً جميلاً من مؤتمرات مكرّرة وشعارات باردة وتجميل لفظي للقبح المعيشي ويرفعون شعارات عن تحسين جودة الحياة بينما الناس عاجزون عن شراء ربطة خبز ويحتفلون بتقارير ومؤشرات كأنها إنجازات وطنية بينما المواطن غارق في صمتٍ مليءٍ بالقهر والخذلان تلك ليست سعادة بل إدارة ذكية وعصرية للبؤس والشقاء وتوزيع مدروس للوهم والخديعة
إن السعادة الحقيقية لا تُقاس بالإحصاءات بل بالعدالة ولا تُصنع بالمهرجانات بل بالكفاية والكرامة ولا تأتي من مؤشرات جالوب بل من لقمة شريفة وتعليم كريم وصحة متاحة وعدالة لا تُفرّق بين غني وفقير أما حين يغيب كل ذلك ويُستبدل الأمل بالتصريحات والكرامة بالشعارات فإن ما يُعلنونه سعادة ليس إلا ترفاً من فوق المكاتب الوثيرة والباردة
لقد كانوا يحدثوننا دائما عن غش بائع الخبز واللبن والخضار كرموز للشرف البسيط في حياة الناس لكنهم لم يحدثونا يوماً عن بائع الوطن وسارق خيراته ومبدد موارده الذي جعل الكرامة امنية والمعيشة امتحاناً يومياً للبقاء في وطنٍ كهذا يصبح الحديث عن السعادة نكتة سوداء تثير الغضب أكثر مما تثير الضحك لأن الأردني اليوم لا يبحث عن الرفاه بل عن النجاة ولا يطلب سعادة بل حياة لا يسأل فيها عن المؤشر بل عن الأمان والطمأنينة
يا سادة قبل أن تتحدثوا عن مؤشر السعادة قيسوا مؤشر القهر ومؤشر الجوع ومؤشر اليأس الذي يسكن وجوه الناس في الشوارع والمكاتب والمنازل انزلوا من مقاعدكم الفخمة إلى الأسواق المزدحمة وإلى البيوت الفرغة من الطعام وإلى الأرصفة التي ينام عليها الفقراء والمشردون والعاطلون عن العمل وستعرفون عندها ما معنى السعادة في الأردن وكيف تُقاس بالحسرة والالم لا بالأرقام والبيانات في وطنٍ اصبح يتنفس الوجع لا تُقاس السعادة بالابتسامة بل بمدى قدرة الناس على الصمود دون أن ينهاروا حتى الساعة
وما زالوا رغم كل شيء يحبون وطنهم بصمت لكنهم يتألمون بصوت لا يسمعه أحد بعدما تحولت السعادة في بلدهم إلى مفهوم إداري فاقد للروح والحياة ويُستخدم لتلميع الأداء الحكومي في المؤتمرات واللقاءات والخطب والندوات والمهرجانات بتوزيع شعارات الرفاه والازدهار وكأن الكلمة وحدها قادرة على إطعام الجائع أو تدفئة بيتٍ بلا وقود وهم يصنعون سعادة افتراضية عبر منصات الاخبار الرسمية ويلتقطون الصور المبتسمة في حين يختبئ خلف الكاميرا آلاف الوجوه الشاحبة التي لم تعرف ضوء الأمل منذ زمن بعيد
اخيرا : يا سادة قبل أن تسألوا عن مؤشر السعادة اسألوا كيف تحول نصف الشعب الاردني يبحثون عن بقايا علب المشروبات الغازية والمواد البلاستيكية في بطون الحاويات كمصدر رزق وحيد لحياتهم واسألوا عن مؤشر القهر والجوع والصبر الموجوع والبؤس المزروع في عيون وقلوب الأردنيين
عن أي سعادة يتحدثون يا سادة هذا السؤال كان الشرارة التي دفعتني لكتابة هذا المقال بعدما اطلعت على تقرير مؤسسة جالوب العالمية الذي أظهر تراجع ترتيب الأردنيين في مؤشر السعادة لعام 2024 ليحتل الأردن المرتبة الخامسة عشرة من أصل ثماني عشرة دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مسجلاً درجة لا تتجاوز 4.31 من عشر درجات والأدهى أن الأردن سجل تراجعاً هو الأكبر بعد لبنان بمقدار 1.104 درجة منذ عام 2012
بينما تتصدر دول مثل كيان الاحتلال والإمارات والكويت والسعودية وعُمان المؤشر بدرجات مرتفعة يقف الأردن في ذيل القائمة يجر أذيال الخيبة وكأن مواطنيه يعيشون في وطن آخر غير ذلك الذي يتحدث عنه المسؤولون في خطاباتهم المنمقة والحقيقة ان هذا التقرير ليس مجرد أرقام بل هو مرآة تعكس واقع مؤلم يكشف حجم الفجوة بين وعود الحكومات وحقيقة حياة الناس بين مؤشرات اقتصادية متعثرة وأوضاع اجتماعية خانقة وسياسات تُثقِل كاهل المواطن حتى باتت السعادة ترفاً بعيد المنال بل حلماً لا يتحقق إلا في الشعارات الرسمية فقط
مرة اخرى عن أي سعادة يتحدثون يا سادة وأي مؤشر يرفعونه في وجه هذا الشعب الذي أُنهك حتى العظم ولم يعد يجد في الحياة ما يبعث على الفرح أو الأمل وعن أي سعادة يتحدثون والمواطن الأردني يبيت على الهم ويصبح على الغم بين فواتير متراكمة وأسعار متصاعدة وبطون خاوية وقلوب مثقلة بالديون والخذلان كيف يمكن أن يُقاس الفرح في وطنٍ باتت فيه الحياة معركة بقاءٍ يومية ضد الفقر والجوع والبرد وكيف نصدق لغة الأرقام في بلدٍ لا يجد فيه المواطن ثمن شريط دواء أو وجبة طعام كريمة لأطفاله
أي سعادة تلك التي يتحدثون عنها ونحن مقبلون على شتاء قاسٍ لا يملك فيه المواطن ثمن لتر كاز واحد يدفئ به بيته وأي سعادة في وطنٍ أصبحت فيه المائدة الخالية عادة والراتب المتهالك أسطورة لا تصمد لأيام والكرامة ترفًا لا يجرؤ أحد على المطالبة بها وكيف يمكن أن يشعر الناس بالسعادة وعدادات الكهرباء والمياه الالكترونية الجديدة تحصي عليهم أنفاسهم قبل الهواء والرسوم والغرامات تقضم ما تبقى من قوتهم عنوة والدولة تحسدهم على صبرهم المهدور وذاكرنهم السمكية
إن الحديث عن السعادة في الأردن ليس إلا مجرد سخرية ثقيلة الظل من واقعٍ موجع ومحاولة لتزيين القهر بشريط ملون فلو حاولوا قياس مؤشر التعاسة بدلاً من السعادة لوجدوه الأعلى عربياً لأن كل مقوّمات الألم حاضرة فقر متفشٍ بطالة خانقة فساد متجذّر غلاء يطحن سياسات تربك وتتناقض ومسؤولون يتحدثون عن الأمل وهم يعيشون في أبراجٍ عاجية لا ترون من نوافذها الملونة معاناة الناس
أما ما يسمونه صناعة السعادة فهو فنّ التضليل الذي يُتقنه من يملكون الكلمة ولا يعيشون معنا في الواقع وهم يصنعون وهماً جميلاً من مؤتمرات مكرّرة وشعارات باردة وتجميل لفظي للقبح المعيشي ويرفعون شعارات عن تحسين جودة الحياة بينما الناس عاجزون عن شراء ربطة خبز ويحتفلون بتقارير ومؤشرات كأنها إنجازات وطنية بينما المواطن غارق في صمتٍ مليءٍ بالقهر والخذلان تلك ليست سعادة بل إدارة ذكية وعصرية للبؤس والشقاء وتوزيع مدروس للوهم والخديعة
إن السعادة الحقيقية لا تُقاس بالإحصاءات بل بالعدالة ولا تُصنع بالمهرجانات بل بالكفاية والكرامة ولا تأتي من مؤشرات جالوب بل من لقمة شريفة وتعليم كريم وصحة متاحة وعدالة لا تُفرّق بين غني وفقير أما حين يغيب كل ذلك ويُستبدل الأمل بالتصريحات والكرامة بالشعارات فإن ما يُعلنونه سعادة ليس إلا ترفاً من فوق المكاتب الوثيرة والباردة
لقد كانوا يحدثوننا دائما عن غش بائع الخبز واللبن والخضار كرموز للشرف البسيط في حياة الناس لكنهم لم يحدثونا يوماً عن بائع الوطن وسارق خيراته ومبدد موارده الذي جعل الكرامة امنية والمعيشة امتحاناً يومياً للبقاء في وطنٍ كهذا يصبح الحديث عن السعادة نكتة سوداء تثير الغضب أكثر مما تثير الضحك لأن الأردني اليوم لا يبحث عن الرفاه بل عن النجاة ولا يطلب سعادة بل حياة لا يسأل فيها عن المؤشر بل عن الأمان والطمأنينة
يا سادة قبل أن تتحدثوا عن مؤشر السعادة قيسوا مؤشر القهر ومؤشر الجوع ومؤشر اليأس الذي يسكن وجوه الناس في الشوارع والمكاتب والمنازل انزلوا من مقاعدكم الفخمة إلى الأسواق المزدحمة وإلى البيوت الفرغة من الطعام وإلى الأرصفة التي ينام عليها الفقراء والمشردون والعاطلون عن العمل وستعرفون عندها ما معنى السعادة في الأردن وكيف تُقاس بالحسرة والالم لا بالأرقام والبيانات في وطنٍ اصبح يتنفس الوجع لا تُقاس السعادة بالابتسامة بل بمدى قدرة الناس على الصمود دون أن ينهاروا حتى الساعة
وما زالوا رغم كل شيء يحبون وطنهم بصمت لكنهم يتألمون بصوت لا يسمعه أحد بعدما تحولت السعادة في بلدهم إلى مفهوم إداري فاقد للروح والحياة ويُستخدم لتلميع الأداء الحكومي في المؤتمرات واللقاءات والخطب والندوات والمهرجانات بتوزيع شعارات الرفاه والازدهار وكأن الكلمة وحدها قادرة على إطعام الجائع أو تدفئة بيتٍ بلا وقود وهم يصنعون سعادة افتراضية عبر منصات الاخبار الرسمية ويلتقطون الصور المبتسمة في حين يختبئ خلف الكاميرا آلاف الوجوه الشاحبة التي لم تعرف ضوء الأمل منذ زمن بعيد
اخيرا : يا سادة قبل أن تسألوا عن مؤشر السعادة اسألوا كيف تحول نصف الشعب الاردني يبحثون عن بقايا علب المشروبات الغازية والمواد البلاستيكية في بطون الحاويات كمصدر رزق وحيد لحياتهم واسألوا عن مؤشر القهر والجوع والصبر الموجوع والبؤس المزروع في عيون وقلوب الأردنيين
عن أي سعادة يتحدثون يا سادة هذا السؤال كان الشرارة التي دفعتني لكتابة هذا المقال بعدما اطلعت على تقرير مؤسسة جالوب العالمية الذي أظهر تراجع ترتيب الأردنيين في مؤشر السعادة لعام 2024 ليحتل الأردن المرتبة الخامسة عشرة من أصل ثماني عشرة دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مسجلاً درجة لا تتجاوز 4.31 من عشر درجات والأدهى أن الأردن سجل تراجعاً هو الأكبر بعد لبنان بمقدار 1.104 درجة منذ عام 2012
بينما تتصدر دول مثل كيان الاحتلال والإمارات والكويت والسعودية وعُمان المؤشر بدرجات مرتفعة يقف الأردن في ذيل القائمة يجر أذيال الخيبة وكأن مواطنيه يعيشون في وطن آخر غير ذلك الذي يتحدث عنه المسؤولون في خطاباتهم المنمقة والحقيقة ان هذا التقرير ليس مجرد أرقام بل هو مرآة تعكس واقع مؤلم يكشف حجم الفجوة بين وعود الحكومات وحقيقة حياة الناس بين مؤشرات اقتصادية متعثرة وأوضاع اجتماعية خانقة وسياسات تُثقِل كاهل المواطن حتى باتت السعادة ترفاً بعيد المنال بل حلماً لا يتحقق إلا في الشعارات الرسمية فقط
مرة اخرى عن أي سعادة يتحدثون يا سادة وأي مؤشر يرفعونه في وجه هذا الشعب الذي أُنهك حتى العظم ولم يعد يجد في الحياة ما يبعث على الفرح أو الأمل وعن أي سعادة يتحدثون والمواطن الأردني يبيت على الهم ويصبح على الغم بين فواتير متراكمة وأسعار متصاعدة وبطون خاوية وقلوب مثقلة بالديون والخذلان كيف يمكن أن يُقاس الفرح في وطنٍ باتت فيه الحياة معركة بقاءٍ يومية ضد الفقر والجوع والبرد وكيف نصدق لغة الأرقام في بلدٍ لا يجد فيه المواطن ثمن شريط دواء أو وجبة طعام كريمة لأطفاله
أي سعادة تلك التي يتحدثون عنها ونحن مقبلون على شتاء قاسٍ لا يملك فيه المواطن ثمن لتر كاز واحد يدفئ به بيته وأي سعادة في وطنٍ أصبحت فيه المائدة الخالية عادة والراتب المتهالك أسطورة لا تصمد لأيام والكرامة ترفًا لا يجرؤ أحد على المطالبة بها وكيف يمكن أن يشعر الناس بالسعادة وعدادات الكهرباء والمياه الالكترونية الجديدة تحصي عليهم أنفاسهم قبل الهواء والرسوم والغرامات تقضم ما تبقى من قوتهم عنوة والدولة تحسدهم على صبرهم المهدور وذاكرنهم السمكية
إن الحديث عن السعادة في الأردن ليس إلا مجرد سخرية ثقيلة الظل من واقعٍ موجع ومحاولة لتزيين القهر بشريط ملون فلو حاولوا قياس مؤشر التعاسة بدلاً من السعادة لوجدوه الأعلى عربياً لأن كل مقوّمات الألم حاضرة فقر متفشٍ بطالة خانقة فساد متجذّر غلاء يطحن سياسات تربك وتتناقض ومسؤولون يتحدثون عن الأمل وهم يعيشون في أبراجٍ عاجية لا ترون من نوافذها الملونة معاناة الناس
أما ما يسمونه صناعة السعادة فهو فنّ التضليل الذي يُتقنه من يملكون الكلمة ولا يعيشون معنا في الواقع وهم يصنعون وهماً جميلاً من مؤتمرات مكرّرة وشعارات باردة وتجميل لفظي للقبح المعيشي ويرفعون شعارات عن تحسين جودة الحياة بينما الناس عاجزون عن شراء ربطة خبز ويحتفلون بتقارير ومؤشرات كأنها إنجازات وطنية بينما المواطن غارق في صمتٍ مليءٍ بالقهر والخذلان تلك ليست سعادة بل إدارة ذكية وعصرية للبؤس والشقاء وتوزيع مدروس للوهم والخديعة
إن السعادة الحقيقية لا تُقاس بالإحصاءات بل بالعدالة ولا تُصنع بالمهرجانات بل بالكفاية والكرامة ولا تأتي من مؤشرات جالوب بل من لقمة شريفة وتعليم كريم وصحة متاحة وعدالة لا تُفرّق بين غني وفقير أما حين يغيب كل ذلك ويُستبدل الأمل بالتصريحات والكرامة بالشعارات فإن ما يُعلنونه سعادة ليس إلا ترفاً من فوق المكاتب الوثيرة والباردة
لقد كانوا يحدثوننا دائما عن غش بائع الخبز واللبن والخضار كرموز للشرف البسيط في حياة الناس لكنهم لم يحدثونا يوماً عن بائع الوطن وسارق خيراته ومبدد موارده الذي جعل الكرامة امنية والمعيشة امتحاناً يومياً للبقاء في وطنٍ كهذا يصبح الحديث عن السعادة نكتة سوداء تثير الغضب أكثر مما تثير الضحك لأن الأردني اليوم لا يبحث عن الرفاه بل عن النجاة ولا يطلب سعادة بل حياة لا يسأل فيها عن المؤشر بل عن الأمان والطمأنينة
يا سادة قبل أن تتحدثوا عن مؤشر السعادة قيسوا مؤشر القهر ومؤشر الجوع ومؤشر اليأس الذي يسكن وجوه الناس في الشوارع والمكاتب والمنازل انزلوا من مقاعدكم الفخمة إلى الأسواق المزدحمة وإلى البيوت الفرغة من الطعام وإلى الأرصفة التي ينام عليها الفقراء والمشردون والعاطلون عن العمل وستعرفون عندها ما معنى السعادة في الأردن وكيف تُقاس بالحسرة والالم لا بالأرقام والبيانات في وطنٍ اصبح يتنفس الوجع لا تُقاس السعادة بالابتسامة بل بمدى قدرة الناس على الصمود دون أن ينهاروا حتى الساعة
وما زالوا رغم كل شيء يحبون وطنهم بصمت لكنهم يتألمون بصوت لا يسمعه أحد بعدما تحولت السعادة في بلدهم إلى مفهوم إداري فاقد للروح والحياة ويُستخدم لتلميع الأداء الحكومي في المؤتمرات واللقاءات والخطب والندوات والمهرجانات بتوزيع شعارات الرفاه والازدهار وكأن الكلمة وحدها قادرة على إطعام الجائع أو تدفئة بيتٍ بلا وقود وهم يصنعون سعادة افتراضية عبر منصات الاخبار الرسمية ويلتقطون الصور المبتسمة في حين يختبئ خلف الكاميرا آلاف الوجوه الشاحبة التي لم تعرف ضوء الأمل منذ زمن بعيد
اخيرا : يا سادة قبل أن تسألوا عن مؤشر السعادة اسألوا كيف تحول نصف الشعب الاردني يبحثون عن بقايا علب المشروبات الغازية والمواد البلاستيكية في بطون الحاويات كمصدر رزق وحيد لحياتهم واسألوا عن مؤشر القهر والجوع والصبر الموجوع والبؤس المزروع في عيون وقلوب الأردنيين
التعليقات