تناولت في المقالين السابقين بعض التشوهات التي طالت تقاليدنا وسلوكنا الاجتماعي من خلال جاهات الأعراس الدخيلة علينا ومن خلال المؤائد العرمرمية التي صارت تبث على الهواء مباشرة مخالفة للدين والمرؤة لكن هذه التشوهات لم تتوقف عند حدود مناسبات الفرح, فمثلما أصاب التشوه مناسبات الفرح في مجتمعنا وفرغها من دورها في بناء التماسك الاجتماعي والتضامن الوطني، كذلك لحق التشوه مناسبات الحزن، وفرغها ايضا من دورها في بناء التماسك الاجتماعي.. من ذلك أن مآتمنا كانت نموذجا للوقار ومناسبة لترسيخ التماسك الاجتماعي قبل ان تفقد ذلك كله، عندما لم يعد بعض زوار المآتم يترددون عن القهقهة بعد تبادل النكات، وعن الحديث بصوت عال بأمور دنياهم دون احترام لحرمة الموت ومصاب اهل الميت ومشاعرهم، وصار حديث الصفقات والنميمة السياسية والاجتماعية جزءًا من هذه المآتم، وهذا استهانة برهبة الموت وحرص الإنسان على أخذ الموعظة منه. فإذا لم يتعظ الإنسان بالموت، فبماذا يتعظ؟ كما ان هذا السلوك أثناء المآتم يشكل خروجاً عن واحدة من أهم مكونات تماسكنا الاجتماعي، فقد كان الحي أو القرية يشعر بالأسى واللوعة لوفاة أحد أفراده، بل لوفاة قريب أحد سكان الحي قبل ان تدخل الكثير من الممارسات الطارئة على مآتمنا، والتي تدل جميعها على تغييرات تصيب في النهاية منظومة تماسكنا الاجتماعي بالتشوه، ولعل أبرز هذه الممارسات أن لعزاء صار عبئأ ثقيلاً على أهل المتوفي, الذين صار من واجبهم تقديم الطعام للمعزين, مما يشكل قلباً للمفاهيم فالأصل أن يقوم المعزون بإعداد الطعام لأهل المتوفي لإنشغالهم بأحزانهم لذلك قال رسول الله صلي اللع عليه وسلم 'أولموا لآل جعفر' وذلك عندما استشهد جعفر بن ابي طالب بل أن مآدب العزاء صارت في أيامنا هذه من مظاهر الإسراف والنفاق الاجتماعي. تماماً مثلما هي إعلانات النعي التي صارت تمثل هدراً سفيهاً للمال في كثير من الأحيان. ومن التشوهات الغريبه التي دخلت على مراسم العزاء في بلدنا, أنه صار للسيدات مكياج خاص بالعزاء ناهيك عن سيطرت الحديث عن الموضة على أحاديث المعزيات لذلك لابد من الدعوة إلى التوقف عن عادة العناق والتقبيل، والاكتفاء بالمصافحة لما في ذلك من حفاظ على الصحة العامة ومنعٍ لانتقال الامراض. والامتناع عن كل ما من شأنه الاساءة لحرمة الميت ومشاعر اهله، بالتوقف عن الحديث بصوت عال او تبادل النكات او الحديث بأمور الدنيا، والاكتفاء بالدعاء للميت بالرحمة ولأهله بالصبر. وتحديد مواعيد لتقبل العزاء احترامًا لاهل الميت، وتنظيما لوقت الناس، بحيث يكون العزاء ما بين صلاتي العصر والعشاء.والاكتفاء بتقديم القهوة العربية والامتناع عن تقديم ما سواها.واقتصار الولائم على اليوم الاول للوفاة ولاهل المتوفى فقط. ونتمنى على كل من وزارات التربية والتعليم، والأوقاف، والثقافة، ودائرة قاضي القضاة، ودائرة الافتاء، والكنيسة، والجامعات، والمؤسسات الإعلامية، أن تجعل من ضمن مناهجها وبرامجها وأنشطتها تعزيز كل هذه القيم والسلوكيات التي أشرت إليها، والمرتبطة بأحزاننا.
بلال حسن التل
تناولت في المقالين السابقين بعض التشوهات التي طالت تقاليدنا وسلوكنا الاجتماعي من خلال جاهات الأعراس الدخيلة علينا ومن خلال المؤائد العرمرمية التي صارت تبث على الهواء مباشرة مخالفة للدين والمرؤة لكن هذه التشوهات لم تتوقف عند حدود مناسبات الفرح, فمثلما أصاب التشوه مناسبات الفرح في مجتمعنا وفرغها من دورها في بناء التماسك الاجتماعي والتضامن الوطني، كذلك لحق التشوه مناسبات الحزن، وفرغها ايضا من دورها في بناء التماسك الاجتماعي.. من ذلك أن مآتمنا كانت نموذجا للوقار ومناسبة لترسيخ التماسك الاجتماعي قبل ان تفقد ذلك كله، عندما لم يعد بعض زوار المآتم يترددون عن القهقهة بعد تبادل النكات، وعن الحديث بصوت عال بأمور دنياهم دون احترام لحرمة الموت ومصاب اهل الميت ومشاعرهم، وصار حديث الصفقات والنميمة السياسية والاجتماعية جزءًا من هذه المآتم، وهذا استهانة برهبة الموت وحرص الإنسان على أخذ الموعظة منه. فإذا لم يتعظ الإنسان بالموت، فبماذا يتعظ؟ كما ان هذا السلوك أثناء المآتم يشكل خروجاً عن واحدة من أهم مكونات تماسكنا الاجتماعي، فقد كان الحي أو القرية يشعر بالأسى واللوعة لوفاة أحد أفراده، بل لوفاة قريب أحد سكان الحي قبل ان تدخل الكثير من الممارسات الطارئة على مآتمنا، والتي تدل جميعها على تغييرات تصيب في النهاية منظومة تماسكنا الاجتماعي بالتشوه، ولعل أبرز هذه الممارسات أن لعزاء صار عبئأ ثقيلاً على أهل المتوفي, الذين صار من واجبهم تقديم الطعام للمعزين, مما يشكل قلباً للمفاهيم فالأصل أن يقوم المعزون بإعداد الطعام لأهل المتوفي لإنشغالهم بأحزانهم لذلك قال رسول الله صلي اللع عليه وسلم 'أولموا لآل جعفر' وذلك عندما استشهد جعفر بن ابي طالب بل أن مآدب العزاء صارت في أيامنا هذه من مظاهر الإسراف والنفاق الاجتماعي. تماماً مثلما هي إعلانات النعي التي صارت تمثل هدراً سفيهاً للمال في كثير من الأحيان. ومن التشوهات الغريبه التي دخلت على مراسم العزاء في بلدنا, أنه صار للسيدات مكياج خاص بالعزاء ناهيك عن سيطرت الحديث عن الموضة على أحاديث المعزيات لذلك لابد من الدعوة إلى التوقف عن عادة العناق والتقبيل، والاكتفاء بالمصافحة لما في ذلك من حفاظ على الصحة العامة ومنعٍ لانتقال الامراض. والامتناع عن كل ما من شأنه الاساءة لحرمة الميت ومشاعر اهله، بالتوقف عن الحديث بصوت عال او تبادل النكات او الحديث بأمور الدنيا، والاكتفاء بالدعاء للميت بالرحمة ولأهله بالصبر. وتحديد مواعيد لتقبل العزاء احترامًا لاهل الميت، وتنظيما لوقت الناس، بحيث يكون العزاء ما بين صلاتي العصر والعشاء.والاكتفاء بتقديم القهوة العربية والامتناع عن تقديم ما سواها.واقتصار الولائم على اليوم الاول للوفاة ولاهل المتوفى فقط. ونتمنى على كل من وزارات التربية والتعليم، والأوقاف، والثقافة، ودائرة قاضي القضاة، ودائرة الافتاء، والكنيسة، والجامعات، والمؤسسات الإعلامية، أن تجعل من ضمن مناهجها وبرامجها وأنشطتها تعزيز كل هذه القيم والسلوكيات التي أشرت إليها، والمرتبطة بأحزاننا.
بلال حسن التل
تناولت في المقالين السابقين بعض التشوهات التي طالت تقاليدنا وسلوكنا الاجتماعي من خلال جاهات الأعراس الدخيلة علينا ومن خلال المؤائد العرمرمية التي صارت تبث على الهواء مباشرة مخالفة للدين والمرؤة لكن هذه التشوهات لم تتوقف عند حدود مناسبات الفرح, فمثلما أصاب التشوه مناسبات الفرح في مجتمعنا وفرغها من دورها في بناء التماسك الاجتماعي والتضامن الوطني، كذلك لحق التشوه مناسبات الحزن، وفرغها ايضا من دورها في بناء التماسك الاجتماعي.. من ذلك أن مآتمنا كانت نموذجا للوقار ومناسبة لترسيخ التماسك الاجتماعي قبل ان تفقد ذلك كله، عندما لم يعد بعض زوار المآتم يترددون عن القهقهة بعد تبادل النكات، وعن الحديث بصوت عال بأمور دنياهم دون احترام لحرمة الموت ومصاب اهل الميت ومشاعرهم، وصار حديث الصفقات والنميمة السياسية والاجتماعية جزءًا من هذه المآتم، وهذا استهانة برهبة الموت وحرص الإنسان على أخذ الموعظة منه. فإذا لم يتعظ الإنسان بالموت، فبماذا يتعظ؟ كما ان هذا السلوك أثناء المآتم يشكل خروجاً عن واحدة من أهم مكونات تماسكنا الاجتماعي، فقد كان الحي أو القرية يشعر بالأسى واللوعة لوفاة أحد أفراده، بل لوفاة قريب أحد سكان الحي قبل ان تدخل الكثير من الممارسات الطارئة على مآتمنا، والتي تدل جميعها على تغييرات تصيب في النهاية منظومة تماسكنا الاجتماعي بالتشوه، ولعل أبرز هذه الممارسات أن لعزاء صار عبئأ ثقيلاً على أهل المتوفي, الذين صار من واجبهم تقديم الطعام للمعزين, مما يشكل قلباً للمفاهيم فالأصل أن يقوم المعزون بإعداد الطعام لأهل المتوفي لإنشغالهم بأحزانهم لذلك قال رسول الله صلي اللع عليه وسلم 'أولموا لآل جعفر' وذلك عندما استشهد جعفر بن ابي طالب بل أن مآدب العزاء صارت في أيامنا هذه من مظاهر الإسراف والنفاق الاجتماعي. تماماً مثلما هي إعلانات النعي التي صارت تمثل هدراً سفيهاً للمال في كثير من الأحيان. ومن التشوهات الغريبه التي دخلت على مراسم العزاء في بلدنا, أنه صار للسيدات مكياج خاص بالعزاء ناهيك عن سيطرت الحديث عن الموضة على أحاديث المعزيات لذلك لابد من الدعوة إلى التوقف عن عادة العناق والتقبيل، والاكتفاء بالمصافحة لما في ذلك من حفاظ على الصحة العامة ومنعٍ لانتقال الامراض. والامتناع عن كل ما من شأنه الاساءة لحرمة الميت ومشاعر اهله، بالتوقف عن الحديث بصوت عال او تبادل النكات او الحديث بأمور الدنيا، والاكتفاء بالدعاء للميت بالرحمة ولأهله بالصبر. وتحديد مواعيد لتقبل العزاء احترامًا لاهل الميت، وتنظيما لوقت الناس، بحيث يكون العزاء ما بين صلاتي العصر والعشاء.والاكتفاء بتقديم القهوة العربية والامتناع عن تقديم ما سواها.واقتصار الولائم على اليوم الاول للوفاة ولاهل المتوفى فقط. ونتمنى على كل من وزارات التربية والتعليم، والأوقاف، والثقافة، ودائرة قاضي القضاة، ودائرة الافتاء، والكنيسة، والجامعات، والمؤسسات الإعلامية، أن تجعل من ضمن مناهجها وبرامجها وأنشطتها تعزيز كل هذه القيم والسلوكيات التي أشرت إليها، والمرتبطة بأحزاننا.
التعليقات