الانتشار الكثيف لسيناريو 'الطوارئ لسنة كاملة' على منصات التواصل الاجتماعي لم يكن مجرد نزوة رقمية أو إشاعة عابرة. النص الذي تداوله الأردنيون في اخر 48 ساعة ، بما فيه من تفاصيل عن حل البرلمان، تشكيل حكومة أزمة، إعادة هيكلة التعليم والإعلام، وتغيير قواعد اللعبة السياسية الحالية ، عكس أكثر من مجرد فضول جماعي ، إنه تجسيد لحالة قلق عميق، وانعدام ثقة متزايد بين الدولة والمجتمع.
في جوهر الأمر، لم يعد الناس يصدقون أن مؤسسات الدولة قادرة على إنتاج حلول حقيقية. البرلمان والأحزاب باتا في نظر غالبية المواطنين ديكورًا بلا فعالية. الحكومات المتعاقبة كرّست نمطًا من الإدارة يقوم على تأجيل الأزمات لا معالجتها. هذا الفراغ السردي، حين تقابله آلة رسمية بطيئة ومتصنّعة، يجعل أي 'تسريب' أو 'شائعة' تبدو أقرب إلى الحقيقة من التصريحات الرسمية.
لكن ما يجعل مثل هذه السيناريوهات خطيرة ليس فقط ضعف بعض مسؤولي الدولة في مخاطبة مواطنيها، بل أيضًا هشاشة المجتمع نفسه. الأردنيون ، في معظمهم يتداولون الأخبار بلا تمحيص، يستهلكون التحليلات وكأنها حقائق، وفي الوقت ذاته يغيب الفعل الجماعي المنظم القادر على تحويل الغضب أو الشك إلى مطالبة جدية بالإصلاح. هذه الثنائية ، سلطة عاجزة ومجتمع سلبي، هي التربة الخصبة التي تسمح لكل رواية أن تتضخم وتكتسب شرعية شعبية. الأكثر عمقًا أن هذه الشائعات تجد قوتها من هاجس قديم متجدد ( الخوف من التهجير). هذا الهاجس، المرتبط بالذاكرة التاريخية وبالواقع الإقليمي المشتعل حاليا، يستعاد كلما شعر الأردنيون بأن دولتهم تفتقر إلى رؤية متماسكة. في كل مرة يُلوّح بقرارات استثنائية أو ترتيبات انتقالية، يطلّ شبح التهجير كعامل مقلق، هل المطلوب ضبط الداخل في مواجهة ضغوط إقليمية ودولية؟ هل يهيأ المجتمع لتقبل تحولات كبرى قد تمس تركيبته الديمغرافية والسياسية؟ هنا يصبح تداول سيناريوهات 'الطوارئ' ليس مجرد لعب بالعقول، بل انعكاسًا لخشية عميقة من أن تتكرر لحظة تاريخية لم يتعافَ منها الوعي الجمعي الاردني بعد.
السؤال الجوهري ، هل يمكن أن تنقذ حالة الطوارئ الأردن؟ الجواب، وفق كل تجارب التاريخ السياسي، أن الأمن وحده لا يصنع استقرارًا دائمًا. لا الاستقرار ولا صلابة الجبهة الداخلية يتحققان بقرارات فوقية أو بتجميد الحياة السياسية. ما يحمي الأردن هو مشروع سياسي إصلاحي حقيقي، اقتصاد منتج يفتح أبواب العمل في ظل مجتمع تنافسي يقوم على العدالة وتكافؤ الفرص ، نظام سياسي شفاف يتيح التمثيل الفعلي للجميع، ومؤسسات قادرة على مخاطبة الناس بصدق لا بخوف.
إن تداول الأردنيين المكثف لمثل هذه السيناريوهات يعكس شيئًا أكبر من مجرد فضول، إنه إعلان صامت عن أزمة ثقة شاملة. وإذا لم تواجه الدولة هذه الأزمة بمصارحة واضحة، وإذا لم يتوقف المجتمع عن الانجرار وراء الشائعة بوصفها قدرًا، فإن خطر 'التهجير' لن يبقى مجرد شبح في الذاكرة، بل قد يتحول إلى أداة حاضرة في صناعة القرارات والسياسات.
أ.د. علي حياصات
الانتشار الكثيف لسيناريو 'الطوارئ لسنة كاملة' على منصات التواصل الاجتماعي لم يكن مجرد نزوة رقمية أو إشاعة عابرة. النص الذي تداوله الأردنيون في اخر 48 ساعة ، بما فيه من تفاصيل عن حل البرلمان، تشكيل حكومة أزمة، إعادة هيكلة التعليم والإعلام، وتغيير قواعد اللعبة السياسية الحالية ، عكس أكثر من مجرد فضول جماعي ، إنه تجسيد لحالة قلق عميق، وانعدام ثقة متزايد بين الدولة والمجتمع.
في جوهر الأمر، لم يعد الناس يصدقون أن مؤسسات الدولة قادرة على إنتاج حلول حقيقية. البرلمان والأحزاب باتا في نظر غالبية المواطنين ديكورًا بلا فعالية. الحكومات المتعاقبة كرّست نمطًا من الإدارة يقوم على تأجيل الأزمات لا معالجتها. هذا الفراغ السردي، حين تقابله آلة رسمية بطيئة ومتصنّعة، يجعل أي 'تسريب' أو 'شائعة' تبدو أقرب إلى الحقيقة من التصريحات الرسمية.
لكن ما يجعل مثل هذه السيناريوهات خطيرة ليس فقط ضعف بعض مسؤولي الدولة في مخاطبة مواطنيها، بل أيضًا هشاشة المجتمع نفسه. الأردنيون ، في معظمهم يتداولون الأخبار بلا تمحيص، يستهلكون التحليلات وكأنها حقائق، وفي الوقت ذاته يغيب الفعل الجماعي المنظم القادر على تحويل الغضب أو الشك إلى مطالبة جدية بالإصلاح. هذه الثنائية ، سلطة عاجزة ومجتمع سلبي، هي التربة الخصبة التي تسمح لكل رواية أن تتضخم وتكتسب شرعية شعبية. الأكثر عمقًا أن هذه الشائعات تجد قوتها من هاجس قديم متجدد ( الخوف من التهجير). هذا الهاجس، المرتبط بالذاكرة التاريخية وبالواقع الإقليمي المشتعل حاليا، يستعاد كلما شعر الأردنيون بأن دولتهم تفتقر إلى رؤية متماسكة. في كل مرة يُلوّح بقرارات استثنائية أو ترتيبات انتقالية، يطلّ شبح التهجير كعامل مقلق، هل المطلوب ضبط الداخل في مواجهة ضغوط إقليمية ودولية؟ هل يهيأ المجتمع لتقبل تحولات كبرى قد تمس تركيبته الديمغرافية والسياسية؟ هنا يصبح تداول سيناريوهات 'الطوارئ' ليس مجرد لعب بالعقول، بل انعكاسًا لخشية عميقة من أن تتكرر لحظة تاريخية لم يتعافَ منها الوعي الجمعي الاردني بعد.
السؤال الجوهري ، هل يمكن أن تنقذ حالة الطوارئ الأردن؟ الجواب، وفق كل تجارب التاريخ السياسي، أن الأمن وحده لا يصنع استقرارًا دائمًا. لا الاستقرار ولا صلابة الجبهة الداخلية يتحققان بقرارات فوقية أو بتجميد الحياة السياسية. ما يحمي الأردن هو مشروع سياسي إصلاحي حقيقي، اقتصاد منتج يفتح أبواب العمل في ظل مجتمع تنافسي يقوم على العدالة وتكافؤ الفرص ، نظام سياسي شفاف يتيح التمثيل الفعلي للجميع، ومؤسسات قادرة على مخاطبة الناس بصدق لا بخوف.
إن تداول الأردنيين المكثف لمثل هذه السيناريوهات يعكس شيئًا أكبر من مجرد فضول، إنه إعلان صامت عن أزمة ثقة شاملة. وإذا لم تواجه الدولة هذه الأزمة بمصارحة واضحة، وإذا لم يتوقف المجتمع عن الانجرار وراء الشائعة بوصفها قدرًا، فإن خطر 'التهجير' لن يبقى مجرد شبح في الذاكرة، بل قد يتحول إلى أداة حاضرة في صناعة القرارات والسياسات.
أ.د. علي حياصات
الانتشار الكثيف لسيناريو 'الطوارئ لسنة كاملة' على منصات التواصل الاجتماعي لم يكن مجرد نزوة رقمية أو إشاعة عابرة. النص الذي تداوله الأردنيون في اخر 48 ساعة ، بما فيه من تفاصيل عن حل البرلمان، تشكيل حكومة أزمة، إعادة هيكلة التعليم والإعلام، وتغيير قواعد اللعبة السياسية الحالية ، عكس أكثر من مجرد فضول جماعي ، إنه تجسيد لحالة قلق عميق، وانعدام ثقة متزايد بين الدولة والمجتمع.
في جوهر الأمر، لم يعد الناس يصدقون أن مؤسسات الدولة قادرة على إنتاج حلول حقيقية. البرلمان والأحزاب باتا في نظر غالبية المواطنين ديكورًا بلا فعالية. الحكومات المتعاقبة كرّست نمطًا من الإدارة يقوم على تأجيل الأزمات لا معالجتها. هذا الفراغ السردي، حين تقابله آلة رسمية بطيئة ومتصنّعة، يجعل أي 'تسريب' أو 'شائعة' تبدو أقرب إلى الحقيقة من التصريحات الرسمية.
لكن ما يجعل مثل هذه السيناريوهات خطيرة ليس فقط ضعف بعض مسؤولي الدولة في مخاطبة مواطنيها، بل أيضًا هشاشة المجتمع نفسه. الأردنيون ، في معظمهم يتداولون الأخبار بلا تمحيص، يستهلكون التحليلات وكأنها حقائق، وفي الوقت ذاته يغيب الفعل الجماعي المنظم القادر على تحويل الغضب أو الشك إلى مطالبة جدية بالإصلاح. هذه الثنائية ، سلطة عاجزة ومجتمع سلبي، هي التربة الخصبة التي تسمح لكل رواية أن تتضخم وتكتسب شرعية شعبية. الأكثر عمقًا أن هذه الشائعات تجد قوتها من هاجس قديم متجدد ( الخوف من التهجير). هذا الهاجس، المرتبط بالذاكرة التاريخية وبالواقع الإقليمي المشتعل حاليا، يستعاد كلما شعر الأردنيون بأن دولتهم تفتقر إلى رؤية متماسكة. في كل مرة يُلوّح بقرارات استثنائية أو ترتيبات انتقالية، يطلّ شبح التهجير كعامل مقلق، هل المطلوب ضبط الداخل في مواجهة ضغوط إقليمية ودولية؟ هل يهيأ المجتمع لتقبل تحولات كبرى قد تمس تركيبته الديمغرافية والسياسية؟ هنا يصبح تداول سيناريوهات 'الطوارئ' ليس مجرد لعب بالعقول، بل انعكاسًا لخشية عميقة من أن تتكرر لحظة تاريخية لم يتعافَ منها الوعي الجمعي الاردني بعد.
السؤال الجوهري ، هل يمكن أن تنقذ حالة الطوارئ الأردن؟ الجواب، وفق كل تجارب التاريخ السياسي، أن الأمن وحده لا يصنع استقرارًا دائمًا. لا الاستقرار ولا صلابة الجبهة الداخلية يتحققان بقرارات فوقية أو بتجميد الحياة السياسية. ما يحمي الأردن هو مشروع سياسي إصلاحي حقيقي، اقتصاد منتج يفتح أبواب العمل في ظل مجتمع تنافسي يقوم على العدالة وتكافؤ الفرص ، نظام سياسي شفاف يتيح التمثيل الفعلي للجميع، ومؤسسات قادرة على مخاطبة الناس بصدق لا بخوف.
إن تداول الأردنيين المكثف لمثل هذه السيناريوهات يعكس شيئًا أكبر من مجرد فضول، إنه إعلان صامت عن أزمة ثقة شاملة. وإذا لم تواجه الدولة هذه الأزمة بمصارحة واضحة، وإذا لم يتوقف المجتمع عن الانجرار وراء الشائعة بوصفها قدرًا، فإن خطر 'التهجير' لن يبقى مجرد شبح في الذاكرة، بل قد يتحول إلى أداة حاضرة في صناعة القرارات والسياسات.
التعليقات