مهدي مبارك عبدالله
في عالم يمعن في الترفيه ويتجاهل الابادة الجماعية وسياسة التجويع في غزة التي تحولت إلى مقبرة جماعية مفتوحة حيث يمارس الاحتلال الإسرائيلي أبشع صور التدمير والقتل بلا رحمة فمنذ شهور والعالم يتابع مشاهد الأمهات وهن يودعن أبناءهن تحت أنقاض البيوت المحترقة وصور المستشفيات المنهكة التي تعجز عن استقبال المزيد من الضحايا كل ذلك يجري بوجه متغطرس وصلف لم يعرف له مثيل في التاريخ المعاصر ومع ذلك فإن الشعوب الحرة بدأت تكسر حاجز الصمت وتعلن أن زمن التواطؤ قد انتهى وأن من يصر على إبادة الأبرياء لن يجد له مكانا في ساحات الرياضة والفن والثقافة
في هذا السياق جاء الموقف الشجاع من إيرلندا التي أعلنت انسحابها من مسابقة يوروفيجن الغنائية التي ستقام في فيينا في أيار/ مايو عام 2026 المقبل احتجاجًا على مشاركة إسرائيل في لحظة فارقة تتجاوز فيها المواقف السياسية لتلامس الضمير الإنساني العالمي في قرار يعتبر رسالة واضحة ومباشرة بانه لا يمكن أن يتحول الفن والغناء الى غطاءً للقتل ولا يمكن للموسيقى أن تعزف بينما أطفال غزة يُقتلون تحت الأنقاض بدم بارد منذ أكتوبر 2023 يشهد قطاع غزة حربًا إبادية غير مسبوقة خلّفت آلاف الشهداء معظمهم من النساء والأطفال كما دمرت البنية التحتية الصحية والتعليمية بالكامل وفي سط هذا الجحيم اختارت إسرائيل أن تواصل مشاركتها في محافل الفن والثقافة الدولية في محاولة مكشوفة لتجميل وجهها أمام العالم بينما تستمر آلة القتل والتشريد والتدمير في العمل بلا توقف
مسابقة 'يوروفيجن' التي ينظمها اتحاد الإذاعات الأوروبية ( EBU ) منذ عام 1956 تعد ثاني أكبر حدث تلفزيوني عالمي حيث يتابعها أكثر من 160 مليون شخص حول العالم وهي ليست مجرد حدث موسيقي بل واجهة حضارية تمثّل ما يفترض أنه قِيَم أوروبا من حيث التنوع والحرية والتعبير والسؤال ما جدوى هذه القيم حين تتحول المنصات الفنية إلى ستار يُخفي هول المجازر أو حين تستخدم الموسيقى لإضفاء طابع طبيعي على نظام احتلال يمارس القتل والقمع كل يوم دون رادع النسخة المقبلة من يوروفيجن ستعقد في مدينة التي ستقام في فيينا عاصمة النمسا حيث تتزامن مع حالة غضب شعبي عالمي واسع وحملات مقاطعة متصاعدة تطالب باستبعاد إسرائيل من المشاركة فيها أو انسحاب الدول التي ترفض التطبيع مع القتلة بعد توثيق انتهاكاتها في غزة بأدلة دامغة وصور تقشعر لها الأبدان
موقف إيرلندا في هذا السياق يأتي كفعل مقاومة ثقافية يعبّر عن روح أمة تعرف معنى الاحتلال وذاقت مرارته لعقود طويلة وكتجلٍّ نادر للانسجام بين القيم السياسية والمواقف الثقافية فالدولة التي عانت من الاستعمار البريطاني لقرون تعرف جيدًا معنى الاحتلال وتمتلك إرثًا نضاليًا يجعلها أكثر حساسية تجاه قضايا الحرية والعدالة ولا يمكنها أن تقف صامتة أمام مأساة غزة التي تمثل اليوم وجه الاحتلال العاري والعنف المطلق في أبشع صوره لذلك لم يكن قرارها بالانسحاب من المسابقة مجرد تعبير فني بل موقف تاريخي يؤكد أن هناك من لا يزال يرفض المساومة على القيم ولو كلفه ذلك حضورًا عالميًا أو صدى إعلاميًا وبينما كانت عدة دول تختبئ خلف مبررات ' الحياد الثقافي ' كانت إيرلندا صريحة وواضحة لا غناء فوق الدم ولا فن في حضرة الإبادة
من الصعب فصل هذا القرار عن السياق السياسي الأوروبي العام إذ أن الرأي العام في القارة القديمة بدأ يشهد تحولا واضحا تجاه إسرائيل مدفوعا بموجة من الوعي الحقوقي الجديد الذي تخلقه صور المجازر والدمار في غزة وسط صمت معظم الحكومات تبرز مثل هذه المواقف كصوت الضمير الحي في بحر من اللامبالاة خاصة بعد أن فشلت الحكومات الغربية في إقناع شعوبها بأن ما يحدث في غزة هو مجرد دفاع عن النفس خصوصا بعد رؤيتهم للصور القادمة من هناك وسماعهم اصوات الأمهات المفجوعات ومشاهدتهم جثث الأطفال المنتشرة تحت الركام كلها صنعت تحولًا في وعي الرأي العام الذي لم يعد يثق كثيرًا بتصريحات الرسميين بل صار يبحث عن الحقيقة في عيون الضحايا
إيرلندا التي طالما عبرت عن مواقف داعمة لفلسطين في محافل برلمانية وشعبية لم تتردد في وضع القيم فوق الحسابات حيث تبدو أكثر اتساقًا مع هذا التحول حيث تعكس قراراتها الموقف الشعبي الذي لم يعد منفصلًا عن القرار السياسي وان انسحابها لم يكن مجرد خطوة احتجاجية بل إعلان قيمي يفرض على المؤسسات الثقافية إعادة النظر في علاقتها بالأنظمة الاستعمارية والعنيفة لأن الفن الذي لا يحترم الإنسان ولا يقف إلى جانب الضحايا يتحول إلى أداة تزييف خطيرة للواقع والتاريخ حيث بات من الضروري جدا أن يحاسب الفن كما تحاسب السياسة على شراكته في تبييض الجرائم وتزييف الحقائق
بينما وقفت إيرلندا موقفًا يليق بتاريخها النضالي وضميرها الإنساني في المقابل مضت دول عربية وغربية في طريق مختلف تمامًا لا يعبأ بالدماء ولا يتوقف عند صرخات الأطفال تحت الأنقاض والجوع حيث أصرّت بعض العواصم العربية والاوروبية على إقامة مهرجانات غنائية كبرى ولم تُلغَ أو تؤجل رغم عظم المجازر التي غزت شاشات العالم من غزة حيث اقيمت الحفلات الصاخبة التي اشتغل فيها الرقص والمجون وكأن الدم العربي الفلسطيني لا يعني شيئًا وكأن مشهد أم وهي تبحث عن طفلها بين الركام لا يستحق لحظة صمت أو وقفة احترام
المؤسف ان هذه المهرجانات لم تكن مجرد حفلات غنائية بل كانت محطات فجور سياسي مغلّف بالثقافة وهي تحاول مواصلة الحياة ' كأن شيئًا لم يكن ' في الوقت الذي كانت فيه غزة تئن جوعًا وتقطر دمًا وتموتً حصارا وهذا التناقض لا يمكن تبريره بذرائع الفن أو الترفيه لأنه يكشف انحدارًا أخلاقيًا مروعًا حيث يصبح الترف واجب والحداد ترف لا تحتمله السياسة وهنا تبرز عظمة الموقف الايرلندي لا لأنه الأكثر تأثيرًا سياسيًا بل لأنه الأصدق إنسانيًا والأوضح أخلاقيًا والأكثر اتساقًا مع معنى الفن الحقيقي بأن يكون في صف الحياة لا القتل فالفن الذي لا يقف مع الضحايا ليس فنا بل دعاية والفكر الذي لا يدين القتل ليس فكرا انما تبرير رخيص للجريمة
القرار الايرلندي المشرف لم يأتي من فراغ بل منسجم مع سلسلة من التحركات العالمية التي بدأت تعزل إسرائيل في مجالات مختلفة ومع تصاعد الوعي الرسمي والشعبي لدى بعض الدول الغربية تزايدت العزلة الدولية لإسرائيل في السنوات الأخيرة ليس فقط سياسيًا بل في جميع مجالات التأثير الناعم من الرياضة إلى الثقافة والتعليم ففي الجانب الرياضي انسحب لاعبون عرب وإيرانيون وأتراك من منافسات جمعتهم بلاعبين إسرائيليين وفضلوا الخسارة على التطبيع كما ألغت اتحادات رياضية دولية بطولات كانت مقررة في تل أبيب تحت ضغط جماهيري
في المجال الفني رفضت فرق موسيقية عالمية مثل لورد ولانا ديل راي إقامة عروض غنائية في إسرائيل فيما انسحبت عدة مهرجانات سينمائية أوروبية من استضافة أفلام إسرائيلية وحتى في الجامعات شهدنا تحولاً ملحوظًا حيث علّقت في بريطانيا وأمريكا وكندا تعاونها مع مؤسسات أكاديمية وجامعات إسرائيلية خصوصا في مجالات التكنولوجيا الحيوية والذكاء الاصطناعي كما انضمت اتحادات أكاديمية إلى حركة المقاطعة العالمية بي دي إس التي تدعو إلى عزل إسرائيل أكاديميا وثقافيا باعتبارها دولة فصل عنصري معتبرة أن الصمت على الاحتلال هو خيانة للعلم والمعرفة
أما في الجانب الاقتصادي فقد بدأت شركات عالمية بإعادة النظر في استثماراتها داخل إسرائيل خوفًا من فقدانها للأسواق الأوروبية أو العربية التي باتت أكثر وعيًا كما ارتفعت حملات المقاطعة الشعبية ليس فقط على مستوى الأفراد بل عبر مؤسسات مجتمع مدني ومنظمات حقوقية تقود حملات ممنهجة تستهدف الشركات التي تدعم الاحتلال مما أجبر بعضها على الانسحاب من التعامل مع كيان الاحتلال
هذا التحرك المتكامل لا يهدف فقط إلى معاقبة إسرائيل بل إلى فضحها وتجريدها من الشرعية الأخلاقية التي تحاول الادعاء بامتلاكها من خلال مشاركتها في المسابقات الدولية والمهرجانات العالمية وبذلك يصبح انسحاب إيرلندا من يوروفيجن ليس مجرد خطوة فنية بل جزءا من حركة عالمية متنامية تسعى إلى مقاومة التواطؤ الثقافي والسياسي مع الاحتلال الإسرائيلي وإن من يربح من هذه المواقف ليس فقط الشعب الفلسطيني بل ضمير الإنسانية لأن العالم الذي يغني ويرقص بينما يُقصف شعب اعزل بأكمله هو عالم اختل ميزانه الأخلاقي وإن كان بعض القادة قد باعوا مواقفهم فإن الشعوب لا تزال تحتفظ بالبوصلة الصحيحة
الحراك الايرلندي بمثل بداية موجة قادمة من الرفض والعزل لهذا الكيان الذي بات يضيق عليه الخناق في كل ساحة وما كان بالأمس دعوة نخبوية بات اليوم رأيا عاما يتنامى بقوة في الجامعات والنقابات ومنصات التواصل حتى بات صانعو القرار تحت ضغط أخلاقي لا يمكن تجاهله وفي غزة لا وقت للأغاني لكن صوتها يعلو في كل مكان في نبض الشعوب الحرة وفي مواقف الدول الشريفة وفي انسحاب الفنانين الرياضيين والأكاديميين الذين اختاروا أن يقفوا في صف المظلوم لا الظالم وإن استطاعت إسرائيل أن تشتري الحكومات فإنها أعجز من أن تشتري ضمائر الناس فلا غناء تحت القصف ولا موسيقى في حضرة الموت ولا أضواء على منصة يعتليها القتلة
ختاما : إسرائيل لم تعد مجرد قوة احتلال بل تحولت إلى مشروع دموي يمارس القتل والتهجير والتجويع في غزة ويعتدي على لبنان وسوريا ويهدد استقرار المنطقة بأكملها كل ذلك في تحد صارخ للقوانين الدولية وللضمير الإنساني وما يحدث في غزة هو صفحة دامية في كتاب أسود طويل عنوانه الإبادة والعنصرية وإن استطاعت إسرائيل أن تبتز بعض الحكومات بالسلاح والسياسة فإنها عاجزة تماما عن اختراق ضمير الشعوب الذي قرر أن يعزلها ويقاطعها ويحاصرها حتى تعترف بجرائمها وتدفع ثمنها إن المستقبل لن يكون إلا للحرية والعدالة وغزة التي نزفت وحدها ستجد أن صوتها يعلو في كل ميدان رياضي وفني وثقافي وعلمي حتى ينهار هذا الكيان الذي لم يجلب للمنطقة سوى الدم والدمار
كاتب وباحث مختص في الشؤون السياسية
[email protected]
مهدي مبارك عبدالله
في عالم يمعن في الترفيه ويتجاهل الابادة الجماعية وسياسة التجويع في غزة التي تحولت إلى مقبرة جماعية مفتوحة حيث يمارس الاحتلال الإسرائيلي أبشع صور التدمير والقتل بلا رحمة فمنذ شهور والعالم يتابع مشاهد الأمهات وهن يودعن أبناءهن تحت أنقاض البيوت المحترقة وصور المستشفيات المنهكة التي تعجز عن استقبال المزيد من الضحايا كل ذلك يجري بوجه متغطرس وصلف لم يعرف له مثيل في التاريخ المعاصر ومع ذلك فإن الشعوب الحرة بدأت تكسر حاجز الصمت وتعلن أن زمن التواطؤ قد انتهى وأن من يصر على إبادة الأبرياء لن يجد له مكانا في ساحات الرياضة والفن والثقافة
في هذا السياق جاء الموقف الشجاع من إيرلندا التي أعلنت انسحابها من مسابقة يوروفيجن الغنائية التي ستقام في فيينا في أيار/ مايو عام 2026 المقبل احتجاجًا على مشاركة إسرائيل في لحظة فارقة تتجاوز فيها المواقف السياسية لتلامس الضمير الإنساني العالمي في قرار يعتبر رسالة واضحة ومباشرة بانه لا يمكن أن يتحول الفن والغناء الى غطاءً للقتل ولا يمكن للموسيقى أن تعزف بينما أطفال غزة يُقتلون تحت الأنقاض بدم بارد منذ أكتوبر 2023 يشهد قطاع غزة حربًا إبادية غير مسبوقة خلّفت آلاف الشهداء معظمهم من النساء والأطفال كما دمرت البنية التحتية الصحية والتعليمية بالكامل وفي سط هذا الجحيم اختارت إسرائيل أن تواصل مشاركتها في محافل الفن والثقافة الدولية في محاولة مكشوفة لتجميل وجهها أمام العالم بينما تستمر آلة القتل والتشريد والتدمير في العمل بلا توقف
مسابقة 'يوروفيجن' التي ينظمها اتحاد الإذاعات الأوروبية ( EBU ) منذ عام 1956 تعد ثاني أكبر حدث تلفزيوني عالمي حيث يتابعها أكثر من 160 مليون شخص حول العالم وهي ليست مجرد حدث موسيقي بل واجهة حضارية تمثّل ما يفترض أنه قِيَم أوروبا من حيث التنوع والحرية والتعبير والسؤال ما جدوى هذه القيم حين تتحول المنصات الفنية إلى ستار يُخفي هول المجازر أو حين تستخدم الموسيقى لإضفاء طابع طبيعي على نظام احتلال يمارس القتل والقمع كل يوم دون رادع النسخة المقبلة من يوروفيجن ستعقد في مدينة التي ستقام في فيينا عاصمة النمسا حيث تتزامن مع حالة غضب شعبي عالمي واسع وحملات مقاطعة متصاعدة تطالب باستبعاد إسرائيل من المشاركة فيها أو انسحاب الدول التي ترفض التطبيع مع القتلة بعد توثيق انتهاكاتها في غزة بأدلة دامغة وصور تقشعر لها الأبدان
موقف إيرلندا في هذا السياق يأتي كفعل مقاومة ثقافية يعبّر عن روح أمة تعرف معنى الاحتلال وذاقت مرارته لعقود طويلة وكتجلٍّ نادر للانسجام بين القيم السياسية والمواقف الثقافية فالدولة التي عانت من الاستعمار البريطاني لقرون تعرف جيدًا معنى الاحتلال وتمتلك إرثًا نضاليًا يجعلها أكثر حساسية تجاه قضايا الحرية والعدالة ولا يمكنها أن تقف صامتة أمام مأساة غزة التي تمثل اليوم وجه الاحتلال العاري والعنف المطلق في أبشع صوره لذلك لم يكن قرارها بالانسحاب من المسابقة مجرد تعبير فني بل موقف تاريخي يؤكد أن هناك من لا يزال يرفض المساومة على القيم ولو كلفه ذلك حضورًا عالميًا أو صدى إعلاميًا وبينما كانت عدة دول تختبئ خلف مبررات ' الحياد الثقافي ' كانت إيرلندا صريحة وواضحة لا غناء فوق الدم ولا فن في حضرة الإبادة
من الصعب فصل هذا القرار عن السياق السياسي الأوروبي العام إذ أن الرأي العام في القارة القديمة بدأ يشهد تحولا واضحا تجاه إسرائيل مدفوعا بموجة من الوعي الحقوقي الجديد الذي تخلقه صور المجازر والدمار في غزة وسط صمت معظم الحكومات تبرز مثل هذه المواقف كصوت الضمير الحي في بحر من اللامبالاة خاصة بعد أن فشلت الحكومات الغربية في إقناع شعوبها بأن ما يحدث في غزة هو مجرد دفاع عن النفس خصوصا بعد رؤيتهم للصور القادمة من هناك وسماعهم اصوات الأمهات المفجوعات ومشاهدتهم جثث الأطفال المنتشرة تحت الركام كلها صنعت تحولًا في وعي الرأي العام الذي لم يعد يثق كثيرًا بتصريحات الرسميين بل صار يبحث عن الحقيقة في عيون الضحايا
إيرلندا التي طالما عبرت عن مواقف داعمة لفلسطين في محافل برلمانية وشعبية لم تتردد في وضع القيم فوق الحسابات حيث تبدو أكثر اتساقًا مع هذا التحول حيث تعكس قراراتها الموقف الشعبي الذي لم يعد منفصلًا عن القرار السياسي وان انسحابها لم يكن مجرد خطوة احتجاجية بل إعلان قيمي يفرض على المؤسسات الثقافية إعادة النظر في علاقتها بالأنظمة الاستعمارية والعنيفة لأن الفن الذي لا يحترم الإنسان ولا يقف إلى جانب الضحايا يتحول إلى أداة تزييف خطيرة للواقع والتاريخ حيث بات من الضروري جدا أن يحاسب الفن كما تحاسب السياسة على شراكته في تبييض الجرائم وتزييف الحقائق
بينما وقفت إيرلندا موقفًا يليق بتاريخها النضالي وضميرها الإنساني في المقابل مضت دول عربية وغربية في طريق مختلف تمامًا لا يعبأ بالدماء ولا يتوقف عند صرخات الأطفال تحت الأنقاض والجوع حيث أصرّت بعض العواصم العربية والاوروبية على إقامة مهرجانات غنائية كبرى ولم تُلغَ أو تؤجل رغم عظم المجازر التي غزت شاشات العالم من غزة حيث اقيمت الحفلات الصاخبة التي اشتغل فيها الرقص والمجون وكأن الدم العربي الفلسطيني لا يعني شيئًا وكأن مشهد أم وهي تبحث عن طفلها بين الركام لا يستحق لحظة صمت أو وقفة احترام
المؤسف ان هذه المهرجانات لم تكن مجرد حفلات غنائية بل كانت محطات فجور سياسي مغلّف بالثقافة وهي تحاول مواصلة الحياة ' كأن شيئًا لم يكن ' في الوقت الذي كانت فيه غزة تئن جوعًا وتقطر دمًا وتموتً حصارا وهذا التناقض لا يمكن تبريره بذرائع الفن أو الترفيه لأنه يكشف انحدارًا أخلاقيًا مروعًا حيث يصبح الترف واجب والحداد ترف لا تحتمله السياسة وهنا تبرز عظمة الموقف الايرلندي لا لأنه الأكثر تأثيرًا سياسيًا بل لأنه الأصدق إنسانيًا والأوضح أخلاقيًا والأكثر اتساقًا مع معنى الفن الحقيقي بأن يكون في صف الحياة لا القتل فالفن الذي لا يقف مع الضحايا ليس فنا بل دعاية والفكر الذي لا يدين القتل ليس فكرا انما تبرير رخيص للجريمة
القرار الايرلندي المشرف لم يأتي من فراغ بل منسجم مع سلسلة من التحركات العالمية التي بدأت تعزل إسرائيل في مجالات مختلفة ومع تصاعد الوعي الرسمي والشعبي لدى بعض الدول الغربية تزايدت العزلة الدولية لإسرائيل في السنوات الأخيرة ليس فقط سياسيًا بل في جميع مجالات التأثير الناعم من الرياضة إلى الثقافة والتعليم ففي الجانب الرياضي انسحب لاعبون عرب وإيرانيون وأتراك من منافسات جمعتهم بلاعبين إسرائيليين وفضلوا الخسارة على التطبيع كما ألغت اتحادات رياضية دولية بطولات كانت مقررة في تل أبيب تحت ضغط جماهيري
في المجال الفني رفضت فرق موسيقية عالمية مثل لورد ولانا ديل راي إقامة عروض غنائية في إسرائيل فيما انسحبت عدة مهرجانات سينمائية أوروبية من استضافة أفلام إسرائيلية وحتى في الجامعات شهدنا تحولاً ملحوظًا حيث علّقت في بريطانيا وأمريكا وكندا تعاونها مع مؤسسات أكاديمية وجامعات إسرائيلية خصوصا في مجالات التكنولوجيا الحيوية والذكاء الاصطناعي كما انضمت اتحادات أكاديمية إلى حركة المقاطعة العالمية بي دي إس التي تدعو إلى عزل إسرائيل أكاديميا وثقافيا باعتبارها دولة فصل عنصري معتبرة أن الصمت على الاحتلال هو خيانة للعلم والمعرفة
أما في الجانب الاقتصادي فقد بدأت شركات عالمية بإعادة النظر في استثماراتها داخل إسرائيل خوفًا من فقدانها للأسواق الأوروبية أو العربية التي باتت أكثر وعيًا كما ارتفعت حملات المقاطعة الشعبية ليس فقط على مستوى الأفراد بل عبر مؤسسات مجتمع مدني ومنظمات حقوقية تقود حملات ممنهجة تستهدف الشركات التي تدعم الاحتلال مما أجبر بعضها على الانسحاب من التعامل مع كيان الاحتلال
هذا التحرك المتكامل لا يهدف فقط إلى معاقبة إسرائيل بل إلى فضحها وتجريدها من الشرعية الأخلاقية التي تحاول الادعاء بامتلاكها من خلال مشاركتها في المسابقات الدولية والمهرجانات العالمية وبذلك يصبح انسحاب إيرلندا من يوروفيجن ليس مجرد خطوة فنية بل جزءا من حركة عالمية متنامية تسعى إلى مقاومة التواطؤ الثقافي والسياسي مع الاحتلال الإسرائيلي وإن من يربح من هذه المواقف ليس فقط الشعب الفلسطيني بل ضمير الإنسانية لأن العالم الذي يغني ويرقص بينما يُقصف شعب اعزل بأكمله هو عالم اختل ميزانه الأخلاقي وإن كان بعض القادة قد باعوا مواقفهم فإن الشعوب لا تزال تحتفظ بالبوصلة الصحيحة
الحراك الايرلندي بمثل بداية موجة قادمة من الرفض والعزل لهذا الكيان الذي بات يضيق عليه الخناق في كل ساحة وما كان بالأمس دعوة نخبوية بات اليوم رأيا عاما يتنامى بقوة في الجامعات والنقابات ومنصات التواصل حتى بات صانعو القرار تحت ضغط أخلاقي لا يمكن تجاهله وفي غزة لا وقت للأغاني لكن صوتها يعلو في كل مكان في نبض الشعوب الحرة وفي مواقف الدول الشريفة وفي انسحاب الفنانين الرياضيين والأكاديميين الذين اختاروا أن يقفوا في صف المظلوم لا الظالم وإن استطاعت إسرائيل أن تشتري الحكومات فإنها أعجز من أن تشتري ضمائر الناس فلا غناء تحت القصف ولا موسيقى في حضرة الموت ولا أضواء على منصة يعتليها القتلة
ختاما : إسرائيل لم تعد مجرد قوة احتلال بل تحولت إلى مشروع دموي يمارس القتل والتهجير والتجويع في غزة ويعتدي على لبنان وسوريا ويهدد استقرار المنطقة بأكملها كل ذلك في تحد صارخ للقوانين الدولية وللضمير الإنساني وما يحدث في غزة هو صفحة دامية في كتاب أسود طويل عنوانه الإبادة والعنصرية وإن استطاعت إسرائيل أن تبتز بعض الحكومات بالسلاح والسياسة فإنها عاجزة تماما عن اختراق ضمير الشعوب الذي قرر أن يعزلها ويقاطعها ويحاصرها حتى تعترف بجرائمها وتدفع ثمنها إن المستقبل لن يكون إلا للحرية والعدالة وغزة التي نزفت وحدها ستجد أن صوتها يعلو في كل ميدان رياضي وفني وثقافي وعلمي حتى ينهار هذا الكيان الذي لم يجلب للمنطقة سوى الدم والدمار
كاتب وباحث مختص في الشؤون السياسية
[email protected]
مهدي مبارك عبدالله
في عالم يمعن في الترفيه ويتجاهل الابادة الجماعية وسياسة التجويع في غزة التي تحولت إلى مقبرة جماعية مفتوحة حيث يمارس الاحتلال الإسرائيلي أبشع صور التدمير والقتل بلا رحمة فمنذ شهور والعالم يتابع مشاهد الأمهات وهن يودعن أبناءهن تحت أنقاض البيوت المحترقة وصور المستشفيات المنهكة التي تعجز عن استقبال المزيد من الضحايا كل ذلك يجري بوجه متغطرس وصلف لم يعرف له مثيل في التاريخ المعاصر ومع ذلك فإن الشعوب الحرة بدأت تكسر حاجز الصمت وتعلن أن زمن التواطؤ قد انتهى وأن من يصر على إبادة الأبرياء لن يجد له مكانا في ساحات الرياضة والفن والثقافة
في هذا السياق جاء الموقف الشجاع من إيرلندا التي أعلنت انسحابها من مسابقة يوروفيجن الغنائية التي ستقام في فيينا في أيار/ مايو عام 2026 المقبل احتجاجًا على مشاركة إسرائيل في لحظة فارقة تتجاوز فيها المواقف السياسية لتلامس الضمير الإنساني العالمي في قرار يعتبر رسالة واضحة ومباشرة بانه لا يمكن أن يتحول الفن والغناء الى غطاءً للقتل ولا يمكن للموسيقى أن تعزف بينما أطفال غزة يُقتلون تحت الأنقاض بدم بارد منذ أكتوبر 2023 يشهد قطاع غزة حربًا إبادية غير مسبوقة خلّفت آلاف الشهداء معظمهم من النساء والأطفال كما دمرت البنية التحتية الصحية والتعليمية بالكامل وفي سط هذا الجحيم اختارت إسرائيل أن تواصل مشاركتها في محافل الفن والثقافة الدولية في محاولة مكشوفة لتجميل وجهها أمام العالم بينما تستمر آلة القتل والتشريد والتدمير في العمل بلا توقف
مسابقة 'يوروفيجن' التي ينظمها اتحاد الإذاعات الأوروبية ( EBU ) منذ عام 1956 تعد ثاني أكبر حدث تلفزيوني عالمي حيث يتابعها أكثر من 160 مليون شخص حول العالم وهي ليست مجرد حدث موسيقي بل واجهة حضارية تمثّل ما يفترض أنه قِيَم أوروبا من حيث التنوع والحرية والتعبير والسؤال ما جدوى هذه القيم حين تتحول المنصات الفنية إلى ستار يُخفي هول المجازر أو حين تستخدم الموسيقى لإضفاء طابع طبيعي على نظام احتلال يمارس القتل والقمع كل يوم دون رادع النسخة المقبلة من يوروفيجن ستعقد في مدينة التي ستقام في فيينا عاصمة النمسا حيث تتزامن مع حالة غضب شعبي عالمي واسع وحملات مقاطعة متصاعدة تطالب باستبعاد إسرائيل من المشاركة فيها أو انسحاب الدول التي ترفض التطبيع مع القتلة بعد توثيق انتهاكاتها في غزة بأدلة دامغة وصور تقشعر لها الأبدان
موقف إيرلندا في هذا السياق يأتي كفعل مقاومة ثقافية يعبّر عن روح أمة تعرف معنى الاحتلال وذاقت مرارته لعقود طويلة وكتجلٍّ نادر للانسجام بين القيم السياسية والمواقف الثقافية فالدولة التي عانت من الاستعمار البريطاني لقرون تعرف جيدًا معنى الاحتلال وتمتلك إرثًا نضاليًا يجعلها أكثر حساسية تجاه قضايا الحرية والعدالة ولا يمكنها أن تقف صامتة أمام مأساة غزة التي تمثل اليوم وجه الاحتلال العاري والعنف المطلق في أبشع صوره لذلك لم يكن قرارها بالانسحاب من المسابقة مجرد تعبير فني بل موقف تاريخي يؤكد أن هناك من لا يزال يرفض المساومة على القيم ولو كلفه ذلك حضورًا عالميًا أو صدى إعلاميًا وبينما كانت عدة دول تختبئ خلف مبررات ' الحياد الثقافي ' كانت إيرلندا صريحة وواضحة لا غناء فوق الدم ولا فن في حضرة الإبادة
من الصعب فصل هذا القرار عن السياق السياسي الأوروبي العام إذ أن الرأي العام في القارة القديمة بدأ يشهد تحولا واضحا تجاه إسرائيل مدفوعا بموجة من الوعي الحقوقي الجديد الذي تخلقه صور المجازر والدمار في غزة وسط صمت معظم الحكومات تبرز مثل هذه المواقف كصوت الضمير الحي في بحر من اللامبالاة خاصة بعد أن فشلت الحكومات الغربية في إقناع شعوبها بأن ما يحدث في غزة هو مجرد دفاع عن النفس خصوصا بعد رؤيتهم للصور القادمة من هناك وسماعهم اصوات الأمهات المفجوعات ومشاهدتهم جثث الأطفال المنتشرة تحت الركام كلها صنعت تحولًا في وعي الرأي العام الذي لم يعد يثق كثيرًا بتصريحات الرسميين بل صار يبحث عن الحقيقة في عيون الضحايا
إيرلندا التي طالما عبرت عن مواقف داعمة لفلسطين في محافل برلمانية وشعبية لم تتردد في وضع القيم فوق الحسابات حيث تبدو أكثر اتساقًا مع هذا التحول حيث تعكس قراراتها الموقف الشعبي الذي لم يعد منفصلًا عن القرار السياسي وان انسحابها لم يكن مجرد خطوة احتجاجية بل إعلان قيمي يفرض على المؤسسات الثقافية إعادة النظر في علاقتها بالأنظمة الاستعمارية والعنيفة لأن الفن الذي لا يحترم الإنسان ولا يقف إلى جانب الضحايا يتحول إلى أداة تزييف خطيرة للواقع والتاريخ حيث بات من الضروري جدا أن يحاسب الفن كما تحاسب السياسة على شراكته في تبييض الجرائم وتزييف الحقائق
بينما وقفت إيرلندا موقفًا يليق بتاريخها النضالي وضميرها الإنساني في المقابل مضت دول عربية وغربية في طريق مختلف تمامًا لا يعبأ بالدماء ولا يتوقف عند صرخات الأطفال تحت الأنقاض والجوع حيث أصرّت بعض العواصم العربية والاوروبية على إقامة مهرجانات غنائية كبرى ولم تُلغَ أو تؤجل رغم عظم المجازر التي غزت شاشات العالم من غزة حيث اقيمت الحفلات الصاخبة التي اشتغل فيها الرقص والمجون وكأن الدم العربي الفلسطيني لا يعني شيئًا وكأن مشهد أم وهي تبحث عن طفلها بين الركام لا يستحق لحظة صمت أو وقفة احترام
المؤسف ان هذه المهرجانات لم تكن مجرد حفلات غنائية بل كانت محطات فجور سياسي مغلّف بالثقافة وهي تحاول مواصلة الحياة ' كأن شيئًا لم يكن ' في الوقت الذي كانت فيه غزة تئن جوعًا وتقطر دمًا وتموتً حصارا وهذا التناقض لا يمكن تبريره بذرائع الفن أو الترفيه لأنه يكشف انحدارًا أخلاقيًا مروعًا حيث يصبح الترف واجب والحداد ترف لا تحتمله السياسة وهنا تبرز عظمة الموقف الايرلندي لا لأنه الأكثر تأثيرًا سياسيًا بل لأنه الأصدق إنسانيًا والأوضح أخلاقيًا والأكثر اتساقًا مع معنى الفن الحقيقي بأن يكون في صف الحياة لا القتل فالفن الذي لا يقف مع الضحايا ليس فنا بل دعاية والفكر الذي لا يدين القتل ليس فكرا انما تبرير رخيص للجريمة
القرار الايرلندي المشرف لم يأتي من فراغ بل منسجم مع سلسلة من التحركات العالمية التي بدأت تعزل إسرائيل في مجالات مختلفة ومع تصاعد الوعي الرسمي والشعبي لدى بعض الدول الغربية تزايدت العزلة الدولية لإسرائيل في السنوات الأخيرة ليس فقط سياسيًا بل في جميع مجالات التأثير الناعم من الرياضة إلى الثقافة والتعليم ففي الجانب الرياضي انسحب لاعبون عرب وإيرانيون وأتراك من منافسات جمعتهم بلاعبين إسرائيليين وفضلوا الخسارة على التطبيع كما ألغت اتحادات رياضية دولية بطولات كانت مقررة في تل أبيب تحت ضغط جماهيري
في المجال الفني رفضت فرق موسيقية عالمية مثل لورد ولانا ديل راي إقامة عروض غنائية في إسرائيل فيما انسحبت عدة مهرجانات سينمائية أوروبية من استضافة أفلام إسرائيلية وحتى في الجامعات شهدنا تحولاً ملحوظًا حيث علّقت في بريطانيا وأمريكا وكندا تعاونها مع مؤسسات أكاديمية وجامعات إسرائيلية خصوصا في مجالات التكنولوجيا الحيوية والذكاء الاصطناعي كما انضمت اتحادات أكاديمية إلى حركة المقاطعة العالمية بي دي إس التي تدعو إلى عزل إسرائيل أكاديميا وثقافيا باعتبارها دولة فصل عنصري معتبرة أن الصمت على الاحتلال هو خيانة للعلم والمعرفة
أما في الجانب الاقتصادي فقد بدأت شركات عالمية بإعادة النظر في استثماراتها داخل إسرائيل خوفًا من فقدانها للأسواق الأوروبية أو العربية التي باتت أكثر وعيًا كما ارتفعت حملات المقاطعة الشعبية ليس فقط على مستوى الأفراد بل عبر مؤسسات مجتمع مدني ومنظمات حقوقية تقود حملات ممنهجة تستهدف الشركات التي تدعم الاحتلال مما أجبر بعضها على الانسحاب من التعامل مع كيان الاحتلال
هذا التحرك المتكامل لا يهدف فقط إلى معاقبة إسرائيل بل إلى فضحها وتجريدها من الشرعية الأخلاقية التي تحاول الادعاء بامتلاكها من خلال مشاركتها في المسابقات الدولية والمهرجانات العالمية وبذلك يصبح انسحاب إيرلندا من يوروفيجن ليس مجرد خطوة فنية بل جزءا من حركة عالمية متنامية تسعى إلى مقاومة التواطؤ الثقافي والسياسي مع الاحتلال الإسرائيلي وإن من يربح من هذه المواقف ليس فقط الشعب الفلسطيني بل ضمير الإنسانية لأن العالم الذي يغني ويرقص بينما يُقصف شعب اعزل بأكمله هو عالم اختل ميزانه الأخلاقي وإن كان بعض القادة قد باعوا مواقفهم فإن الشعوب لا تزال تحتفظ بالبوصلة الصحيحة
الحراك الايرلندي بمثل بداية موجة قادمة من الرفض والعزل لهذا الكيان الذي بات يضيق عليه الخناق في كل ساحة وما كان بالأمس دعوة نخبوية بات اليوم رأيا عاما يتنامى بقوة في الجامعات والنقابات ومنصات التواصل حتى بات صانعو القرار تحت ضغط أخلاقي لا يمكن تجاهله وفي غزة لا وقت للأغاني لكن صوتها يعلو في كل مكان في نبض الشعوب الحرة وفي مواقف الدول الشريفة وفي انسحاب الفنانين الرياضيين والأكاديميين الذين اختاروا أن يقفوا في صف المظلوم لا الظالم وإن استطاعت إسرائيل أن تشتري الحكومات فإنها أعجز من أن تشتري ضمائر الناس فلا غناء تحت القصف ولا موسيقى في حضرة الموت ولا أضواء على منصة يعتليها القتلة
ختاما : إسرائيل لم تعد مجرد قوة احتلال بل تحولت إلى مشروع دموي يمارس القتل والتهجير والتجويع في غزة ويعتدي على لبنان وسوريا ويهدد استقرار المنطقة بأكملها كل ذلك في تحد صارخ للقوانين الدولية وللضمير الإنساني وما يحدث في غزة هو صفحة دامية في كتاب أسود طويل عنوانه الإبادة والعنصرية وإن استطاعت إسرائيل أن تبتز بعض الحكومات بالسلاح والسياسة فإنها عاجزة تماما عن اختراق ضمير الشعوب الذي قرر أن يعزلها ويقاطعها ويحاصرها حتى تعترف بجرائمها وتدفع ثمنها إن المستقبل لن يكون إلا للحرية والعدالة وغزة التي نزفت وحدها ستجد أن صوتها يعلو في كل ميدان رياضي وفني وثقافي وعلمي حتى ينهار هذا الكيان الذي لم يجلب للمنطقة سوى الدم والدمار
كاتب وباحث مختص في الشؤون السياسية
[email protected]
التعليقات