أجمع اقتصاديون ومختصون في مجال العمل، على أن رؤية التحديث الاقتصادي تمثل إطارًا مرجعيًا أساسيًا ونقطة انطلاق لتطوير وهندسة منظومة التدريب المهني والتقني في المملكة. وأكدوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن الوصول إلى منظومة فعّالة يعتمد على الإصلاحات الإدارية وتعزيز الحوكمة، ومواءمة البرامج مع سوق العمل، وشراكة حقيقية مع القطاع الخاص،وتمكين الشباب والمرأة في المحافظات، إضافة إلى تطوير البنية التحتية والكفاءات التدريبية، بما يحوّل التدريب المهني إلى خيار استراتيجي يعزز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. وكان مجلس الوزراء أقر أخيرا نظام صندوق دعم أنشطة التعليم والتدريب المهني والتقني وتطوير المهارات لسنة 2025، الذي يهدف إلى تعزيز دور الصندوق في توفير فرص التشغيل للأفراد، وتمكينهم من الانخراط في العمل والإنتاج، إلى جانب دعم أنشطة التعليم والتدريب المهني والتقني وتطوير المهارات. وسيتم من خلال الصندوق تمويل المشروعات والفروع الإنتاجية التي وجه جلالة الملك عبدالله الثاني لإقامتها في مناطق الأرياف والبوادي والمناطق النائية؛ بهدف توفير فرص التشغيل لأبنائها وبناتها بمصاريف تشغيلية. وأكد وزير العمل الأسبق نايف استيتية أن هندسة منظومة التدريب المهني والتقني في المملكة بما ينسجم مع احتياجات سوق العمل، تستدعي تبني متطلبات أساسية تقوم على الشراكة مع أصحاب العمل ومراجعة المناهج وتوفير فرص تدريب وتشغيل فعلية،مشيرا إلى أهمية وجود مجالس قطاعية يقودها أصحاب العمل للمشاركة في تحديد المهارات المطلوبة، إلى جانب وضع إطار وطني للمؤهلات وضمان الجودة من خلال ربط الشهادات بالمستويات والاعتماد على مزوّدي تدريب موثوقين. وأكد أن رفع مكانة التعليم والتدريب المهني وربطه بالتشغيل الفعلي يتطلب خطة شاملة تبدأ ببناء سردية اجتماعية تُبرز قصص النجاح ومزايا المهن التقنية، مع إدخال الإرشاد المهني المبكر وتجريب المسارات منذ الصفوف المتوسطة. وشدد استيتية على تمكين المدارس والمراكز التدريبية من عقد شراكات سريعة مع المنشآت، وربط التمويل بمؤشرات الأداء كالتشغيل ورضا أصحاب العمل، مؤكداً أن التدريب المهني يمثل مدخلاً رئيسياً لزيادة فرص العمل وتحقيق العدالة التنموية. بدوره، قال عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأردن وممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات، المهندس إيهاب قادري، إن تطوير منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني يشكل أحد المرتكزات الأساسية لتلبية احتياجات سوق العمل الأردني والحد من معدلات البطالة، خصوصًا بين الشباب. وأشار إلى أن مواءمة البرامج مع احتياجات السوق تتطلب وجود دراسات دورية ترصد المهن المطلوبة، وتحديث المناهج باستمرار وفق معايير مبنية على الكفاءات، إضافة إلى التوسع في التدريب المزدوج وربط الدعم والتمويل بمؤشرات النجاح الفعلية وعلى رأسها التشغيل، إلى جانب توفير مسارات تعليمية متدرجة من الشهادة المهنية وصولًا إلى الدبلوم والبكالوريوس التطبيقي، بما يعزز من جاذبية هذه المسارات لدى الطلبة وأسرهم. أما على صعيد رفع مكانة التعليم والتدريب المهني بين قادري، أن هذا يتطلب جهودًا متوازية تبدأ من حملات توعوية وطنية تبرز قصص نجاح لخريجين استطاعوا بناء مستقبل مهني متميز أو ريادة أعمال ناجحة، إضافة إلى إدخال التوجيه المهني المبكر في المدارس لتوضيح الفرص المتاحة في القطاعات الصناعية والخدمية، وتوفير حوافز مالية ومنح للطلبة، وتشجيع المنشآت التي توفر فرص تدريب وتشغيل فعلية، إلى جانب ضمان الجودة والاعتماد للمراكز التدريبية، وربط البرامج بعقود تشغيل مسبقة تعزز ثقة المجتمع بمخرجات هذه المنظومة. من جانبه،أكد مدير عام مؤسسة التدريب المهني سابقا المهندس زياد عبيدات، أن هندسة منظومة التدريب المهني والتقني تبدأ بالإصلاحات الادارية الشاملة وإيجاد إدارة كفؤة تلتقط المخرجات وتعمل فورا على ترجمة هذه المخرجات إلى خطط عمل تنفيذية فعلية بمؤشرات قابلة للقياس على مستويات الأثر والنتائج والتنفيذ. وأشار إلى أن مواءمة مخرجات التدريب المهني مع متطلبات سوق العمل، تتطلب الاعتماد على تطوير وتوفير نظام بيانات سوق العمل، وأن يتم تحديثه بإستمرار، بالاضافة إلى إجراء الدراسات الدورية لمتطلبات سوق العمل من الاختصاصات والمهارات الفنية والتقنية والحياتية النوعية المطلوبة، والتي تعد مرجعية في تطوير وتحسين برامج التدريب وإدخال تخصصات جديدة إلى هذه المنظومة، إلى جانب إيجاد شراكة حقيقية مع القطاع الخاص تلمس الاحتياجات والتطوير والتحسين وتحويل الاتفاقيات ومذكرات االتفاهم التي يتم توقيعها إلى واقع عملي. وأكد عبيدات أن غياب رؤية استراتيجية لدى الجهات المعنية لاستشراف المستقبل والمهن الناشئة أدى إلى تأخر ملحوظ في مواكبة التطورات المهنية والتقنية اللازمة لضمان فعالية منظومة التدريب المهني، رغم وجود بعض المحاولات التي لم ترتقِ للمستوى المطلوب ،موضحا أن تحسين جودة مخرجات التدريب واستدامتها يعتمد أساسًا على توفير مدربين مؤهلين وثابتين، قادرين على مواكبة التغيرات العالمية ونقل المهارات المطلوبة لسوق العمل، مع الابتعاد عن الاعتماد على خبرات مؤقتة من أفراد غير متخصصين، وهو ما أثر سلبًا على الإنفاق الرأسمالي المخصص للتطوير. وأشار إلى أهمية التوعية المجتمعية بمسار التدريب والتعليم المهني، حيث لا يقل أهمية عن مسار التعليم الأكاديمي، لا سيما ان الاقتصاديات الحديثة تحتاج إلى مهارات مهنية أكثر من الشهادات الأكاديمية، وهذه فرصة للتركيز على حملات التوعية المجتمعية والانتقال إلى الأطراف والمحافظات وتعزيز التوجيه والارشاد المهني منذ الصغر. وفي السياق ذاته، أكد الخبير العمالي، مدير'بيت العمال'، حماده أبو نجمة ،أن من عوامل تطوير منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني في الأردن هو تحديث المناهج وتطوير قدرات المدربين وتوسيع البنية التحتية لمراكز التدريب، إلى جانب تعزيز تطبيق الإطار الوطني للمؤهلات الذي من شأنه أن يربط بين المسارات المهنية والأكاديمية ويوفر فرصا للانتقال والتطور المهني المستمر. وحول تعزيز وتحسين صورة التعليم والتدريب المهني والتقني، أوضح أبو نجمة أن هذا يتطلب بناء الثقة المجتمعية بهذا المسار من خلال تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، وبشكل أساسي ضمان فرص تشغيل حقيقية بعد التدريب، مشددا على اهمية توسيع برامج التدريب المنتهي بالتشغيل، على أن تصمم هذه البرامج بالتنسيق مع المؤسسات الاقتصادية وتستند إلى اتفاقيات تشغيل تضمن أن التدريب يقود إلى وظيفة فعلية بأجر لائق وشروط عمل مستقرة. وذكر أهمية تعزيز ثقافة ريادة الأعمال لدى الشباب وتوفير المسار الموازي للعمل الحر، مبينا أنه من هنا تأتي أهمية مبادرة الحكومة بإنشاء صندوق لدعم خريجي معاهد التدريب المهني والتي تمثل فرصة واعدة لتوجيه فئة من الخريجين نحو تأسيس مشاريعهم الخاصة، ويمكن للصندوق أن يؤدي دورا محوريا إذا ما تم ربطه بمسار تدريبي مخصص للريادة يبدأ بتأهيل المتدرب فنيا وإداريا وينتهي بتمكينه من تنفيذ مشروع منتج ومدروس. وأكد أبو نجمة ضرورة إيجاد منظومة مرنة ومتكاملة تمنح الشباب مسارين رئيسيين بعد التدريب، الأول هو التشغيل المباشر عبر شراكات مع القطاع الخاص، والثاني؛ التمكين الذاتي من خلال مشروعات ريادية مدعومة من الدولة، وكلا المسارين يجب أن يخطط لهما بعناية ويتم تنفيذهما بدقة ضمن بيئة محفزة على الإنتاج والابتكار. --(بترا)
أجمع اقتصاديون ومختصون في مجال العمل، على أن رؤية التحديث الاقتصادي تمثل إطارًا مرجعيًا أساسيًا ونقطة انطلاق لتطوير وهندسة منظومة التدريب المهني والتقني في المملكة. وأكدوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن الوصول إلى منظومة فعّالة يعتمد على الإصلاحات الإدارية وتعزيز الحوكمة، ومواءمة البرامج مع سوق العمل، وشراكة حقيقية مع القطاع الخاص،وتمكين الشباب والمرأة في المحافظات، إضافة إلى تطوير البنية التحتية والكفاءات التدريبية، بما يحوّل التدريب المهني إلى خيار استراتيجي يعزز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. وكان مجلس الوزراء أقر أخيرا نظام صندوق دعم أنشطة التعليم والتدريب المهني والتقني وتطوير المهارات لسنة 2025، الذي يهدف إلى تعزيز دور الصندوق في توفير فرص التشغيل للأفراد، وتمكينهم من الانخراط في العمل والإنتاج، إلى جانب دعم أنشطة التعليم والتدريب المهني والتقني وتطوير المهارات. وسيتم من خلال الصندوق تمويل المشروعات والفروع الإنتاجية التي وجه جلالة الملك عبدالله الثاني لإقامتها في مناطق الأرياف والبوادي والمناطق النائية؛ بهدف توفير فرص التشغيل لأبنائها وبناتها بمصاريف تشغيلية. وأكد وزير العمل الأسبق نايف استيتية أن هندسة منظومة التدريب المهني والتقني في المملكة بما ينسجم مع احتياجات سوق العمل، تستدعي تبني متطلبات أساسية تقوم على الشراكة مع أصحاب العمل ومراجعة المناهج وتوفير فرص تدريب وتشغيل فعلية،مشيرا إلى أهمية وجود مجالس قطاعية يقودها أصحاب العمل للمشاركة في تحديد المهارات المطلوبة، إلى جانب وضع إطار وطني للمؤهلات وضمان الجودة من خلال ربط الشهادات بالمستويات والاعتماد على مزوّدي تدريب موثوقين. وأكد أن رفع مكانة التعليم والتدريب المهني وربطه بالتشغيل الفعلي يتطلب خطة شاملة تبدأ ببناء سردية اجتماعية تُبرز قصص النجاح ومزايا المهن التقنية، مع إدخال الإرشاد المهني المبكر وتجريب المسارات منذ الصفوف المتوسطة. وشدد استيتية على تمكين المدارس والمراكز التدريبية من عقد شراكات سريعة مع المنشآت، وربط التمويل بمؤشرات الأداء كالتشغيل ورضا أصحاب العمل، مؤكداً أن التدريب المهني يمثل مدخلاً رئيسياً لزيادة فرص العمل وتحقيق العدالة التنموية. بدوره، قال عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأردن وممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات، المهندس إيهاب قادري، إن تطوير منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني يشكل أحد المرتكزات الأساسية لتلبية احتياجات سوق العمل الأردني والحد من معدلات البطالة، خصوصًا بين الشباب. وأشار إلى أن مواءمة البرامج مع احتياجات السوق تتطلب وجود دراسات دورية ترصد المهن المطلوبة، وتحديث المناهج باستمرار وفق معايير مبنية على الكفاءات، إضافة إلى التوسع في التدريب المزدوج وربط الدعم والتمويل بمؤشرات النجاح الفعلية وعلى رأسها التشغيل، إلى جانب توفير مسارات تعليمية متدرجة من الشهادة المهنية وصولًا إلى الدبلوم والبكالوريوس التطبيقي، بما يعزز من جاذبية هذه المسارات لدى الطلبة وأسرهم. أما على صعيد رفع مكانة التعليم والتدريب المهني بين قادري، أن هذا يتطلب جهودًا متوازية تبدأ من حملات توعوية وطنية تبرز قصص نجاح لخريجين استطاعوا بناء مستقبل مهني متميز أو ريادة أعمال ناجحة، إضافة إلى إدخال التوجيه المهني المبكر في المدارس لتوضيح الفرص المتاحة في القطاعات الصناعية والخدمية، وتوفير حوافز مالية ومنح للطلبة، وتشجيع المنشآت التي توفر فرص تدريب وتشغيل فعلية، إلى جانب ضمان الجودة والاعتماد للمراكز التدريبية، وربط البرامج بعقود تشغيل مسبقة تعزز ثقة المجتمع بمخرجات هذه المنظومة. من جانبه،أكد مدير عام مؤسسة التدريب المهني سابقا المهندس زياد عبيدات، أن هندسة منظومة التدريب المهني والتقني تبدأ بالإصلاحات الادارية الشاملة وإيجاد إدارة كفؤة تلتقط المخرجات وتعمل فورا على ترجمة هذه المخرجات إلى خطط عمل تنفيذية فعلية بمؤشرات قابلة للقياس على مستويات الأثر والنتائج والتنفيذ. وأشار إلى أن مواءمة مخرجات التدريب المهني مع متطلبات سوق العمل، تتطلب الاعتماد على تطوير وتوفير نظام بيانات سوق العمل، وأن يتم تحديثه بإستمرار، بالاضافة إلى إجراء الدراسات الدورية لمتطلبات سوق العمل من الاختصاصات والمهارات الفنية والتقنية والحياتية النوعية المطلوبة، والتي تعد مرجعية في تطوير وتحسين برامج التدريب وإدخال تخصصات جديدة إلى هذه المنظومة، إلى جانب إيجاد شراكة حقيقية مع القطاع الخاص تلمس الاحتياجات والتطوير والتحسين وتحويل الاتفاقيات ومذكرات االتفاهم التي يتم توقيعها إلى واقع عملي. وأكد عبيدات أن غياب رؤية استراتيجية لدى الجهات المعنية لاستشراف المستقبل والمهن الناشئة أدى إلى تأخر ملحوظ في مواكبة التطورات المهنية والتقنية اللازمة لضمان فعالية منظومة التدريب المهني، رغم وجود بعض المحاولات التي لم ترتقِ للمستوى المطلوب ،موضحا أن تحسين جودة مخرجات التدريب واستدامتها يعتمد أساسًا على توفير مدربين مؤهلين وثابتين، قادرين على مواكبة التغيرات العالمية ونقل المهارات المطلوبة لسوق العمل، مع الابتعاد عن الاعتماد على خبرات مؤقتة من أفراد غير متخصصين، وهو ما أثر سلبًا على الإنفاق الرأسمالي المخصص للتطوير. وأشار إلى أهمية التوعية المجتمعية بمسار التدريب والتعليم المهني، حيث لا يقل أهمية عن مسار التعليم الأكاديمي، لا سيما ان الاقتصاديات الحديثة تحتاج إلى مهارات مهنية أكثر من الشهادات الأكاديمية، وهذه فرصة للتركيز على حملات التوعية المجتمعية والانتقال إلى الأطراف والمحافظات وتعزيز التوجيه والارشاد المهني منذ الصغر. وفي السياق ذاته، أكد الخبير العمالي، مدير'بيت العمال'، حماده أبو نجمة ،أن من عوامل تطوير منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني في الأردن هو تحديث المناهج وتطوير قدرات المدربين وتوسيع البنية التحتية لمراكز التدريب، إلى جانب تعزيز تطبيق الإطار الوطني للمؤهلات الذي من شأنه أن يربط بين المسارات المهنية والأكاديمية ويوفر فرصا للانتقال والتطور المهني المستمر. وحول تعزيز وتحسين صورة التعليم والتدريب المهني والتقني، أوضح أبو نجمة أن هذا يتطلب بناء الثقة المجتمعية بهذا المسار من خلال تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، وبشكل أساسي ضمان فرص تشغيل حقيقية بعد التدريب، مشددا على اهمية توسيع برامج التدريب المنتهي بالتشغيل، على أن تصمم هذه البرامج بالتنسيق مع المؤسسات الاقتصادية وتستند إلى اتفاقيات تشغيل تضمن أن التدريب يقود إلى وظيفة فعلية بأجر لائق وشروط عمل مستقرة. وذكر أهمية تعزيز ثقافة ريادة الأعمال لدى الشباب وتوفير المسار الموازي للعمل الحر، مبينا أنه من هنا تأتي أهمية مبادرة الحكومة بإنشاء صندوق لدعم خريجي معاهد التدريب المهني والتي تمثل فرصة واعدة لتوجيه فئة من الخريجين نحو تأسيس مشاريعهم الخاصة، ويمكن للصندوق أن يؤدي دورا محوريا إذا ما تم ربطه بمسار تدريبي مخصص للريادة يبدأ بتأهيل المتدرب فنيا وإداريا وينتهي بتمكينه من تنفيذ مشروع منتج ومدروس. وأكد أبو نجمة ضرورة إيجاد منظومة مرنة ومتكاملة تمنح الشباب مسارين رئيسيين بعد التدريب، الأول هو التشغيل المباشر عبر شراكات مع القطاع الخاص، والثاني؛ التمكين الذاتي من خلال مشروعات ريادية مدعومة من الدولة، وكلا المسارين يجب أن يخطط لهما بعناية ويتم تنفيذهما بدقة ضمن بيئة محفزة على الإنتاج والابتكار. --(بترا)
أجمع اقتصاديون ومختصون في مجال العمل، على أن رؤية التحديث الاقتصادي تمثل إطارًا مرجعيًا أساسيًا ونقطة انطلاق لتطوير وهندسة منظومة التدريب المهني والتقني في المملكة. وأكدوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن الوصول إلى منظومة فعّالة يعتمد على الإصلاحات الإدارية وتعزيز الحوكمة، ومواءمة البرامج مع سوق العمل، وشراكة حقيقية مع القطاع الخاص،وتمكين الشباب والمرأة في المحافظات، إضافة إلى تطوير البنية التحتية والكفاءات التدريبية، بما يحوّل التدريب المهني إلى خيار استراتيجي يعزز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. وكان مجلس الوزراء أقر أخيرا نظام صندوق دعم أنشطة التعليم والتدريب المهني والتقني وتطوير المهارات لسنة 2025، الذي يهدف إلى تعزيز دور الصندوق في توفير فرص التشغيل للأفراد، وتمكينهم من الانخراط في العمل والإنتاج، إلى جانب دعم أنشطة التعليم والتدريب المهني والتقني وتطوير المهارات. وسيتم من خلال الصندوق تمويل المشروعات والفروع الإنتاجية التي وجه جلالة الملك عبدالله الثاني لإقامتها في مناطق الأرياف والبوادي والمناطق النائية؛ بهدف توفير فرص التشغيل لأبنائها وبناتها بمصاريف تشغيلية. وأكد وزير العمل الأسبق نايف استيتية أن هندسة منظومة التدريب المهني والتقني في المملكة بما ينسجم مع احتياجات سوق العمل، تستدعي تبني متطلبات أساسية تقوم على الشراكة مع أصحاب العمل ومراجعة المناهج وتوفير فرص تدريب وتشغيل فعلية،مشيرا إلى أهمية وجود مجالس قطاعية يقودها أصحاب العمل للمشاركة في تحديد المهارات المطلوبة، إلى جانب وضع إطار وطني للمؤهلات وضمان الجودة من خلال ربط الشهادات بالمستويات والاعتماد على مزوّدي تدريب موثوقين. وأكد أن رفع مكانة التعليم والتدريب المهني وربطه بالتشغيل الفعلي يتطلب خطة شاملة تبدأ ببناء سردية اجتماعية تُبرز قصص النجاح ومزايا المهن التقنية، مع إدخال الإرشاد المهني المبكر وتجريب المسارات منذ الصفوف المتوسطة. وشدد استيتية على تمكين المدارس والمراكز التدريبية من عقد شراكات سريعة مع المنشآت، وربط التمويل بمؤشرات الأداء كالتشغيل ورضا أصحاب العمل، مؤكداً أن التدريب المهني يمثل مدخلاً رئيسياً لزيادة فرص العمل وتحقيق العدالة التنموية. بدوره، قال عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأردن وممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات، المهندس إيهاب قادري، إن تطوير منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني يشكل أحد المرتكزات الأساسية لتلبية احتياجات سوق العمل الأردني والحد من معدلات البطالة، خصوصًا بين الشباب. وأشار إلى أن مواءمة البرامج مع احتياجات السوق تتطلب وجود دراسات دورية ترصد المهن المطلوبة، وتحديث المناهج باستمرار وفق معايير مبنية على الكفاءات، إضافة إلى التوسع في التدريب المزدوج وربط الدعم والتمويل بمؤشرات النجاح الفعلية وعلى رأسها التشغيل، إلى جانب توفير مسارات تعليمية متدرجة من الشهادة المهنية وصولًا إلى الدبلوم والبكالوريوس التطبيقي، بما يعزز من جاذبية هذه المسارات لدى الطلبة وأسرهم. أما على صعيد رفع مكانة التعليم والتدريب المهني بين قادري، أن هذا يتطلب جهودًا متوازية تبدأ من حملات توعوية وطنية تبرز قصص نجاح لخريجين استطاعوا بناء مستقبل مهني متميز أو ريادة أعمال ناجحة، إضافة إلى إدخال التوجيه المهني المبكر في المدارس لتوضيح الفرص المتاحة في القطاعات الصناعية والخدمية، وتوفير حوافز مالية ومنح للطلبة، وتشجيع المنشآت التي توفر فرص تدريب وتشغيل فعلية، إلى جانب ضمان الجودة والاعتماد للمراكز التدريبية، وربط البرامج بعقود تشغيل مسبقة تعزز ثقة المجتمع بمخرجات هذه المنظومة. من جانبه،أكد مدير عام مؤسسة التدريب المهني سابقا المهندس زياد عبيدات، أن هندسة منظومة التدريب المهني والتقني تبدأ بالإصلاحات الادارية الشاملة وإيجاد إدارة كفؤة تلتقط المخرجات وتعمل فورا على ترجمة هذه المخرجات إلى خطط عمل تنفيذية فعلية بمؤشرات قابلة للقياس على مستويات الأثر والنتائج والتنفيذ. وأشار إلى أن مواءمة مخرجات التدريب المهني مع متطلبات سوق العمل، تتطلب الاعتماد على تطوير وتوفير نظام بيانات سوق العمل، وأن يتم تحديثه بإستمرار، بالاضافة إلى إجراء الدراسات الدورية لمتطلبات سوق العمل من الاختصاصات والمهارات الفنية والتقنية والحياتية النوعية المطلوبة، والتي تعد مرجعية في تطوير وتحسين برامج التدريب وإدخال تخصصات جديدة إلى هذه المنظومة، إلى جانب إيجاد شراكة حقيقية مع القطاع الخاص تلمس الاحتياجات والتطوير والتحسين وتحويل الاتفاقيات ومذكرات االتفاهم التي يتم توقيعها إلى واقع عملي. وأكد عبيدات أن غياب رؤية استراتيجية لدى الجهات المعنية لاستشراف المستقبل والمهن الناشئة أدى إلى تأخر ملحوظ في مواكبة التطورات المهنية والتقنية اللازمة لضمان فعالية منظومة التدريب المهني، رغم وجود بعض المحاولات التي لم ترتقِ للمستوى المطلوب ،موضحا أن تحسين جودة مخرجات التدريب واستدامتها يعتمد أساسًا على توفير مدربين مؤهلين وثابتين، قادرين على مواكبة التغيرات العالمية ونقل المهارات المطلوبة لسوق العمل، مع الابتعاد عن الاعتماد على خبرات مؤقتة من أفراد غير متخصصين، وهو ما أثر سلبًا على الإنفاق الرأسمالي المخصص للتطوير. وأشار إلى أهمية التوعية المجتمعية بمسار التدريب والتعليم المهني، حيث لا يقل أهمية عن مسار التعليم الأكاديمي، لا سيما ان الاقتصاديات الحديثة تحتاج إلى مهارات مهنية أكثر من الشهادات الأكاديمية، وهذه فرصة للتركيز على حملات التوعية المجتمعية والانتقال إلى الأطراف والمحافظات وتعزيز التوجيه والارشاد المهني منذ الصغر. وفي السياق ذاته، أكد الخبير العمالي، مدير'بيت العمال'، حماده أبو نجمة ،أن من عوامل تطوير منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني في الأردن هو تحديث المناهج وتطوير قدرات المدربين وتوسيع البنية التحتية لمراكز التدريب، إلى جانب تعزيز تطبيق الإطار الوطني للمؤهلات الذي من شأنه أن يربط بين المسارات المهنية والأكاديمية ويوفر فرصا للانتقال والتطور المهني المستمر. وحول تعزيز وتحسين صورة التعليم والتدريب المهني والتقني، أوضح أبو نجمة أن هذا يتطلب بناء الثقة المجتمعية بهذا المسار من خلال تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، وبشكل أساسي ضمان فرص تشغيل حقيقية بعد التدريب، مشددا على اهمية توسيع برامج التدريب المنتهي بالتشغيل، على أن تصمم هذه البرامج بالتنسيق مع المؤسسات الاقتصادية وتستند إلى اتفاقيات تشغيل تضمن أن التدريب يقود إلى وظيفة فعلية بأجر لائق وشروط عمل مستقرة. وذكر أهمية تعزيز ثقافة ريادة الأعمال لدى الشباب وتوفير المسار الموازي للعمل الحر، مبينا أنه من هنا تأتي أهمية مبادرة الحكومة بإنشاء صندوق لدعم خريجي معاهد التدريب المهني والتي تمثل فرصة واعدة لتوجيه فئة من الخريجين نحو تأسيس مشاريعهم الخاصة، ويمكن للصندوق أن يؤدي دورا محوريا إذا ما تم ربطه بمسار تدريبي مخصص للريادة يبدأ بتأهيل المتدرب فنيا وإداريا وينتهي بتمكينه من تنفيذ مشروع منتج ومدروس. وأكد أبو نجمة ضرورة إيجاد منظومة مرنة ومتكاملة تمنح الشباب مسارين رئيسيين بعد التدريب، الأول هو التشغيل المباشر عبر شراكات مع القطاع الخاص، والثاني؛ التمكين الذاتي من خلال مشروعات ريادية مدعومة من الدولة، وكلا المسارين يجب أن يخطط لهما بعناية ويتم تنفيذهما بدقة ضمن بيئة محفزة على الإنتاج والابتكار. --(بترا)
التعليقات
مختصون: التدريب المهني مسار استراتيجي لتأهيل الشباب
التعليقات