أ.د. علي النحلة حياصات
كانت زيارة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان إلى السلط حدثًا عابرًا في أجندة حكومية مزدحمة فقط . لكن, كان يمكن أن تكون لحظة اختبارٍ حقيقيّة لمدى قدرة السلطة التنفيذية على الإصغاء لنبض الشارع. غير أنّ المشهد انتهى عند أبواب مجلسَي الأعيان والنواب، وكأنّ الرسالة موجّهة للنُخب ذاتها التي يلتقيها الرئيس تحت قبّة البرلمان بأستمرار. بعبارة أوضح: لم يسمع أهل السلط بالزيارة ولم يكن لها اي اثر يذكر!
السلط ليست مدينة عادية في الوجدان الأردني, فهي تاريخٌ يُراجِع السلطة دومًا في معنى العدالة الاجتماعية. حين تُطلُّ على شوارعها القديمة سترى تركيبةً سكانية تشبه «الميكروكوزم» للأردن: طبقة وسطى تنكمش، شبابٌ عاطلون عن العمل (تقترب بطالتهم من 26 % وفق آخر بيانات رسمية)، ومجتمعٌ يتعاطف مع الدولة لكنه يَسقِط ثقتَه بالسياسات كلما طُرِح عليه سؤال: أين العائد على صبرنا؟
زيارة الرئيس لم تَمسّ هذه العناصر الجوهرية؛ لا جلسات مفتوحة، ولا منصّات حوار مع الشباب أو أصحاب الأعمال الصغيرة. اكتفى المسؤولون بصورة تذكارية، فيما بقي المشهد الحقيقي خارج دائرة التأثير.
منذ ربيع 2011 تناوب على الدوار الرابع العديد من الحكومات. في كلّ مرة، تتكرّر الوعود: «محاربة الفساد»، «خطة تحفيز اقتصادي»، «تمكين الشباب». ومع ذلك، ظلّت نسبة البطالة تدور في حلقاتٍ أعلى من 20 %، وارتفع الدين العام إلى قرابة 43 مليار دينار، فيما تُشير استطلاعاتُ الرأي إلى تراجع ثقة المواطنين بالحكومات إلى أقلّ من الثلث. المشكلة إذن ليست في ندرة التصريحات، بل في وفرة التشابه بينها.
هنا يبرز سؤال الناس في السلط: ما جدوى تغيير الوجوه إذا بقيت السياسات أسيرة المؤقت والترقيع؟ الزيارة لم تُجب. اكتفت بنقل المؤتمر الصحفي من عمّان إلى رابع أكبر مدن المملكة دون أن تُقلِّب الأولويات.
القضية الجوهرية ليست الاقتصاد فحسب؛ إنها العدلة حين يدفع المواطن ضريبة مضافة على كل سلعة، ثم يرى التهرّب الضريبي يفلت بلا عقاب، تتآكل شرعية الحكومة, وحين يحتاج لواسطة كي يحجز سريرًا في مستشفى حكومي، بينما يَعبر مسؤولٌ صفوف الانتظار، تتلاشى فكرة تكافؤ الفرص. العدالة ليست ترفًا أخلاقيًّا، بل شرط بقاء العقد الاجتماعي.
زيارة السلط كان يمكن أن تصبح منصة لإعلان إجراءات حقيقية: حزم تحفيزية للمستثمرين بشروط توظيفٍ محلية ملزمة. لكن شيئًا من ذلك لم يُطرَح. اكتفى رئيس الوزراء بخطابٍ مألوف عن «خطط قادمة»، وهو خطابٌ ما عادت الآذان تركن إليه.
أهل السلط لم يقاطعوا الرئيس؛ هم ببساطة لم يُدعَوا إلى الحفل. والسلطة التي لا تضع الحضور الشعبي في الصفوف الأولى، قد تجد نفسها تتحدّث مع أصداء فراغٍ يزداد اتساعًا. السؤال مفتوح أمام الدكتور جعفر حسان: هل تكون هذه الزيارة مجرد علامةٍ على استمرار الفجوة، أم لحظة مراجعةٍ صادقة تُعيد تعريف معنى الحكم الرشيد في الأردن؟
الكرة ما زالت في ملعب الحكومة، والشارع ينتظر جوابًا لا يأتي عبر المايكروفونات، بل يُترجَم إلى قراراتٍ تُلمَس في جيب المواطن وكرامته.
أ.د. علي النحلة حياصات
كانت زيارة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان إلى السلط حدثًا عابرًا في أجندة حكومية مزدحمة فقط . لكن, كان يمكن أن تكون لحظة اختبارٍ حقيقيّة لمدى قدرة السلطة التنفيذية على الإصغاء لنبض الشارع. غير أنّ المشهد انتهى عند أبواب مجلسَي الأعيان والنواب، وكأنّ الرسالة موجّهة للنُخب ذاتها التي يلتقيها الرئيس تحت قبّة البرلمان بأستمرار. بعبارة أوضح: لم يسمع أهل السلط بالزيارة ولم يكن لها اي اثر يذكر!
السلط ليست مدينة عادية في الوجدان الأردني, فهي تاريخٌ يُراجِع السلطة دومًا في معنى العدالة الاجتماعية. حين تُطلُّ على شوارعها القديمة سترى تركيبةً سكانية تشبه «الميكروكوزم» للأردن: طبقة وسطى تنكمش، شبابٌ عاطلون عن العمل (تقترب بطالتهم من 26 % وفق آخر بيانات رسمية)، ومجتمعٌ يتعاطف مع الدولة لكنه يَسقِط ثقتَه بالسياسات كلما طُرِح عليه سؤال: أين العائد على صبرنا؟
زيارة الرئيس لم تَمسّ هذه العناصر الجوهرية؛ لا جلسات مفتوحة، ولا منصّات حوار مع الشباب أو أصحاب الأعمال الصغيرة. اكتفى المسؤولون بصورة تذكارية، فيما بقي المشهد الحقيقي خارج دائرة التأثير.
منذ ربيع 2011 تناوب على الدوار الرابع العديد من الحكومات. في كلّ مرة، تتكرّر الوعود: «محاربة الفساد»، «خطة تحفيز اقتصادي»، «تمكين الشباب». ومع ذلك، ظلّت نسبة البطالة تدور في حلقاتٍ أعلى من 20 %، وارتفع الدين العام إلى قرابة 43 مليار دينار، فيما تُشير استطلاعاتُ الرأي إلى تراجع ثقة المواطنين بالحكومات إلى أقلّ من الثلث. المشكلة إذن ليست في ندرة التصريحات، بل في وفرة التشابه بينها.
هنا يبرز سؤال الناس في السلط: ما جدوى تغيير الوجوه إذا بقيت السياسات أسيرة المؤقت والترقيع؟ الزيارة لم تُجب. اكتفت بنقل المؤتمر الصحفي من عمّان إلى رابع أكبر مدن المملكة دون أن تُقلِّب الأولويات.
القضية الجوهرية ليست الاقتصاد فحسب؛ إنها العدلة حين يدفع المواطن ضريبة مضافة على كل سلعة، ثم يرى التهرّب الضريبي يفلت بلا عقاب، تتآكل شرعية الحكومة, وحين يحتاج لواسطة كي يحجز سريرًا في مستشفى حكومي، بينما يَعبر مسؤولٌ صفوف الانتظار، تتلاشى فكرة تكافؤ الفرص. العدالة ليست ترفًا أخلاقيًّا، بل شرط بقاء العقد الاجتماعي.
زيارة السلط كان يمكن أن تصبح منصة لإعلان إجراءات حقيقية: حزم تحفيزية للمستثمرين بشروط توظيفٍ محلية ملزمة. لكن شيئًا من ذلك لم يُطرَح. اكتفى رئيس الوزراء بخطابٍ مألوف عن «خطط قادمة»، وهو خطابٌ ما عادت الآذان تركن إليه.
أهل السلط لم يقاطعوا الرئيس؛ هم ببساطة لم يُدعَوا إلى الحفل. والسلطة التي لا تضع الحضور الشعبي في الصفوف الأولى، قد تجد نفسها تتحدّث مع أصداء فراغٍ يزداد اتساعًا. السؤال مفتوح أمام الدكتور جعفر حسان: هل تكون هذه الزيارة مجرد علامةٍ على استمرار الفجوة، أم لحظة مراجعةٍ صادقة تُعيد تعريف معنى الحكم الرشيد في الأردن؟
الكرة ما زالت في ملعب الحكومة، والشارع ينتظر جوابًا لا يأتي عبر المايكروفونات، بل يُترجَم إلى قراراتٍ تُلمَس في جيب المواطن وكرامته.
أ.د. علي النحلة حياصات
كانت زيارة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان إلى السلط حدثًا عابرًا في أجندة حكومية مزدحمة فقط . لكن, كان يمكن أن تكون لحظة اختبارٍ حقيقيّة لمدى قدرة السلطة التنفيذية على الإصغاء لنبض الشارع. غير أنّ المشهد انتهى عند أبواب مجلسَي الأعيان والنواب، وكأنّ الرسالة موجّهة للنُخب ذاتها التي يلتقيها الرئيس تحت قبّة البرلمان بأستمرار. بعبارة أوضح: لم يسمع أهل السلط بالزيارة ولم يكن لها اي اثر يذكر!
السلط ليست مدينة عادية في الوجدان الأردني, فهي تاريخٌ يُراجِع السلطة دومًا في معنى العدالة الاجتماعية. حين تُطلُّ على شوارعها القديمة سترى تركيبةً سكانية تشبه «الميكروكوزم» للأردن: طبقة وسطى تنكمش، شبابٌ عاطلون عن العمل (تقترب بطالتهم من 26 % وفق آخر بيانات رسمية)، ومجتمعٌ يتعاطف مع الدولة لكنه يَسقِط ثقتَه بالسياسات كلما طُرِح عليه سؤال: أين العائد على صبرنا؟
زيارة الرئيس لم تَمسّ هذه العناصر الجوهرية؛ لا جلسات مفتوحة، ولا منصّات حوار مع الشباب أو أصحاب الأعمال الصغيرة. اكتفى المسؤولون بصورة تذكارية، فيما بقي المشهد الحقيقي خارج دائرة التأثير.
منذ ربيع 2011 تناوب على الدوار الرابع العديد من الحكومات. في كلّ مرة، تتكرّر الوعود: «محاربة الفساد»، «خطة تحفيز اقتصادي»، «تمكين الشباب». ومع ذلك، ظلّت نسبة البطالة تدور في حلقاتٍ أعلى من 20 %، وارتفع الدين العام إلى قرابة 43 مليار دينار، فيما تُشير استطلاعاتُ الرأي إلى تراجع ثقة المواطنين بالحكومات إلى أقلّ من الثلث. المشكلة إذن ليست في ندرة التصريحات، بل في وفرة التشابه بينها.
هنا يبرز سؤال الناس في السلط: ما جدوى تغيير الوجوه إذا بقيت السياسات أسيرة المؤقت والترقيع؟ الزيارة لم تُجب. اكتفت بنقل المؤتمر الصحفي من عمّان إلى رابع أكبر مدن المملكة دون أن تُقلِّب الأولويات.
القضية الجوهرية ليست الاقتصاد فحسب؛ إنها العدلة حين يدفع المواطن ضريبة مضافة على كل سلعة، ثم يرى التهرّب الضريبي يفلت بلا عقاب، تتآكل شرعية الحكومة, وحين يحتاج لواسطة كي يحجز سريرًا في مستشفى حكومي، بينما يَعبر مسؤولٌ صفوف الانتظار، تتلاشى فكرة تكافؤ الفرص. العدالة ليست ترفًا أخلاقيًّا، بل شرط بقاء العقد الاجتماعي.
زيارة السلط كان يمكن أن تصبح منصة لإعلان إجراءات حقيقية: حزم تحفيزية للمستثمرين بشروط توظيفٍ محلية ملزمة. لكن شيئًا من ذلك لم يُطرَح. اكتفى رئيس الوزراء بخطابٍ مألوف عن «خطط قادمة»، وهو خطابٌ ما عادت الآذان تركن إليه.
أهل السلط لم يقاطعوا الرئيس؛ هم ببساطة لم يُدعَوا إلى الحفل. والسلطة التي لا تضع الحضور الشعبي في الصفوف الأولى، قد تجد نفسها تتحدّث مع أصداء فراغٍ يزداد اتساعًا. السؤال مفتوح أمام الدكتور جعفر حسان: هل تكون هذه الزيارة مجرد علامةٍ على استمرار الفجوة، أم لحظة مراجعةٍ صادقة تُعيد تعريف معنى الحكم الرشيد في الأردن؟
الكرة ما زالت في ملعب الحكومة، والشارع ينتظر جوابًا لا يأتي عبر المايكروفونات، بل يُترجَم إلى قراراتٍ تُلمَس في جيب المواطن وكرامته.
التعليقات