فجر الجمعة الماضي وبعد ثمانية أشهر من الاستعدادات السرية المكثفة بدأت إسرائيل بدعم ضمني من الولايات المتحدة هجوما واسعا على إيران بعشرات المقاتلات أسمته ( الأسد الصاعد ) حيث قصفت خلاله وزارة الدفاع ومنشأة نطنز النووية ومراكز لإنتاج الصواريخ الباليستية ومقرات تضم قيادات عليا في الحرس الثوري وغيرها كما اغتالت عدد لا يستهان به من القادة العسكريين البارزين والعلماء النوويين وكبار المسؤولين بذريعة أن إيران تمتلك مواد تكفي لصنع 15 قنبلة نووية في غضون أيام قليلة
عبر ضربة استباقية دقيقة وخاطفة مثّلت ذروة الاختراقات الاستخباراتية المعقدة والخطط العسكرية المتعددة الأبعاد تم التحضير لها خلال سنوات من العمليات السرية داخل العمق الإيراني بجرأة غير مسبوقة وبتقنيات متقدمة وتجنب رصد الاستخبارات الإيرانية
ما يثبت ان هذا العدوان المنظم عكس فشل استخباراتي إيراني مزدوج بعدما عجزت كافة الاجهزة الامنية عن رصد الأنشطة السرية الإسرائيلية على أراضيها وحماية منشآتها الاستراتيجية من هجوم واسع بهذا الحجم كان متوقع كما ان العملية ليست مجرد هجوم عسكري بل هي إشارة كبيرة إلى مدى عمق التغلغل الاستخباراتي الإسرائيلي في إيران وهشاشة البنية الأمنية وضعف بطاريات الدفاعات الجوية واختراق الرادارات الإيرانية بعد تعطيلها الفوري بتعرضها لهجوم إلكتروني مركز أو اختراقات تقنية داخلية عالية وقد استندت العملية إلى سنوات طويلة من التخطيط الدقيق وجمع المعلومات الاستخباراتية والنشر المبكر للقدرات الصاروخية السرية في العمق الإيراني وهي نقطة كانت مثيرة للقلق عند طهران فهذا التطور قد يعيد صياغة مفهوم الردع الثنائي بكل تفاصيله
على اثر الهجوم الواسع وجد العديد من الخبراء العسكريين الأمنيين انه لولا وجود العملاء والخونة والتدخل البشري المباشر للجواسيس داخل ايران لما تمكنت اسرائيل من قصف هذا الكم من الاهداف النووية والصاروخية الحساسة والتي ادت الى مقتل قيادات بارزة في الحرس الثوري والجيش والاجهزة الامنية بينهم حسين سلامي ومحمد باقري إضافة إلى تسعة علماء نوويين أكثر من 10 علماء نوويين إيرانيين تم اغتيالهم وأكثر من 300 هدف تم ضربه عدى عن مقتل عدد من القادة العسكريين والامنيين والمسؤولين الكبار
ظاهرة انتشار العملاء والخونة في ايران تتزايد بشكل ملحوظ منذ سنوات واخطر هؤلاء العملاء والخونة هم المؤثرون في بعض المواقع الرسمية العليا ورجالات الاستخبارات والجيش والاعلام والاقتصاد ناهيك عن العملاء المنتشرين بين صفوف المواطنين العاديين
قبل القيام بالضربة الجوية وفي تطور نوعي غير مسبوق في صراع الظل القائم بين إسرائيل وايران تمكن عملاء تابعون للموساد من إنشاء قاعدة لطائرات بدون طيار داخل الأراضي الإيرانية على مسافة غير بعيدة من طهران عملت كرأس جسر لاستهداف الدفاعات الجوية ومنصات إطلاق الصواريخ الإيرانية الموجهة نحو إسرائيل في تخطيط يشبه من حيث الأسلوب ضربات أوكرانيا ضد القواعد الروسية الجوية
حيث تم تفعيل هذه الطائرات المسيرة وإطلاقها نحو منصات صواريخ أرض- أرض الموجودة في قاعدة أسباجاباد قرب طهران والتي تشكّل تهديدًا مباشرا للأهداف الاستراتيجية ولمواطني إسرائيل بالإضافة الى تفعيل أجهزة التشويش والهجمات السيبرانية المدعومة من الداخل الايراني بالتزامن مع قصف الطيران الحربي المكثف بأكثر من 200 طائرة مقاتلة إسرائيلية نفذت ضربات دقيقة ومركزة على منشآت عسكرية ونووية بالغة التحصين بدون اي اعتراض فعال ورغم تقارير سابقة لبعض الخبراء كانت تتحدت خلال السنوات الأخيرة عن نشاطات مشبوهة في مواقع نائية قرب طهران يرجح أن تكون مخازن أسلحة أو قواعد سرية الا انها بقيت خارج الاهتمام الجدي والتحري العاجل من قبل الاجهزة الامنية الايرانية لمدة شهور
لم تقف الاختراقات الإسرائيلية عند حد بناء القاعدة الجوية لطائرات الدرونز بل شملت تهريب فريق كوماندوز تابع لجهاز الموساد وصواريخ ذكية التوجيه تم إطلاقها بدقة نحو الأهداف المحددة ومركبات خاصة تحمل أنظمة هجومية وتكنولوجيا سرية ومتطورة استخدمت بشكل فعال في الهجوم الاسرائيلي بعد جمع المعلومات الاستخباراتية المهمة ورصد وتعقب كبار قادة المنظومة الأمنية والعلماء النوويين الذين تم تصفيتهم إلى جانب تنقيذ عمليات سرية لاستهداف منظومة الصواريخ الاستراتيجية وشل قدرات الدفاع الجوي الإيرانية بإطلاق الصواريخ الدقيقة نحو الأهداف دفعة واحدة وبدقة عالية لكي لا تهدد الطائرات المقاتلة الإسرائيلية المهاجمة وقد عرض جيش الاحتلال الاسرائيلي مقاطع فيديو توثق وجود عملاء إسرائيليين يعملون على اعداد المسيرات والصواريخ داخل إيران
المواجهة الاستخباراتية بين الجانبين الايراني والاسرائيلي قائمة بالتأكيد لكن يبدو ان الكفة تميل بشكل راجح جداً لمصلحة الاسرائيلي الذي يتباهى بهذه القدرات ولم يعد يتورع عن تبني هذه العمليات العسكرية والاستخباراتية ويروج لشائعات عن أنه أقام شبكات وخلايا ثابتة داخل ايران تقدر بعشرات او حتى بمئات العملاء حيث بلغ الرقم المسرب من إسرائيل لصحيفة 'نيويورك بوست' الاميركية قبل عامين بان هنالك اكثر من ألف وثلاثة ماية عميل في إيران مقيمون في مختلف المحافظات ولم يغادروا الاراضي الايرانية حتى بعدما نفذوا عمليات خطرة جدا مثل تخريب منشآت البرنامج النووي الايراني او اطلاق الصواريخ أو اغتيال العلماء او تعطيل شبكات الكهرباء والمياه وغيرها من المرافق الحيوية الايرانية الاخرى وهو ما يسلط الضوء من جديد على حجم الاختراق الأمني الإسرائيلي داخل العمق الإيراني حيث اعتمدت عمليات إسرائيل الاخيرة على ( تفكير مبتكر وتخطيط جريء وتنفيذ دقيق ) باستخدام تكنولوجيا متقدمة وقوات خاصة وعملاء يعملون في قلب إيران وقد استطاعوا تفادي عيون الاستخبارات المحلية إلى جانب عملها على دعم جماعات معارضة وأقليات بهدف زعزعة الاستقرار الداخلي فضلاً عن دور دبلوماسي مكثف وعقوبات اقتصادية محكمة
العملية إسرائيلية مثلت واحدة من أعقد وأخطر الاختراقات الأمنية في تاريخ المنطقة وبما يثبت بان جهاز الموساد الإسرائيلي متوغل في عدة قطاعات مختلفة داخل الأراضي الإيرانية وان هنالك عملاء موجودين في كل موقع استهدفته الطائرات الاسرائيلية حتى ان جميع المسؤولين الإيرانيين بدأ يسري فيهم القلق خوفا على أرواحهم مقابل انشغال المؤسسات الأمنية والاستخباراتية الإيرانية بكيل الاتهامات لبعضها البعض فقبل عدة اعوام سرت الشكوك لدي الاجهزة الامنية الايرانية بتجنيد عملاء للموساد الإسرائيلي في اكبر شركة إيرانية للطيران ماهان إير حيث أجريت تحقيقات شاملة مع أطقم طائراتها وتم إيقاف 60 مضيفة طيران عن العمل بتوجيهات من استخبارات الحرس الثوري .
بين عامي 2007 و2008 وفي نهاية عهد الرئيس الامريكي السابق جورج بوش انتحل عملاء من الموساد الاسرائيلي شخصيات عملاء لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية الـ C.I.A بهدف تجنيد اعضاء في منظمة جند الله الباكستانية السنية العاملة في اقليم بلوشستان الايراني حيث استخدموا جوازات سفر امريكية خلال هذه النشاطات التي جرى معظمها في لندن وقد استشاط حينها الرئيس بوش غضبا عندما تم ابلاغه بذلك لان العملية الاسرائيلية كانت ستعرض حياة امريكيين للخطر يذكر ان منظمة جند الله تبنت العام الماضي المسؤولية عن مقتل 28 من افراد الحرس الثوري الايراني من خلال تفجير مسجد في بلوشستان .
في إشارة اخرى إلى النفوذ الاستخباري الإسرائيلي وتأثيره في جهاز المخابرات والأمن في إيران كشف الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد إن مسؤول مكافحة التجسس الإسرائيلي في وزارة الاستخبارات الإيرانية كان جاسوسا لإسرائيل وإن ذلك جعل إسرائيل تنجح بتنفيذ عمليات كبيرة في إيران من بينها في 2018 تم سرقة عدد كبير من الوثائق النووية الإيرانية من مستودع في ضواحي طهران قام بها 20 شخص من عملاء الموساد لم يكن أحد منهم إسرائيليا وكل هؤلاء العملاء على قيد الحياة وبعضهم غادر إيران حيث حملوا معهم 32 صندوق بمعدل نصف طن من المواد الأكثر سرية في إيران ( عصابة عملاء رفيعة المستوى )
وفي ذات السياق افادت تقارير متعددة أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني خضع سابقا للتحقيق بشأن تعرضه للاختراق بعد الاشتباه في تخابر رئيس مكتبه إحسان شفيقي مع الموساد الإسرائيلي
ما جرى في ايران صباح يوم الجمعة الماضية يشكل ثانية فشل إستخباراتي متكرر الى حد الملل وهو في الواقع فضيحة مدوية تكبر مع الايام وتسيء الى سمعة دولة تفخر في العادة بقوة أجهزتهما الاستخباراتية والأمنية وتفوقها وتعدد أذرعها بقدر ما تمس أمنهما الوطني الى الحد الذي يعري قدرتها المستقبلية على الردع والمقاومة ومن معالم تلك الفضيحة ونتائجها المشينة أنه جرى التسليم التام بأن الاختراق الاسرائيلي للعمق الايراني هو من وقائع الصراع وحقائقه النهائية الثابتة التي لم يعد يمكن تفاديها او حتى ومواجهتها بعد خسارة إيران المتمادية لمناعتهما الاستخباراتية والامنية وما تبعها من خلل هائل في موازين القوى لمصلحة اسرائيل التي باتت تنفذ غاراتها الجوية والصاروخية بسهولة مذهلة وكأنها تقوم بمهمة تدريب لطياريها من دون أدنى خطر أو تهديد وقد سبق قبل اعوام ان استهداف اسرائيل مواقع لتصنيع أجهزة الطرد المركزي في كرج وأصفهان بطائرات مسيرة
بعدما تحول ملف عملاء إسرائيل إلى كابوس يقض مضاجع ايران وبات خطره يعادل تداعيات الهجمات الإسرائيلية نفسها حيث اصبح من اخطر أسرار الحرب الاستخباراتية بين طهران وتل ابيب ليس فقط في تحويل إيران الى حقل رماية إسرائيلي مفتوح ليلا ونهاراً بل في كونها ظلت لا تدافع عن نفسها بالقوة الرادعة المطلوبة فعلى سبيل المثال يتم بين الحين والآخر القبض على عملاء لإسرائيل ليتبين في ما بعد أنهم معارضون للنظام او مسؤولون في اجهزة الدولة زودوا الموساد بالمعلومات والإحداثيات الهامة التي تسببت في قتل أغلب القادة والعلماء والمسؤولين وهو ما عزز مصداقية الخطاب الرسمي الاسرائيلي الذي يهدد يومياً بالمزيد من العمليات الامنية في العمق الايراني ومن من المرجح أن غالبية العملاء هم من الإيرانيين الذين تم تجنيدهم على مدى سنوات لكن لا يستبعد بالطبع وجود عناصر إسرائيلية فاعلة على الأرض بالنظر إلى هذا الاختراق العميق والشامل
لا زال يعتقد البعض أن ثمة اختراق أمني داخل إيران وتحديداً في جهاز الحرس الثوري وعلى مستوى عالي وقد ذهب الاعتقاد بأن اثنين على الأقل من كبار الجنرالات في الحرس الثوري يزودون إسرائيل بالمعلومات الامنية الحساسة ويرجع هذا إلى استشراء الفساد وعدم الكفاءة والرغبة في الحصول على المال باي ثمن وعندما ننظر إلى اتساع وطبيعة التصفيات الاسرائيلية المستمرة يتأكد لنا أن المعلومات تأتي على مستوى ضباط ومسؤولين كبار وهو ما يفسر قدرة إسرائيل على قتل هنية داخل مقر إقامته شديد الحراسة وقتل رئيس برنامج الأسلحة النووية الإيراني في طهران واخيرا تنفيذ ضربات نوعية من داخل الأراضي الإيرانية طالت قيادات بارزة وعلماء نوويين ومهندسين ومواقع عسكرية هامة
هنالك تساؤلات عديدة تثار حول أسباب إخفاق الأجهزة الأمنية الإيرانية في كشف وتعقب جواسيس الاستخبارات الإسرائيلية طوال السنوات الماضية خاصة وان الهجوم الأخير على ايران لم يكن رد فعل عابر او وليدة اللحظة بل ثمرة خطة محكمة وعمليات استخبارية طويلة تعود إلى سنوات مضت تضمنت تجهيز طائرات مسيرة مفخخة وانشاء بنى تحتية سرية تم تفعيلها في اللحظة المناسبة
إيران خلال السنوات الماضية نفذت العديد من عمليات الإعدام بحق عدد ممن اتهمتهم بالتورط في التعامل مع جهاز الموساد وقد باتت تهم العمالة والتجسس بين أبرز المبررات لتنفيذ احكام الإعدام بحق نشطاء ومعارضين بسطاء حيث تحتل طهران مراتب أولى في تنفيذ أحكام الإعدام ولكن ماذا عن محاسبة ومراقبة بعض كبار الضباط في الجيش والحرس والاجهزة الامنية والمسؤولين المدنيين الذين ينقلون المعلومات والاحداثيات والتحركات ويسرحون ويمرحون في طول البلاد وعرضها بحماية رتبهم العسكرية ومواقعهم ومؤسساتهم الرسمية العليا
فجر الجمعة الماضي وبعد ثمانية أشهر من الاستعدادات السرية المكثفة بدأت إسرائيل بدعم ضمني من الولايات المتحدة هجوما واسعا على إيران بعشرات المقاتلات أسمته ( الأسد الصاعد ) حيث قصفت خلاله وزارة الدفاع ومنشأة نطنز النووية ومراكز لإنتاج الصواريخ الباليستية ومقرات تضم قيادات عليا في الحرس الثوري وغيرها كما اغتالت عدد لا يستهان به من القادة العسكريين البارزين والعلماء النوويين وكبار المسؤولين بذريعة أن إيران تمتلك مواد تكفي لصنع 15 قنبلة نووية في غضون أيام قليلة
عبر ضربة استباقية دقيقة وخاطفة مثّلت ذروة الاختراقات الاستخباراتية المعقدة والخطط العسكرية المتعددة الأبعاد تم التحضير لها خلال سنوات من العمليات السرية داخل العمق الإيراني بجرأة غير مسبوقة وبتقنيات متقدمة وتجنب رصد الاستخبارات الإيرانية
ما يثبت ان هذا العدوان المنظم عكس فشل استخباراتي إيراني مزدوج بعدما عجزت كافة الاجهزة الامنية عن رصد الأنشطة السرية الإسرائيلية على أراضيها وحماية منشآتها الاستراتيجية من هجوم واسع بهذا الحجم كان متوقع كما ان العملية ليست مجرد هجوم عسكري بل هي إشارة كبيرة إلى مدى عمق التغلغل الاستخباراتي الإسرائيلي في إيران وهشاشة البنية الأمنية وضعف بطاريات الدفاعات الجوية واختراق الرادارات الإيرانية بعد تعطيلها الفوري بتعرضها لهجوم إلكتروني مركز أو اختراقات تقنية داخلية عالية وقد استندت العملية إلى سنوات طويلة من التخطيط الدقيق وجمع المعلومات الاستخباراتية والنشر المبكر للقدرات الصاروخية السرية في العمق الإيراني وهي نقطة كانت مثيرة للقلق عند طهران فهذا التطور قد يعيد صياغة مفهوم الردع الثنائي بكل تفاصيله
على اثر الهجوم الواسع وجد العديد من الخبراء العسكريين الأمنيين انه لولا وجود العملاء والخونة والتدخل البشري المباشر للجواسيس داخل ايران لما تمكنت اسرائيل من قصف هذا الكم من الاهداف النووية والصاروخية الحساسة والتي ادت الى مقتل قيادات بارزة في الحرس الثوري والجيش والاجهزة الامنية بينهم حسين سلامي ومحمد باقري إضافة إلى تسعة علماء نوويين أكثر من 10 علماء نوويين إيرانيين تم اغتيالهم وأكثر من 300 هدف تم ضربه عدى عن مقتل عدد من القادة العسكريين والامنيين والمسؤولين الكبار
ظاهرة انتشار العملاء والخونة في ايران تتزايد بشكل ملحوظ منذ سنوات واخطر هؤلاء العملاء والخونة هم المؤثرون في بعض المواقع الرسمية العليا ورجالات الاستخبارات والجيش والاعلام والاقتصاد ناهيك عن العملاء المنتشرين بين صفوف المواطنين العاديين
قبل القيام بالضربة الجوية وفي تطور نوعي غير مسبوق في صراع الظل القائم بين إسرائيل وايران تمكن عملاء تابعون للموساد من إنشاء قاعدة لطائرات بدون طيار داخل الأراضي الإيرانية على مسافة غير بعيدة من طهران عملت كرأس جسر لاستهداف الدفاعات الجوية ومنصات إطلاق الصواريخ الإيرانية الموجهة نحو إسرائيل في تخطيط يشبه من حيث الأسلوب ضربات أوكرانيا ضد القواعد الروسية الجوية
حيث تم تفعيل هذه الطائرات المسيرة وإطلاقها نحو منصات صواريخ أرض- أرض الموجودة في قاعدة أسباجاباد قرب طهران والتي تشكّل تهديدًا مباشرا للأهداف الاستراتيجية ولمواطني إسرائيل بالإضافة الى تفعيل أجهزة التشويش والهجمات السيبرانية المدعومة من الداخل الايراني بالتزامن مع قصف الطيران الحربي المكثف بأكثر من 200 طائرة مقاتلة إسرائيلية نفذت ضربات دقيقة ومركزة على منشآت عسكرية ونووية بالغة التحصين بدون اي اعتراض فعال ورغم تقارير سابقة لبعض الخبراء كانت تتحدت خلال السنوات الأخيرة عن نشاطات مشبوهة في مواقع نائية قرب طهران يرجح أن تكون مخازن أسلحة أو قواعد سرية الا انها بقيت خارج الاهتمام الجدي والتحري العاجل من قبل الاجهزة الامنية الايرانية لمدة شهور
لم تقف الاختراقات الإسرائيلية عند حد بناء القاعدة الجوية لطائرات الدرونز بل شملت تهريب فريق كوماندوز تابع لجهاز الموساد وصواريخ ذكية التوجيه تم إطلاقها بدقة نحو الأهداف المحددة ومركبات خاصة تحمل أنظمة هجومية وتكنولوجيا سرية ومتطورة استخدمت بشكل فعال في الهجوم الاسرائيلي بعد جمع المعلومات الاستخباراتية المهمة ورصد وتعقب كبار قادة المنظومة الأمنية والعلماء النوويين الذين تم تصفيتهم إلى جانب تنقيذ عمليات سرية لاستهداف منظومة الصواريخ الاستراتيجية وشل قدرات الدفاع الجوي الإيرانية بإطلاق الصواريخ الدقيقة نحو الأهداف دفعة واحدة وبدقة عالية لكي لا تهدد الطائرات المقاتلة الإسرائيلية المهاجمة وقد عرض جيش الاحتلال الاسرائيلي مقاطع فيديو توثق وجود عملاء إسرائيليين يعملون على اعداد المسيرات والصواريخ داخل إيران
المواجهة الاستخباراتية بين الجانبين الايراني والاسرائيلي قائمة بالتأكيد لكن يبدو ان الكفة تميل بشكل راجح جداً لمصلحة الاسرائيلي الذي يتباهى بهذه القدرات ولم يعد يتورع عن تبني هذه العمليات العسكرية والاستخباراتية ويروج لشائعات عن أنه أقام شبكات وخلايا ثابتة داخل ايران تقدر بعشرات او حتى بمئات العملاء حيث بلغ الرقم المسرب من إسرائيل لصحيفة 'نيويورك بوست' الاميركية قبل عامين بان هنالك اكثر من ألف وثلاثة ماية عميل في إيران مقيمون في مختلف المحافظات ولم يغادروا الاراضي الايرانية حتى بعدما نفذوا عمليات خطرة جدا مثل تخريب منشآت البرنامج النووي الايراني او اطلاق الصواريخ أو اغتيال العلماء او تعطيل شبكات الكهرباء والمياه وغيرها من المرافق الحيوية الايرانية الاخرى وهو ما يسلط الضوء من جديد على حجم الاختراق الأمني الإسرائيلي داخل العمق الإيراني حيث اعتمدت عمليات إسرائيل الاخيرة على ( تفكير مبتكر وتخطيط جريء وتنفيذ دقيق ) باستخدام تكنولوجيا متقدمة وقوات خاصة وعملاء يعملون في قلب إيران وقد استطاعوا تفادي عيون الاستخبارات المحلية إلى جانب عملها على دعم جماعات معارضة وأقليات بهدف زعزعة الاستقرار الداخلي فضلاً عن دور دبلوماسي مكثف وعقوبات اقتصادية محكمة
العملية إسرائيلية مثلت واحدة من أعقد وأخطر الاختراقات الأمنية في تاريخ المنطقة وبما يثبت بان جهاز الموساد الإسرائيلي متوغل في عدة قطاعات مختلفة داخل الأراضي الإيرانية وان هنالك عملاء موجودين في كل موقع استهدفته الطائرات الاسرائيلية حتى ان جميع المسؤولين الإيرانيين بدأ يسري فيهم القلق خوفا على أرواحهم مقابل انشغال المؤسسات الأمنية والاستخباراتية الإيرانية بكيل الاتهامات لبعضها البعض فقبل عدة اعوام سرت الشكوك لدي الاجهزة الامنية الايرانية بتجنيد عملاء للموساد الإسرائيلي في اكبر شركة إيرانية للطيران ماهان إير حيث أجريت تحقيقات شاملة مع أطقم طائراتها وتم إيقاف 60 مضيفة طيران عن العمل بتوجيهات من استخبارات الحرس الثوري .
بين عامي 2007 و2008 وفي نهاية عهد الرئيس الامريكي السابق جورج بوش انتحل عملاء من الموساد الاسرائيلي شخصيات عملاء لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية الـ C.I.A بهدف تجنيد اعضاء في منظمة جند الله الباكستانية السنية العاملة في اقليم بلوشستان الايراني حيث استخدموا جوازات سفر امريكية خلال هذه النشاطات التي جرى معظمها في لندن وقد استشاط حينها الرئيس بوش غضبا عندما تم ابلاغه بذلك لان العملية الاسرائيلية كانت ستعرض حياة امريكيين للخطر يذكر ان منظمة جند الله تبنت العام الماضي المسؤولية عن مقتل 28 من افراد الحرس الثوري الايراني من خلال تفجير مسجد في بلوشستان .
في إشارة اخرى إلى النفوذ الاستخباري الإسرائيلي وتأثيره في جهاز المخابرات والأمن في إيران كشف الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد إن مسؤول مكافحة التجسس الإسرائيلي في وزارة الاستخبارات الإيرانية كان جاسوسا لإسرائيل وإن ذلك جعل إسرائيل تنجح بتنفيذ عمليات كبيرة في إيران من بينها في 2018 تم سرقة عدد كبير من الوثائق النووية الإيرانية من مستودع في ضواحي طهران قام بها 20 شخص من عملاء الموساد لم يكن أحد منهم إسرائيليا وكل هؤلاء العملاء على قيد الحياة وبعضهم غادر إيران حيث حملوا معهم 32 صندوق بمعدل نصف طن من المواد الأكثر سرية في إيران ( عصابة عملاء رفيعة المستوى )
وفي ذات السياق افادت تقارير متعددة أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني خضع سابقا للتحقيق بشأن تعرضه للاختراق بعد الاشتباه في تخابر رئيس مكتبه إحسان شفيقي مع الموساد الإسرائيلي
ما جرى في ايران صباح يوم الجمعة الماضية يشكل ثانية فشل إستخباراتي متكرر الى حد الملل وهو في الواقع فضيحة مدوية تكبر مع الايام وتسيء الى سمعة دولة تفخر في العادة بقوة أجهزتهما الاستخباراتية والأمنية وتفوقها وتعدد أذرعها بقدر ما تمس أمنهما الوطني الى الحد الذي يعري قدرتها المستقبلية على الردع والمقاومة ومن معالم تلك الفضيحة ونتائجها المشينة أنه جرى التسليم التام بأن الاختراق الاسرائيلي للعمق الايراني هو من وقائع الصراع وحقائقه النهائية الثابتة التي لم يعد يمكن تفاديها او حتى ومواجهتها بعد خسارة إيران المتمادية لمناعتهما الاستخباراتية والامنية وما تبعها من خلل هائل في موازين القوى لمصلحة اسرائيل التي باتت تنفذ غاراتها الجوية والصاروخية بسهولة مذهلة وكأنها تقوم بمهمة تدريب لطياريها من دون أدنى خطر أو تهديد وقد سبق قبل اعوام ان استهداف اسرائيل مواقع لتصنيع أجهزة الطرد المركزي في كرج وأصفهان بطائرات مسيرة
بعدما تحول ملف عملاء إسرائيل إلى كابوس يقض مضاجع ايران وبات خطره يعادل تداعيات الهجمات الإسرائيلية نفسها حيث اصبح من اخطر أسرار الحرب الاستخباراتية بين طهران وتل ابيب ليس فقط في تحويل إيران الى حقل رماية إسرائيلي مفتوح ليلا ونهاراً بل في كونها ظلت لا تدافع عن نفسها بالقوة الرادعة المطلوبة فعلى سبيل المثال يتم بين الحين والآخر القبض على عملاء لإسرائيل ليتبين في ما بعد أنهم معارضون للنظام او مسؤولون في اجهزة الدولة زودوا الموساد بالمعلومات والإحداثيات الهامة التي تسببت في قتل أغلب القادة والعلماء والمسؤولين وهو ما عزز مصداقية الخطاب الرسمي الاسرائيلي الذي يهدد يومياً بالمزيد من العمليات الامنية في العمق الايراني ومن من المرجح أن غالبية العملاء هم من الإيرانيين الذين تم تجنيدهم على مدى سنوات لكن لا يستبعد بالطبع وجود عناصر إسرائيلية فاعلة على الأرض بالنظر إلى هذا الاختراق العميق والشامل
لا زال يعتقد البعض أن ثمة اختراق أمني داخل إيران وتحديداً في جهاز الحرس الثوري وعلى مستوى عالي وقد ذهب الاعتقاد بأن اثنين على الأقل من كبار الجنرالات في الحرس الثوري يزودون إسرائيل بالمعلومات الامنية الحساسة ويرجع هذا إلى استشراء الفساد وعدم الكفاءة والرغبة في الحصول على المال باي ثمن وعندما ننظر إلى اتساع وطبيعة التصفيات الاسرائيلية المستمرة يتأكد لنا أن المعلومات تأتي على مستوى ضباط ومسؤولين كبار وهو ما يفسر قدرة إسرائيل على قتل هنية داخل مقر إقامته شديد الحراسة وقتل رئيس برنامج الأسلحة النووية الإيراني في طهران واخيرا تنفيذ ضربات نوعية من داخل الأراضي الإيرانية طالت قيادات بارزة وعلماء نوويين ومهندسين ومواقع عسكرية هامة
هنالك تساؤلات عديدة تثار حول أسباب إخفاق الأجهزة الأمنية الإيرانية في كشف وتعقب جواسيس الاستخبارات الإسرائيلية طوال السنوات الماضية خاصة وان الهجوم الأخير على ايران لم يكن رد فعل عابر او وليدة اللحظة بل ثمرة خطة محكمة وعمليات استخبارية طويلة تعود إلى سنوات مضت تضمنت تجهيز طائرات مسيرة مفخخة وانشاء بنى تحتية سرية تم تفعيلها في اللحظة المناسبة
إيران خلال السنوات الماضية نفذت العديد من عمليات الإعدام بحق عدد ممن اتهمتهم بالتورط في التعامل مع جهاز الموساد وقد باتت تهم العمالة والتجسس بين أبرز المبررات لتنفيذ احكام الإعدام بحق نشطاء ومعارضين بسطاء حيث تحتل طهران مراتب أولى في تنفيذ أحكام الإعدام ولكن ماذا عن محاسبة ومراقبة بعض كبار الضباط في الجيش والحرس والاجهزة الامنية والمسؤولين المدنيين الذين ينقلون المعلومات والاحداثيات والتحركات ويسرحون ويمرحون في طول البلاد وعرضها بحماية رتبهم العسكرية ومواقعهم ومؤسساتهم الرسمية العليا
فجر الجمعة الماضي وبعد ثمانية أشهر من الاستعدادات السرية المكثفة بدأت إسرائيل بدعم ضمني من الولايات المتحدة هجوما واسعا على إيران بعشرات المقاتلات أسمته ( الأسد الصاعد ) حيث قصفت خلاله وزارة الدفاع ومنشأة نطنز النووية ومراكز لإنتاج الصواريخ الباليستية ومقرات تضم قيادات عليا في الحرس الثوري وغيرها كما اغتالت عدد لا يستهان به من القادة العسكريين البارزين والعلماء النوويين وكبار المسؤولين بذريعة أن إيران تمتلك مواد تكفي لصنع 15 قنبلة نووية في غضون أيام قليلة
عبر ضربة استباقية دقيقة وخاطفة مثّلت ذروة الاختراقات الاستخباراتية المعقدة والخطط العسكرية المتعددة الأبعاد تم التحضير لها خلال سنوات من العمليات السرية داخل العمق الإيراني بجرأة غير مسبوقة وبتقنيات متقدمة وتجنب رصد الاستخبارات الإيرانية
ما يثبت ان هذا العدوان المنظم عكس فشل استخباراتي إيراني مزدوج بعدما عجزت كافة الاجهزة الامنية عن رصد الأنشطة السرية الإسرائيلية على أراضيها وحماية منشآتها الاستراتيجية من هجوم واسع بهذا الحجم كان متوقع كما ان العملية ليست مجرد هجوم عسكري بل هي إشارة كبيرة إلى مدى عمق التغلغل الاستخباراتي الإسرائيلي في إيران وهشاشة البنية الأمنية وضعف بطاريات الدفاعات الجوية واختراق الرادارات الإيرانية بعد تعطيلها الفوري بتعرضها لهجوم إلكتروني مركز أو اختراقات تقنية داخلية عالية وقد استندت العملية إلى سنوات طويلة من التخطيط الدقيق وجمع المعلومات الاستخباراتية والنشر المبكر للقدرات الصاروخية السرية في العمق الإيراني وهي نقطة كانت مثيرة للقلق عند طهران فهذا التطور قد يعيد صياغة مفهوم الردع الثنائي بكل تفاصيله
على اثر الهجوم الواسع وجد العديد من الخبراء العسكريين الأمنيين انه لولا وجود العملاء والخونة والتدخل البشري المباشر للجواسيس داخل ايران لما تمكنت اسرائيل من قصف هذا الكم من الاهداف النووية والصاروخية الحساسة والتي ادت الى مقتل قيادات بارزة في الحرس الثوري والجيش والاجهزة الامنية بينهم حسين سلامي ومحمد باقري إضافة إلى تسعة علماء نوويين أكثر من 10 علماء نوويين إيرانيين تم اغتيالهم وأكثر من 300 هدف تم ضربه عدى عن مقتل عدد من القادة العسكريين والامنيين والمسؤولين الكبار
ظاهرة انتشار العملاء والخونة في ايران تتزايد بشكل ملحوظ منذ سنوات واخطر هؤلاء العملاء والخونة هم المؤثرون في بعض المواقع الرسمية العليا ورجالات الاستخبارات والجيش والاعلام والاقتصاد ناهيك عن العملاء المنتشرين بين صفوف المواطنين العاديين
قبل القيام بالضربة الجوية وفي تطور نوعي غير مسبوق في صراع الظل القائم بين إسرائيل وايران تمكن عملاء تابعون للموساد من إنشاء قاعدة لطائرات بدون طيار داخل الأراضي الإيرانية على مسافة غير بعيدة من طهران عملت كرأس جسر لاستهداف الدفاعات الجوية ومنصات إطلاق الصواريخ الإيرانية الموجهة نحو إسرائيل في تخطيط يشبه من حيث الأسلوب ضربات أوكرانيا ضد القواعد الروسية الجوية
حيث تم تفعيل هذه الطائرات المسيرة وإطلاقها نحو منصات صواريخ أرض- أرض الموجودة في قاعدة أسباجاباد قرب طهران والتي تشكّل تهديدًا مباشرا للأهداف الاستراتيجية ولمواطني إسرائيل بالإضافة الى تفعيل أجهزة التشويش والهجمات السيبرانية المدعومة من الداخل الايراني بالتزامن مع قصف الطيران الحربي المكثف بأكثر من 200 طائرة مقاتلة إسرائيلية نفذت ضربات دقيقة ومركزة على منشآت عسكرية ونووية بالغة التحصين بدون اي اعتراض فعال ورغم تقارير سابقة لبعض الخبراء كانت تتحدت خلال السنوات الأخيرة عن نشاطات مشبوهة في مواقع نائية قرب طهران يرجح أن تكون مخازن أسلحة أو قواعد سرية الا انها بقيت خارج الاهتمام الجدي والتحري العاجل من قبل الاجهزة الامنية الايرانية لمدة شهور
لم تقف الاختراقات الإسرائيلية عند حد بناء القاعدة الجوية لطائرات الدرونز بل شملت تهريب فريق كوماندوز تابع لجهاز الموساد وصواريخ ذكية التوجيه تم إطلاقها بدقة نحو الأهداف المحددة ومركبات خاصة تحمل أنظمة هجومية وتكنولوجيا سرية ومتطورة استخدمت بشكل فعال في الهجوم الاسرائيلي بعد جمع المعلومات الاستخباراتية المهمة ورصد وتعقب كبار قادة المنظومة الأمنية والعلماء النوويين الذين تم تصفيتهم إلى جانب تنقيذ عمليات سرية لاستهداف منظومة الصواريخ الاستراتيجية وشل قدرات الدفاع الجوي الإيرانية بإطلاق الصواريخ الدقيقة نحو الأهداف دفعة واحدة وبدقة عالية لكي لا تهدد الطائرات المقاتلة الإسرائيلية المهاجمة وقد عرض جيش الاحتلال الاسرائيلي مقاطع فيديو توثق وجود عملاء إسرائيليين يعملون على اعداد المسيرات والصواريخ داخل إيران
المواجهة الاستخباراتية بين الجانبين الايراني والاسرائيلي قائمة بالتأكيد لكن يبدو ان الكفة تميل بشكل راجح جداً لمصلحة الاسرائيلي الذي يتباهى بهذه القدرات ولم يعد يتورع عن تبني هذه العمليات العسكرية والاستخباراتية ويروج لشائعات عن أنه أقام شبكات وخلايا ثابتة داخل ايران تقدر بعشرات او حتى بمئات العملاء حيث بلغ الرقم المسرب من إسرائيل لصحيفة 'نيويورك بوست' الاميركية قبل عامين بان هنالك اكثر من ألف وثلاثة ماية عميل في إيران مقيمون في مختلف المحافظات ولم يغادروا الاراضي الايرانية حتى بعدما نفذوا عمليات خطرة جدا مثل تخريب منشآت البرنامج النووي الايراني او اطلاق الصواريخ أو اغتيال العلماء او تعطيل شبكات الكهرباء والمياه وغيرها من المرافق الحيوية الايرانية الاخرى وهو ما يسلط الضوء من جديد على حجم الاختراق الأمني الإسرائيلي داخل العمق الإيراني حيث اعتمدت عمليات إسرائيل الاخيرة على ( تفكير مبتكر وتخطيط جريء وتنفيذ دقيق ) باستخدام تكنولوجيا متقدمة وقوات خاصة وعملاء يعملون في قلب إيران وقد استطاعوا تفادي عيون الاستخبارات المحلية إلى جانب عملها على دعم جماعات معارضة وأقليات بهدف زعزعة الاستقرار الداخلي فضلاً عن دور دبلوماسي مكثف وعقوبات اقتصادية محكمة
العملية إسرائيلية مثلت واحدة من أعقد وأخطر الاختراقات الأمنية في تاريخ المنطقة وبما يثبت بان جهاز الموساد الإسرائيلي متوغل في عدة قطاعات مختلفة داخل الأراضي الإيرانية وان هنالك عملاء موجودين في كل موقع استهدفته الطائرات الاسرائيلية حتى ان جميع المسؤولين الإيرانيين بدأ يسري فيهم القلق خوفا على أرواحهم مقابل انشغال المؤسسات الأمنية والاستخباراتية الإيرانية بكيل الاتهامات لبعضها البعض فقبل عدة اعوام سرت الشكوك لدي الاجهزة الامنية الايرانية بتجنيد عملاء للموساد الإسرائيلي في اكبر شركة إيرانية للطيران ماهان إير حيث أجريت تحقيقات شاملة مع أطقم طائراتها وتم إيقاف 60 مضيفة طيران عن العمل بتوجيهات من استخبارات الحرس الثوري .
بين عامي 2007 و2008 وفي نهاية عهد الرئيس الامريكي السابق جورج بوش انتحل عملاء من الموساد الاسرائيلي شخصيات عملاء لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية الـ C.I.A بهدف تجنيد اعضاء في منظمة جند الله الباكستانية السنية العاملة في اقليم بلوشستان الايراني حيث استخدموا جوازات سفر امريكية خلال هذه النشاطات التي جرى معظمها في لندن وقد استشاط حينها الرئيس بوش غضبا عندما تم ابلاغه بذلك لان العملية الاسرائيلية كانت ستعرض حياة امريكيين للخطر يذكر ان منظمة جند الله تبنت العام الماضي المسؤولية عن مقتل 28 من افراد الحرس الثوري الايراني من خلال تفجير مسجد في بلوشستان .
في إشارة اخرى إلى النفوذ الاستخباري الإسرائيلي وتأثيره في جهاز المخابرات والأمن في إيران كشف الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد إن مسؤول مكافحة التجسس الإسرائيلي في وزارة الاستخبارات الإيرانية كان جاسوسا لإسرائيل وإن ذلك جعل إسرائيل تنجح بتنفيذ عمليات كبيرة في إيران من بينها في 2018 تم سرقة عدد كبير من الوثائق النووية الإيرانية من مستودع في ضواحي طهران قام بها 20 شخص من عملاء الموساد لم يكن أحد منهم إسرائيليا وكل هؤلاء العملاء على قيد الحياة وبعضهم غادر إيران حيث حملوا معهم 32 صندوق بمعدل نصف طن من المواد الأكثر سرية في إيران ( عصابة عملاء رفيعة المستوى )
وفي ذات السياق افادت تقارير متعددة أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني خضع سابقا للتحقيق بشأن تعرضه للاختراق بعد الاشتباه في تخابر رئيس مكتبه إحسان شفيقي مع الموساد الإسرائيلي
ما جرى في ايران صباح يوم الجمعة الماضية يشكل ثانية فشل إستخباراتي متكرر الى حد الملل وهو في الواقع فضيحة مدوية تكبر مع الايام وتسيء الى سمعة دولة تفخر في العادة بقوة أجهزتهما الاستخباراتية والأمنية وتفوقها وتعدد أذرعها بقدر ما تمس أمنهما الوطني الى الحد الذي يعري قدرتها المستقبلية على الردع والمقاومة ومن معالم تلك الفضيحة ونتائجها المشينة أنه جرى التسليم التام بأن الاختراق الاسرائيلي للعمق الايراني هو من وقائع الصراع وحقائقه النهائية الثابتة التي لم يعد يمكن تفاديها او حتى ومواجهتها بعد خسارة إيران المتمادية لمناعتهما الاستخباراتية والامنية وما تبعها من خلل هائل في موازين القوى لمصلحة اسرائيل التي باتت تنفذ غاراتها الجوية والصاروخية بسهولة مذهلة وكأنها تقوم بمهمة تدريب لطياريها من دون أدنى خطر أو تهديد وقد سبق قبل اعوام ان استهداف اسرائيل مواقع لتصنيع أجهزة الطرد المركزي في كرج وأصفهان بطائرات مسيرة
بعدما تحول ملف عملاء إسرائيل إلى كابوس يقض مضاجع ايران وبات خطره يعادل تداعيات الهجمات الإسرائيلية نفسها حيث اصبح من اخطر أسرار الحرب الاستخباراتية بين طهران وتل ابيب ليس فقط في تحويل إيران الى حقل رماية إسرائيلي مفتوح ليلا ونهاراً بل في كونها ظلت لا تدافع عن نفسها بالقوة الرادعة المطلوبة فعلى سبيل المثال يتم بين الحين والآخر القبض على عملاء لإسرائيل ليتبين في ما بعد أنهم معارضون للنظام او مسؤولون في اجهزة الدولة زودوا الموساد بالمعلومات والإحداثيات الهامة التي تسببت في قتل أغلب القادة والعلماء والمسؤولين وهو ما عزز مصداقية الخطاب الرسمي الاسرائيلي الذي يهدد يومياً بالمزيد من العمليات الامنية في العمق الايراني ومن من المرجح أن غالبية العملاء هم من الإيرانيين الذين تم تجنيدهم على مدى سنوات لكن لا يستبعد بالطبع وجود عناصر إسرائيلية فاعلة على الأرض بالنظر إلى هذا الاختراق العميق والشامل
لا زال يعتقد البعض أن ثمة اختراق أمني داخل إيران وتحديداً في جهاز الحرس الثوري وعلى مستوى عالي وقد ذهب الاعتقاد بأن اثنين على الأقل من كبار الجنرالات في الحرس الثوري يزودون إسرائيل بالمعلومات الامنية الحساسة ويرجع هذا إلى استشراء الفساد وعدم الكفاءة والرغبة في الحصول على المال باي ثمن وعندما ننظر إلى اتساع وطبيعة التصفيات الاسرائيلية المستمرة يتأكد لنا أن المعلومات تأتي على مستوى ضباط ومسؤولين كبار وهو ما يفسر قدرة إسرائيل على قتل هنية داخل مقر إقامته شديد الحراسة وقتل رئيس برنامج الأسلحة النووية الإيراني في طهران واخيرا تنفيذ ضربات نوعية من داخل الأراضي الإيرانية طالت قيادات بارزة وعلماء نوويين ومهندسين ومواقع عسكرية هامة
هنالك تساؤلات عديدة تثار حول أسباب إخفاق الأجهزة الأمنية الإيرانية في كشف وتعقب جواسيس الاستخبارات الإسرائيلية طوال السنوات الماضية خاصة وان الهجوم الأخير على ايران لم يكن رد فعل عابر او وليدة اللحظة بل ثمرة خطة محكمة وعمليات استخبارية طويلة تعود إلى سنوات مضت تضمنت تجهيز طائرات مسيرة مفخخة وانشاء بنى تحتية سرية تم تفعيلها في اللحظة المناسبة
إيران خلال السنوات الماضية نفذت العديد من عمليات الإعدام بحق عدد ممن اتهمتهم بالتورط في التعامل مع جهاز الموساد وقد باتت تهم العمالة والتجسس بين أبرز المبررات لتنفيذ احكام الإعدام بحق نشطاء ومعارضين بسطاء حيث تحتل طهران مراتب أولى في تنفيذ أحكام الإعدام ولكن ماذا عن محاسبة ومراقبة بعض كبار الضباط في الجيش والحرس والاجهزة الامنية والمسؤولين المدنيين الذين ينقلون المعلومات والاحداثيات والتحركات ويسرحون ويمرحون في طول البلاد وعرضها بحماية رتبهم العسكرية ومواقعهم ومؤسساتهم الرسمية العليا
التعليقات