مهدي مبارك عبد الله
بداية نذكر بان هناك مقولة شائعة لدى كيان الاحتلال الاسرائيلي مفادها بان ( القدس تصلي وتل أبيب تغني وحيفا تعمل )
بندية وثبات وقوة واصرار وعزم وتحدي لفرض قرار جرئ وشجاع وبخطوة نوعية وهامة تسهم في تثبيت معادلات الردع وبما يؤسس لمرحلة جديدة من الرد اليمني الصاعق في مواجهة كيان الاحتلال الغاصب اعلن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية ( الحوثية ) العميد يحيى سريع في بيان متلفز عاجل مساء يوم الاثنين الماضي 19 / 5 / 2025 انه وضمن بنك الاهداف العسكرية المنتخبة تم فرض حظر بحري شامل على ميناء حيفا الاسرائيلي الواقع على شواطئ البحر الابيض المتوسط رداً على تصعيد الكيان لعدوانه الوحشي واستمراره في ارتكاب المجازر ومواصلة الحصار والتجويع بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة ودعماً وإسناداً للمقاومة وقد دعا البيان جميع الشركات المالكة للسفن المتواجدة أو المتجهة نحو ميناء حيفا إلى أخذ هذا التحذير بعين الاعتبار وعلى محمل الجد
هذا التطور النوعي اللافت في إطار الدعم الإقليمي للمقاومة الفلسطينية ومع بدء تنفيذ عملية ( عربات جدعون ) وبعد اغلاق ميناء ايلات في وجه الملاحة الدولية وارباك مطار بن غوريون اصبح ميناء حيفا الشريان البحري الأهم المتبقي للاحتلال وجهة جديدة للعمليات المركزة للقوات المسلحة اليمنية ضد اسرائيل وان تنفيذ هذا التهديد يوجه ضربة استراتيجية قاتلة تعمّق مأزق الاحتلال وتزيد الضغوط عليه وتضعه أمام أزمة خانقة تتفاقم في أبعادها الأمنية والاقتصادية يوما بعد يوم خاصة في مجال النقل البحري لما يشكله هذا الميناء من ركيزة حيوية في بنية الاقتصاد الاسرائيلي
عمليا ميناء حيفا يعتبر عَصب اسرائيل الاقتصادي والبوابة البحرية الرئيسة التي تربط تجارتها بالعالم ومع تطبيق الحصار سيفقد كيان الاحتلال القدرة على استيراد الأغلبية الساحقة من السلع الحيوية والأساسية وفي مقدمتها المواد الغذائية خاصة وأن ميناء أم الرشراش ( أشدود ) ثاني أكبر ميناء اسرائيلي وميناء الجنوب الذي يتاخمه ( جنوبي فلسطين المحتلة ) لا يمكنهما أن يشكلا بديلا عن ميناء حيفا لانهما لم يصمما اصلا ليكونا قادرين على استيعاب البضائع والحاويات التي يجرى استيرادها بكميات كبيرة وقد سبق للحوثين ان فرضوا عليهما حصار بحري في أكتوبر عام 2023 من خلال استهداف السفن المتجهة إليهما عبر البحر الاحمر حيث يسيطرون على جزء من الساحل المطل على مضيق باب المندب وهو الممر المائي الاستراتيجي الذي يربط بحر العرب بالبحر الأحمر وفي نهاية المطاف بقناة السويس
مع عودة ميناء حيفا ليكون في دائرة النار واستمرار اليمن في تنفيذ تهديداته وحرمان اسرائيل من استعمال موانئها تأتي هذه الخطوات البطولية الشجاعة بالتوازي مع الضربات النوعية في داخل عمق الكيان الاسرائيلي وفرض الحظر الجوي على مطار بن غوريون وإجبار كبريات شركات الطيران العالمية على تعليق رحلاتها إلى دولة الاحتلال إضافةً إلى ان فرض الحظر البحري على ميناء حيفا يمثل تعبيرا صادقا وحيا لموقف الشعب اليمني قيادةً وجيشاً في الوقوف الثابت إلى جانب ابناء الشعب الفلسطيني الصامد ومقاومته الباسلة في كل تحديات وتبعات المعركة والمصير حيث تربط جماعة الحوثي في اليمن وقف هجماتها بإنهاء العدوان ورفع الحصار ووقف حرب الإبادة الجماعية وانهاء سياسة التجويع بحق الفلسطينيين في قطاع غزة
في اطار التصعيد اليمني الاستراتيجي والتكتيكي المنظم بفتح جبهة جديدة في المواجهة مع كيان الاحتلال يبرز سيناريو الرعب الذي كانت تخشاه إسرائيل والمتمثل في توقف السفن بالتوجه إلى ميناء حيفا في حال سقط صاروخ من جانب انصار الله على سفينة شحن أثناء رسوها في الميناء مما يؤكد مدى خطورة الوضع وحساسيته على الرغم من أن الميناء ومرافقه جرى مؤخرا تأمينها بمنظومات حماية حديثة من مقلاع داود ومنصة ثاد الى القبة الحديدية لمواجهة الهجمات الصاروخية اليمنية المتوقعة الا أنه لا يمكن ضمان أن تكون هذه المنظومات فاعلة ومحكمة بالمطلق ولا بد مع كل هذا ان نذكر بأن صاروخاً واحدا أطلقه حزب الله في حرب لبنان الثانية 2006 أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص يعملون في ورشة قريبة من ميناء حيفا ليتم بعدها إغلاقه على الفور وقبل اعلان القوات المسلحة اليمنية بيانها بشهور أعدت وزارة المواصلات الاسرائيلية خطة طوارئ لاستخدام موانئ دول مجاورة في حال توقفت 70% من سفن الشحن البحري من التوجه إلى حيفا بالإضافة الى استخدام شركات الاستيراد والتصدير الطيران الجوي لنقل البضائع رغم ارتفاع كلفتها
السؤال المنطقي الذي بات يطرحه كثير من المتابعين والمراقبين ماذا يعني الحظر البحري على ميناء حيفا من قبل اليمنيين وما هي اهميته في الواقع يعتبر ميناء حيفا من أقدم وأكبر الموانئ وأكثرها تطوراً حيث يشكل العمود الفقري لأعمال الشحن والتجارة ( يمر عبره أكثر من 50% من واردات وصادرات كيان الاحتلال البحرية ) ففي عام 2023 مرت أكثر من 700 ألف حاوية عبر مركز إعادة الشحن وفقًا لموقع الميناء الإلكتروني كما يعد الميناء محطة لوجستية عسكرية ذات أهمية استراتيجية حيث يستقبل معظم السفن القادمة من أوروبا وامريكا كما يعتبر المنفذ الرئيسي للنفط والغاز المسال والحاويات والمعدات العسكرية وقد أصبح حيوياً بشكل مضاعف بعد حرمان إسرائيل من المرور الآمن عبر باب المندب باتجاه آسيا ومنذ إغلاق ميناء إيلات مع بداية العدوان على غزة انتقل جزء كبير من الحاويات والنقل التجاري إلى ميناء حيفا بعدما شهد توسعات ضخمة بتمويل صيني وخبرات أجنبية لتطوير بنيته التحتية حيث تدير ( شركة شنغهاي الدولية للموانئ الصينية ) جزءاً كبيراً من العمليات الاساسية في الميناء الجديد الملاصق للميناء القديم ما جعله نقطة استراتيجية للاستثمارات الأجنبية والمحلية
التقديرات والدراسات المختصة تشير إلى أن أكثر من 90% من التجارة الخارجية الإسرائيلية تتم عبر البحر ومع غياب ميناء إيلات وانهيار التجارة من البحر الأحمر فإن استهداف ميناء حيفا سيغلق آخر منفذ بحري حيوي لإسرائيل ويدفع بها نحو أزمة لوجستية شاملة تجعلها في عزلة بحرية كاملة وان فرض الحظر الملاحي على ميناء حيفا يعني فعلياً خنق كيان الاحتلال اقتصاديًا وشل قدرته على التصدير والاستيراد مما يشكل خطر داهم وتهديد متصاعد في الشمال والجنوب وهو ما هز صورة إسرائيل كقوة إقليمية بارزة بعدما أصبحت محاصرةً بحرياً خاصة بعد أن خسارتها أحد موانئها الكبرى في إيلات واحتمال خسارة ميناءها الثاني والرئيسي والأهم في حيفا وهو ما يعني فعليًا عدم قدرتها على الصمود اقتصادياً وعسكريا وقد تصبح أقرب إلى الانهيار من الداخل مع كل سفينة تمنع من الرسو في ميناء حيفا وبما يربك حركة التجارة واللوجستيات العملاتية خصوصاً في ظل الازمة المتفاقمة في الحرب الدائرة في غزة بلا أي افق للتسوية او طريق للحل
ً
من أبرز الانعكاسات المتوقعة على هذا القرار بالنسبة لكيان الاحتلال تتمثل في احداث شلل تام في ميناء حيفاء سيؤدي إلى اضطراب كبير في وصول التوريدات الى داخل إسرائيل وكذلك ارتفاع تكاليف الاستيراد والتصدير بالإضافة إلى تكبيد الاحتلال ومن يتعامل معه خسائر تجارية كبيرة نتيجة توقف السفن الأجنبية عن التوجه إلى الميناء خوفاً من الاستهداف مما سيعني في المحصلة النهائية خسارة مزلزلة لعقود النقل والشحن الدولية كما سيهدد القرار اليمني الاستثمار الأجنبي باعتبار أن ( استهداف الموانئ الرئيسية ) ينعكس مباشرة على المستثمرين الدوليين ويؤدي الى فقدان ثقتهم في أمن البنية التحتية الإسرائيلية ناهيك عما سيحدث من إرباك أمني وعسكري وهلع شعبي خلال إعادة توزيع الاحتلال لقواته البحرية والجوية للحيلولة دون وقوع خسائر فادحة ناتجة عن أي هجوم يستهدف الميناء
الحقيقة انه على الرغم من تنفيذ الجيش الإسرائيلي في الأسبوع الماضي ضربات جوية مركزة استهدفت ميناءي ( الحديدة والصليف ) الاستراتيجيين على البحر الأحمر في غرب اليمن بحجة انهما يستخدمان لتسهيل الهجمات ضد إسرائيل الا ان القوات اليمنية بقيت تؤمن بالمقولة الذهبية ( كل ما صنع الانسان يمكن هزيمته بيد الانسان ) حيث اصرت على موقفها بخطوات كانت مدروسة بعناية فائقة ومختارة بدقة عالية خاصة مع وجود العديد من المحطات والمصانع والمنشئات العسكرية الحيوية والخطيرة في ميناء حيفا وعلينا هنا ان نتذكر جيدا مخازن الأمونيا ومجمعات الصناعات العسكرية والكيميائية والأهم من ذلك سلسلة زوارق صواريخ ساعر التي تعتبر مفخرة القوة البحرية الاسرائيلية وزوارق ديبورا
بالإضافة الى قاعدة بولونيوم للأسلحة البحرية التي تحتوي على صواريخ برؤوس نووية وهي المقر الرئيسي للغواصات الحربية وخاصة الدولفين المعدة لحمل صواريخ ذات رؤوس نووية وكذلك احوض صناعة السفن الحربية ومعامل تكرير البترول مصانع المواد المتفجرة والقابلة للاشتعال مع أي هجوم كما يوجد في ميناء حيفا مبنى وحدة الحوسبة 3800 وقاعدة حيفا البحرية ومبنى وحدة مهمات الأعماق يلتام ومبان تابعة لوحدة الغواصات ورصيف ومرسى الغواصات ومبنى قيادة وحدة الغواصات شايطيت ومجمع الصناعات العسكرية لشركة رافائيل إضافة إلى مواقع رادارات التجارب الصاروخية وغيرها ومما يزيد الأمر سوءاً أن كل تلك الصناعات موجودة في مكان واحد وقد اصبحت جميعها تحت طائلة التهديد اليمني الجديد
نعلم جيدا بان القوات المسلحة اليمنية الباسلة تقف مع ابناء غزة المظلومين ( بالمقاومة لا بالمقاولة ) وان بيانها يشكل رسالة قاسية للعالم اجمع ولحماة المشروع الصهيوني حيث تضع الجميع أمام معطيات استراتيجية كبرى تقول فيها بأن هناك من يقف الى جانب غزة والضفة والقضية الفلسطينية ويأخذ القرارات المصيرية والاستراتيجية في هذه المواجهة وأن ثوار اليمن الشرفاء لن يتركوا فلسطين كما انهم لن يتركوا غزة وأن كيان الاحتلال بات أمام تهديد حقيقي من نوع آخر وأن إطباق الحصار على ميناء أم الرشراش وبدء الحظر على ميناء حيفا سيخنق اسرائيل ويعيق حركتها البحرية ويعزلها عن العالم بشكل شبه تام
لهذا فأننا على يقين راسخ بقدرة القوات المسلحة اليمنية على تنفيذ تهديدها المشروع وأنه ليس لديها خطوط حمراء عندما يتعلق الأمر بغزة وان في جعبتها الكثير من الاهداف والمفاجآت التي ما زالت زاخرة بخيارات تواكب طبيعة المعركة ومسارها الزمني وان الشعب اليمني لن يتخلى عن فلسطين وغزة والضفة وسيستمر في المعركة وهو يدرك مضامينها وأخطارها وتبعاتها وتكاليفها حتى يوقف الاحتلال الصهيوني حرب الإبادة الجماعية وينهي العدوان ويرفع الحصار ويوقف سياسة التجويع بحق الفلسطينيين الابرياء في قطاع غزة فكل التحية والاحترام للشعب اليمني العظيم وقواته المسلحة الباسلة وقيادته الواعية والملتصقة بفلسطين المحتلة وشعبها المقاوم
كاتب وباحث مختص في الشؤون السياسية
[email protected]
مهدي مبارك عبد الله
بداية نذكر بان هناك مقولة شائعة لدى كيان الاحتلال الاسرائيلي مفادها بان ( القدس تصلي وتل أبيب تغني وحيفا تعمل )
بندية وثبات وقوة واصرار وعزم وتحدي لفرض قرار جرئ وشجاع وبخطوة نوعية وهامة تسهم في تثبيت معادلات الردع وبما يؤسس لمرحلة جديدة من الرد اليمني الصاعق في مواجهة كيان الاحتلال الغاصب اعلن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية ( الحوثية ) العميد يحيى سريع في بيان متلفز عاجل مساء يوم الاثنين الماضي 19 / 5 / 2025 انه وضمن بنك الاهداف العسكرية المنتخبة تم فرض حظر بحري شامل على ميناء حيفا الاسرائيلي الواقع على شواطئ البحر الابيض المتوسط رداً على تصعيد الكيان لعدوانه الوحشي واستمراره في ارتكاب المجازر ومواصلة الحصار والتجويع بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة ودعماً وإسناداً للمقاومة وقد دعا البيان جميع الشركات المالكة للسفن المتواجدة أو المتجهة نحو ميناء حيفا إلى أخذ هذا التحذير بعين الاعتبار وعلى محمل الجد
هذا التطور النوعي اللافت في إطار الدعم الإقليمي للمقاومة الفلسطينية ومع بدء تنفيذ عملية ( عربات جدعون ) وبعد اغلاق ميناء ايلات في وجه الملاحة الدولية وارباك مطار بن غوريون اصبح ميناء حيفا الشريان البحري الأهم المتبقي للاحتلال وجهة جديدة للعمليات المركزة للقوات المسلحة اليمنية ضد اسرائيل وان تنفيذ هذا التهديد يوجه ضربة استراتيجية قاتلة تعمّق مأزق الاحتلال وتزيد الضغوط عليه وتضعه أمام أزمة خانقة تتفاقم في أبعادها الأمنية والاقتصادية يوما بعد يوم خاصة في مجال النقل البحري لما يشكله هذا الميناء من ركيزة حيوية في بنية الاقتصاد الاسرائيلي
عمليا ميناء حيفا يعتبر عَصب اسرائيل الاقتصادي والبوابة البحرية الرئيسة التي تربط تجارتها بالعالم ومع تطبيق الحصار سيفقد كيان الاحتلال القدرة على استيراد الأغلبية الساحقة من السلع الحيوية والأساسية وفي مقدمتها المواد الغذائية خاصة وأن ميناء أم الرشراش ( أشدود ) ثاني أكبر ميناء اسرائيلي وميناء الجنوب الذي يتاخمه ( جنوبي فلسطين المحتلة ) لا يمكنهما أن يشكلا بديلا عن ميناء حيفا لانهما لم يصمما اصلا ليكونا قادرين على استيعاب البضائع والحاويات التي يجرى استيرادها بكميات كبيرة وقد سبق للحوثين ان فرضوا عليهما حصار بحري في أكتوبر عام 2023 من خلال استهداف السفن المتجهة إليهما عبر البحر الاحمر حيث يسيطرون على جزء من الساحل المطل على مضيق باب المندب وهو الممر المائي الاستراتيجي الذي يربط بحر العرب بالبحر الأحمر وفي نهاية المطاف بقناة السويس
مع عودة ميناء حيفا ليكون في دائرة النار واستمرار اليمن في تنفيذ تهديداته وحرمان اسرائيل من استعمال موانئها تأتي هذه الخطوات البطولية الشجاعة بالتوازي مع الضربات النوعية في داخل عمق الكيان الاسرائيلي وفرض الحظر الجوي على مطار بن غوريون وإجبار كبريات شركات الطيران العالمية على تعليق رحلاتها إلى دولة الاحتلال إضافةً إلى ان فرض الحظر البحري على ميناء حيفا يمثل تعبيرا صادقا وحيا لموقف الشعب اليمني قيادةً وجيشاً في الوقوف الثابت إلى جانب ابناء الشعب الفلسطيني الصامد ومقاومته الباسلة في كل تحديات وتبعات المعركة والمصير حيث تربط جماعة الحوثي في اليمن وقف هجماتها بإنهاء العدوان ورفع الحصار ووقف حرب الإبادة الجماعية وانهاء سياسة التجويع بحق الفلسطينيين في قطاع غزة
في اطار التصعيد اليمني الاستراتيجي والتكتيكي المنظم بفتح جبهة جديدة في المواجهة مع كيان الاحتلال يبرز سيناريو الرعب الذي كانت تخشاه إسرائيل والمتمثل في توقف السفن بالتوجه إلى ميناء حيفا في حال سقط صاروخ من جانب انصار الله على سفينة شحن أثناء رسوها في الميناء مما يؤكد مدى خطورة الوضع وحساسيته على الرغم من أن الميناء ومرافقه جرى مؤخرا تأمينها بمنظومات حماية حديثة من مقلاع داود ومنصة ثاد الى القبة الحديدية لمواجهة الهجمات الصاروخية اليمنية المتوقعة الا أنه لا يمكن ضمان أن تكون هذه المنظومات فاعلة ومحكمة بالمطلق ولا بد مع كل هذا ان نذكر بأن صاروخاً واحدا أطلقه حزب الله في حرب لبنان الثانية 2006 أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص يعملون في ورشة قريبة من ميناء حيفا ليتم بعدها إغلاقه على الفور وقبل اعلان القوات المسلحة اليمنية بيانها بشهور أعدت وزارة المواصلات الاسرائيلية خطة طوارئ لاستخدام موانئ دول مجاورة في حال توقفت 70% من سفن الشحن البحري من التوجه إلى حيفا بالإضافة الى استخدام شركات الاستيراد والتصدير الطيران الجوي لنقل البضائع رغم ارتفاع كلفتها
السؤال المنطقي الذي بات يطرحه كثير من المتابعين والمراقبين ماذا يعني الحظر البحري على ميناء حيفا من قبل اليمنيين وما هي اهميته في الواقع يعتبر ميناء حيفا من أقدم وأكبر الموانئ وأكثرها تطوراً حيث يشكل العمود الفقري لأعمال الشحن والتجارة ( يمر عبره أكثر من 50% من واردات وصادرات كيان الاحتلال البحرية ) ففي عام 2023 مرت أكثر من 700 ألف حاوية عبر مركز إعادة الشحن وفقًا لموقع الميناء الإلكتروني كما يعد الميناء محطة لوجستية عسكرية ذات أهمية استراتيجية حيث يستقبل معظم السفن القادمة من أوروبا وامريكا كما يعتبر المنفذ الرئيسي للنفط والغاز المسال والحاويات والمعدات العسكرية وقد أصبح حيوياً بشكل مضاعف بعد حرمان إسرائيل من المرور الآمن عبر باب المندب باتجاه آسيا ومنذ إغلاق ميناء إيلات مع بداية العدوان على غزة انتقل جزء كبير من الحاويات والنقل التجاري إلى ميناء حيفا بعدما شهد توسعات ضخمة بتمويل صيني وخبرات أجنبية لتطوير بنيته التحتية حيث تدير ( شركة شنغهاي الدولية للموانئ الصينية ) جزءاً كبيراً من العمليات الاساسية في الميناء الجديد الملاصق للميناء القديم ما جعله نقطة استراتيجية للاستثمارات الأجنبية والمحلية
التقديرات والدراسات المختصة تشير إلى أن أكثر من 90% من التجارة الخارجية الإسرائيلية تتم عبر البحر ومع غياب ميناء إيلات وانهيار التجارة من البحر الأحمر فإن استهداف ميناء حيفا سيغلق آخر منفذ بحري حيوي لإسرائيل ويدفع بها نحو أزمة لوجستية شاملة تجعلها في عزلة بحرية كاملة وان فرض الحظر الملاحي على ميناء حيفا يعني فعلياً خنق كيان الاحتلال اقتصاديًا وشل قدرته على التصدير والاستيراد مما يشكل خطر داهم وتهديد متصاعد في الشمال والجنوب وهو ما هز صورة إسرائيل كقوة إقليمية بارزة بعدما أصبحت محاصرةً بحرياً خاصة بعد أن خسارتها أحد موانئها الكبرى في إيلات واحتمال خسارة ميناءها الثاني والرئيسي والأهم في حيفا وهو ما يعني فعليًا عدم قدرتها على الصمود اقتصادياً وعسكريا وقد تصبح أقرب إلى الانهيار من الداخل مع كل سفينة تمنع من الرسو في ميناء حيفا وبما يربك حركة التجارة واللوجستيات العملاتية خصوصاً في ظل الازمة المتفاقمة في الحرب الدائرة في غزة بلا أي افق للتسوية او طريق للحل
ً
من أبرز الانعكاسات المتوقعة على هذا القرار بالنسبة لكيان الاحتلال تتمثل في احداث شلل تام في ميناء حيفاء سيؤدي إلى اضطراب كبير في وصول التوريدات الى داخل إسرائيل وكذلك ارتفاع تكاليف الاستيراد والتصدير بالإضافة إلى تكبيد الاحتلال ومن يتعامل معه خسائر تجارية كبيرة نتيجة توقف السفن الأجنبية عن التوجه إلى الميناء خوفاً من الاستهداف مما سيعني في المحصلة النهائية خسارة مزلزلة لعقود النقل والشحن الدولية كما سيهدد القرار اليمني الاستثمار الأجنبي باعتبار أن ( استهداف الموانئ الرئيسية ) ينعكس مباشرة على المستثمرين الدوليين ويؤدي الى فقدان ثقتهم في أمن البنية التحتية الإسرائيلية ناهيك عما سيحدث من إرباك أمني وعسكري وهلع شعبي خلال إعادة توزيع الاحتلال لقواته البحرية والجوية للحيلولة دون وقوع خسائر فادحة ناتجة عن أي هجوم يستهدف الميناء
الحقيقة انه على الرغم من تنفيذ الجيش الإسرائيلي في الأسبوع الماضي ضربات جوية مركزة استهدفت ميناءي ( الحديدة والصليف ) الاستراتيجيين على البحر الأحمر في غرب اليمن بحجة انهما يستخدمان لتسهيل الهجمات ضد إسرائيل الا ان القوات اليمنية بقيت تؤمن بالمقولة الذهبية ( كل ما صنع الانسان يمكن هزيمته بيد الانسان ) حيث اصرت على موقفها بخطوات كانت مدروسة بعناية فائقة ومختارة بدقة عالية خاصة مع وجود العديد من المحطات والمصانع والمنشئات العسكرية الحيوية والخطيرة في ميناء حيفا وعلينا هنا ان نتذكر جيدا مخازن الأمونيا ومجمعات الصناعات العسكرية والكيميائية والأهم من ذلك سلسلة زوارق صواريخ ساعر التي تعتبر مفخرة القوة البحرية الاسرائيلية وزوارق ديبورا
بالإضافة الى قاعدة بولونيوم للأسلحة البحرية التي تحتوي على صواريخ برؤوس نووية وهي المقر الرئيسي للغواصات الحربية وخاصة الدولفين المعدة لحمل صواريخ ذات رؤوس نووية وكذلك احوض صناعة السفن الحربية ومعامل تكرير البترول مصانع المواد المتفجرة والقابلة للاشتعال مع أي هجوم كما يوجد في ميناء حيفا مبنى وحدة الحوسبة 3800 وقاعدة حيفا البحرية ومبنى وحدة مهمات الأعماق يلتام ومبان تابعة لوحدة الغواصات ورصيف ومرسى الغواصات ومبنى قيادة وحدة الغواصات شايطيت ومجمع الصناعات العسكرية لشركة رافائيل إضافة إلى مواقع رادارات التجارب الصاروخية وغيرها ومما يزيد الأمر سوءاً أن كل تلك الصناعات موجودة في مكان واحد وقد اصبحت جميعها تحت طائلة التهديد اليمني الجديد
نعلم جيدا بان القوات المسلحة اليمنية الباسلة تقف مع ابناء غزة المظلومين ( بالمقاومة لا بالمقاولة ) وان بيانها يشكل رسالة قاسية للعالم اجمع ولحماة المشروع الصهيوني حيث تضع الجميع أمام معطيات استراتيجية كبرى تقول فيها بأن هناك من يقف الى جانب غزة والضفة والقضية الفلسطينية ويأخذ القرارات المصيرية والاستراتيجية في هذه المواجهة وأن ثوار اليمن الشرفاء لن يتركوا فلسطين كما انهم لن يتركوا غزة وأن كيان الاحتلال بات أمام تهديد حقيقي من نوع آخر وأن إطباق الحصار على ميناء أم الرشراش وبدء الحظر على ميناء حيفا سيخنق اسرائيل ويعيق حركتها البحرية ويعزلها عن العالم بشكل شبه تام
لهذا فأننا على يقين راسخ بقدرة القوات المسلحة اليمنية على تنفيذ تهديدها المشروع وأنه ليس لديها خطوط حمراء عندما يتعلق الأمر بغزة وان في جعبتها الكثير من الاهداف والمفاجآت التي ما زالت زاخرة بخيارات تواكب طبيعة المعركة ومسارها الزمني وان الشعب اليمني لن يتخلى عن فلسطين وغزة والضفة وسيستمر في المعركة وهو يدرك مضامينها وأخطارها وتبعاتها وتكاليفها حتى يوقف الاحتلال الصهيوني حرب الإبادة الجماعية وينهي العدوان ويرفع الحصار ويوقف سياسة التجويع بحق الفلسطينيين الابرياء في قطاع غزة فكل التحية والاحترام للشعب اليمني العظيم وقواته المسلحة الباسلة وقيادته الواعية والملتصقة بفلسطين المحتلة وشعبها المقاوم
كاتب وباحث مختص في الشؤون السياسية
[email protected]
مهدي مبارك عبد الله
بداية نذكر بان هناك مقولة شائعة لدى كيان الاحتلال الاسرائيلي مفادها بان ( القدس تصلي وتل أبيب تغني وحيفا تعمل )
بندية وثبات وقوة واصرار وعزم وتحدي لفرض قرار جرئ وشجاع وبخطوة نوعية وهامة تسهم في تثبيت معادلات الردع وبما يؤسس لمرحلة جديدة من الرد اليمني الصاعق في مواجهة كيان الاحتلال الغاصب اعلن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية ( الحوثية ) العميد يحيى سريع في بيان متلفز عاجل مساء يوم الاثنين الماضي 19 / 5 / 2025 انه وضمن بنك الاهداف العسكرية المنتخبة تم فرض حظر بحري شامل على ميناء حيفا الاسرائيلي الواقع على شواطئ البحر الابيض المتوسط رداً على تصعيد الكيان لعدوانه الوحشي واستمراره في ارتكاب المجازر ومواصلة الحصار والتجويع بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة ودعماً وإسناداً للمقاومة وقد دعا البيان جميع الشركات المالكة للسفن المتواجدة أو المتجهة نحو ميناء حيفا إلى أخذ هذا التحذير بعين الاعتبار وعلى محمل الجد
هذا التطور النوعي اللافت في إطار الدعم الإقليمي للمقاومة الفلسطينية ومع بدء تنفيذ عملية ( عربات جدعون ) وبعد اغلاق ميناء ايلات في وجه الملاحة الدولية وارباك مطار بن غوريون اصبح ميناء حيفا الشريان البحري الأهم المتبقي للاحتلال وجهة جديدة للعمليات المركزة للقوات المسلحة اليمنية ضد اسرائيل وان تنفيذ هذا التهديد يوجه ضربة استراتيجية قاتلة تعمّق مأزق الاحتلال وتزيد الضغوط عليه وتضعه أمام أزمة خانقة تتفاقم في أبعادها الأمنية والاقتصادية يوما بعد يوم خاصة في مجال النقل البحري لما يشكله هذا الميناء من ركيزة حيوية في بنية الاقتصاد الاسرائيلي
عمليا ميناء حيفا يعتبر عَصب اسرائيل الاقتصادي والبوابة البحرية الرئيسة التي تربط تجارتها بالعالم ومع تطبيق الحصار سيفقد كيان الاحتلال القدرة على استيراد الأغلبية الساحقة من السلع الحيوية والأساسية وفي مقدمتها المواد الغذائية خاصة وأن ميناء أم الرشراش ( أشدود ) ثاني أكبر ميناء اسرائيلي وميناء الجنوب الذي يتاخمه ( جنوبي فلسطين المحتلة ) لا يمكنهما أن يشكلا بديلا عن ميناء حيفا لانهما لم يصمما اصلا ليكونا قادرين على استيعاب البضائع والحاويات التي يجرى استيرادها بكميات كبيرة وقد سبق للحوثين ان فرضوا عليهما حصار بحري في أكتوبر عام 2023 من خلال استهداف السفن المتجهة إليهما عبر البحر الاحمر حيث يسيطرون على جزء من الساحل المطل على مضيق باب المندب وهو الممر المائي الاستراتيجي الذي يربط بحر العرب بالبحر الأحمر وفي نهاية المطاف بقناة السويس
مع عودة ميناء حيفا ليكون في دائرة النار واستمرار اليمن في تنفيذ تهديداته وحرمان اسرائيل من استعمال موانئها تأتي هذه الخطوات البطولية الشجاعة بالتوازي مع الضربات النوعية في داخل عمق الكيان الاسرائيلي وفرض الحظر الجوي على مطار بن غوريون وإجبار كبريات شركات الطيران العالمية على تعليق رحلاتها إلى دولة الاحتلال إضافةً إلى ان فرض الحظر البحري على ميناء حيفا يمثل تعبيرا صادقا وحيا لموقف الشعب اليمني قيادةً وجيشاً في الوقوف الثابت إلى جانب ابناء الشعب الفلسطيني الصامد ومقاومته الباسلة في كل تحديات وتبعات المعركة والمصير حيث تربط جماعة الحوثي في اليمن وقف هجماتها بإنهاء العدوان ورفع الحصار ووقف حرب الإبادة الجماعية وانهاء سياسة التجويع بحق الفلسطينيين في قطاع غزة
في اطار التصعيد اليمني الاستراتيجي والتكتيكي المنظم بفتح جبهة جديدة في المواجهة مع كيان الاحتلال يبرز سيناريو الرعب الذي كانت تخشاه إسرائيل والمتمثل في توقف السفن بالتوجه إلى ميناء حيفا في حال سقط صاروخ من جانب انصار الله على سفينة شحن أثناء رسوها في الميناء مما يؤكد مدى خطورة الوضع وحساسيته على الرغم من أن الميناء ومرافقه جرى مؤخرا تأمينها بمنظومات حماية حديثة من مقلاع داود ومنصة ثاد الى القبة الحديدية لمواجهة الهجمات الصاروخية اليمنية المتوقعة الا أنه لا يمكن ضمان أن تكون هذه المنظومات فاعلة ومحكمة بالمطلق ولا بد مع كل هذا ان نذكر بأن صاروخاً واحدا أطلقه حزب الله في حرب لبنان الثانية 2006 أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص يعملون في ورشة قريبة من ميناء حيفا ليتم بعدها إغلاقه على الفور وقبل اعلان القوات المسلحة اليمنية بيانها بشهور أعدت وزارة المواصلات الاسرائيلية خطة طوارئ لاستخدام موانئ دول مجاورة في حال توقفت 70% من سفن الشحن البحري من التوجه إلى حيفا بالإضافة الى استخدام شركات الاستيراد والتصدير الطيران الجوي لنقل البضائع رغم ارتفاع كلفتها
السؤال المنطقي الذي بات يطرحه كثير من المتابعين والمراقبين ماذا يعني الحظر البحري على ميناء حيفا من قبل اليمنيين وما هي اهميته في الواقع يعتبر ميناء حيفا من أقدم وأكبر الموانئ وأكثرها تطوراً حيث يشكل العمود الفقري لأعمال الشحن والتجارة ( يمر عبره أكثر من 50% من واردات وصادرات كيان الاحتلال البحرية ) ففي عام 2023 مرت أكثر من 700 ألف حاوية عبر مركز إعادة الشحن وفقًا لموقع الميناء الإلكتروني كما يعد الميناء محطة لوجستية عسكرية ذات أهمية استراتيجية حيث يستقبل معظم السفن القادمة من أوروبا وامريكا كما يعتبر المنفذ الرئيسي للنفط والغاز المسال والحاويات والمعدات العسكرية وقد أصبح حيوياً بشكل مضاعف بعد حرمان إسرائيل من المرور الآمن عبر باب المندب باتجاه آسيا ومنذ إغلاق ميناء إيلات مع بداية العدوان على غزة انتقل جزء كبير من الحاويات والنقل التجاري إلى ميناء حيفا بعدما شهد توسعات ضخمة بتمويل صيني وخبرات أجنبية لتطوير بنيته التحتية حيث تدير ( شركة شنغهاي الدولية للموانئ الصينية ) جزءاً كبيراً من العمليات الاساسية في الميناء الجديد الملاصق للميناء القديم ما جعله نقطة استراتيجية للاستثمارات الأجنبية والمحلية
التقديرات والدراسات المختصة تشير إلى أن أكثر من 90% من التجارة الخارجية الإسرائيلية تتم عبر البحر ومع غياب ميناء إيلات وانهيار التجارة من البحر الأحمر فإن استهداف ميناء حيفا سيغلق آخر منفذ بحري حيوي لإسرائيل ويدفع بها نحو أزمة لوجستية شاملة تجعلها في عزلة بحرية كاملة وان فرض الحظر الملاحي على ميناء حيفا يعني فعلياً خنق كيان الاحتلال اقتصاديًا وشل قدرته على التصدير والاستيراد مما يشكل خطر داهم وتهديد متصاعد في الشمال والجنوب وهو ما هز صورة إسرائيل كقوة إقليمية بارزة بعدما أصبحت محاصرةً بحرياً خاصة بعد أن خسارتها أحد موانئها الكبرى في إيلات واحتمال خسارة ميناءها الثاني والرئيسي والأهم في حيفا وهو ما يعني فعليًا عدم قدرتها على الصمود اقتصادياً وعسكريا وقد تصبح أقرب إلى الانهيار من الداخل مع كل سفينة تمنع من الرسو في ميناء حيفا وبما يربك حركة التجارة واللوجستيات العملاتية خصوصاً في ظل الازمة المتفاقمة في الحرب الدائرة في غزة بلا أي افق للتسوية او طريق للحل
ً
من أبرز الانعكاسات المتوقعة على هذا القرار بالنسبة لكيان الاحتلال تتمثل في احداث شلل تام في ميناء حيفاء سيؤدي إلى اضطراب كبير في وصول التوريدات الى داخل إسرائيل وكذلك ارتفاع تكاليف الاستيراد والتصدير بالإضافة إلى تكبيد الاحتلال ومن يتعامل معه خسائر تجارية كبيرة نتيجة توقف السفن الأجنبية عن التوجه إلى الميناء خوفاً من الاستهداف مما سيعني في المحصلة النهائية خسارة مزلزلة لعقود النقل والشحن الدولية كما سيهدد القرار اليمني الاستثمار الأجنبي باعتبار أن ( استهداف الموانئ الرئيسية ) ينعكس مباشرة على المستثمرين الدوليين ويؤدي الى فقدان ثقتهم في أمن البنية التحتية الإسرائيلية ناهيك عما سيحدث من إرباك أمني وعسكري وهلع شعبي خلال إعادة توزيع الاحتلال لقواته البحرية والجوية للحيلولة دون وقوع خسائر فادحة ناتجة عن أي هجوم يستهدف الميناء
الحقيقة انه على الرغم من تنفيذ الجيش الإسرائيلي في الأسبوع الماضي ضربات جوية مركزة استهدفت ميناءي ( الحديدة والصليف ) الاستراتيجيين على البحر الأحمر في غرب اليمن بحجة انهما يستخدمان لتسهيل الهجمات ضد إسرائيل الا ان القوات اليمنية بقيت تؤمن بالمقولة الذهبية ( كل ما صنع الانسان يمكن هزيمته بيد الانسان ) حيث اصرت على موقفها بخطوات كانت مدروسة بعناية فائقة ومختارة بدقة عالية خاصة مع وجود العديد من المحطات والمصانع والمنشئات العسكرية الحيوية والخطيرة في ميناء حيفا وعلينا هنا ان نتذكر جيدا مخازن الأمونيا ومجمعات الصناعات العسكرية والكيميائية والأهم من ذلك سلسلة زوارق صواريخ ساعر التي تعتبر مفخرة القوة البحرية الاسرائيلية وزوارق ديبورا
بالإضافة الى قاعدة بولونيوم للأسلحة البحرية التي تحتوي على صواريخ برؤوس نووية وهي المقر الرئيسي للغواصات الحربية وخاصة الدولفين المعدة لحمل صواريخ ذات رؤوس نووية وكذلك احوض صناعة السفن الحربية ومعامل تكرير البترول مصانع المواد المتفجرة والقابلة للاشتعال مع أي هجوم كما يوجد في ميناء حيفا مبنى وحدة الحوسبة 3800 وقاعدة حيفا البحرية ومبنى وحدة مهمات الأعماق يلتام ومبان تابعة لوحدة الغواصات ورصيف ومرسى الغواصات ومبنى قيادة وحدة الغواصات شايطيت ومجمع الصناعات العسكرية لشركة رافائيل إضافة إلى مواقع رادارات التجارب الصاروخية وغيرها ومما يزيد الأمر سوءاً أن كل تلك الصناعات موجودة في مكان واحد وقد اصبحت جميعها تحت طائلة التهديد اليمني الجديد
نعلم جيدا بان القوات المسلحة اليمنية الباسلة تقف مع ابناء غزة المظلومين ( بالمقاومة لا بالمقاولة ) وان بيانها يشكل رسالة قاسية للعالم اجمع ولحماة المشروع الصهيوني حيث تضع الجميع أمام معطيات استراتيجية كبرى تقول فيها بأن هناك من يقف الى جانب غزة والضفة والقضية الفلسطينية ويأخذ القرارات المصيرية والاستراتيجية في هذه المواجهة وأن ثوار اليمن الشرفاء لن يتركوا فلسطين كما انهم لن يتركوا غزة وأن كيان الاحتلال بات أمام تهديد حقيقي من نوع آخر وأن إطباق الحصار على ميناء أم الرشراش وبدء الحظر على ميناء حيفا سيخنق اسرائيل ويعيق حركتها البحرية ويعزلها عن العالم بشكل شبه تام
لهذا فأننا على يقين راسخ بقدرة القوات المسلحة اليمنية على تنفيذ تهديدها المشروع وأنه ليس لديها خطوط حمراء عندما يتعلق الأمر بغزة وان في جعبتها الكثير من الاهداف والمفاجآت التي ما زالت زاخرة بخيارات تواكب طبيعة المعركة ومسارها الزمني وان الشعب اليمني لن يتخلى عن فلسطين وغزة والضفة وسيستمر في المعركة وهو يدرك مضامينها وأخطارها وتبعاتها وتكاليفها حتى يوقف الاحتلال الصهيوني حرب الإبادة الجماعية وينهي العدوان ويرفع الحصار ويوقف سياسة التجويع بحق الفلسطينيين الابرياء في قطاع غزة فكل التحية والاحترام للشعب اليمني العظيم وقواته المسلحة الباسلة وقيادته الواعية والملتصقة بفلسطين المحتلة وشعبها المقاوم
كاتب وباحث مختص في الشؤون السياسية
[email protected]
التعليقات