عبدالرؤوف الروابدة ومنطق رجل الدولة


رم - بقلم ماجد أبو رمان

في حضرة البلدوزر لا تملك الحديث كثيرًا،ليس لأنه قمعي، بل لأنك تذوب أنت وحديثك في منطق رجل الدولة منطقٌ صُنع من معرفةٍ ثقيلة، ومن تجربةٍ لم تُستعر من الكتب، بل نُحتت في صخور القرار، وتعمّدت بعرق الدولة وخساراتها.

عبدالرؤوف الروابدة لا يجادلك ليغلبك،ولا يرفع صوته ليقنعك، هو يضع الوقائع أمامك كما هي:

أنا بفضل الله لم أتقن المديح يومًا، لا لأنني أجهله، بل لأنني أحتقره حين يتحوّل إلى نفاق. وقد فات وقت المجاملات الاجتماعية والسياسية؛ فلا العمر يسمح، ولا في اليد ما يُبتغى، ولا في النفس قابلية لأن تُشترى الكلمات.

في جلسة اليوم في منزل ابو عصام لفت إنتباهي جملة قاسية وبسيطة لأبو عصام هي آن: الكبير لا يمكن أن يصغر إلا إذا كان صغيرًا.

وأنا أجزم أنها ليست شتيمة، بل ميزان أخلاقي يتحدث عنه البلدوزر فالكِبَر الحقيقي لا يحتاج إلى صراخ ولا إلى حاشية، بينما الصِغَر وحده يخاف الحقيقة.

لهذا ترى بعض المسؤولين يعيشون كالفئران المذعورة، يختبئون في الظل، يرتجفون من كلمة حق، ويحسبون الصمت حكمة، والالتفاف شطارة، والخوف سياسة. أولئك لا يصغرون لأنهم هوجموا، بل لأنهم لم يكونوا كبارًا أصلاً

قرأت في البلدوزر أن حب الوطن عنده أصبح عبئًا ومسؤوليه لا شعارًا،
وأن إيمانه بشرعية القياده التزامًا لا تبريرًا، وأن القيادة يجب أن تُفهم كمسؤولية تاريخ لا كموقع مؤقت.

البلدوزر رجل لا يرى الدولة فكرة رومانسية، بل ككائن هشّ يحتاج إلى عقل بارد وقلبٍ لا يخون.

يعرف أن الخطأ مكلف، وأن الصواب ليس دائمًا شعبيًا، وأن حماية الدولة أحيانًا تعني الوقوف عكس التيار،

لا مجاملة الجمهور ولا مداهنة النخب،في منطقه لا مكان للخطابة الفارغة، ولا قيمة للانفعال غير المحسوب.

هناك ميزان دقيق:
ما يُقال، ومتى يُقال، ولِمَن يُقال، وهذا ما يربك من اعتادوا السياسة كمنبر، لا كغرفة عمليات.

الروابدة لا يبيعك وهم الطهارة السياسية، ولا يدّعي العصمة،لكنه يضعك أمام سؤال قاسٍ: هل تريد دولة تعيش،أم خطابًا يصفّق له العابرون؟

لهذا تصمت في حضرته،ليس خوفًا بل احترامًا لمنطق رجلٍ

عرف أن الدولة لا تُدار بالنوايا الحسنة،بل بعقول تعرف كلفة كل خطوة،
وتدفع ثمنها كاملة.



عدد المشاهدات : (5066)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :