رم - كتب : د. طارق سامي خوري
ما يحدث في كرة السلة الأردنية اليوم ليس تراجعًا عابرًا، بل انحدارٌ مُمنهج أوصل اللعبة إلى هذا المشهد الحزين من الخلافات والفراغ والضياع.
السبب واضح ولا يحتاج إلى اجتهاد، اللجان المؤقتة التي تحوّلت من استثناء قانوني إلى قاعدة دائمة، في مخالفة صريحة لكل القوانين والأنظمة والأعراف الرياضية. عندما تُدار لعبة عريقة بعقلية الترقيع والتمديد، فالنتيجة الحتمية هي ما نراه اليوم.
المسؤولية تقع على من شرعن استمرار اللجان المؤقتة لسنوات، وعلى من عطّل الانتخابات ومنع التداول الطبيعي للإدارة، وعلى من أقصى الأندية التاريخية وأدار ظهره لإرث اللعبة بدل أن يحميه، وعلى كل من صمت وهو يرى كرة السلة تُفرَّغ من روحها وقاعدتها وجمهورها.
السؤال الأخطر كيف نشاهد كرة سلة أردنية دون أعمدتها؟ كيف نقبل بمشهد تُقصى فيه أندية صنعت اللعبة وكتبت تاريخها وكانت سبب وجودها وازدهارها؟
النادي الأرثوذكسي والنادي الأهلي ليسا تفصيلًا ولا رقمًا في سجل قديم، بل ذاكرة اللعبة وهويتها. إبعادهما عن المشهد يعني اقتلاع الجذور وكسر السلسلة التاريخية وتحويل كرة السلة إلى بطولة بلا معنى ولا روح.
هل يُعقل أن نطلب من الجمهور أن يتحمس للعبة قطعت صلتها بتاريخها؟ وهل يُعقل أن نبحث عن نهضة دون احترام من صنعها؟
لا نهضة بلا شرعية إدارية، ولا لعبة بلا أعمدتها التاريخية، ولا مستقبل لكرة السلة الأردنية ما دامت تُدار باللجان لا بالانتخاب، وتُقصى فيها الأندية لا تُحتضن، ويُقتل فيها الإرث بدل أن يُبنى عليه.
المحاسبة ليست ترفًا، بل شرط بقاء، وإعادة كرة السلة إلى مكانها الطبيعي تبدأ بإعادة القانون والعدالة والتاريخ إلى قلب اللعبة.