سر الحرب الممتدة من الجزائر إلى فلسطين؟


رم - بلال حسن التل


منذ أطلقنا المشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية, كان نصب أعيننا أن هذا المشروع ليس مشروعاً للدفاع عن أبجدية اللغة، على أهمية الأبجدية لأية لغة, لكننا كنا ندرك أننا نخوض معركة دفاع حضاري عن ديننا وقوميتنا وهوينتنا وثقافتنا, وجسر تلاحمنا مع عمقنا من الشعوب الإسلامية, فوق أن اللغة رابط متين من روابط وحدتنا الوطنية والقومية العربية مسلمين ومسيحيين.

كثيرة هي أبعاد الدفاع التي يعنيها الدفاع عن اللغة العربية, ذلك أن الدفاع عن اللسان العربي والحفاظ عليه وحمايته من أي اعوجاج، هو دفاع عن وجود الأمة, حيث يؤكد علماء الاجتماع السياسي على تلازم وجود الأمة ووجود لغتها, فزوال اللغة اوضعفها يعني ضعف الأمة الأمة وزوالها , لذلك فأن الدفاع عن اللغة العربية هو دفاع عن وجود الأمة العربية, وعن وحدتها واعتزازها بذاتها.

كما أن اللغة من أهم مكونات وحدة الأمة، فالأمة ليست مجموعة من الناس تعيش في بقعة واحدة فقط، بل هي وحدة الشعور والسلوك والإرادة.. وهي الوحدة التي لا يبنيها إلا اللغة التي تنقل المشاعر والأحاسيس وتجسد الإرادة، لذلك، فإن اللغة هي أساس وحدة الشعب والأمة، خاصة الأمة العربية التي يسعى أعداؤها إلى إبعادها عن لغتها العربية، واستبدالها بلهجات عامية هجينة لتقطيع أواصر وحدتها، لذلك، فإن الدفاع عن اللغة العربية هو دفاع عن الوحدة الوطنية للشعب الواحد، ودفاعٌ عن الوحدة القومية في إطار الأمة كلها بكل أديانها، يتساوى في ذلك المسلم والمسيحي، وبكل مذاهبها ومدارسها الفكرية.

كما أن الدفاع عن اللغة العربية هو دفاع عن السيادة والاستقلال,ولذلك فإن كثيراً من الشعوب ترفض التحدث بغير لغتها اعتزازاً بها وتعبيراً عن انتمائها القومي عبر تمسكها بلغتها، فاللغة واحدة من أهم المكونات الأساسية لاستقلال الشعوب وسيادتها. من هنا يحرص المستعمر والمحتل، على خلع الشعوب التي تقع تحت سيطرته من لغاتها. وهذا مايفسر لنا سر الحرب الفرنسية على اللغة العربية في الحزائر، عندما كانت تسعى لجعلها قطعة من فرنسا، وهو مايفسر لنا الجهود المحمومة للعدو الإسرائيلي في محاربة اللغة العربية لطمس معالم فلسطين، من خلال إطلاق مسميات عبرية على هذه المعالم.
لان غياب اللغة العربية من فلسطين يعني غياب هويتها الحضارية وانتمائها القومي.
والدفاع عن اللغة العربية هو أيضا، دفاعا عن النسيج الاجتماعي للأمة, فاللغة نظام اجتماعي متكامل، يربط أبناءها باعتبارها أداة للتنشئة والتربية للفرد، ونمط شخصيته وأسلوبه بالتفكير، كما أنها وسيلة لتنمية العادات والسلوك الاجتماعي لأفراد المجتمع، ويؤكد الكثيرون من المهتمين أن من أهم أسباب ما يعانيه مجتمعنا من تخلف اجتماعي، وغياب الذوق العام عن سلوك الكثير من أبناء المجتمع، إنما يعود إلى الابتعاد عن اللغة العربية السليمة.. لذلك، فإن الدفاع عن اللغة العربية هو دفاع عن نظامنا الاجتماعي ووحدة نسيجنا الاجتماعي، والسلم الوطني لأن اللغة من أهم أسباب الفهم والتفاهم بين الناس.
كذلك فإن الدفاع عن اللغة هو عن أخلاق الأمة, فلكل لغة أخلاقها؛ فاللغة تحمل في مفرداتها دلالات أخلاقية تشكل بمجموعها منظومة أخلاقية كاملة، وهي أبرز ما تكون في اللغة العربية، لذلك كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يكتب لولاته قائلاً:" خذ الناس بالعربية فإنها تزيد بالعقل وتثبت المروءة؛ وذهب باحثون إلى أن من أسباب حالة الانهيار الأخلاقي الذي تعيشه بلادنا ابتعاد الناس عن لغتنا العربية، لذلك، فإن الدفاع عن اللغة العربية هو دفاع عن الأخلاق الحميدة للأمة.

خلاصة القول في هذه القضية أن مشروع الدفاع عن اللغة العربية هو مشروع حضاري يدافع عن وجودنا الوطني والقومي وحريتنا واستقلالنا.



عدد المشاهدات : (4477)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :