رم - الأستاذ الدكتور يحيا سلامه خريسات
تشهد بعض الجامعات حالةً من الجمود الإداري وغياب الفاعلية في صنع القرار، نتيجة تراكماتٍ طويلةٍ من الممارسات البيروقراطية وثقافةِ الخوف من التغيير. وقد أفرز هذا الواقع ما يمكن تسميته بـ «نظرية سَكِّن تَسْلَم»، أي الميل إلى التهدئة وتجنّب المواجهة حفاظاً على المنصب أو اتقاءً للمساءلة، حتى وإن كان ذلك على حساب مصلحة المؤسسة الأكاديمية ومستقبلها.
تتمثّل أبرز أسباب هذا الضعف في تراجع مبدأ الكفاءة في التعيين، وافتقار القيادات الجامعية إلى الاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرار. كما أن نقص التمويل وضعف نظم المساءلة والرقابة الداخلية زادا من ميل الإدارات إلى الاكتفاء بتسيير الأعمال اليومية دون رؤيةٍ استراتيجية أو مبادراتٍ تطويريةٍ حقيقية.
أما ثقافة «سَكِّن تَسْلَم» فتعكس خوفاً من التغيير، وتُكرّس الصمت في مواجهة الأخطاء، لتتحوّل بعض الإدارات إلى مواقع «إدارة أزماتٍ مؤجَّلة» بدلاً من قيادة الإصلاح. هذه العقلية تضعف الأداء، وتفقد الجامعة دورها الريادي كمؤسسةٍ للفكر والمعرفة والتنوير.
إن المطلوب اليوم هو إعادة الاعتبار لمفاهيم القيادة المؤسسية الحقيقية، القائمة على الشجاعة في اتخاذ القرار، والشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة. فالإصلاح الجامعي لا يبدأ بالأنظمة والتعليمات فحسب، بل بالعقول التي تمتلك الإرادة لتطبيقها، بعيداً عن منطق «سَكِّن تَسْلَم» الذي لا يُنتج إلا مزيداً من الركود والتراجع.