رم - د.سامي علي العموش
تدور في أوساط الصالونات السياسية وفي زواياها سيناريوهات مختلفة للمرحلة القادمة ينظر إليها بأنها قد تكون الأنسب والأفضل، وكلٌّ حسب رؤيته ومصالحه وتوقعاته بحكم اطلاعه ومعرفته أو بحكم ما يدور أمامه أو ما يتاح له من وسائل. وهنا تتعدد الآراء في المسائل المختلفة من حيث التقدير والاستبعاد، ولكنها في النهاية تمثل رؤية أو تنبؤًا للمرحلة القادمة. وبحكم أن الأردن لا يعيش في فراغه، لكنه وليد ظروف ومعطيات ومصالح، يؤثر ويتأثر وفقًا لمصالحه واستراتيجياته. وهناك ما يبرر لماذا، وهناك في بعض الأحيان ما يؤكد، إلا أننا لا نتطلع إلى الأمور من زاوية واحدة، بل ننظر إليها بعين ثاقبة بعيدة كل البعد عن المصالح الشخصية، وقريبة كل القرب من الوطن ومصالحه والاستراتيجيات التي تحكم المنطقة والثوابت.
إن ما يحدث في العالم من تغيرات واختلاف أمام الدول صانعة القرار لابد لك من تناول الوضع بطريقة أو بأخرى وبسيناريوهات مختلفة، وأولها أن يكون هناك حل لمجلس النواب والدعوة إلى انتخابات نيابية، وثانيها تعديل قانون الانتخاب وإعادة صياغة قانون الأحزاب بما يتلائم والظروف والمعطيات، وأن تكون التجربة السابقة دليلاً لإعادة توجيه البوصلة بطريقة معينة. وهناك رؤية أخرى بأن القرارات الأمريكية لابد أن تؤثر في صناعة القرار، والتي تمثل شرطي المرور ولها أن تحرك الإشارات بالطريقة المناسبة، وهو ما يمكن تعديله على قانون الانتخاب بخروج مجموعات واستبدالها بمجموعات أخرى ومن واقع مختلف. أما الثالث فهو إعادة اندماج هذه الأحزاب بأحزاب أخرى تحت مسميات جديدة وبروح ومنهجية تتفق وطبيعة المرحلة والمصالح التي تحكمها، مما يبعد عنا شبح التأثير الخارجي وإدارته من الخارج، مع إعطاء فرصة كافية للأحزاب، وهذا ما يمكن طرحه وتأكيده من خلال فترة زمنية مناسبة يستطيع من خلالها الحزب الجديد النمو وتقديم نفسه بطريقة أفضل. وهناك خيار آخر وهو الإبقاء على ما هو عليه وتحمل الفاتورة الخارجية في ظل هذه الظروف المتصاعدة والمتنامية في العالم وما يحدث سواء على مستوى الإقليم ودول العالم. ومعنى ذلك علينا أن نكون واعين؛ إذا كان الخيار الأخير هو المطروح فعلينا تحمل أيام عجاف لأننا سنكون المستهدفين والمخالفين، وكان لنا تجارب سابقة عندما وقفنا مواقف حرجة كان الثمن فيها باهظًا.
إنني لا أحسد صاحب القرار أمام هذه القرارات الصعبة والمحيطة والتي بدت تلوح في الأفق وهي واضحة، ونحن نعلم بأن في بلدنا هناك من الأشخاص من يستشعرون القرار ويعرفون أبعاده وثمنه، أي التكلفة الحدية لذلك، وإن التعامل على أساس الشعارات لن يجدي شيئًا لشعب يعاني من الفقر والبطالة ومن الظروف الصعبة. إن إيماننا المطلق بقيادتنا وتفضيل مصلحة الوطن على مصلحة كائن من يكون وبغض النظر عنه وتكلفته هي أهون من أن تكون التكلفة على الوطن، وهذا يعني أن نبعد الأنانية وحب الذات، مفضلين الاستقرار والاستمرار لبلدنا بعيدًا عن المزايدات، وقد تكون القرارات صعبة كما هو العلاج المر، لكن قد يكون فيه الشفاء.