في وداع الزعيم جمال حديثة… حين يترجل الكبار


رم - الدكتور واصف إسماعيل الزبن


ليس كل رحيل خسارة، لكن رحيل الكبار خسارة وطن في قلب رجل.
وحين غاب جمال حديثة، شعرنا أن جزءًا من الهيبة قد صمت، وأن صوتًا من أصوات الحكمة قد خفت، لكن أثره بقي شاهدًا على سيرة لا تنطفئ.

كان جمال من أولئك الرجال الذين لا يرفع صوتهم إلا للحق، ولا تمتد أيديهم إلا للخير، ولا تنحني جباههم إلا لله. رجل إذا حضر، حضرت القيم، وإذا تكلم، تكلم الصدق، وإن سكت، كان صمته هيبة.

عرفناه في المواقف الصعبة، حين تتكشف الوجوه وتختبر الضمائر. فما رأيناه إلا ثابتًا كالسنديان، صلبًا كالصخر، نقي السريرة، واضح الطريق.
لم يكن رجل مرحلة، بل رجل مبادئ، يشبه الأردن في صلابته، ويشبه أهله في طيبته.

لم يكن الراحل مجرد اسم في سجل الذكريات، بل كان مدرسة في الأخلاق، وعنوانًا للوفاء، وبوصلةً تشير دائمًا إلى جهة الحق. ترك في القلوب حزنًا لا يهدأ، لكنه ترك معها درسًا عظيمًا: أن بعض الرجال لا يموتون، بل ينتقلون من حضور الجسد إلى خلود الأثر.

سيبقى جمال حديثة حيًا في الدعاء، حيًا في المواقف التي علمنا إياها، حيًا في القصص التي سنحكيها للأبناء عن معنى الرجولة، وعن معنى الكلمة حين تكون عهدًا.

سلام على روحك الطاهرة،
وسلام على قلب ما عرف إلا الصفاء،
وسلام على سيرة ستبقى تروى جيلًا بعد جيل.

اللهم اغفر له، وارحمه، واجعل قبره روضةً من رياض الجنة،
وألهم أهله ومحبيه الصبر الجميل.



عدد المشاهدات : (685)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :