رم - بقلم الدكتور -فواز أبوتايه
سألت نفسي كما تساءل كثيرون لماذا تأخرنا في صناعة سرديتنا لماذا وصلنا إلى لحظة نعيد فيها طرح أسئلة تأسيسية كان يفترض أن تكون محسومة منذ عقود طويلة ربما لأننا وسط التحولات السياسية والإقتصادية والإجتماعية أكتشفنا أن الدولة التي لا تصيغ روايتها الجامعة تترك فراغا يملؤه الآخرون وأن المجتمع الذي يعيش ضغوط الفقر يصبح أكثر انشغالا بأسئلة الحياة اليومية من إنشغاله بمشروع السردية الهوية والرؤية .
السردية عاشت حالة صراع بين السياسة والاقتصاد فالحديث عن سردية وطنية ليس ترفا فكريا بل ضرورة سياسية وإجتماعية فالأردني الذي يصارع الغلاء والبطالة لا يمكن أن ينشغل بتفاصيل الدولة العميقة لذلك بقيت السردية لسنوات خطابا موسميا فوقيا بينما ظل المجتمع يعيش تحدياته ومعاناته بشكل منفصل عن أي خطاب هذا الإنفصال خلق الفجوة بين الرواية التي تقال والرواية التي تعاش دولة تتحدث بلغة التحديث بينما تعيش الناس بلغة النجاة اليومية غاب الرابط وتأخرت السردية التي تجمع الجميع التأخير كان نتيجة وليس سببا فالأولويات المجتمعية من فقر وبطالة وغياب الفرص حدد أوليات الأردني بشكل قسري وفي المقابل بقي الخطاب الرسمي والنهج السياسي المبرمج يتقدم بسرعة أكبر من قدرة الناس على اللحاق به في غياب مشروع إجتماعي وإقتصادي يقنع المواطن بأنه جزء من هذا التحول السردية ليست نصا يكتب ولا خطابا يلقى بل عقدا إجتماعي ضمني بين الدولة ومواطنيها عقد يقول الجميع شركاء في خارطة الطريق لا أحد خارج الحكاية سردية وطنية تعني الإعتراف بالناس ودمجهم في مشروع الدولة فلا سردية بلا كرامة إقتصادية وعدالة إجتماعية لا مشروع لدولة بلا مواطن يشعر أن الدولة مشروعه فهل نجحنا في صناعة حواضن شعبية لتلك السردية في ظل الفقر وغياب الأنسان والقواعد الشعبية .
خاتما لقد تأخرنا في إمتلاك سرديتنا الوطنية وفي مزجها مع المشهدية الإجتماعية التي تمثل يوميات المواطن حان وقت كتابة الحكاية قبل أن يكتبها غيرنا أنه وقت مصالحة السياسة مع المجتمع والهوية مع الواقع إنها إعادة تعريف العلاقة بين الأردني ودولته أما آن لنا أن نخرج من ضباب الأزمات ليس أمامنا سوى كتابة حكايتنا بأنفسنا نحن أمام فرصة تاريخية لكتابة رواية تؤمن بأن الإنسان هو بداية السردية ونهايتها وأن الوطن لا ينهض حتى يشعر المواطن أنه جزء من الصفحة لا مجرد قارئ فسرديات الدول لا تكتب في القاعات أنها صرخة الأردني حين يرفض أن يكون مجرد رقم أو تقرير أو حبر على ورق ...