رم - بقلم احمد عبدالفتاح الكايد ابو هزيم .
إستحقاق دستوري "مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2026م"، في عهدة اللجنة المالية لمجلس النواب لدراستة، ومن ثم إعداد تقريرها حول كافة البنود الواردة في مشروع القانون، وإبداء ملاحظاتها وتوصياتها للمجلس من أجل مناقشته، والتصويت عليه ، وبما أن الحكومة واستمراراً لنهج أغلب الحكومات في تحميل بقاء النهج الاقتصادي للدولة دون "الطموح"، جراء سياسات اقتصادية متراكمة، لم تستطع من عمل "اختراق" استثنائي يعيد للاقتصاد الأردني مساره الحقيقي في قيادة نهضة اقتصادية شاملة تريح الوطن والمواطن من وجع متطلبات الحياة عبر عقود خلت ، قد بدأت خطابها بالحديث عن الظروف الدولية السائدة، أقتبس" شهد الاقتصاد العالمي هذا العام تفاقم حالة من عدم اليقين جراء الاضطرابات الاقتصادية والظروف الاستثنائية الناجمة عن توتر العلاقات التجارية العالمية والإجراءات الحمائية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية مما أدى إلى اضطرابات حادة في سلاسل الإمداد العالمية، ولقد كان لهذه التطورات تأثيراً واضحاً على الآفاق الاقتصادية العالمية وتوقعات النمو، حيث تشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى استمرار تباطؤ النمو العالمي عند مستوى 3.2% في عام 2025م، وتباطؤ نمو التجارة العالمية إلى 2.9% في نفس العام "إنتهى الاقتباس، وبعد هذه المقدمة السوداوية للاقتصاد العالمي من قبل الحكومة ، على السادة النواب مناقشة كافة بنود الموازنة والتركيز على جملة من المعطيات من أهمها:-
1- أشار خطاب الموازنة إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بما نسبته 2.7% و 2.8% خلال الربع الأول والثاني من عام 2025م على التوالي، ولم يُشر الخطاب إلى الربع الثالث بالرغم من أن كل البيانات المالية وقت إعلان بيانها "قد تكون موجودة" لدى الحكومة وسكتت عنها، لتعود وتؤكد إرتفاع الصادرات الوطنية والمستوردات والدخل السياحي خلال الشهور التسعة الأولى لهذا العام !!! ، بالرغم من أن الظروف الدولية المحيطة ما زالت قائمة، بإستثناء الإستقرار النسبي في سوريا الشقيقة الذي يُعزى له تحسن بعض من هذه المؤشرات، حيث أرتفعت الصادرات الأردنية إلى سوريا بنسبة 400% ، خلال الشهور الثمانية الأولى من هذا العام ، لتعود الحكومة مرة أُخرى وتتوقع بأن يزيد معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي عن 2.7% لعام 2025م كاملاً، والتوقع بان يبلغ النمو 2.9% في العام 2026م، وحتى لو تحقق هذا النمو يبقى أقل من النمو العالمي الإجمالي بالرغم من الصورة السوداوية التي رسمها خطاب الحكومة للاقتصاد العالمي، والجميع يعلم أن النمو في الناتج المحلي الإجمالي هو المحرك الأساسي لقياس الأداء الاقتصادي، وتحسين مستوى المعيشة، وكلما تحسنت مستويات النمو كلما استطاع الاقتصاد الوطني من خلق فرص عمل جديدة، وتجويد الخدمات المقدمة للمواطنين من رعاية صحية وتعليم وبنية تحتية.
ثانياً:- أشار الخطاب إلى إرتفاع غير مسبوق للاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي تجاوزت (24) مليار دولار حتى نهاية تشرين أول لعام 2025م، ولم يتطرق الخطاب إلى أسباب هذا الأرتفاع، هل هو ناتج عن إرتفاع أسعار الذهب الذي يملك الأردن احتياطات وافرة منه،أو بسبب ودائع من دول شقيقة، أو بسبب منح وقروض أودعت لدى البنك المركزي ولم تُسحب بعد؟ وإذا كانت كلها ودائع صافية لماذا لا تقوم الحكومة بإستعمال جزء من هذة الإحتياطيات لإطفاء جزء من المديونية لتخفيف أعباء كلف خدمة الدين العام؟ .
ثالثاً:- رصدت الحكومة مبلغ (396 ) مليون دينار ضمن موازنات الوزارات والدوائر الحكومية للمشاريع التنموية المرتبطة برؤية التحديث الاقتصادي للعام 2026م، هذه الرؤية التي مضى من عمرها المجيد أربع سنوات، وسوف تدخل في المرحلة الثانية (2026م-2029م) مع بداية العام القادم ، هذه الرؤية التي لم يلمس لها المواطن أثر في مسيرة حياتة اليومية بعد ، من حيث توفير فرص العمل الموعودة أو المشاريع الكبرى، ومشاريع البنية التحتية المتوقعة كما في الدول المجاورة مثلاً، والتي يُرصد لها عشرات المليارات من الدولارات لتحقيق أهدافها، وهل هذا المبلغ" على أهميته" وبذات التوزيع على مساحة الوطن وعلى ما يقارب (12 ) مليون مواطن ومقيم، قادر على تحقيق أهم أهداف الرؤية " كما أُعلن عنها سابقاً"، من خلال استيعاب مليون شاب وشابه في سوق العمل خلال مدة تنفيذ الرؤية، وزيادة الدخل الفعلي للفرد بنسبة 3% سنوياً في المتوسط، ورفع ترتيب الأردن في مؤشر التنافسية العالمي ليصبح ضمن أعلى 30%، ورفع نسبة الراضين عن نوعية الحياة بين الأردنيين لتصل إلى 80%، ولماذا لم تقم هذه الحكومة ومن سبقها بفصل إزدواجية نقل المشاريع والخطط بين المشاريع الرأسمالية في الموازنة والمشاريع الرأسمالية المدرجةفي الرؤية؟، وكم كان المأمول أن تنشأ إدارة مستقلة لتنفيذ خطط وبرامج رؤية التحديث الاقتصادي أو إناطتها بالديوان الملكي، حتى لأ تصبح الرؤية الاقتصادية شماعة لكل مسؤول في الحكومة أو المجالس المحلية لتبرير أي عمل على أنه إنجاز عظيم يتماشى مع أهداف الرؤية، حيث أصبح تغيير منهل أو إنشاء جدار استنادي أو نقل أو إنهاء خدمات عامل وطن تحت بند تنفيذ مشاريع التحديث الاقتصادي وتحديث القطاع العام .
رابعاً:- توجه الحكومة بزيادة الإنفاق الرأسمالي لعام 2026م بنحو 16.8%، أي بزيادة مقدارها 230 مليون دينار مقارنة بإعادة التقدير لعام 2025 لتصبح النفقات الرأسمالية (1.600) مليار دينار قرار حكيم ، بالرغم من أننا عدنا إلى الخلط ما بين مخصصات مشاريع الوزارات والدوائر الحكومية 39%، ومخصصات مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام حوالي 25%، ومخصصات مشاريع باقي الجهات 36%،مع أن هذه الزيادة طفيفة إذا ما قورنت بحاجة الاقتصاد الوطني إلى رافعة حقيقية، ومهولة تستلزم مضاعفة المخصصات الرأسمالية في مشاريع البنية التحتية والإنتاج لتحقيق ثورة اقتصادية تواكب ما يحصل في أغلب دول العالم .
خامساً:- ما زالت المديونية وخدمة الدين العام تستنزف موارد الوطن "تهلك الحرث والزرع"، وقد وصلت المديونية بما فيها ديون الضمان الإجتماعي على الحكومة حتى نهاية آب من العام الجاري إلى (46.849) مليار دينار بنسبة 119% من الناتج المحلي الإجمالي،وقد خصصت الحكومة من موازنة العام 2026م مبلغ (2.260) مليار دينار لفوائد الدين العام .
سادساً:- قُدرت النفقات العامة بنحو (13.056) مليار دينار، بإرتفاع مقداره (784) مليون دينار أو ما نسبته 6.4% عن مستواها المعاد تقديره لعام 2025م، وإذا ما استثنينا المبلغ المُضاف على المصاريف الرأسمالية والرواتب، نجد أن النهج العام في الصرف ما زال على حاله بدون تغيير .
سابعاً:- عجز الموازنة المُقدر بعد المنح (2.125 ) مليار دينار، أقل بنسبة 06.% عن العام 2025م، ما زال رقم مُرعب ومرشح للازدياد في حال لم تصل المنح المرتقبة أو لم تتحقق الإيرادات المقدرة للعام 2026م، وفي حال حصول الفرضية الأولى أو الثانية لا قدر الله، البديل مزيد من الاقتراض أو فرض مزيد من الضرائب المباشرة وغير المباشرة لتسديد العجز وخدمة الدين العام .
موازنة تقليدية بذات التعابير والإنشاء ، وبذات الرؤى والحلول والتوقعات .
نأخذ بالأسباب، نتمسك بالتفاؤل، نترفع عن الصغائر، لأننا نُحب الأردن، حمى الله الأردن وأحة أمن و استقرار، وعلى أرضه ما يستحق الحياة.
أحمد عبدالفتاح الكايد أبو هزيم
أبو المهند
كاتب أردني.
ناشط سياسي و اجتماعي