رم - د. عزت جرادات
استقبلت إربد، عاصمة الثقافة العربية، نخبة من الشعراء والإعلاميين العرب، بدعوة من الشاعر الصديق سمير قديسات، رئيس مؤتمر بيت الشعراء الثقافي الثاني، ودُعيت إلى إلقاء كلمة ترحيبية في حفل الإفتتاح لذلك المؤتمر الذي كان برعاية الفريق الركن محمود فريحات- رئيس أركان الجيش العربي السابق.
وجدتُ نفسي أمام هذا الجْمع الكريم، والذي يضم نخبة من الشخصيات الكبيرة من أقطارٍ عربية شقيقة، مرحبًا بهم في الأردن، الذي أُسس ونشأ وسادَ وصَمَدَ على نهْجٍ عروبيٍ وحدويٍ هاشمي ديموقراطي، رسّخه دستور عام (1952).
الأردن، جزء من الوطن العربي والشعب الأردني جزء من الأمة العربية ونظام الحكم فيه ملكيّ نيابي، ويضم هذا الجمْع نخبة من هذا الوطن الأشَمّ.
وأحيي، الأستاذ سمير قديسات – رئيسَ مجلس إدارة بيت الشعراء للدعوة لهذا المؤتمر الثاني لبيت الشعراء الثقافي.
فإربد عبر تاريخها، غنية بالشعراء والأدباء والمثقفين من (عرِار حتى سمير قديسات) فلا غَرْوَ أن تحتضن إربد مثلَ هذا المؤتمر.
يرتبط الشعر بالإعلام ارتباطًا وثيقًا وتاريخيًا، (فحمّادَ عَجْرَد)، كان (Google) عصره، فكان الأداة المتحرّكة لنقل الشعر بين القبائل، ونشر مضامينه الثقافية والاجتماعية، والسلوكية فهو أول مَنْ يُعرف اليوم (بالمؤثرين) في عقول الجماهير، و (قنوات) للتواصل الاجتماعي لذلك العصر، بما تكتسبه القنوات الاجتماعية المعاصرة بمدى المصداقية والموثوقية والقوة. أمثال حّماد الرواية، والأحمر، والضبّي فكانوا بمكانة المؤثرين وقنوات التواصل الاجتماعي اليوم.
فالإعلاميون والأدباءُ والمفكرون والفلاسفة، كانت تجمعهم قضايا الأمة والوطن، قديمًا وحديثاً. فقد نَهَلَتْ الأجيالُ العربية من شعر شوقي، وأدبِ طه حسين، وفِكْرِ العقاد، وفلسفة الحكيم وشذرات عِرار، وشعرِ القضية والنكبة.
أما رسالة الشعراء المعاصرين، الذين شَهِدوا حركات الإستقلال، والنكبة والنكسة واليقظة؛ فلا بد أن تكون رسالتهم رجع الصدى لحنين الأمة وأشواقها لمستقبلها، وتعكس مشاعر الآلام والآمال معًا.
فالشاعر المعاصر ينتمي إلى عصره، تعبيراً ودفاعاً عن قضايا أمته، فهو (مرآة عصره). فيعكس واقعَ مجتمعه، هُويةً ومواطنةً وضميراً، في عالم يَشدُّه (جيلZ) وليد الثورة التكنولوجية وعالم الإنترنت، بشدّة نحو قضايا الإنسانية المعاصرة والمستقبلية، وقضايا الديموقراطية والإستبدادْ، وكوارثِ الحروب وتغوُّلِ التكنولوجيا، ومخاطرِ الذكاء الإصطناعي، أكثر ما تشدّه القضايا المحلية والوطنية. وهنا يأتي دور الشاعر المعاصر لتظل قضايا الأمة وتحديات المستقبل في عمق مشاعره و وجدانه، فكيف له أن يتناسى قضايا أمته الجوهرية مثل الهوُيةِ والمواطَنةِ والوحدةِ العربية التي أصبحت طْيفاً أو وَهْماً، بعد أن كانت هدفاً قاب قوسين أو أقرب.
فمدينةُ إربد مدينةُ الثقافة والأدب والشعر كانت تستقبل أسبوعياً خمسين نسخة من مجلة الرسالة المصرية الأدبية الشهيرة ومن كتّابها طه حسين والعقاد والحكيم والرافعي والصاوي وغيرهم في مجتمع نسبة القرّاء فيه لا تتجاوز 30% فقد كتب فيها العديد من الشعراء قصائدَهم وهي مسقط رأسِ شاعرها، شاعر الأردن الأول مصطفى وهبي التل (عِرار)، والذي جمع شعُره بين الفصحى و روح الشعب، جرأةً وصوتًا لكل من لا منبر له لمناهضةِ الظلم والمُرابين، ونصرةِ الغلابى والفلاحين.
ففي حب إربد طاب الشعرُ والغزلُ
ولأرض إربد صار القلب يرتحلُ
هذه ملامح موجزة من الكلمة التي سعدتُ بتقديمها لذلك المؤتمر بشعرائه وإعلامييه ومثقفيهْ أقدمها للقارئ العزيز بإيجاز.