رم - قال الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد إن التطورات الأخيرة في ملف أسرى وجثث الفلسطينيين تؤشر إلى إمكانية تنفيذ صفقة قريبة تستبدل جثة الضابط الإسرائيلي هدار غولدن بإتاحة ممر آمن أو خروج محدود لعدد من مقاتلي المقاومة المحاصرين داخل أنفاق رفح. وبيّن أبو زيد أن هذا الاحتمال يزداد مع تزايد الضغوط الدولية ومحاولات الوسطاء لإغلاق ملف الجثث، رغم ارتفاع حدة الخطاب الإعلامي والسياسي الإسرائيلي.
وأوضح أبو زيد أن تكوين الصورة الميدانية يفسر أيضاً الضربات والقصف المتكرر ضمن مناطق محددة في رفح: فالاحتلال، بحسب تحليله، يراقب مواقع كانت قد جرت فيها عمليات بحث سابقة عن جثث أسرى، ويقوم بقصف أو تفجير نقاط يعتقد أنها تضم أنفاقاً أو ممرات اتصال للمقاومة، وهو سلوك يهدف لقطع إمكانيات تحريك المقاتلين أو إخفاء رفات. لكنه أضاف أن هذا النهج يحمل مخاطرة مباشرة بأن يؤثر على إمكانية استعادة هذه الجثث أو التوصل لصفقة بالتراضي.
وأشار أبو زيد إلى أن المقاومة أظهرت خلال الأيام الماضية قدرة عالية على المناورة الاستخبارية والتكتيكية، ونفذت «خدعات» ميدانية وإعلامية نجحت في تضليل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، ما دفع بالأخير إلى درجة من الحذر في التعامل مع أي حركة أو خروج من الأنفاق — إذ تفضل القوات الإسرائيلية في بعض الأحيان الامتناع عن تفجير أو قصف مواقع محددة مخافة إتلاف أدلة أو جثث قد تكون مطلوبة لاستكمال صفقة.
من زاوية أخرى، لفت أبو زيد إلى أن الاتساق بين الجغرافيا (مواقع القصف ومناطق البحث عن الجثث) وطبيعة الأهداف المنفذة يشير إلى أن الاحتلال يتتبع تحركات المقاومة داخل الشبكة النفقية، ويحاول عبر الضربات الضغط على أطراف الوساطة والإجبار على نتائج سريعة — وهو ما يفسر تصاعد وتيرة القصف أحياناً قبيل محاولات تفاوض أو تحرك وسطاء دوليين.
وتابع الخبير بأن نجاح المقاومة في إطالة أمد ملف الجثث أو تأجيل تسليمها أعطاها ورقة ضغط يمكن استثمارها للتفاوض على إخراج مقاتلين أو تحسين شروط أي صفقة محتملة، معتبراً أن مشهد التصعيد الإعلامي والسياسي داخل إسرائيل لا يمنع عملياً حدوث صفقة إذا توافرت الضغوط الخارجية والميدانية المناسبة. مع ذلك حذر أبو زيد من احتمال أن يؤدي التصعيد العسكري العشوائي إلى إتلاف أدلة أو تعقيد أي تفاهمات محتملة.
خلاصة أبو زيد الاعلامية والاستراتيجية: الصفقة ممكنة «خلال الأيام القليلة المقبلة» بحسب تقديراته، لكن مسارها مرتبط بثلاثة عوامل رئيسية — ضغوط وساطة خارجية، قدرة المقاومة على الاحتفاظ بورقة الجثث كقيمة تفاوضية، ومدى رغبة الجيش/القيادة الإسرائيلية في المجازفة بتغيير مواقفها العسكرية والسياسية. وأكد أن أي قراءة للأحداث يجب أن تميز بين الرسائل الإعلامية المتشنجة والوقائع الميدانية التي تقود المفاوضات فعلياً.