رم -  بقلم الدكتور فواز أبوتايه
مرحلة جديدة تحت القبة بدأها مجلس النواب الأردني وكأنه يقف على مفترق طرق بين مرحلة تراجع الأداء ومرحلة إستعادة الدور الحقيقي للسلطة التشريعية خطاب جلالة الملك الأخير لم يكن مجرد رسالة سياسية عابرة بل خارطة طريق أعادت تعريف العلاقة بين الدولة ومؤسساتها الدستورية وفي مقدمتها مجلس النواب جلالة الملك في خطابه لم يكتف بالتوجيه بل ركز على جوهر المعادلة الوطنية حين أكد أن الأردني في ظهره وأن الدولة باقية في صف المواطن مهما أشتدت الأزمات تلك العبارة القصيرة تختصر فلسفة الحكم في لحظة حرجة وتعيد توجيه البوصلة نحو الإنسان الأردني بإعتباره محور التنمية والإستقرار .
رئاسة جديدة وتحديات صعبة مع تولي معالي مازن باشا القاضي رئاسة المجلس تتجه الأنظار إلى إمكانية إعادة التوازن داخل القبة وفتح صفحة جديدة في الأداء البرلماني بعد مرحلة من التراجع والإنقسام فالرجل يحمل إرثا إداريا وأمنيا متماسكا ونزيها يعرف عنه الإنضباط والدقة مما يجعل المرحلة القادمة إختبارا حقيقيا لقدرة الرئاسة الجديدة على إعادة الهيبة للمجلس وترميم الثقة بين النواب والشعب لكن المشهد النيابي لا يمكن قراءته من زاوية الرئاسة فقط فهناك معادلات داخلية تتشكل بصمت أبرزها التكتلات النيابية التي تتنازع النفوذ واللجان داخل القبة بعضها تحركه المصالح الآخر يبحث عن حصص مناطقية وسط ضباب المشهد السياسي وفي ظل هذه التناقضات يظل السؤال مطروحا هل يمكن لمجلس النواب أن يتحول إلى سلطة فاعلة لا شكلية أم سيبقى يدور في حلقة التقليد والإجترار وتقاسم الإستحقاقات التي أضعفته وأسقطت شعبيته في الشارع 
معالي رئيس مجلس النواب الجديد هو إستحقاق وخيار مناسب  أمام لحظة مفصلية في تاريخ البرلمان الأردني إما أن يعيد للمجلس هيبته بوصفه سلطة رقابة وتشريع أو أن يتحول إلى نسخة مكررة من رؤساء مجالس سابقين فقدت القدرة على المبادرة فالتحدي الأكبر لا يكمن في إدارة الجلسات أو تمرير القوانين بل في إعادة تعريف وظيفة المجلس كعقل للدولة لا مجرد ذراع إجرائي لها وهذا يتطلب شجاعة في القرار وحكمة في إدارة التنوع ووعيا بأن البرلمان ليس أداة سلطة فقط بل مصادر شرعيتها الأخلاقية فكل الأراء تحترم دام مظلتها وطن .
سؤال اللحظة في في الداخل الأردني هل معالي القاضي أخر فرص أبقاء هذا المجلس أم هل سيحل المجلس إنه الحديث الدائر في الكواليس عن إمكانية حل المجلس قبل انتهاء مدته القانونية ليس شائعة عابرة بل إنعكاس لشعور جمعي بأن المؤسسة التشريعية فقدت جزءا من دورها المعنوي لكن الحل إن حدث لن يكون مجرد إجراء سياسي بل رسالة رمزية حول الحاجة إلى إعادة إنتاج المشهد السياسي من جديد فالدولة لا تحل مؤسساتها عبثا وإنما تفعل ذلك حين تصل إلى قناعة بأن الإصلاح والتطوير لا يمكن أن يتحقق من داخل البنية القائمة
وفي المقابل يدرك جلالة الملك أن الإصلاح الحقيقي لا يبنى على الإقصاء بل على الشراكة وأن قوة الدولة لا تأتي من ضعف مؤسساتها بل من صلابتها وتماسكها وتأقلمها مع متغيرات المشهد.
ختاما إن المشهد النيابي الراهن ليس تبدلا في الوجوه بقدر ما هو إمتحان لوعي مؤسسات الدولة بذاتها فالمجالس لا تقاس بعدد قوانينها بل بقدرتها على أن تكون صدى لضمير الشعب ويعيد الإعتبار للإنسان بوصفه أساس الشرعية السياسية هذه الرؤية لا يمكن أن تترجم إلا بمجلس يستعيد إحترام الناس وثقتهم لا ببرلمان يتبادل المواقف في القاعات المغلقة في نهاية المطاف تبقى الأسئلة الوطنية الكبرى مفتوحة ومشروعة :-----
هل نحن على أعتاب دورة سياسية جديدة تعيد للمجلس روحه
أم على مشارف حل مبكر يفتح الباب لإعادة بناء شكل المشهد الجديد إن الأردن اليوم أمام لحظة مراجعة شاملة حكومة وشعبا  والبرلمان من قبلنا فإما أن يكون شريكا في صناعة المستقبل أو شاهدا على تراجعه وفي الحالتين يبقى الوطن أكبر من مؤسساته
فهذا الوطن أكبر وأعمق من أن يختزل في دورة برلمانية إن الأوطان لا تقاس بعدد القوانين بل بقدرتها على أن تنجب مؤسسات تشبه وعيها والأردن هو الثابت مهما تبدلت الوجوه. 
القاضي أخر الفرص ليعبر بالمجلس أما أنه سيكون القاضي ليس بقرار رفعت الجلسة وإنما بقرار رفع المجلس.