سُعار الذهب… حين يختنق الدولار بظلّه


رم -

رحاب القضاه

ما يحدث اليوم في أسواق الذهب ليس “ارتفاعًا” بل تمرّدٌ عالمي على نظام مالي مريض نعم يمكننا أن نسميه كما يستحق: سُعار الذهب — لأن الجنون لم يعد في الأسعار بل في عقول من ظنّوا أن الورق الأخضر يمكن أن يحكم العالم إلى الأبد.

منذ أن قررت أمريكا أن تجعل من الدولار سلاحًا لا عملة تغيّر وجه الاقتصاد العالمي.
اعتمدت على البندقية بدل الذهب وعلى الخوف بدل الثقة وربطت النفط بعملتها فيما سُمّي بـ البترودولار فصارت الشعوب تشتري الخبز بظلّ البنادق.
لكن الورق مهما زُخرف يبقى ورقًا والذهب مهما دُفن يبقى ذهبًا.

تطبع واشنطن اليوم دولارات بلا غطاء بلا حدود بلا ضمير.
حجم ما طُبع من الدولار يفوق ما تملكه أمريكا من ذهب بأكثر من مرتين ونصف ومع ذلك تصرّ على بيع الوهم للعالم بأن اقتصادها “الأقوى”.
إنها تُمسك العالم من جيوبه لا من ضميره.

أما الحقيقة فبدأت تتسرّب من بين الأصابع الأمريكية
فقد أدركت دول البريكس (الصين، روسيا، الهند، البرازيل، جنوب أفريقيا…)
أن زمن الخضوع قد انتهى
وأن النظام المالي العالمي لا يمكن أن يبقى رهينة مطبعة الدولار.
لذلك بدأت تلك الدول تكدّس الذهب ليس للزينة بل لبناء عملة عالمية جديدة مغطّاة بالذهب
عملة لا تُطبع بالهواء ولا تُسعّر بالبوارج ولا تُدار من خلف مكاتب الفدرالي الأمريكي.

وهكذا انفجر الطلب على الذهب حول العالم
فقد صار الملاذ الآمن لا مجرد استثمار بل إعلان استقلالٍ اقتصادي.
العالم اليوم لا يهرب إلى الذهب خوفًا من التضخم فحسب
بل لأن الثقة بالدولار تتهاوى ولأن أمريكا لم تعد “الضامن” بل “المُهدِّد”.

لقد بدأ النظام المالي الأمريكي ينهار ببطء تمامًا كما تسقط الإمبراطوريات حين يسبقها غطرستها.
فحين تفقد العملة معناها يبدأ الناس بالبحث عن معنى جديد… والذهب كان دائمًا المعنى الأصلي.

فما نسميه اليوم “سُعار الذهب”،
هو في جوهره صرخة عالمٍ يطالب بالعدالة.
ذهب البريكس ليس مجرد معدن إنه بيانُ تمرّدٍ مكتوب بلون الشمس ضد ورقٍ بلا قيمة اسمه الدولار.




عدد المشاهدات : (4229)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :