العين العماوي: الدولة من من التنظيم إلى التمكين في زمن التحولات الكبرى


رم - العين عبلة العماوي تتحدث عن دور الدولة في التنمية وخلق فرص العمل



العين العماوي تدعو لتبادل عربي آسيوي لاتيني للتعامل مع تحديات البطالة والتنمية



قدمت العين الدكتورة عبلة العماوي محاضرة بعنوان "إعادة تخيّل دور الدولة في التنمية وخلق فرص العمل"، متناولة التحولات العميقة في مفهوم الدولة التنموية، وكيف يمكن للأردن والدول العربية إعادة صياغة أدوار الدولة بما يوازن بين الإصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية ومتطلبات التحوّل نحو اقتصاد إنتاجي مولّد لفرص العمل اللائقة.

وأشارت العماوي إلى تجربة الأردن كنموذج متقدم في السعي نحو إعادة تعريف دور الدولة من خلال ثلاث مسارات إصلاحية متكاملة: السياسية، والاقتصادية وإصلاح الإدارة والقطاع العام، وقد جاء حديثها في محاضرة فكرية نوعية عُقدت في معهد الدوحة للدراسات العليا - كلية الاقتصاد والإدارة والسياسات العامة.

وقالت العماوي إن مسارات التحديث ترتبط في سعيها لبناء دولة أكثر فاعلية واستجابة للمواطنين في تحولها من الاقتصاد الريعي إلى الإنتاجي، مع تعزيز ثقة المواطن بالمؤسسات العامة عبر الحوكمة الرشيدة والمساءلة.

وشددت العماوي على الشرط الإنساني الذي يملي مسار التحديث، بحيث تكون الدولة الضمانة الأساسية لعدالة التحول وضمان ألا يُترك أحد خلف الركب.

وبحسب العماوي، فإن نجاح الدولة في تحقيق أهداف التحديث الاقتصادي، وما يرافقه من مليون فرصة عمل، إنما يتطلب منظومة متكاملة من السياسات التي تدمج التشغيل بالحماية الاجتماعية والتعليم والتدريب، أي تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن على أسس المشاركة والتمكين والمساءلة.


وتطرقت العماوي للتحديات التي تواجه صناعة السياسات العامة في هذا السياق، معتبرةً أن تعدد الجهات وتداخل الاختصاصات وضعف التنسيق المؤسسي بين الوزارات يمثل أحد أبرز العقبات أمام الفاعلية الحكومية.

كما لفتت إلى وجود فجوة بين التخطيط والتنفيذ في كثير من الاستراتيجيات الوطنية في المنطقة، كما تشترك العديد من الدول من ضعف الاعتماد على البيانات المحدّثة في عملية صنع القرار ما ينعكس سلباً على دقة التوقعات وفعالية التدخلات، وضعف المواءمة بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية، في ظل القيود المالية، إضافة إلى ضعف التواصل مع المواطنين حول أولويات الإصلاح وتأثيرها المباشر على حياتهم.


وطرحت العماوي مجموعة من المدخلات العملية لمعالجة هذه التحديات، من أبرزها بناء منظومة صنع سياسات قائمة على الأدلة والبيانات الدقيقة، وتحديث نظم المتابعة والتقييم، وإنشاء آلية مركزية للتنسيق بين محاور التحديث الثلاثة.

كما دعت إلى مواءمة السياسات الاجتماعية والاقتصادية لضمان اتساقها مع هدف التشغيل والإنتاجية، وتعزيز الشراكات مع الجامعات ومراكز الفكر لربط البحث العلمي بصنع القرار، وتوسيع مشاركة الشباب والنساء كشركاء فاعلين في تصميم وتنفيذ السياسات العامة.


وأكدت العماوي أن إعادة التفكير في دور الدولة ليست مسألة محلية بل نقاش عالمي يتقاطع مع قضايا الحكم الرشيد وإعادة توزيع الثروة وتمكين الفئات الشابة والنساء في سوق العمل.

وعرضت العماوي مقارنة بين التجارب الإقليمية والعالمية في التعامل مع تحديات البطالة والتنمية، مشيرة إلى أهمية تبادل الخبرات والسياسات بين الدول العربية والاقتصادات الناشئة في آسيا وأمريكا اللاتينية.

وأضافت أن الدولة الحديثة مطالبة اليوم بأن تكون ممكنة ومحفّزة، لا مجرد جهة تنظيمية، من خلال الاستثمار في رأس المال البشري، ودعم الابتكار، وضمان شراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص، مؤكدة أن الدولة القادرة هي التي تجمع بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية في آنٍ واحد.

حضر المحاضرة عدد من الأكاديميين والطلبة وصنّاع السياسات والخبراء في التنمية، حيث دار نقاش معمّق حول مستقبل الدولة في المنطقة العربية في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتشابكة.

وتأتي هذه المحاضرة ضمن سلسلة من اللقاءات الفكرية التي تنظّمها كليّة الاقتصاد والإدارة والسياسات العامّة في معهد الدوحة للدراسات العليا، والتي تسعى إلى ربط الحوار الأكاديمي بالسياسات العامة، وتعزيز فهم أعمق لدور الدولة في تحقيق التنمية المستدامة والشاملة.



عدد المشاهدات : (4317)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :